ليس صحيحا لاعلاقة بين الماضي والحاضر، بين الصحراء العربية الشمال أفريقية، ليبيا وخيمة المعمر بالسلطة الليبية لأربعين سنة حتى الآن، عميد الحكام العرب و(القذى في) العين وصبر (الجمال) الجميل و(طائرة) لوكربي التي تتهم الجفوة وزمن الثورة وحرق الكتب في الساحة الخضراء في طرابلس الغرب، ولجوء الشاعر العراقي "مظفر النواب" إلى السفارة الليبية هربا من قبرص ولبنان إثر ملاحقته، وما زال يحمل جواز السفر الليبي، وما زال يطير لعلاج عينيه، ليقرأ مكتبته المنقولة من ليبيا في دمشق الشام، حيث يقيم، وليس صحيحا أن مظفر النواب الرافض دون أن يستثني أحدا، يكذب في شعره الأجمل عندما يهجو الإحتلال ويرفض دخول وطنه العراق ولو زائرا في ظل ذل الإحتلال، ولا يدخل عراقه الذي أحب من بوابة أربيل شمالي العراق حيث كان (النواب) قبل عقود طويلة يقيم أصلا شمالي العراق أيام الحزب الشيوعي العراقي، بل يعود من بوابة بغداد، كما يوكد، وهو صادق كما في شعره، وفي نثره وتعليقه هو الصدق بعينه خلو من الإسفاف.

لم يحظ بمثل ما حظي به ناثر مسف مؤسف ولاشاعر نحسبه ضمير الشارع، كما حظي صاحب هذا الخبر: قال مقربون من الشاعر النواب انه رفض قبل فترة وجيزة جدا عرضا من الرئاسة العراقية الحالية بمنحه جواز سفر عراقي (دبلوماسي) كما رفض الحصول على جواز سفر عراقي في ظل ذل الإحتلال كما نقل عنه رغم انه من أشد وأصلب المعارضين ليس فقط للنظام العربي الرسمي، لكن لتسلط المسف المؤسف صدام المقبور.

تقدمت حكومة المالكي في بغداد قبل فترة وجيزة بعرص خاص وصل إلى الشاعر النواب بتأمين طائرة خاصة له كي يعود إلى العراق أو يزوره متى شاء، لكن الشاعر رفض العرض أيضا.

واكد شعراء عراقيون يقيمون في دمشق ان الرئيس العراقي "جلال طالباني" - وهو صديق قديم وشخصي للنواب وكان يلتقيه عادة في مقاهي دمشق - إلتقى مؤخرا بنخبة من الكتاب والمثقفين والشعراء العراقيين تجمعوا في "أربيل" على هامش منتدى ثقافي وسألهم: لماذا برأيكم لم يحضر معكم صديقي النواب؟!.

وطلب (طالباني) من الشعراء الحاضرين نقل السؤال لصديقه القديم، وعندما نقل الأمر للشاعر المعني طلب النواب إرسال جواب على سؤال طالباني: لن أدخل العراق في ظل الإحتلال الأميركي، ولن أدخله من بوابة أربيل بل من بوابة بغداد، ومن الواضح ان جواب الشاعر النواب نقل بحرفيته لمقر الرئيس طالباني.

وتأسيسا على أن ليس صحيحا، لا علاقة بين الجمال وصبر السيد الحر الحرف إزاء إسفاف التعليق الخلو من الكياسة النثرية والرصانة الشعرية، وتهافت تحليل إدرار الجمال -.الرجوعي بطبعه -!، مادم علم التحليل النفسي بذاته، مازال يحبو ، ولطالما تنطع طفلا!!.

لقد تعلم عميد الحكام العرب مذ ذاع (القذى في 1969-2009م)، حرق الكتب، باستثناء كتابه الأخضر الذي وضعته لجنة تأليف السيد الرئيس، و(الإستثناء متصل) بحرق الفوهرر"هتلر" (بالآرية الفارسية: رهبر!)، للكتب باستثناء كتابه "كفاحي"!، وحرق "ماو تسي تونج" في صين الثورة الثقافية في القرن العشرين، للكتب باستثناء كراريس ماو الصفراء.

لا استثناء منفصل، ولا (أثري) حسب مدرسة نحاة البصرة، ولا (آثاري) حسب نحاة الكوفة، في نقل المحلل النفسي النمساوي الأصل "فيلهلم رايتش" (1897 - 1957م)، خدماته بين مدارس البطريركية، والبرجوازية، و النازية؛ إذ كان Wilhelm Reich في مقتبل حصاد العمر المر، طفلا قلقا فقد والديه فانخرط بسلك الجندية النمساوية في الحرب الكونية الأولى ليعود بعد أن وضعت الحرب أوزارها لدراسة الطب في جامعة
"فيينا" ولينهي سنوات الدراسة الست زحفا في أربع، تحت شعار زعيمنا الفوهرر إلى الأمام!.

آنذاك كان التحليل النفسي الفرويدي يسعد ويصعد باضطراد طردي مع صعود الرايخ الثالث، ومع تحية: "هايل هتلر!!"؛ فأضحى الطبيب Reich محللا نفسيا، بيد أنه خلافا لأستاذه اعتنق الماركسية، واعتبر أن مصدر الكبت الجنسي الموصول بمادتنا السابقة "أول شاعرة في التاريخ عراقية"!، كانت مثالب مناقب البورجوازية والبنى الاقتصادية الاجتماعية التي تنتجها.

لكن Reich، عام 1928م انضم للحزب الاشتراكي الديمقراطي النمساوي ثم عام 1930م إلى الحزب الشيوعي الألماني لدى انتقاله إلى العاصمة برلين، انتهى في دراسته لظاهرة النازية الصاعدة في كتابه سيكولوجية الجماهير للفاشية، الذي صدر عام 1933م، إلى أن الفاشية كانت عرضا للكبت الجنسي وأدان أيضا شيوعية العصر السوفيتي بصفته عصرا وسيطا تسلطيا وسوطا بطريركيا، فطرده الحزب الشيوعي الألماني من تنظيمه إثر صدور كتابه.

ولدى تسلط النازية حظر كتابه فهرب من وجه الفوهرر، فورا! متخفيا بصفة سائح إلى النمسا المجاورة ثم إلى اسكندنافيا ثم قبل 8 عقود عام 1939م، إلى الولايات المتحدة الأميركية، ليتحمل مع المسرحي الألماني الشهير "بريشت"، نظرات CIA الريبة، وكانت كتبه بين كتب المؤلفين من غير العرق الآري النقي المعادين لروح الشعب الألماني، التي أحرقها النازيون في حفلهم الشهير!!.

عام 1934 طرد Reich أيضا بسبب أفكاره الراديكالية من الجمعية السيكولوجية العالمية. في أميركا طبعت كتبه جلها مجددا جذريا لتعديل وتخفيف فكرها الراديكالي السابق، مثلا أحد أهم كتبه الجنس في الصراع الثقافي الذي حمل عنوانا فرعيا نحو إعادة بناء اشتراكية للبشرية الذي صدر أول مرة عام 1936م، عدل عنوانه عام 1945م في الطبعة الانجليزية لـ الثورة الجنسية ، واستعيض فيه عن رفضه القاطع لمؤسسة العائلة في الطبعة الألمانية بموقف أكثر تسامحا تجاه العائلة.

في مرحلة لاحقة من مهجره في أميركا افترض Reich أنه توصل لاكتشاف نوع من الطاقة، سماه Orgone، اعتبره الطاقة الكونية الأولية، وافترض أنه موجود خلل الأثير، واخترع أجهزة لتركيز هذه الطاقة لمعالجة الأمراض التي افترض أن سببها فقدان هذه الطاقة.

بسبب ماضيه الشيوعي استجوب مكتب التحقيقات الفيدرالي Reich عند قدومه إلى الولايات المتحدة قبل أن يتوصل FBI إلى أنه لايشكل خطرا على أمن الولايات المتحدة، لكن وكالة الغذاء والدواء الأميركية دخلت في نزاع قانوني معه بسبب أجهزته لتركيز طاقة Orgone، وعندما رفض الدفاع عن نفسه في المحكمة، صدر قرار قضائي بمنعه من نشر أو بيع تلك الأجهزة، وأي مطبوعات عن الطاقة التي زعم اكتشافها، و
بسبب مخالفته هذا الأمر القضائي، حكم عليه بالسجن لمدة سنتين!، لرفضه ثانية مناقشة نظريته، معتبرا المحكمة ليست المكان المناسب لهكذا نقاش.

بعد أكثر من عقدين من حرق النازية أول مرة كتبه 1956م، حرق موظفو هيئة الغذاء والدواء عدة أطنان من كتب Reich وأوراقه في 26 حزيران 1956م، وكرروا ذلك في مناسبتين أخريين.

توفي Reich أثناء نومه في السجن قبل أيام من استحقاق الموعد الذي يمكنه فيه أن يطالب بإطلاق سراحه بسبب قصور في القلب. القوى التي انتقدها، على اختلافها، لاحقته بضراوة، بسبب انتقاده لها. مما قاله Reich أثناء محاكماته في الولايات المتحدة: إنني أطالب بحقي في أن أبحث في الظواهر الطبيعية دون أن تكون هناك مسدسات موجهة إلى رأسي. وأني أطالب بحقي في أن أكون مخطئا دون أن أشنق بسبب ذلك !.

فهل عرف الجمل أنه يجتر لحفظ نوعه في واقعية صحراء بلا ضفاف؟، وأنه يفرش خفه على رمال محرقة متحركة على وقع حافر التناص، فلا يخرج عن النص؟، كما يفعل الشاعر في إسفاف نثره وتعليقه المؤسف على شبكة الإنترنت؟!، ألا ليت (الحاسب الآلي) أمسى عنق ناقة، وأسحر ذنب الناقة أنفها وأنفتها.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com