|
خطوة بألف ميل
هادي والي الظالمي العراق – السماوة واخيرا .... بولادة الحركة الوطنية العراقية جاءت الخطوة الاولى على طريق الالف ميل . الا ان هذه الخطوة، وحدها، تمثل الف ميل على طريق المشروع الوطني الطويل والذي تجمدت الحركة عند اول مساراته مع تصاعد ماراثون المشاريع الطائفية . وتبدو تلك الخطوة كبيرة في مقاساتها لأنها تمثل تحولا جديا في الممارسات والافكار النمطية لقيادات القوى الوطنية والتي انشغلت بهم التزاحم على زعامة التيار الوطني، مما حال فيما مضى دون ايجاد اية ارضية للتنسيق والتعاون بوجه المشروع السياسي الطائفي والذي وحد قواه في جبهة عريضة تحت دوافع براغماتية آنية تفتقر الى المشتركات الفكرية . ومما يعطي سعة اضافية لهذا المنجز اصالة وريادة جميع اطرافه للمشروع العراقي الوطني منذ البداية، وعدم انخراطها في أي من جزئيات السياسات التجزيئية والتقسيمية او المساومة على ثوابتها الوطنية . ان اندماج حركة الوفاق الوطني بزعامة الدكتور اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الاسبق والجبهة العراقية للحوار الوطني بقيادة الدكتور صالح المطلك، ومن ثم تجمع الديمقراطيين العراقيين بقيادة الدكتور عدنان الباجه جي شكل انقلابا مهما وتحولا بارزا في المشهد السياسي العام، باعتبارها نواة صلبة لجبهة وطنية عريضة تستوعب كل قوى المشروع العراقي الديمقراطي الوطني، كما انها تمثل طوق نجاة للمكونات السياسية الديمقراطية الصغيرة المتشرذمة والمتوزعة على خنادق شتى، امام الطوفان الذي يتهدد وجودها بقيام تحالفات كبيرة تغطي على المشهد السياسي العام . ان الاشارات الطيبة التي ارسلتها مكونات سياسية وطنية مهمة ازاء التوجه الجديد واستعدادها للانخراط فيه انعش آمال المراهنين على صحة المشروع الوطني الذي عانى من تصدعات خطيرة بسبب المنهج الطائفي الذي ارتهن الدولة العراقية لسياسات تكريسه على مستويات متعددة . ان ولادة الحركة الوطنية العراقية في 31 / 10 / 2009 لن يقتصر على خلق تقاليد جديدة في الولاء الوطني للعمل السياسي حسب، بل انه سيمتد الى اعادة الدولة الى وظيفتها الاساسية في اعتماد معيار المواطنة فقط في التعامل مع رعاياها مما يستلزم انجاز مشروع حقيقي للمصالحة الوطنية يؤدي الى شيوع السلام الاجتماعي كضامن اساسي للامن والاستقرار تحت رعاية القانون . ان الدور المستقبلي الخطير للحركة يتحقق في أي من خياراتها في الحكم او في المعارضة كقوة سياسية تمثل قطاعا عريضا من الشعب العراقي بكل مكوناته الوطنية . ويمكن الركون الى صدقية الوعود والبرنامج السياسي والانتخابي للحركة اعتمادا على الشواهد التاريخية في الثبات على المبادئ والشجاعة التي تتحلى بها جميع مكوناتها الاساسية . كما ان الحركة تنطوي على قيادات وطنية وكفاءات وخبرات سياسية ومهنية تمتلك كل المؤهلات لادارة دولة حديثة والافادة من الطاقات الوطنية في بناء بلد معاصر، واطلاق عجلة التنمية، كما ان تلك القيادات الواعية والمسؤولة ستعزز انفتاح العراق على العالم الحر المتقدم بما تمتلك من علاقات دولية ايجابية ورؤى بناءة في اطار خلق شراكات مع العالم المتحضر بما يصب في خانة تحديث البلد والاستفادة من المعطيات العلمية والتقنيات المتجددة . ان اعادة العراق الى محيطه الاقليمي العربي والاسلامي سيشكل اولوية في برامج الحركة الجديدة سيما وانه يمثل امتدادا لمواقف مكوناتها الاساسية، وهو، لاشك، لايمثل استجابة لرغبات عاطفية ترتبط بالشعارات الارتجالية التقليدية التي لم تعد صالحة في العالم المعاصر، كما يصور خصوم المشروع الوطني، انما يلبي المصالح الحيوية للعراق في المجالات الاقتصادية والامنية والتجارية، وان اقامة شبكة من المصالح مع الجوار العربي كفيل بازالة الهواجس التي تراود تلك الدول بما ينعكس ايجابا على الاوضاع الامنية والاقتصادية في العراق، ويمنع تدخل القوى الكبرى في المنطقة من خلال الصراعات والنزاعات الاقليمية . ان النزاعات العربية – العربية هي التي جلبت الدول الكبرى الى المنطقة وانعكاس ذلك على الاوضاع في العراق، وان عدم حل تلك النزاعات والخلافات على اسس من الحوار وتعزيز المصالح والتعاون سيدفع باوضاع المنطقة ومنها العراق الى مزيد من التدهور . اما مايروج من ان الحركة الجديدة تمثل وجها آخر للبعث فلايمثل جديدا في اطار مواجهة القوى الطائفية للمشروع الوطني، سيما وهي ترى هزيمتها على يد بناة هذا المشروع، وهو في كل الاحوال لن يكون اشد ضراوة من ممارساتها السابقة لاساليب التسقيط والافتراء والتي لم تعد قادرة على اقناع الجماهير التي ادارت ظهرها للمنهج الطائفي بعد ان فشل في تحقيق أي منجز يذكر طيلة السنوات الماضية ان لم يكن قد اطاح بالمصالح الحقيقية للمواطن العراقي ومرتكزات الدولة الاساسية . ان تبني قيادات الحركة الوطنية العراقية لبعض القيم والمفاهيم الوطنية التي كان ينادي بها البعث لايعني تبني منهج النظام السابق في الحكم او افكاره الشوفينية بقدر مايمثل مشتركا صالحا في بناء اية دولة في العالم . فمفاهيم الحرية، والوحدة الوطنية تعبر عن قيم انسانية نبيلة لاي شعب على الارض، كما ان مشروع المصالحة الوطنية وما يتعلق منه بموضوع البعث يمثل انصافا للضحايا واقتصاصا عادلا من المجرمين الحقيقيين من خلال القضاء، ومنع تسييس القضية . كما انه يمثل مخرجا واقعيا يجنب المجتمع الانجرار الى دورات من الانتقام والكراهية، ويطلق عجلة البناء والتنمية على اسس متينة من السلام الاجتماعي وبضمانات قانونية . لقد لعب الدكتور اياد علاوي الذي يعتبر مهندسا للبناء الجديد دورا رياديا في جميع محطات المشروع الوطني الديمقراطي بدفاعه الشجاع وتصديه المستمر للمخططات الطائفية التي حاولت النيل من وحدة العراق رغم تعرضه لابشع هجمة من الاستهداف والتشهير والتخوين لم يشهد لها التاريخ العراقي مثيلا . ان وجود السيد علاوي على راس الحركة يمثل ضمانة لاستمرارها وتفعيلها وجعلها مركزا لاستقطاب القوى المؤمنة بالمظلة الوطنية، كما ان خبراته النضالية القيادية في مقارعة النظام السابق، وادارة الدولة العراقية على راس مجلس الحكم، وكاول رئيس وزراء للعراق الحديث اضافة الى خبراته السياسية وعلاقاته العربية والدولية ستنعكس ايجابا على الحركة وتوسيع قواعدها الجماهيرية كما انها ستفتح الابواب واسعة امام لعبها دورا محوريا في الحياة السياسية العراقية .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |