|
الشامية وأنفلونزا الخنازير محمد علي محيي الدين تداولت وسائل الأعلام المختلفة في العراق أن أنفلونزا الخنازير قد غزت مدينة الشامية الواقعة وسط العراق وأن الجهات المعنية قامت بإغلاق المدارس خشية انتشار المرض بين طلبة القضاء،ولا ندري من أين جاءت الأنفلونزا الغازية لهذه المدينة الباسلة التي وقفت بوجه الغربان السود في 8 شباط 1963 ولقنت الحرس القومي درسا ظلت الأجيال تتناقله جيلا بعد جيل باعتبارها النواة الأولى للكفاح المسلح الشيوعي الذي تهيأت له الظروف المناسبة لينطلق من تلك المدينة وأريافها الأهلة بالشيوعيين،وكانت الكوادر الشيوعية المتمرسة قد انتقلت لأرياف القضاء المذكور بعد أن تمكنت من جمع الأسلحة لبناء النواتات الأولى للحركة المسلحة وقد التحق بها أكثرية الكادر القريب منها أو الذي أستطاع الوصول إليها وفي مقدمتهم الفقيد زكي خيري وباقر إبراهيم الموسوي وعدنان عباس الكرد والفقيد صالح الرازقي والشهيد الشيوعي الخالد محمد أحمد الخضري والشهيد البطل كاظم الجاسم أبو قيود والفقيد معن جواد و(طويل العمر) حسين أبو خبط الذي لا زال يستلهم من ذكريات الماضي وألق الحاضر وتشوف المستقبل،وغيرهم ممن كانوا أعلاما شيوعية ترفرف في ربى الفرات الأوسط وبين أنهاره وأهواره العصية على البعث الأهوج. ولا أدري كيف ترضخ المدينة لهذه الأنفلونزا فعهدي بذئابها الطلس وفي مقدمتهم الذئب العراقي ذياب آل غلام تطارد الخنازير وتمنعها من اجتياز أسوارها أو الوصول الى معاقلها وأهوارها فمن أين أتتها الخنازير الغازية وعاثت فيها وجلبت لها هذا البلاء الوبيل،فقد علمنا أن الشامية تركت زراعة العنبر الذي تضرب به الأمثال وزرعت في أراضيها حشيشة الكيف أو الترياك فهل جاءت هذه الأنفلونزا عقابا لهم على تركهم زراعة العنبر، ولماذا لم يتمكن ترياكها من تخدير هذه الخنازير الغازية ليتجنب ما تحمله من أمراض. ولا أدري ما هو موقف ذياب الشامي على ما أحاق بمدينته من جراء هذه الهجمة الشرسة فقد التزم جانب الصمت في الوقت الذي عهدته مدافعا عن حماها محاربا دونها ،لا تأخذه في ذلك لومت لائم فهل كبرت الذئاب لتبربع بها الواوية أم أنه لا يتابع أخبارها ولا يدري ما حل بها من تقلبات الزمان ،ولعل الدكتور الظاهر سيكون له موقفه النبيل في دفاعه عن هذه المدينة التي طالما نعم بعنبرها وتنشق عبيره الفواح وأن يوجه اللوم والتثريب لأبنها العاق الذي تناساها وتركها لمصيرها تصارع الخنازيز بعد أن كانت لا تعبأ بالأسود. ولا أدري هل نبقى نردد في أسمارنا جوهر يزناد الشامية أم أن زنادها لا يقدح وذهبت قوته وتلاشت هيبته وانحسرت سطوته وأصبح كغيره لا دخان ولا نار،وأين أولئك الذين ملئوا الدنيا وشغلوا الناس من أبنائها في مواجهتهم الصاخبة لاعتى الهجمات وصمودهم الرائع في أشد الأزمات هل تغيرت الدنيا أم تغير الناس وهل هذه من نتائج الزمن أم نتائج الإفلاس ،أسئلة مثيرة تحتاج الى إجابات من أبنائها الذين رضخوا للخنازير ،وتركوا صيد الدبابير ولعل الأيام القادمة تظهر لنا ما سيكون الرد من هذه المدينة التي عركت الخطوب وقاومت الأرزاء ولم تخشى المرجفون.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |