المهجرون وقانون الانتخاب

 

خالص عزمي

 khalis_azmi@hotmail.com

هناك ثغرات واسعة في الدستور سبق لنا ان عالجناها في مقالات كثر، و ان تلك الثغرات ادت الى احداث كل تلك التناقضات الظاهرة بوضوح في القوانين المستندة اليه؛ وبخاصة تلك المواد المتعارضة ما بين الواقع الفعلي وبين ما هدف اليه المشرع من تشتيت للنسق القانوني الموحد ما بين صيغة التقنين وشكلية التدوين، بحيث ادى ذلك الى تفكيك قواعد الالتزام بالنصوص وجعلها في فضاء مفتوح من التراخي والاستهتار، وقد سهل هذا الدافع المتعمد على التمادي في امكانية التلاعب بها عند التنفيذ بعيدا عن القواعد الدستورية التي توجب التقيد بهاواحترام قدسيتها .

 وقد وضح هذا التجاوز علنا عند تطبيق المادة الدستورية (49) بشأن نسبة المقاعد (مقعد واحد لكل 100000 نسمة) . حيث تنص المادة ذاتها على ما يأتي :

المادة 49 ـ أولاً ـ يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة من نفوس الشعب العراقي .. الخ )؛

 ان هذا النص الملزم لايمكن لاي قانون ان يتجاوزه . لكننا نرى ان قانون الانتخاب الذي صوت عليه مجلس النواب بالصيغة الجديدة، يهمل النص الدستوري اعلاه ويخصص (5 %) من المقاعد للمهجرين الذين يبلغ عددهم (ثلاثة ملايين) بموجب الاحصاء الرسمي من قبل وزارة الهجرة والمهجرين .، بمعنى آخر ان عدد المقاعد التي ستخصص لهم لاتتجاوز باية حال الثمانية مقاعد، في حين لو طبق النص الدستوري بموجب المادة 49 ( أ ) لكان يتوجب تخصيص ثلاثين مقعدا لهم وهو استحاق لهم لايمكن التلاعب به .

 دعونا نفترض ان كل المهجرين ما زالوا يسكنون في العراق فهل كانت تلك النسبة من المقاعد تتفق مع نص الدستور وبالتالي مع قانون الانتخاب ذاته ؟ ولنتساءل ما علاقة المكان بحق تقليل نسبة عدد المقاعد ؟ خاصة اذا كانت المادة من ذات الدستور تحدد بشكل لايقبل التأويل، ان مقعدا واحدا لكل مائة الف نسمة من العراقيين ؟! وألا يعني تحديد النسبة باقل من ذلك : هو الغاء لنص المادة التي تقول بأن العراقيين متساوون بالحقوق والواجبات ؟

ان المهجرين الذين أجبروا على ترك سكناهم واعمالهم ومرابع عيشهم، وباعوا كل ما يملكون لكي يعيشوا في الغربة ببؤس وشقاء، هم احق بالتعويض من غيرهم على معنويا على الاقل : ولكن يبدو ان الاجحاف الذي لحق بهم في وطنهم ما زال مصرا على ملاحقتهم وتجريدهم حتى من ابسط الحقوق التي كفلها لهم الدستور .

ان التصدي لمثل هذا الغبن وتعديل مساره بما يساوي ما بين العراقيين سواء أكانوا في داخل البلاد أم خارجها، يعتبر من ابسط الواجبات التي تحتم على اصحاب الرأي من حملة الاقلام الشريفة الوقوف تجاهه بحزم بغيةأعادة الحق الى نصابه بكل الوسائل القانونية والاعلامية المشروعة و من خلال شتى السبل ( المسموعة والمقروءة والمرئية ) .

ولا يعتبر مثل هذا التصدي المشروع ميلا الى جهة دون اخرى او تحزبا لفئة دون اخرى ، ولكنه موقف وطني صائب يتماشى بكل صراحة ووضوح مع النص الدستوري الذي يساوي ما بين كل العراقيين في الحقوق والواجبات ، ومنها هذا الحق الذي لالبس فيه والتي نصت عليه المادة (49 ) من ذات الدستور .

 ان الرجوع عما سبق لمجلس النواب ان صوت عليه ، لايعتبر تطبيقا لقاعدة اخلاقية معروفة تقول (الرجوع عن الخطأ فضيلة)، بل ان مثل هذا الرجوع واجب قانوني يقوي من مبدأ صارم يضع حد ا للاستهتار بالنصوص الدستورية خاصة تلك التي تتفق ومباديء حقوق الانسان وقواعد القانون الدولي

 وذكــّـر : تنص المادة 7 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في 10 كانون اول 1948 على ما يأتي :

كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com