|
محمد علي محيي الدين تمر حرية الصحافة في العراق بأزمة كبيرة من خلال تصدي أجهزة الدولة العراقية وهيئاتها التشريعية لمحاربة الصحافة الحرة النزيهة ومحاولة لجمها عن نقل الحقائق أو التصدي للفساد وعومل الصحفيين العراقيين من قبل أجهزة الدولة التنفيذية معاملة لا تليق برجال السلطة الرابعة كما يسميها البطرين فقد ثبت أنها لن ولم تكون في يوم من الأيام سلطة لها تأثيرها في تغيير مسارات السلطات الأخرى لعدم امتلاكها ما تمتلكه السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية من نفوذ وتأثير لأنها السلطات التي تبنى عليها الدول الشمولية ولا تدع مجال لما سمي بالسلطة الرابعة أن تأخذ مكانها الحقيقي لأنها سلطة القلم والأقلام لم تكن من أدوات القتل أو الاضطهاد التي تخيف لذلك يستهان بأمرها وتكون عرضة للهجوم من قبل تلك السلطات المتقاطعة معها. ولقد مر الصحفيون العراقيون بأدوار شتى حيث قتل المئات منهم وشرد ما يزيد على أعداد القتلى وأضطهد الآخرون إلا من أتى الله بقلب سليم وجعل قلمه في خدمة الأقوياء يمجد قرارات السلطة ومسئوليها حقا أو باطلا وهذا هو أس البقاء لمن يريد العيش على هامش الحياة،وآخر ما استجد في هذا المجال الدعوى التي أثيرت ضد الصحفي العراقي وارد بدر السالم لكتابته مقال في جريدة المدى عن امتيازات مجلس النواب فقد طالبت النائبة العراقية جنان العبيدي بإحالة الصحفي الى القضاء وإقامة الدعوى على الجريدة لنيلها من مجلس النواب لنشرها مقال عن الامتيازات التي منحها النواب لأنفسهم ،وأيدها الكثير من نواب البرلمان لما في الدعوى من هوى في نفوسهم بعد أن شارفت أيامهم على الانتهاء ليختموا فصلهم التشريعي بمأثرة كبرى هي لجم الصوت الحر ووأد الحقيقة وإسكات صوت المظلوم. ولو كان المقال يحرك الجماهير لإعلان رفضها هذه الامتيازات لجاز لنا قبول ثورة النائبة الكريمة ودعوتها لمقاضاة الصحفي والصحيفة ولكن المقال لا يؤثر أيها الأخت الكريمة لأن مساحات التأثير في التفكير الشعبي شبه معدومة وإلا لا يمكن لشعوب واق الواق أن تسكت على تصرفات البرلمانيين في بلد يرفع شعارات الديمقراطية عندما يرمون لنا القشور وينعمون باللباب ويأكلون العنب الحلو ويمنحونا الحصرم ويأكلون التمر ويرمون لنا النواة. ومن حقي أن أسئل الأخت العبيدي هل منح نواب العهد الملكي الذي ثرنا عليه بثورتنا الحمراء مثل هذه الامتيازات لنوابه ومنحوا عوائلهم جوازات سفر دبلوماسية طويلة المدى بعد انتهاء خدمتهم الشرفية غير الرسمية في البرلمان وهل منح المقبور صدام حسين نواب مجلسه اللاوطني مثل هذه الامتيازات وهل منحت رغودة جواز سفر دبلوماسي مدى الحياة بعد أن طرد والدها من كرسي الرئاسة الوثير بالأحذية الأمريكية، فكيف يمنح البرلمان الديمقراطي ما لم يمنحه صدام لصحافه الجميل أو الكيمياوي الوبيل أو برزان الرذيل وهل أن البرلمان العراقي أزاد في الطنبور نغمة ليثبت لنا حسن أدائه الجميل. ولو فرضنا جدلا ومنح البرلمان جوازه الدبلوماسي للنائب الكريم فمن يضمن لنا سلامة موقفه اتجاه العراق إلا نخشى أن يتحول هذا البرلماني الى إرهابي ليسرح ويمرح في بلاد الله الواسعة بجوازه الدبلوماسي العابر للحدود والسدود،الم ظهر في برلماننا إرهابيون وقتلة ومطلوبين للعدالة استغلوا صفتهم للهروب من البلاد وبعضهم لا زال في البرلمان بانتظار كلمة العدل ليحال الى القضاء حسب تصريح رئيس هيئة النزاهة بإحالة المئات من البرلمانيين والوزراء وكبار رجل الدولة الى القضاء بتهم الفساد والإرهاب والقتل ،ومن يضمن لنا أن هذا البرلماني الذي يحمل وعائلته مثل هذا الجواز لا يستغله في الهروب من يد العدالة كما هو حال الكثيرين ممن هربوا وعوائلهم وهم مطلوبون الى القضاء العراقي ولم تستطع الدولة جلبهم لأنهم يمتلكون جنسيات أجنبية. الم تقرأ الأخت العبيدي عن قادة الدول الغربية والأمريكية وما ينشر في صحافتها عن كبار قادة البلاد بما فيهم رئيس الدولة وفضائح مونيكا وأخوات مونيكا والرسوم الكاركتوريه للرئيس الأمريكي دون أن يجسر ذلك الرئيس على مقاضاة الرأي العام في نظرته ورؤيته لأدائه لأن المسئول هو ملك للرأي العام وليس سيد عليه ومن حق الرأي العام مسائلته ومقاضاته على أي تصرف يبدر منه فيه مخالفة أو خروج على المألوف،وهل تعتقد الأخت العبيدي أن عضوية البرلمان هي عصمة الآهية لا يمكن لأحد المساس بها أو مناقشة قراراتها لأنها صادرة من الملأ الأعلى. لماذا لم ترفع صوتها بالشكوى على الحوزة الدينية ومرجعها الأعلى السيد علي السيستاني الذي صرح ممثله في كهرباء بأن الامتيازات التي منحها البرلمان لأعضائه ستخلق تفاوتا طبقيا بين العراقيين وهي امتيازات لا يحق للبرلمانيين منحها لأنفسهم ،لماذا سكتت عن ممثل المرجعية أحمد الصافي في كربلاء وأبرزت عضلاتها على الصحفي العراقي وارد بدر السالم. لماذا سكتت الأخت جنان العبيدي وبرلماننا الكريم عن صحيفة لو فيغارو Le Figaro الفرنسية التي نشرت في عددها ليوم الأحد إن النواب العراقيين ومن شتى الميول والاثنيات والطوائف “أباحوا لأنفسهم خفية امتيازات تروع البلد من سيارات مصفحة، ومكافآت خارقة، وجوازات سفر دبلوماسية لعائلاتهم، وقطع أراض”. ونقلت الصحيفة عن النائب بهاء الأعرجي، رئيس اللجنة القانونية في البرلمان، قوله لوكالة الصحافة الفرنسية AFP إن النواب العراقيين “صوتوا منذ شهر ونصف وخلف الأبواب المغلقة على نص يمنحون به أنفسهم ولمدة عشر سنوات ابتداء من انتهاء ولايتهم مكافأة تساوي 80% من رواتبهم كنواب وجوازات سفر دبلوماسية لهم ولعائلاتهم، وقطعة أرض مساحتها 600 متر مربع وبالمكان الذي يختاروه أسوة بالوزراء”. وبحسب النائب بهاء الأعرجي،فان النواب “يتلقون 25 ألف دولار (نحو 30 مليون دينار) كراتب وبدل خطورة شهريا لتغطية نفقاتهم الإدارية وأمنهم، في حين أن متوسط الأجر حوالي 500 دولار”. ونقلت الجريدة الفرنسية عن مصدر برلماني آخر لم تسمه أن لدى النواب “الحق في تعيين 30 حارسا شخصيا براتب، وهم يعينون قسما من هذا العدد عموما من أفراد عائلاتهم”. وقال الاعرجي إنه “ضد هذه الامتيازات لأن النواب ليسوا محتاجين لقطعة أرض أو جواز سفر دبلوماسي”، مبينا أنه “صوت ضد هذا القانون”. وتابعت الصحيفة أن النواب “حصلوا أيضا على حق عدم إعادة ما يقرب من 70 مليون دينار عراقي (60 ألف دولار) قبضوها في العام 2006 في أشد أوضاع العنف الطائفي لشراء سيارات مدرعة لهم. ولماذا لم تقاضي الأخت العبيدي البرلماني وائل عبد اللطيف الذي أستنكر هذه المكافآت أو النائب بهاء الأعرجي الذي رفض هذه الامتيازات أو ديوان الرئاسة الموقر الذي لم يصادق عليها لأنها (لا صاير ولا دايرة) كما تقول الأغنية العراقية. وأود أن أنفع الأخت العبيدي والنواب الموقعين على رفع الدعوى بأن تقيم دعوى على الصحيفة الفرنسية ومطالبتها بمليار يورو لنشرها الخبر لأن تلك الصحف لها إمكانياتها المالية العالية وأنها ستكسب القضية حتما ويستفاد الأخوة النواب من هذه التعويضات الكبيرة بتوزيعها بينهم حلالا زلالا لأنها لن تقبض شيئا من وارد بدر السالم الذي لا يمتلك غير قلم لا يزيد ثمنه عن ثمن سيكارة ولكنه يمتلك حسا وطنيا يذري بلئاليء الأرض والسماء وهذا الرصيد لا ينفع أحد لأن الوطنية في العراقية لا تشترى بفلس واحد.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |