|
كلينتون تتبنى مواقف اسرائيل والفلسطينيون منشغلون بإنقساماتهم
د. صالح بن بكر الطيار بعد جولات مكوكية قام بها المبعوث الأميركي للسلام في منطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل، وبعد اتصالات على اعلى المستويات بين القادة العرب والرئيس الأميركي باراك اوباما، وبعد لقاءات متعددة جرت بين القادة المصريين والإسرائيليين وصلت وزيرة خارجية اميركا هيلاري كلينتون الى المنطقة وقابلت الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ابو ظبي ومن ثم رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو في تل ابيب وكانت النتيجة ان واشنطن تؤيد الموقف الإسرائيلي الداعي الى مفاوضات سلام دون شروط .وبذلك يتضح ان الإدارة الأميركية غير قادرة على فرض أي مواقف على تل ابيب خلافاً لما تعهد به الرئيس اوباما امام الجمعية العامة في الأمم المتحدة حين اعتبر ان المطلوب ايجاد حلول حول الإستيطان والقدس الشرقية وجهود السلام والإنسحاب من الأراضي المحتلة تمهيداً لقيام دولة فلسطينية مستقلة . ولقد فاجأت كلينتون العرب عندما اعلنت من تل ابيب ان نتنياهو " محق من الناحية التاريخية، لأنه لم يتم طرح موضوع الإستيطان ابداً كشرط مسبق للشروع في مفاوضات، ولم يكن هناك ابداً اقتراح كهذا مثلما يحدث الأن "، فألتقت بذلك مع ما قاله نتنياهو حين اعتبر ان الطلب الفلسطيني بتجميد الإستيطان " ذريعة وعقبة " . ورفض نتنياهو امام ضيفته الأميركية التوقف عن بناء ثلاثة الاف وحدة استيطانية كما رفض اعتبار البناء في القدس استيطاناً . والمتابع لمجريات المناورة العسكرية الضخمة التي تمت بالتنسيق بين الأميركيين والإسرائيليين، وما قاله احد كبار القادة العسكريين الأميركيين من ان " امن حيفا من امن سان دييغو " لا يستغرب ابداً ما ذهبت اليه كلينتون، لا بل يدرك ان جولات المسؤولين الأميركيين في المنطقة ليس اكثر من زيارات استعراضية ظاهرها متعلق بالسلام وباطنها له علاقة بمشاريع اخرى، وهذا يعني : - ان واشنطن وتل ابيب تريدان مواصلة بناء مستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 لتصبح امراً واقعاً ويصار الى ضمها الى اراضي عام 1948 . هذا اذا اثمرت المفاوضات غير المشروطة عن اتفاق، اما إذا لم تثمر فالتوسع سيستمر الى ان يأتي على كل ما للفلسطينيين من حقوق . - اعتبار القدس خارج اطار أي تفاوض بشأن الإستيطان يعني مباركة اميركية لمشروع تهويد القدس . - العودة الى طاولة المفاوضات بدون شروط يعني عدم التزام اسرائيل بخارطة الطريق والعودة الى نقطة الصفر . وهذا ما يتيح لها متسعاً من الوقت للمناورة وللتملص من أي التزام سابق . - التفاوض مع محمود عباس سيكون من اجل التفاوض فقط مما يعني اظهار السلطة الفلسطينية على انها ضعيفة وخاضعة للإملاءات الخارجية فينتج عن ذلك حصول شرخ كبير بينها وبين الشعب الفلسطيني، كما سينجم عن ذلك تباعد الهوة بينها وبين القوى الرافضة للحلول السلمية مما يؤدي الى نشوب حروب فلسطينية داخلية تكون المبرر الكافي لإسرائيل لتوقف أي مفاوضات بذريعة عدم وجود طرف فلسطيني قوي للتفاوض معه . - مواقف كلينتون الداعمة لمواقف نتنياهو شكلت ضربة لجهود القادة العرب الداعمين لمسار السلام وعلى رأسهم الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اللذين التقيا في قمة عاجلة اكدا خلالها تأييدهما الموقف الفلسطيني الرافض لبدء مفاوضات بلا شروط، وطالبا الرئيس اوباما بتقديم تعهدات وضمانات حول كل ما قاله في خطابه الذي القاه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة . - مواقف كلينتون ستعطي ما يكفي من تبريرات للقوى الأصولية للممارسة المزيد من التشدد مع احتمال ان يرافق ذلك تنفيذ عمليات عسكرية في اماكن متعددة . - مواقف كلينتون سيكون لها اصداؤها في افغانستان والعراق ولبنان، وستحرج المراهنين على الدعم الأميركي . وعليه يبقى الرد الأمثل هو الإسراع في اجراء مصالحة بين الفلسطينيين لتوحيد جهودهم، ولتعزيز تنسيقهم مع الدول العربية تمهيداً لخلق اداة ضغط على عواصم القرار في العالم، ولأن تصالح الفلسطينيين سينعكس ايجاباً على الحد من الخلافات الإقليمية والعربية، وسيكون ذلك لمصلحة القضية الفلسطينية .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |