|
يبدو أن البعث الجديد جاء بانقلابه الأبيض عبر قانون الانتخابات الجديد لإرساء البدايات الأولى لدكتاتورية مخيفة تقف على رأسها القوى الإسلامية والكورد فقد اتفقت الأطراف المتناحرة على رأي سواء في سرقة الشعب العراقي ومصادرة حرياته والتلاعب بمقدراته من خلال قانون الانتخابات سيء الصيت الذي مهد لسيطرة الأحزاب الفاسدة على مقدرات العراق ،تلك الأحزاب التي مارست السلطة طيلة السنوات الماضية ولم يحصد منها العراقيون غير القتل والفساد،فقد صادر القانون الجديد حقوق ملايين العراقيين المهجرين والمعارضين للنظام السابق والتسلط الجديد عندما خصص لهم عددا ضئيلا من المقاعد لا يتناسب وحجمهم الأخذ بالتضخم يوما بعد يوم بسبب تسلط هذه الأحزاب ودمويتها ونهجها المغرق بالشمولية وحب الاستحواذ والتسلط والممارسات التي لا تنسجم والديمقراطية بأي شكل من الأشكال ومحاولاتهم لإنهاء القوى الوطنية من خلال تشريع القانون بما يخدم توجهاتهم في إنهاء الكيانات الوطنية الصغيرة والقوى العلمانية. وقد كنا نتوقع من الجانب الكردي الذي يدعي العلمانية والديمقراطية أن يكون مصدا لطموحات الآخرين إلا أنه كشف للأسف الشديد عن حقيقته المصلحية وتناسى نضال القوى الوطنية لمساندته في نيل حقوق الشعب الكردي ،وساير القوى الأخرى على حساب المصلحة الوطنية وبمساومة رخيصة للتمدد على حساب الوطن العراقي تحت يافطة الحقوق القومية للكورد باتفاقه على الممارسة الخاطئة مع أطراف لا تؤمن بالكورد وقضيتهم القومية وربما تدفع أطراف متعاطفة مع الكورد لهجر هذا التعاطف لظهور القيادات الكردية بحقيقتها المصلحية التي لا تفكر إلا بمصالحها بعيدا عن هموم الشعبي الكردي ومصلحته في التعايش السلمي مع الآخرين. أن التوقع في أن تكون هيئة الرئاسة طرفا حياديا في تطبيق الدستور وعدم التجاوز عليه في مادته الداعية الى المساواة بين العراقيين،بدأ يضيق بسبب الاتفاقات السرية التي جرت خلف الكواليس بين أطراف المحاصصة العراقية لتقاسم السلطة وإنهاء الأطراف الوطنية التي لا تمثل مكونا طائفيا أو قوميا ،والانفراد بإدارة البلاد على الأسس التي وضعها الحاكم الأمريكي في بناء دولة المحاصصات التي ستقود مستقبلا لتحقيق مخطط نائب الرئيس الأمريكي بايدن في تقسيم العراق الى كيانات متناحرة حتى لا يكون له دور في المستقبل في حسم قضايا المنطقة بتبعيته لهذه الجهة أو تلك وعدم صيانة الأستقرار فيه وجعله عرضة للمنازعات التي تخدم التوجهات الغربية في سرقة ثرواته بالمناصفة مع دول الجوار،وإماتة الروح الوطنية في التفكير الشعبي من خلال الهيمنة الطائفية المقيتة التي أرسى أسسها الاحتلال الأمريكي وشجعت عليها دول الجوار في جعل العراق نهبا مقسما لهذه الدولة أو تلك لما للعراق من دور تاريخي فاعل في أحداث المنطقة والعالم وتجزئته بتكوين دولة الطوائف التي لا تشكل خطرا على الوجود الغربي في المنطقة وصنائعه من حكام الاستبداد. أن هذه المخططات المريبة تستدعي وقفة جادة لإعادة النظر في المواقف إزاء خيبة الأمل في بناء عراق ديمقراطي جديد ،وان تدفع القوى لإعادة رسم تحالفاتها على أسس جديدة تتجاوز العوائق المصطنعة وعقد تحالفها على أسس جديدة تعتمد الوقوف بوجه المحاصصة الطائفية والعرقية وبناء جبهة وطنية تضم الأطراف المعارضة للتمدد الطائفي والحوت النهم لابتلاع كل ما هو وطني شريف ،تضم هذه الجبهة القوى العلمانية والديمقراطية واليسارية الرافضة للمحاصصة قولا وعملا لمقاومة الطوفان المدعوم من أعداء العراق،آخذين بنظر الاعتبار الهدف الأسمى إنقاذ العراق من الانهيار والتفكك وتحويله الى أمارات متنازعة تتقاذفها الأهواء والمصالح الخارجية ،بعيدا عن الخلافات الجانبية والتجاذبات التي تضمحل أمام الهدف الأسمى لإنقاذ العراق.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |