|
الإنتخابات التمهيدية خطوة جريئة على الطريق الصحيح .. "إنتخابات عام 2010 لإختيار البرلمان الجديد والحكومة الجديدة"
محمود الربيعي
المقدمة التاريخية المراحل الصعبة والمعقدة التي مر بها العراق بعد الحربين العالميتين الاولى والثانية للعراق خصوصية عالمية خاصة فله حضارته .. وقد حكم العراق العالم فترات عديدة .. فمنذ حضارات ماقبل التاريخ حكمت الحضارات البابلية والآشورية والكلدانية والأكدية، وفي عصر الخِلافة الإسلامية زمن خلافة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وأخيرا حدث ذلك في زمن الحضارة العباسية.. وكان للعراق دور متميز في كل وقت وعصر حتى تعرض في القرن العشرين الى الإحتلال الأجنبي، وأقيم فيه الحكم الملكي الضعيف كما هو الحال في بقية الدول العربية والاسلامية في كل من آسيا وأفريقيا، ومن ثم شهد العراق عصر الإنقلابات وأولها في زمن الزعيم عبد الكريم قاسم الذي كان يميل الى المعسكر الاشتراكي، والذي سقط حكمه أيضا على يد رفيقه الرئيس عبد السلام عارف ذو النزعة القومية العربية حيث حكم العراق حزب البعث العربي الاشتراكي لعدة عقود من الزمن حكم فيها العراق معه كل من الرؤساء عبد الرحمن عارف المعتدل البسيط، وأحمد حسن البكر ذو الطبيعة العسكرية والحزبية، وصدام حسين ذو الطبيعة الحزبية الدكتاتورية الفردية وذو الوجهين القومي والطائفي والذي سقط بنتيجة غزو العراق من قبل قوات الإحتلال الأجنبي بعد عهد من الدكتاتورية القاسية التي لم يطيقها شعب العراق مما سمح للدول الغربية بأحتلاله وبعد أن أعطى العديد من المبررات منها غزوه للكويت بعد أن فشل الشعب في محاولات عديدة لاسقاط نظام حكمه الظالم خصوصا في الإنتفاضة الشعبانية الشعبية في الوقت الذي لم يمد أحد من أشقاءه العرب والمسلمين يده لتغيير طبيعة نظامه الدموي القاسي قبل دخول الإحتلال. ممارسة الانتخابات التمهيدية الوسيلة الناجحة في طريق الاصلاح السياسي لقد شهدت الساحة العراقية ممارسة جديدة لبعض القوى الوطنية العاملة في الساحة بعد أن أستجابت لمطالب المرجعية الدينية في إعتماد القائمة المفتوحة ذات الدوائر المتعددة لتشجيع هذه الممارسة والعمل على تعميمها بحيث تشمل جميع المحافظات العراقية، وقد تركت هذه الممارسة الشعبية الأثر الجميل في قلوب المواطنين العراقيين عندما أختارت هذه الكيانات خيار القائمة المفتوحة وتطبيقها في مختلف الدوائر، ومن هذه الكيانات التي اتبعت هذا الاسلوب كل من التيار الصدري وتيار شهيد المحراب وهي أول خطوة على الطريق الصحيح لإنهاء عملية إغتيال أسماء المرشحين الحقيقيين في عمليات التصويت بعد أن ملَّ الشعب مخاتلات الكيانات الحزبية وطموحاتها غير المشروعة والتي كانت على حساب الجماهيرالمضحية (أوالضحية). الإنتخابات التمهيدية ينبغي أن تتمخض عن إختيار المرشح الأكفأ إن الغاية من الإنتخابات التمهيدية هي إجراء التصحيح في مسار أنتخابات المرشح الأكفأ بعد أن تبين للجماهير خطأ القوائم المغلقة وما تحمله من محاصصة حزبية بغيضة تؤدي الى صعود أعضاءغير كفوئين الى البرلمان يكون ضحيتها المواطن الذي لايلقى إحتراما لإرادته وبحيث تعْبُر كل القوانين السيئة فوق رأسه نتيجة لضعف الأداء كما شهدناه في الدورة البرلمانية السابقة التي جاءت بشخصية مثلت كتل لم يفكر فيها المرشح بالمصالح العليا للبلد وراحت تلك الكتل تؤسس لإخطاء جسيمة أثرت في مستقبل العراق وسيادته ومصالحه الوطنية العليا. وعليه فإننا ندعو الى: أولا: إختيار الشخصيات الوطنية المخلصة والشجاعة التي تفهم عملية إدارة الملف الامني، ولابد في هذه الحالة من التغيير في تكوين وبناء الهيكل الإداري للمؤسسات الأمنية مع تطوير الأجهزة الأمنية، بعد أن شهد هذا الملف إخفاقات عديدة بعد أكثر من خمس سنوات لم تجد تلك المؤسسات حلا كاملا ومتكاملا للملف الامني. ولابد لهذه المؤسسات أن تسارع في التخلص من الإندساس في صفوفها للتمكن من إيقاف مسلسل العنف الدموي الذي شهدته البلاد طيلة تلك الفترة. ثانيا: العراق اليوم بحاجة الى مجموعة برلمانية منسجمة ومتكافئة وكفوءة تتصف بالوعي والثقافة الوطنية والقانونية من ذوي التضحية والشجاعة والخبرة والأمانة والإستقامة. دور المرشح الأكفأ إن الصراعات الحزبية والقومية والطائفية داخل البرلمان من خلال سياسة المحاصصة تركت خيارات الشعب المهمة لتبحث في موضوع التنصيب، وللأسف جاءت هذه السياسات بشخصيات ضعيفة لاتمتلك مقومات المرشح الكفوء والممثل لإرادة الشعب. فالحاجة اليوم ملحة لإختيار المرشح الذي يتصف بالقوة والشجاعة والنزاهة والإستقامة والخبرة والإعتدال والفهم والجرأة والحس الوطني. إن المرحلة القادمة يجب أن تشهد تغيراً نوعياً في نمط إختيار المرشحين الذي يجب أن يشمل الشرائح المهملة من الرواد والقادة الذين يعيشون داخل الوطن عيشة الغرباء من المهمشين الذين كانوا في مرحلة النضال السلبي القادة الميدانيين الذين أسسوا لسقوط الدكتاتورية والذين كما نرى أن بأيديهم مفاتيح الحلول لمشاكل الوطن المعقدة ولهم قواعد الشعبية من المستضعفين من عوائل المناضلين والشهداء والمسجونين زمن النظام السابق والمنسيين في هذا الوقت، والذين يجب أن يكونوا في مقدمة المسيرة وفي الجبهة الأمامية لقيادة الجبهة. ضرورة إنهاء كافة الصراعات السياسية داخل البرلمان وتغليب المصالح العليا للشعب العراقي إن أهم معضلتين أمام البرلمان في الوقت الحاضر هما التصديق على قانون الإنتخابات الجديد لتطوير آلية ألأنتخابات وإختيار العناصر المخلصة الممثلة للشعب وإرادته بعد أن ثبت أن القوائم المغلقة قد أتت بأشكال ونماذج لاتليق بتمثيل الشعب داخل البرلمان ولم تعكس الدائرة الإنتخابية الواحدة رغبة الشعب العراقي وطموحاته في أغلب المحافظات التي جاءت بعملية تنصيب الشخصيات التي لاتمثل المحافظات أصلا والتي جاءت في التركيبة الحزبية على أسس المحاصصة البغيضة. كما أن قضية محافظة كركوك شهدت صراعا قوميا مؤسفا إذ لم تمثل تلك الصراعات الوجه العصري الديمقراطي للنظام الجديد بل أخذت تكرس النزعة القومية التي حاول النظام السابق زرعها في الجسد العراقي وفي كركوك بالذات والتي أنتجت صراعات دموية كان ضحيتها أبناء تلك المحافظة الذين كانوا صرعى لهذه الاتجاهات السياسية والحزبية التي جاءت بها سياسة المحاصصة. وكان المجلس السياسي للأمن الوطني وهو أعلى سلطة في البلاد حسب التقارير قد قدم ثلاثة مقترحات لحل قضية كركوك تتمثل في الرجوع الى سجلات عام 2004، او ان يتم إرجاء الإنتخابات في المحافظة، أو يتم تقسيمها الى دائرتين إنتخابيتين. وفي كل الأحوال فإننا نرى أن البرلمان العراقي قد عجزعن إقرار قانون الإنتخابات الجديد وحل قضية كركوك في الوقت الذي صادق فيه على العديد من الإجراءات التشريعية التي تمس السيادة في مواضيع الأمن والإقتصاد وأبدى تساهلاً واضحاً فيها، في حين عجز عن إقرار التشريعات التي تخص الإانتخابات وقضية كركوك وهما مشكلتان داخليتان وبعد انصرام مدة أربعة سنوات لابد له أن يتخذ قراره الوطني السريع وأن يوقف تلك الصراعات غير المجدية. التدخلات الخارجية الإقليمية للتأثير على نتائج الإنتخابات القادمة لقد مرت الإنتخابات السابقة بمرحلة النشوء والتأسيس لنظام ديمقراطي سليم، وعانت من تبعات النظام السابق وبصماته الطائفية والقومية التي تركها في نفوس الأحزاب والجماعات، بالاضافة الى تأثير تواجد قوات الإحتلال والقرار الدولي التابع لها، مع وجود تدخل إقليمي واضح ومتنوع أفرز الصراعات الإقليمية التي أثرت كثيراً على عملية إستقرار الوضع الأمني في العراق، وذلك بسبب تخوف الجهات الإقليمية كل حسب طبيعته وتكوينه السياسي المضطرب. ولقد علمنا أن هناك تدخل إقليمي حقيقي لبعض الدول ذات المصالح القومية في شراء الذمم للتأثير على الأصوات في الأنتخابات القادمة ولغرض المساهمة في تغيير نتائج الإنتخابات العامة بطرق غير مشروعة. المهمات الأمنية للحكومة العراقية قبل وأثناء الانتخابات وبعدها إن من أكبر المهمات الأمنية للحكومة العراقية هي توفير الأمن لحفظ أرواح المواطنين وممتلكاتهم وأعراضهم إذ هي مسؤولية شرعية وقانونية ووطنية تضامنية لابد أن يكون الطرف الأكثر مسؤولية فيها وزارتي الداخلية والدفاع بالإضافة الى مسؤولية المواطنين للدفاع عن أنفسهم وعن المكتسبات الوطنية الديمقراطية ومنع الطريق على المفسدين من محاولة العودة الى الحكم الدكتاتوري بكل الوسائل القانونية والشرعية المتاحة ومنها مراقبة الشارع العراقي بكل وعي وحذر ومنع تسلسلل الارهابيين في أوساطهم وصفوفهم. مخاطر الهجمات الإرهابية على مستقبل العراق والعراقيين إن الخطر الأكبر الذي يهدد العراق والعراقيين هو الإرهاب الداخلي من المجموعات التكفيرية ذات الصبغات الطائفية والقومية وبعبارة أخرى كل المجتمعين على قتل المواطنين الأبرياء من خارج الوطن وداخله، أولئك أنفسهم الذين كانوا يحكمون تحت واجهات حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أسِسَ على حين غفلة من الزمن لتمثيل الركائز القومية الرجعية وترويج الفكر الاشتراكي الفاسد الذي لم يقم أبدا على أساس العدل والمساواة ومبدأ الحرية ، وهو الذي أحرق الأخضر واليابس، وأزهق الارواح، وأهلك الحرث والنسل بحروبه العبثية داخل العراق في الشمال والجنوب والوسط، ومع دول الجوار، ومَثَّلَ أسوا الحالات في العلاقات الوطنية والقومية مع أبناء الوطن وشعوب دول الجوار. المواقف الوطنية للمرجعيات الدينية في الزمن الصعب لقد عبرت المرجعية الدينية في كافة المراحل الصعبة من نضال شعبنا العريق عن مواقفها المتزنة، حيث وقفت على مسافة واحدة من كافة شرائح المواطنين، وكانت شفيقة ورقيقة ورفيقة حتى مع الذين ظلموا العراقيين حين دعت الى محاكمات عادلة مع من أَجْرَمَ بحق المواطنين وطالبت بمحاسبة المجرمين عند ثبوت إدانتهم، وتحرير كل من لم يثبت عليه جرم بحق العراقيين، وبذلك تكون قد أرست مبادئ العدل في العراق الجديد وكانت المرجعية نعم المشير في الأوقات الصعبة والظروف الحساسة التي مرت بها البلاد. وأخيرا وعلى لسان ممثل المرجعية السيد صدر الدين القبانجي أعلن أن إقرار قانون الأنتخابات الجديد سيكون "ردا عمليا على العمليات (الهجمات) التي يراد منها زعزعة الأمن في البلد" وهي حقيقة لايساورها شك. معالجة المشاكل الداخلية من أهم المهمات الوطنية أولاً: عودة البعثيين " إبليس لايزالُ حياً ": ونقول ليس كل عراقي بعثي، وليس كل بعثي مجرم.. لكن حزب البعث إنتهى.. والبعثي غير المجرم عاد مواطنا عراقيا. وأما محاولات البعثيون ألعودة الى السلطة والحكم فقد أصبحت أحلاماً صعبة المنال إن لم يكن ضرب من المستحيل وإن جميع محاولات الخلايا البعثية للعودة الى السلطة سوف لن يكتب لها النجاح، وإن إئتلافات البعثيين وجميع خططهم التآمرية بالإضافة الى المخططات الإقليمية والتآمرالإقليمي لن تفلح ولن يفلح في إعاقة تقدم عجلة الزمن الى الأمام. ويحاول أزلام حزب البعث المنهار وبكل حيلة ووسيلة أن يرسموا لهم وجوداً في مخيلة حكام الجور في المنطقة وفي مخيلة عشاق الظلم لفتح قواعد إعلامية بمسميات مختلفة في بعض الدول العربية، وبإشراف بعض مجرمي البعث وقياداته الهاربة من غضبة الشعب، تلك الزمرالتي كشفت عن وجهها الطائفي المعادي لشيعة العراق والتي تعمل ليل نهار لتحريض السنة العراقيين وسنة دول الخليج والدول العربية، ولكن هيهات أن تؤثر تلك النداءات والدسائس في نفوس الخيرين من أبناء وطننا المجيد وديننا الحنيف بل في نفوس جميع أبناء أمتنا العربية والإسلامية. ثانيا: معالجة البطالة: بعد عودة المهجرين والمهاجرين شهد العراق عهدا جديدا من البطالة خصوصا في موجة إيقاف التعيينات، والتي أثرت تاثيرا سلبيا على واقع المواطنين العراقيين الذين هم بأمَسِّ الحاجة الى لقمة العيش، الأمرِ الذي قد يدفعهم الى حالات غير محمودة العواقب لابد أن يحسب لها حساب في هذه الظروف الصعبة والأمن الهش. ثالثا: إستجواب الوزراء: يجب أن لايُسَيّسْ موضوع إستجواب الوزراء، ويجب أن يكون طبيعيا، ووفق الضوابط الأخلاقية والدستورية، وأن لايكون عدوانيا غرضه التشنيع بالوزراء.. فالوزير مع أنه يمثل قمة الهرم في وزارته، إلاّ أن المسؤولية لاتقف عند حده فحسب، بل هي مسؤولية جميع العاملين في وزارته.. ومهمة مجلس النواب والوزير هي المساعدة والتعاون في كشف المعلومات وتشخيص الخلل والإشارة الى نوعيته، ومحاولة تلافيه في حالة غير العمد، وإحالته الى اللجان القانونية المختصة في حالة العمد. في العمل الخارجي ندعو الى: أولا: التركيز على الجهد الوطني: ينبغي العمل على تكثيف الإعتماد على الجهد الوطني، وتقليل فرص التدخل الأجنبي، والعمل على إنهاء الأحتلال بكل أشكاله وصوره وعلى إختلاف مصادره الدولية والإقليمية. ثانيا: تشجيع عودة السفراء العرب: إن عودة السفراء العرب للعمل هو ظاهرة جيدة وينبغي الحد من مظاهر النزاعات الاقليمية، وإن من الأفضل المباشرة في فسح المجال للتعاون المشترك البناء الخالي من التدخلات الإقليمية التي تتسبب في قطع العلاقات وتدعو الى حالة عدم الأستقرار، كما ينبغي إنهاء جميع المشاكل المعلقة بروح الحوار والعمل المشترك والتعاون المخلص البناء. ثالثا: إنهاء الاحتلال بطرق سلمية بعيدا عن أعمال العنف: إن مسألة خروج الاحتلال مرتبطة بالخروج من الصراعات الداخلية وإنهاء دور المحاصصات التي تجري بين الكتل البرلمانية، وبين ممثلي الاحزاب، ويفترض التعاون الجاد فيما بين تلك الكتل والاحزاب لتحسين الوضع الأمني، وعليهم أن يعملوا في الإتجاه الوطني بعيداً عن النزعات الطائفية والعنصرية وأسلوب المحاصصة، وسوف لن يخرج الاجنبي من بلادنا مادامت نفسية السياسي لاتتبدل " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم " سورة 13 الرعد الاية 11.. نسأل الله التوفيق لشعبنا الكريم وأن يعزز وحدته الوطنية في السلم والعدل والسعادة إنه نعم المولى ونعم المجيب.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |