هل بإمكان "العملية السياسية" في العراق إنتاج برلمان "ديمقراطي"؟!

 

محمود حمد

mehmood.hamd@gmail.com

يقول "السومريون".. بُناة الحضارة الانسانية:

( اذا كنت تعرف البذور الكامنة في باطن الأرض .. تستطيع معرفة ماسَيَنبُت على ظاهر الأرض) !

خلال السنوات التي أعقبت الغزو الوحشي وسقوط الديكتاتورية الشمولية..لم يعد في العراق رضيعا لم تَبْيَّضُ روحهُ قبل شَعرِهِ ..كما يقول الشاعر:

وماشَيَّبتني كِبرة ٌغير أنني بدهرٍ لَهُ رأس الفَطيمِ يَشيبُ

وعلمتنا تلك السنوات ـ الدهور ـ حقيقة ما يكمن في قرارة العراق الذبيح وفي ظلمة النوايا من " بذور " مُعَفَّرة او مُتَعفنة او مُسَرطِنة!

ولم تعد في الطلاسم من رموز عسيرة التفكيك والإفصاح..

فالبذور ـ المستوردة ـ تسرطنت وصارت وباء يلتهم الحرث والنسل..

و" البذور " المتعفنة منذ عقود ..الكامنة في الحواضن المحلية ..خَنَقَتْ " سنابل يوسف السبع " وأشاعت اليباب في الأرض والضمائر..

و" البذور " المُهَجَنَة في أقبية المحاصصة..لوّثت تربة الوطن وعقول المواطنين..وطَغَت على حقول الخير بشرورها..

ولكي لانذهب بعيداً في الاستعارة ..

نقول..

ان " بذور الديمقراطية " التي لاغنى عنها في موسم البذار لإنتاج ـ مجتمع ودولة ديمقراطية ـ هي:

1. الوطن الكامل السيادة والدولة ذات الإرادة السياسية الحرة " الديمقراطية "..

· لا الوطن المستباح السيادة بدبات الغزاة ..

· ولا الدولة المفككة المتنازعة : النوايا والرؤى والتضاريس والثروات والصلاحيات والسلطات!!

2. التشريع " الديمقراطي "..

· لاقانون الانتخابات ـ التنافقي ـ الملغوم..الذي حضرت مراسيم تشريحه كل سيوف المتحاصصين والمحتلين والطامعين الإقليميين.. فيما غابت عن دهاليزه ونصوصه وتنافقاته ـ غاية الديمقراطية :

( إدارة المواطن التنموية لشؤون وطنه )!

· ولا الإلتباس السياسي الحزبي بغياب قانون الاحزاب..

هل يمكن اجراء انتخابات لأحزاب وحركات وتيارات ـ هلامية ـ لا تعريف لها؟

ولانظام داخلي تسترشد به؟

ولابرامج توعد الناخبين بها وتُلزم نفسها بتنفيذها وتمنح الناخبين حق مساءلتها عنها؟

ولا أحد يعرف مصادر تمويلها؟..

تلك المصادر..التي هي اليوم مثار تساؤلات وطنية عامة ..لان تلك المصادر تهدد مستقبل الوطن ومصير العراقيين !

وليس من جهة تسأل عن أبواب صرف تلك الاموال؟

..حيث يصول ويجول اليوم بعض ـ حُفاة ـ الأمس في فنادق سبعة نجوم بمختلف قارات الأرض.. دون أن يجرؤ ـ حتى الإعلام الحر ! ـ على سؤالهم:

من اين لك هذا؟؟!!!!! ..

فلا يوجد في العالم بلد " ديمقراطي " أو " دكتاتوري " ..يُباع فيه السياسيون ويُشتَرَّون في الأسواق الحرة ـ دون رقيب !ـ..لا في " جمهورية افلاطون " ولا في " جزر الواق واق "..إلاّ في العراق!!!!!

ولم يعد سراً معرفة عناوين تلك الأسواق التي تجري فيها صفقات البيع والشراء ولمصلحة من..مثلما لم يعد خافيا من هو الخاسر الوحيد من وراء هذه الصفقات الدموية اللصوصية..( إنه العراق..وطناً وشعباً)..

3. السلطة التنفيذية " الديمقراطية " ..

· لا سلطة أمراء الطوائف والأعراق المتناحرين على دم العراقيين ووجود العراق أمام الملأ ـ بلا حياء وطني ـ في ساحات وشوارع السياسة الدولية والاقليمية والمحلية!

4. الاحزاب والحركات " الديمقراطية "..

· لا الاحزاب والحركات الشمولية ..المُقَدِّسة لأصنام السياسة..الحالمة بإعادة إنتاج ديكتاتوريات طائفية او عرقية متنمرة ..تَقمع المواطن وتُذعِن للاجنبي!

· وتكاد مسميات الأحزاب المتنفذه تتلاشى في الحياة السياسية ولانرى منها سوى ـ أمرائها ـ وميليشياتها المدججة بالسلاح والقسوة ..التي تكتم انفاس المدن كلما اختلفوا في أمر!..

· اما قواعدها الشعبية المنظمة والواعية وذات الارادة التي تستجوب قادتها وتُطيح بهم عندما يسيؤون إستخدام سلطتهم او ينحرفون عن برامج الحزب او يخرقون الحياة الداخلية والنظام الداخلي..فان تلك القواعد لاوجود لها..إلاّ عندما يحتاج أمير الطائفة او العرق او الحزب الى جوقة مدّاحين لاظهار قوة سلطانه في مواجهة خصومه!

5. المُرَشَّح المُستَجوِب المُشَرِّع " الديمقراطي "..

· لا ـ المندوب ـ الذي يسطفيه أمير الطائفة أو العرق من بين مواليه .. ليُكَرِّس سلطانه ..ويُبرِّر إذعانه ..ويَشحذ أسنانه..ويَنشر طغيانه..ويُضلِّل فتيانه..ويُكْثِر ـ على بركة الله ـ من نسوانه!

6. الناخب الواعي المُسائِل الشجاع " الديمقراطي "..

· لا الطبّال.. واللطّام.. والحرباء.. والغوغاء.. واللحّاس.. والمتخلف المتطرف..واللاهث وراء سراب وعود الطامعين!

7. البيئة الإنتخابية " الديمقراطية " الآمنة..

· لا السكان المتضورون يأسا في المدن المقبورة بالأزبال والبطالة وإنعدام الخدمات الأساسية..

· ولا الدروب المفخخة بجثث الإرهابيين الى صناديق الإقتراع..

· ولاالقاعات الموبوءة بالمتفجرات..والمُزَوِّرين..والمُتَوَّعدين..والمُضَلِّلين

8. الإعلام الإنتخابي الحر المسؤول" الديمقراطي "..

· لا إضرام الكراهية باطلال التخلف لاسقاط الآخرـ المُنافس ـ..

· وتأجيج الفتنة لكسب الاصوات..

· وتقديس ـ الرمز الطائفي او العرقي او العقائدي ـ لتهميش رأي وارادة الناخب المواطن..

· وتبرير المفاسد..لاخفاء شواخص:الاذعان للمحتل..والفشل السياسي..وعدم الكفاءة الادارية..وإهدار المال العام..

9. الأجهزة التنفيذية الحارسة لـ " الديمقراطية "..

· لا الاجهزة المُختَرقة من قبل الارهابيين والمتحاصصين..التي تغدر بدماء العراقيين وإرادتهم في دروبهم التي إئتمنوهم عليها..

10. المفوضية " المستقلة " للانتخابات الأمينة على" الديمقراطية "..

· لا المفوضية التي يختلف على ـ استقلاليتها ـ المتنافسون..والنواب..والناخبون..والقوى السياسية..( وتُزَكِّي نفسها برضا " مندوبي منظمة الامم المتحدة " في العراق عنها)..

· وهي المنظمة التي إستشرى بها الفساد في الملف العراقي منذ غزو الكويت ـ وراح ضحيته الملايين في سنوات الحصار الإجرامي الذي فرضته الولايات المتحدة وحلفاؤها على فقراء العراق ـ ..ومازال يتفاقم دماً وسرقة لأموال العراقيين وثرواتهم من قبل ذات الجهات التي قننت الإبادة الجماعية للعراقيين وشرعنت تبديد وطنهم..عبر القرارات المُجحفة ومنها ـ البند السابع ـ اضافة الى السلوك المشين لبعض العاملين في البرامج ذات الصلة بالشأن العراقي ـ وهذا ملف سنتناوله في وقت لاحق ـ!

ان هذه الشروط الأساسية للتحول من دولة المحاصصة ومجتمع الطوائف والأعراق الى دولة الوطن الكامل السيادة ومجتمع المواطنين الأحرار المُنتجين المتساوين في حقهم بالعيش مُرَّفَهين بخيرات وطنهم..تتطلب تضافر جهود جميع الساعين الى المشروع الوطني الديمقراطي التنموي المرتكز الى الارادة الشعبية الواعية..لتحقيق السيادة الوطنية الكاملة ..بإنهاء وجود المحتلين وسطوتهم المسلحة والسياسية والاقتصادية على أرض الوطن وتحرير ارادة الشعب وقواه السياسية من مشاريعهم الإستلابية..والشروع بالتنمية الشاملة لإنتشال الإنسان من التخلف والعوز والخوف!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com