|
علي جليل الوردي باق في الذاكرة والوجدان
المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة ولد علي الوردي عام 1918 في جبال بيشتكوه على الحدود العراقية الايرانية،اذ كان ابوه قد هرب الى هناك من السلطات العثمانية في السفربر.وعاد به والده الى بغداد فالكاظمية عام 1921 حيث نشأ وترعرع فيها.وينتمي علي الوردي الى اسرة آل الورد،المنتمية نسبا الى زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن علي بن الي طالب،اما امه فهي ابنة العالم السيد جعفر الاعرجي. عهد به والده الى الكتاب – الملة،وهو في السادسة من العمر حيث ختم القرأن وتعلم الكتابة ومبادئ الحساب،واشتغل مع ابيه في مهنة الصياغة،وبقي معه مزاولا هذه المهنة ردحا من الزمن.ودرس اللغة العربية على الطريقة القديمة،الاجرومية فالقطر فالفية ابن مالك على يد بعض رجال العلم في الكاظمية،ثم قبل في الصف الخامس الابتدائي في القسم المسائي سنة 1935،وتزوج من ابنة عمه في السنة نفسها!،واكمل الدراسة المتوسطة عام 1940،والتحق بمعهد الفنون الجميلة لدراسة المسرح والتمثيل،واكمل الدراسة الاعدادية سنة 1942،وتخرج من كلية الحقوق سنة 1949،وواصل دراسته في معهد الفنون الجميلة وتخرج منه ايضا!وقد زاول مهنة المحاماة سنوات ثلاث قبل ان يعود مجددا الى مهنة الصياغة! طاردته السلطات الملكية وجلاوزتها منذ عام 1943،حيث اعتقل للمرة الاولى،وتعاقبت الاعتقالات بسبب نشاطه السياسي ليصبح زبونا مزمنا ومزعجا للتحقيقات الجنائية!وسيق الى المجالس العرفية متهما بالشيوعية 4 مرات،واحيل الى محكمة جزاء بغداد وفق المادة 89 آ من قانون العقوبات البغدادي في حينها،لتوقيعه على مقررات مؤتمر السلم الاول في العراق!كان علي جليل الوردي الشاعر الثوري المتمرد الاصيل داعية جسورا للسلم العادل،ونظم القصائد تلو الاخرى المطالبة بالسلام العالمي والسلم الاهلي! اين ابتسامات زهور الربيع؟ وناي راع من وراء القطيع وطفلة غنت بلحن بديع اهزاجها،والقلب منها وديع أخرسها،قسرا،لهيب الخصام فأين أين الامن؟أين السلام؟ قلت وقلبي بالأسى مفعم ونار حزن في الحشا تضرم وعبرة من مقلتي تسجم أكتمها عنها،فلا تكتم: لا تيأسي،فاليأس موت زؤام لابد من يوم يعود السلام
نشط في حركة السلم العراقية منذ عام 1951،وهو من رواد حركة انصارالسلم في العراق التي تأسست مطلع خمسينيات القرن العشرين وعقدت مؤتمرها الوطني الاول في 22،23 /7/ 1954 في بغداد في دار احمد جعفر الجلبي..وانتخب عضوا في مجلس السلم الوطني وفي المكتب الدائم لحركة انصار السلام في الجمهورية العراقية سنة 1959. انا سنطلعه على الارض الخضيبة بالدماء، فجرا يرف سناء بالأمل المنضر والرجاء فيعود ثغر العدل مبتسما ينم عن الرضا، ويعود وجه الارض مبتهجا بآلاء الرخاء وتعود خيرات البسيطة للجميع على السواء ويعود للناس الوئام فلا احتدام ولا خصام وتعود تخفق لا تهاب النسر ورقاء السلام
انا سنطلعه غدا وغد لناظره قريب بالوعي،بالايمان عامرة بجذوته القلوب بنضال ابطال الشوارع هاجها اليوم العصيب بقوى ملايين تضمن حشدها الربع الخصيب بجهود مؤتمر الشعوب وما تقدمه الشعوب انا سنطلعه غدا فجرا يرف على الانام ونشيد صرحا للاخاء وللوئام وللسلام عمل في الحزب الوطني الديمقراطي حتى يوم تجميده،وانتخب عضوا في لجنة التفتيش والرقابة في المؤتمر الخامس والمؤتمر السادس للحزب، وانتخب مقررا للجنة بغداد للحزب حتى حزيران سنة 1959!كان علي جليل الوردي مرجعية حقة لتاريخ الحركة الديمقراطية في العراق ودور رواد التيار الديمقراطي في نشر الثقافة الوطنية الديمقراطية،والتي هو احد رموزها!الا انه عاش بمرارة في زمن مشعلي الحروب ومدمني سفك الدماء..كان عاملا زاهدا..ومنتجا مبدعا..مترفعا عن دنايا السلطة رغم تميزه الاداري المالي ونزاهته التي اوقعته في انياب محكمة الثورة عام 1968،لانه رفض تغيير تقرير عن الفساد المالي لدائرة السياحة التي كان يرأسها برزان التكريتي آنذاك.. لم يساوم علي جليل الوردي على مبادئه اطلاقا وظل وفيا لافكاره ومبادئه ومنحازا بمواقفه الى جانب الطبقة العاملة والكادحين في العراق والعالم.عرفه الشعب العراقي عن كثب عبر انتفاضاته ووثباته واضراباته واعتصاماته!،عرفه اتحاد الطلبة العراقي العام في مؤتمره التأسيسي عام 1948 وعرفته الشبيبة الديمقراطية ورابطة المرأة العراقية وحركة انصار السلم،مثلما عرفه الشارع العراقي وعرفه الكادحون والفقراء وعمال كاورباغي!عرفته مجلة الرابطة وصحف الوطن والاهالي وصدى الاهالي العراقية ومجلات الرسالة والفجر الجديد والثقافة المصرية ومجلة الغد الفلسطينية ومجلتا الالواح والاتحاد اللبنانية منذ اوائل اربعينات القرن العشرين،عرفته الحركة الوطنية العراقية وثورة 14 تموز المجيدة..وعرفه آل الورد والاعرجي بأسرهما وعوائلهما!. أ جعفر يا قدوة الطيبين وصنو الاباء،وترب الندى أ أبكيك؟لا،لست ترضى البكاء ويأبى الدموع من استشهدا ولكن سنمضي،كما قد مضيت أبيا،حميد الثنا،سيدا سنمضي فأما حياة الرفاه لهذي البلاد واما الردى فما بالنحيب تنال الحقوق ولا بالمدامع دحر العدا ولكنما عن طريف النضال تداس القيود ومن قيدا سنسلكه شائكا مسلكا لندركه ساميا مقصدا ونقتص من طغمة عربدت اذا الشر في رأسها عربدا فراحت تقتل بالابرياء وتحصدهم أصيدا أصيدا ونحبط ما يبتغيه العميل ونمحق تاريخه الاسودا ونقطع دابر مستعمر واذنابه اوغدا أوغدا ونبعثه وطنا هانئا وشعبا بخيراته مسعدا رحل الشاعر العنيد ورجل السلام والوطني الديمقراطي والمثقف الناقد علي جليل الوردي اوائل تشرين الثاني 2009 بصمت تاركا خلفه ارثا شعريا وطنيا لم يهادن المحتلين والطغاة، وتراثا سياسيا ديمقراطيا امتد لاكثر من ستة عقود،وموقفا جسورا في مواجهة الحكام المستبدين، واعتزازا بحرفيته،وزهدا عن الرزايا،وثقافة للسلم!وبقي في شيخوخته حبيس الضغوطات الدكتاتورية المنهالة عليه من كل حدب وصوب!لم ولن يقفل دور وسجل الشهيد علي جليل الوردي بمراسيم الرحيل بعد ان ترك لنا تجربة زاخرة وحية في النضال والصبر على اعباء النضال،ودرسا يؤكد ان الوطنية العراقية ثمارها لكل العراقيين،واعباؤها على كل العراقيين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |