|
لماذا تندثر النقابات في صخب الانتخابات؟!
محمود حمد لان النقابات نقيض المتحاصصين.. · فالنقابات تمثل منتجي القيم المادية والفكرية.. والمتحاصصين يمثلون المتناحرين على الغنائم التي هي ثمار عقل وعمل ـ المنتجين ـ من أعضاء النقابات ومن غيرهم. · النقابات ـ على اختلافها ـ تعبر عن مصالح المنتجين المهنية التنموية وثقافة الانتماء للجماعة المتساوية في الحقوق.. وحركات المحاصصة تعبر عن نهج اقتسام الغنائم ومصالح الاقطاعيين السياسيين المبنية على التمييز والانكفاء الفئوي. · النقابات تعبر عن احتياجات السكان في الحاضر ومتطلبات المستقبل.. والامراء المتحاصصين..دعاة إستلاب الماضي لهوية الحاضر ولأحلام المستقبل. · النقابات تنطوي على برامج محددة قابلة للمساءلة والقياس والقبول او الدحض.. والمتحاصصين يختبؤون خلف شعارات تاريخية خالدة!.. ورموز مقدسة!.. وخطوط حمراء!..والويل والثبور وعظائم الامور لمن يفكر في التساؤل عنها لانه سيُرمى حتماً في هاوية التخوين او التكفير! في جميع أطوار الحكم المستبدة والرخوة في تاريخ العراق الحديث كانت الحكومات والقوى السياسية تستميت لإبتلاع او إحتواء النقابات او التسلل الى قيادتها ..لانها تدرك أهمية التحرك المُنَظَّم للمنتجين .. يتذكر معايشو الانتخابات العمالية والمهنية في سبعينات القرن الماضي كيف جندت السلطة اجهزتها الحزبية والامنية والحكومية لمواجهة ثلة من النقابيين المتواضعين الذين واجهوها بقوائم منافسة..وحققوا نجاحات متميزة رغم آلة الرعب التي تحيط بهم وبالناخبين وأعقبتها حملة دموية ضد اولئك النقابيين العزل! اما اليوم فان ـ النقابات ـ مُغيَّبة لانها غير مذكورة في تاريخ السلف الصالح!..وهي بدعة من فعل أهل الذمة ـ أهل الصناعة ـ الذين أنتجوا لنا الانترنيت الذي نستخدمة لنشر سيوف تكفيرهم ! ان ذاكرة العراقيين غنية بتاريخ الحركة النقابية..واليوم حيث يتناحر المتحاصصون على إختيار البلطة الملائمة لتقطيع كركوك..نستذكر بإعتزاز عمال كاورباغي وإضرابهم المجيد..وندعو الى العودة الى ضمير المضربين الذي يوحد المنتجين ..ويجتنب الإنزلاق الى بؤر الخلاف القومي والطائفي والديني التي يؤججها أمراء الطوائف والأعراق ( اقطاعيو السياسية ) المتاجرون بمصير ( أخوة العمل) وعوائلهم ومصالحهم ومدينتهم المشتركة. يُرجِع الباحث العراقي الدكتور كمال مظهر تاريخ تشكيل اولى الحلقات المهنية ـ النقابية ـ للعمال في العراق الى العقد الاخير من القرن التاسع عشر.. التي إمتدت مع سكة حديد بغداد برلين وتنامت مع تدفق أول برميل للبترول من احشاء العراق الى جيوب الشركات الاحتكارية النفطية.. وتشعبت الحركة النقابية العراقية خلال مسيرتها التي تجاوزت قرن ونيف من الزمان..في عروق الشعب ومفاصل الوطن وبددت ـ رغم الحكومات التمييزية المتعاقبة ـ غبار الانكفاء القومي والديني والطائفي والمناطقي عن وعي المنتجين المهني وبلورت مصالحهم ومطالبهم في اهداف تنموية يجتمعون حولها وترتقي بالوطن وتُرَسِّخ ثقافة المواطنة.. في وقت لايتجاوز عمر أعرق حركة سياسية في العراق اليوم ـ حزب الشيوعيين ـ عامها السادس والسبعين وآخر الحركات التي نشأت حديثا لم تبلغ الفطام بعد! ان النمو الطبيعي للوعي السياسي لاي مجتمع ينعكس في مستوى التنظيم الذي يتمخض عنه هذا الوعي الطبقي او النقابي او الفكري او الخدمي..والتنظيم النقابي هو القاعدة الأساسية والخطوة الضرورية التي تسبق نشوء الحركات السياسية ذات القاعدة الشعبية الواعية لمصالحها..وهذا ماتفتقده معظم الحركات السياسية اليوم..حيث نشأت العديد من الاحزاب في أوعية طائفية وقومية ودينية اوأغفلت دور العمل النقابي الا بقدر إذعانه للمشروع الفئوي الضيق ..فأصبحت تلك القوى تبحث عن قاعدة ـ شعبية ـ بديلة ، وجدت في التشيكيلات المجتمعية التي سبقت المجتمع المدني ضالتها فيها..فصارت العشيرة هي مصدر القيادة وهي القاعدة ..وهنا نشأ التوائم بين القيادة المتحاصصة ـ ووظيفتها :القتال من أجل الغنائم ـ وبين العشيرة كمتلقي للهبات ..وكـ ـ مفهوم ـ بعيد عن: منظومة الانتاج..والمصالح الطبقية..والحاجات التنموية للسكان..والحريات الفردية الاساسية..وثقافة المواطنة! ان المرحلة الراهنة من تاريخنا تتطلب خروجا شجاعا من فوضى الدم..ودخان التطرف الطائفي والقومي .. وإستعادة صريحة للوعي الوطني.. وإتخاذ خطوة عملية لتوحيد صفوف الحركة النقابية في العراق على إختلاف اختصاصاتها المهنية من خلال الدعوة الى: الاعداد لانعقاد المؤتمر الوطني للنقابات المهنية في العراق..وخوض الانتخابات النيابية بقائمة مهنية نقابية وطنية! لطرح مشروع وطني ـ نقابي ـ بديل لدولة المحاصصة وخوض الانتخابات وفقه.. من اجل تشكيل كتلة برلمانية نقابية داخل المجلس النيابي المقبل تمثل مصالح ـ المواطنين العراقيين المُنتجين ـ لتكون نواتا نيابية لدولة الوطن والمواطن الحقيقية في مواجهة جميع اشكال الفئوية الانعزالية الضيقة! ان الشعوب الحية تجد في النقابات قوتها التنظيمية الوطنية المحركة الى جانب القوى والشخصيات الوطنية خلال المنعطفات والازمات التاريخية من عمر الشعوب الحية، لانتشالها من فوضى ( باعة السياسة المتجولين ) وظهيرهم المحتلين ..وقاعدتهم ( المتخلفين المتطرفين )!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |