هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية !

 

يوسف أبو الفوز

 haddad.yousif@yahoo.com

 عرفنا أن الديكتاتورية،كما تشير الادبيات السياسية،الى انها شكل من أشكال الحكم،تكون فيه السلطة مطلقة بيد حاكم فرد لا يتقيد بدستور او بقوانين،وبل يكون هو القانون، دون مراعاة أي عوامل سياسية أو اجتماعية . لكن العلوم السياسية ايضا تشير،وكبار المفكرين،الى ان مفهوم الديكتاتورية لا يمكن ان يقف عند مفهوم الفرد الحاكم الديكتاتور، بل يمكن ان يمتد ليكون ديكتاتورية كتلة من الناس او فئة او طبقة،والى هذا اشار فلاديمير لينين (1870 ـ 1924 ) في معرض نقاشه مع كارل كاوتسكي عام 1918 في كتابه حول الثورة البروليتارية . وقد وصفت الانظمة الشمولية،بأنها نظام الحزب الواحد،وأنها انظمة ديكتاتورية بدون جدال،لانها تحمل ممارسات النظام الديكتاتوري حيث تعبئة الجماهير بشكل ديماغوجي بايدلوجيا الحزب الواحد الحاكم،وحيث يتم توجيه النشاط الاقتصادي والاجتماعي بشكل تعسفي بقوة الاجهزة الامنية لصالح النظام الحاكم . ويشير العديد من خبراء العلوم السياسية الى ان هذه الانظمة الشمولية الديكتاتورية،التي يوجد الكثير منها في مناطق العالم الثالث، تتميز بعدم الاستقرار السياسي وتبرز فيها الانقلابات والاضطرابات والخلافات السياسية التي غالبا ما تكون ضد مصالح جماهير الشعب .

يطرح المفكر  الفرنسي ريمون آرون (1905 ـ 1983 )  الفيلسوف وعالم الاجتماع،والمدافع عن الليبرالية ،في كتابه ( الديمقراطية والشمولية ) الصادر في باريس عام 1965،اهم مقومات وعناصر النظام الشمولي  فيشير الى احتكار السلطة السياسية من قبل حزب واحد،يستند في نشاطه وعمله الى ايدلوجية تقود فعالياته ونشاطاته،ولاجل نشر هذه الايدلوجيا سوف تُسخر كل اجهزة الدولة،التي يكون تحت تصرفها كل وسائل الاتصالات من وسائل الاعلام،وأيضا الوسائل الامنية القمعية .

ان المخاطر التي تهدد العراق،بعد الانتخابات القادمة اذا تمت على ضوء قانون الانتخابات الذي اقره البرلمان العراقي في الثامن من الشهر الجاري،ستقود البلاد الى كارثة سياسية،أذ ان نتائج الانتخابات ستقود الى ان يشهد العراق حكما شموليا من نوع جديد،فالقانون اذ يقوم باقصاء قسري للعديد من مكونات الشعب العراقي،فأنه يضع جدرانا امام دخول اي قوة سياسية اخرى تؤثر في القرارات  السياسية،ويمهد بذلك الطريق لصعود فئة ذات طابع طائفي واحد،للاستحواذ على السلطة،وتعمل بأيدلوجية طائفية فكرية وسياسية واحدة . فالحديث عن الفوارق بين القوائم الانتخابية المتنفذة الحالية سيتلاشى امام ذوبان الفوارق عند قيادات هذه القوائم حين تكون قضية الاستحواذ على السلطة واحكام السيطرة عليها المهمة الاساسية،وستكون هناك عوامل مساعدة كثيرة،خارجية وداخلية،لظهور التقارب  بين مكونات طائفية محددة . وعندها فان العراق مقبل على فترة حياة سياسية تتسم بصعود طائفة محددة،ستسعى لممارسة نظام حكم وفق سياقات ديكتاتورية،عندها يمكن الحديث عن ما يمكن تسميته "الديكتاتورية الطائفية " .

وبما ان شعبنا العراقي قد ذاق الامرين من الحكم الديكتاتوري المقبور،فلابد اذن من الاكثار من الحديث عن الديمقراطية . ألم يكن الديكتاتور صدام حسين اكثر من تحدث عن الديمقراطية ؟ الم يكن لديه مجلس وطني سماه الشعب بالاسطبل الوطني لانه ليس أكثر من واجهة تجميلية ؟ نحن اذن مقبلون على برلمان سيكون واجهة شكلية من اجل تلميع الحياة السياسية،وسيقوم هذا البرلمان بتشريع قوانين تقود العراقيين الى الترحم على عهود سابقة. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com