شعبية المالكي .. تتراجع!!!

 

أحمد عبد الأمير

ahabdulameer@aol.com

يبدو أن شعبية رئيس الوزراء العراقي آخذة بالتراجع في الآونة الأخيرة وبعد تفجيرات الأحد الدامي حسبما نوهت عنه صحيفة التايمز أون لاين البريطانية في عددها الصادر في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، حيث قالت الصحيفة إن حكومة المالكي "استفادت من المكاسب الأمنية التي تحققت خلال العامين الماضيين، وخطى حزبه الحاكم خطوات واسعة في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في شباط / فبراير الماضي، إلا أنه مع كل هجمة إرهابية جديدة يضعف الدعم" الشعبي له. 

وأرى أن السبب في هذا يرجع إلى أمرين مهمين، الأول أن رئيس الوزراء انشغل بتدويل قضية تفجيرات الأربعاء الدامي ومطالبة الجانب السوري بتسليم المتهمين الرئيسيين فيها، وما رافقها من تشنجات وتوترات مع السوريين أدت إلى سحب سفيرا البلدين، حيث ظلت هذه القضية مثار شد وجذب بين كلا الطرفين. 

المالكي ربما نسى أو تناسى أن يعالج المسبب الحقيقي لهذه الهجمات البربرية، فلم يقدم على محاسبة القيادات الأمنية الكبيرة وإبعادها أو إقالتها كما يحدث في بقية الدول التي قد تشهد حوادث، وهي بالطبع لا ترتقي إلى تلك التي نراها في العراق. كما أنه لم يدعم الرأي القائل بضرورة مساءلة وزيري الدفاع والداخلية وحتى وزير الأمن الوطني لتقصير وزاراتهم في الكشف عن تلك الهجمات الهمجية قبل وقوعها، وهنا يكمن السبب الثاني في تراجع شعبية رئيس الوزراء عما كانت عليه قبل آب/ اغسطس 2009.

ورغم أن تكهنات أثيرت، بعد استحواذ قائمة المالكي على أكثرية الأصوات في انتخابات مجالس المحافظات، التي جرت أخيرا في 14 محافظة من محافظات العراق باستثناء محافظات إقليم كردستان وكركوك، من أن تصعيدا محتملا في الوضع الأمني ربما سيحدث مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في البلاد، إلا أن رئيس الوزراء، وعلى ما يبدو، لم يتخذ الحيطة والحذر اللازمين لتفادي الهجمات الإرهابية، فالشارع البغدادي لم يشهد أي تغيير كان يعتقد أنه سيحصل على مستوى كثافة انتشار القوات الأمنية في المدن وزيادة عديدها وتحسين قدراتها القتالية وتجهيزها بما يكفي من الأجهزة الكاشفة للمتفجرات، إلى جانب تطهيرها من المسيئين، بل على العكس، كان هناك تراخ واضح في أداء هذه القوات، إضافة إلى ترك الوضع على ما هو عليه فيما يخص إبعاد العناصر المندسة في الأجهزة الأمنية، الأمر الذي جعل المتربصين ينفذون ويخلوا بالاستقرار النسبي الذي شهدته العاصمة بغداد خلال السنتين الماضيتين.

أما على صعيد المحافظات، فالهاجس مختلف. ونجد أن المواطن العراقي في الوسط الجنوب يشعر بالإحباط من الأداء السيئ للحكومات المحلية، حيث تستحوذ قائمة ائتلاف دولة القانون التابعة للمالكي غالبية المقاعد في معظمها، والوعود التي قطعتها هذه القائمة لمؤيديها والتي لم يتم تنفيذ إلا النزر اليسير منها على الرغم من مرور شهور عديدة على تشكيل هذه الحكومات. كما يطالب العراقيون في هذه المناطق بضرورة القضاء على الفساد الإداري والمالي المستشري في أجهزة الدولة، متسائلين عن الأسباب الحقيقية وراء إحجام المالكي ولحد هذه اللحظة عن ملاحقة المفسدين في وزارات الدولة وأجهزتها وتقديمهم للعدالة، إلى جانب عدم البت في قضية وزير التجارة السابق فلاح السوداني، رغم أن هذا الأمر لا يدخل ضمن صلاحيات الحكومة بل أنه من صلب اختصاص السلطة القضائية، غير أن هناك شعورا بوجود ضغوط حكومية في هذا الشأن.

علاوة على ما ذكر، يتهم منافسو المالكي أن الأخير أبدى مرونة في موضوع اجتثاث البعثيين من المناصب المهمة، لاسيما الأمنية والعسكرية، وهذا الأمر له وقعه الخاص و الكبير في نفوس أهالي المحافظات الجنوبية الذين عانوا الأمرين من حكم البعث لأكثر من ثلاثة عقود.

ونستشف مما ذكر أن شعبية المالكي أصبحت، مع الأسف الشديد، على المحك. ويرى مراقبون أن بروز تحالفات جديدة، قد يكون لها التأثير الهام على نتائج الانتخابات المقبلة مع تآكل شعبية رئيس الوزراء، منها تحالف علاوي- المطلك الذي نوه عنه المالكي ضمنا خلال كلمة له في مهرجان العدالة الانتقالية لمناهضة البعث، داعيا  "الشعب العراقي وعوائل الشهداء والسجناء إلى أن يقولوا كلمتهم حتى لا يتسلل البعث إلى مجلس النواب". وقال رئيس الوزراء العراقي، في إشارة إلى الحركة الوطنية العراقية التي جمعت حركة الوفاق الوطني بزعامة أياد علاوي والجبهة العراقية للحوار الوطني بقيادة صالح المطلك، "ما زال بعضهم يتغطى بأسماء وحركات بعثية في عمقها، ويريدون برلمانا بعثيا"، حسبما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر يوم الاثنين 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009.

وبدلا من أن يتخذ المالكي خطوات جديدة من شأنها تحسين صورته لدى الناخب العراقي، نراه يتراجع، مع كل أسف، أمام التحديات والعراقيل التي وضعت أمامه ليفاوض حلفاء الأمس، للدخول في الائتلاف الوطني العراقي، وإن كان بصيغة قائمة موحدة ولكن بكتلتين، حسبما نقل موقع المرصد العراقي، في تقرير نشره الثلاثاء الماضي، عن مصادر مطلعة على المباحثات التي تجري بين رئيس الوزراء نوري المالكي و الائتلاف الوطني.

وطبقا لذلك، فإن الناخب العراقي سيملك حرية اختيار كتلة دولة القانون أو كتلة الائتلاف الوطني ضمن قائمة واحدة، و بالنتيجة يحسب الصوت للقائمة الموحدة، و يعتبر هذا حلاً لمشكلة توزيع المقاعد على الكتل المشتركة، إلا أن المقترح قد تم رفضه من قبل المفوضية العليا للانتخابات متعللة بصعوبة تنفيذه والحاجة لتشريع قانون جديد يسمح بإجرائه .

وعلى الرغم من تضارب الأنباء بشأن عودة المالكي للائتلاف الوطني، حيث نفى القيادي في حزب الدعوة النائب حسن السنيد ما تردد في وسائل الإعلام بهذا الخصوص، في اتصال هاتفي مع صحيفة (الزمان)، نشر الأربعاء 4 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، إلا أن جميع المؤشرات تؤكد قرب انضمام دولة القانون إلى قائمة حلفاء المالكي السابقون، وإن السبب في ذلك يعود إلى تراجع شعبيته بعد أحداث الأربعاء الدامي.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com