|
سلسلة المباحث العرفانية ج2 ح7 .. أسفارٌ في آلأسرار
رافقت آلتطورات العلمية التي وصل إليها الانسان خصوصاً خلال آلقرن آلماضي حلول مساحة كبيرة بين ما يجب أن يكون عليه آلانسان كإنسان وبين ما هوكائن، وهي مساحة كبيرة فيما لوعرفنا حجم المحنة آلوجودية، وعمق الأنفعالات المريرة آلتي يعانيها إنسان آلألفية الثالثة . وهوليس سوى مقدار الفراغ آلذي تعانيه ثقافتنا ؛ ومقدار الظلم المبرمج الذي أصاب الأنسان ليكون نفسه جزءاً منها شاء وابى، وإستفحال ذلك ناشئ عن غياب آلرؤية الأنسانية آلروحية آلشاملة كصمام أمان لحفظ آلتوازن بين آلجانب المادي والروحي ومنع طغيان جانب واحد من الأتجاهين آلديناميين في وجود الأنسانا، وإنّ آلمعادلة آلأصعب في حفظ ذلك التوازن برزت حين أحاط بالانسان ذلك الكم الهائل من التكثرات والتكسرات في الأشياء وآلأحداث ومن كل جانب ومكان . في حلقتنا هذه نسعى لبيان الطاقة الروحية آلكامنة في الأنسان ومكانته في الكون، من خلال تجربتنا ونتائج النظريات العلمية آلاخرى المتعلقة بالموضوع . بشكل منهجي وشامل، ففي أعماق كل ظاهرة صوت لحقيقة الأنسان وأسراره الخافية، ذلك أننا لاحظنا مع مرور الزمن وتقدم التكنولوجيا أن ضغوط الحياة والواقع قد أثقلت كاهله وكسرت قوته آلحقيقية في جانب وقوّته في الجانب المادي أكثر ! فقد أورد آلقرآن الكريم، بأن الله نفخ في الأنسان من روحهِ، وأودع فيه الأسماء آلتي تُعتبر أسرارَ ومفاتيح آلوجود، ثم جعله خليفة لهُ في الأرض، وأمرَ آلملائكة آلعظام بالسجود له، وسخّر لهُ ما في آلسموات وآلأرض، وجعلها تحت أمرتهِ، وأكثر من كل هذا مهّد له طريقاً كي يكون مثلهُ (1), فما هوالسر في قدرة آلروح (Power of soul)؟، وما هي القدرات آلتي تكتنزها؟ وهل العلم الحديث (New Science) توصّل إلى كنهها؟ لم اتحقق من مدى إطلاع "كارل كاسبرز"(Karl Jaspers) (2) على رؤية العالم العارف سعدى الشيرازي ألذي تحدثنا عنه في الحلقة السابقة؟ لكن هذا العالم آلذي عاصر فطاحل العلماء الغربين وفاقهم خلال عصر النهضة الأوربية الكبيرة أكّد أيضاً بالقول : ( أن التأريخ من أوله إلى آخره يومئ إلى نفحة روحية تنساب عبر الأجيال، ولولا هذه آلنفحة لأنعدم كل معنىً للتأريخ) . وفي الوقت آلذي يرى البعض أن التأريخ ليس إلا فوضىً من الأحداث آلتافهة يجد البعض الآخر أنه سجلاً للجرائم والحماقة وخيبة الأمل، ودليلاً على آلحروب والمآسي .. فأننا ننظر إلى هذا التأريخ بمجمله يهدف النفاذ إلى غائية سارية في تعاقبه، ونحاول إلتقاط المغزى المتبرقع بالأحداث، حيث يأخذ كل مظهر للحياة والوجود ؛ بدءاً بالحشرة المجهرية وإنتهاءاً بالأنسان, ومن بسمة طفل إلى وهج حرب نووية - موقعه آلفاعل في إنجاز برنامج يُنفّذ بحذافيرهِ وطبقاً لخطة مرسومة سلفاً تستهدف الأنسان أولاً وآخراً(3) منطلقاً من هذه آلفكرة آلمتفائلة في تسليط الضوء على ثلاثة محاور : آلأول : لفهم طغيان آلثورة التكنولوجية، بعد ما إتّخذ آلعلم صفة آلتجريبية، وكوني مُهندساً أيضاُ فأنني لا أنظر لهذه الثورة نظرة سلبية عقيمة رغم كل إفرازاتها، بل أنظر إليها كتطور طبيعي لفكر الأنسان آلذي تطور بشكل كبير بعدما عبرت مرحلة الفطرة ثم آلفلسفة ثم الدين ثم التكنولوجيا كنتيجة لسعي آلأنسان آلأوربي بعد ما لاقى من آلأذى والحيف على يد رجال آلكنيسة بالتعاون مع الآباطرة آلمفسدين خلال آلقرون آلوسطى، إلاّ أن تلك التطورات والتحولات كان ينبغي بها أن تنساق كحلقات متوالية ضمن الاتجاه المعرفي للأنسان وتطوره آلطبيعي بما يضمن له آلسعادة وآلحرية والكرامة، لكن أصحاب الشركات والبنوك العملاقة سببت الحروب آلأستكبارية للهيمنة على مقدرات وخيرات آلأمم لتؤدي إلى تفرّد المنظمة الأقتصادية العالمية بالحكم وآلتي أدّى منذ بداية القرن الماضي وبعد آلحرب العالمية الأولى والثانية ثم الثالثة آلتي نعيش أوارها اليوم(4) - إلى إستتباد آلقيم الوحشية لرأس المال والأستهلاك، وهي قيم كما عبّر عنها "محمد عبد آلهادي حيدر"(6) ؛ "على شاكلة الآلة، وبنوع صلابتها وملمسها . وتوضحت أسس جديدة للأخلاق على أنقاض القيم الأدبية والخلقية آلتواصلية"، وإن "الحِكَم" الجديدة مثل قولهم : " إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب" و" آلغاية مهما كانت تبرر الوسيلة" تعكس بجلاء صورة آلأنسان آلوحشي آلجديد، وعلى الأنسان أن يحدد سلوكه وفقها حيث لم يبق أمامه طريق بعد أن طرح وراء ظهره أخلاقيات الدّين لعدم فاعليتها في توفير الأمن، وسط سوقٍ يحكمه قانون البقاء للأقوى (5) . فقد تأقلم آلناس مع العلم التجريبي بعد تزاوجه مع المال، مما أدّى إلى تقهقر .. إن لم نقل إنجماد نسبي لدور الفلسفة وآلعرفان آلتي تبحث في معنى آلوجود وسعادة الأنسان .. ليأخذ الأمر أبعاداً في شتى مناحي آلحياة بعد ما أجريت محاولات حثيثة لتكون بديلاً عن آلعقل وآلعاطفة وآلشعور وكلّ ما يتعلق بالبعد آلباطني وآلروحي للأنسان . ورغم كل هذا فقد قدم العلم آلتجريبي أدلة محكمة في مجال النسبية وآلأثير وآلأهتزاز وآلأمواج وآلطيف وآلضوء وآلطاقة وآلروح وعلاقة الزمان بالمكان، وكلها موضوعات تتعلق بالعلوم آلروحية بعد ما حولته من مستوى آلظن إلى مستوى اليقين كدلالة على آلأيمان وآلأنحياز آلواعي، وكان هذا سبباً لأيمان الكثير من آلعلماء آلماديين أنفسهم بدعاوى العلم الروحي (Spiritual development) كوول ديورانت، وآينشتاين وشوبنهاور وديكارت وحتى نيتشه آلذي إشتهر عنه خطأ مقولة " لقد مات الله" حيث لم يكن يقصد ما تصوره الناس، بل بالعكس كان يدعولئن يرتقى الأنسان ليكون مثلاً أعلى في الوجود ! وكذا وول ديورانت الذي صرخ متعجباً في مؤلفه " مباهج الفلسفة" : " أ هوآللاهوت قد أعيد "(7) . نعم أنها الروح التي وجدت لتخلد إلى الأبد، لكنها لا تخلد إلا بالعشق والمحبة ! ألثاني: من خلال آثار الثورة التكنولوجية وثمرتها القنبلة النووية، وما خلفتها من كوارث ومآسي عندما تفردت تقريباً بالحكم في مسيرة الأنسان بعد أن جلبت آلغرور والتكبر للذين سيطروا على مقدرات العالم، ولذلك قامت قيامة المستكبرين عندما أرادت آلدولة الأسلامية إستخدامها في المجالات السلمية فقط من دون المجالات العسكرية، لتبقى متفردة بالحكم في العالم ! لقد كان لهذا الواقع إستحقاقات مؤلمة، وهذا لعمري تعبيرٌ دقيق وأصيل لشعور مبهم إكتنفت البشرية وفرض نفسه على الجميع تقريباً عندما إندفعوا بشكل لا إرادي متصورين أن ما حصل في عالم اليوم كان أمراً محتوماً بل ولازماً ! إن المشكلة الأساسية بالنسبة للأنظمة المادية تتمثل في معارضتها للطبيعة البشرية, وحسب قانون ماسلو(Abraham Maslow) للتسلسل (Moslow rule of hierarchy) : "فأن لدى الناس إحتياجات أساسية فسيولوجية كحاجتهم إلى الطعام والشراب والمأوى والجنس ... إلخ وأحتياجات نفسية سيكولوجية كتحقيق الذات وإحترام الذات، وهي إحتياجات روحية وضعها موسلوفي قمة هرم السلطة . فبعد أن يتم تأمين الأحتياجات الأساسية على نحومرض, تصبح الأحتياجات النفسية والروحية ألعوامل الأكثر أهميةً . أما بالنسبة لأصحاب الثراء آلفاحش، فأن الأموال تصبح وسيلة لمقياس آلنفوذ وتحقيق النجاح وهي أحتياجات ثانوية ولكنها بالنسبة للسواد الأعظم من الناس ما تزال الوسيلة لتحقيق إحتياجاتهم الأساسية"(10). أن معاناة الأنسان الفرد هي نفسها معاناة آلمجتمع ككل ... لا يختص بأمة دون أخرى، ومجتمع دون آخر، لذلك فان آثار وإنحرافات هذا آلنظام شملت آلجميع في يومنا هذا، حيث إستجمعت جميع المآسي وآلظلامات آلتي تجرى بشكل قهري بعد أن أهملت عملياً آلبعد آلروحي في الأنسان رغم إقرار آلعلماء به وتخوفهم من حدوث كوارث لا تحمد عقباه، بسبب تسلط أصحاب آلمال وآلشركات آلعملاقة على مقدرات آلبلاد وآلعباد. ممّا يستلزم من آلجميع آلانتباه وآلتأمل آلواعي في أعماق وجذور هذه الكارثة، كي ننهض من جديد مُتخذين مساراً لا موازياً ولا متقاطعاً مع آلحالة آلتي أوشكنا آلاستقرار عليه وقبوله ... ولنكتشف من جديد .. مع آلأخذ بنظر الأعتبار تقدّمنا آلعلمي وآلاجتماعي - حاجتنا آلحقيقية لما فقدناه من إنسانيتنا وكرامتنا وأخلاقنا، وآلأهم قبل كل شئ هوإدراكنا بأننا نواجه محنة فرضت نفسها بقوة مادّية قاهرة إستسلم امامهُ أكثر المجتمعات الأنسانية وباتوا لا يعرفون كيف آلخلاص منه !؟ وأن كل ما يحدث حولنا ما هوإلا عبث في عبث بسبب آلتكنولوجيا آلمجنونة التي لا تزيدنا كقوةٍ أحادية في حياتنا سوى بعداً عن آلسعادة ... وما كان كلّ ذلك ليحدث لولا أننا لم نكن نُفكر .. ولم نكن نحترم أهل الفكر وعلى رأسهم الانبياء والمرسلين ومن ناب عنهم حتى يومنا هذا !؟ على الانسان أن يخلع هذا آلثوب الذي لم يكن على مقاسه .. ولم يكن ملائماً لطبيعته، ليدخل صومعة آلعارف آلمدرك لحقيقة الوجود، فالآلام هي نبع آلعبقرية وآلأبداع . ولا شئ يجعل الأنسان عظيماً مثلما آلأحساس بآلألم، ولا يستثنى من ذلك أحداً في مجتمع آلحضارة آلقائمة آليوم وآلتي إنهارت فيه قيم آلعدالة وآلأنصاف وآلمحبة وآلعشق. إنني أرى أن آلنظرية آلمادية آلأحادية آلجانب بدأت تلفظ أنفاسها آلأخيرة مع ولادة آلعصر آلذري بعد تفكيك آلذرة إلى أجزاء مُتناهية في آلصغر كالأليكترونات وآلبروتونات وآلنيوترونات، فقد برهن آلعلم على أن تلك آلجسيمات ما هي إلا شُحنات كهربائية يُمثل آلألكترون قطبها آلسالب والبروتون قطبها آلموجب وآلنيوترون متعادل آلشحنة (11) . وكلّما دققنا في تفاصيل مُكونات آلذرة بإعتبارها أصغر حيز في بناء آلكون نصل إلى حدّ آلفناء لإحتوائه على صغره حالة الكون آلكبير شكلاً ومضموناً، أي فقدان صفة آلمادية في آلمادة كأساس في وجودها، وأهمها آلثقل آلذي يتعلق بالكثافة وهي التي تميز آلمواد ظاهرياً عن بعضها، ومن هُنا تتحول آلمادة ككتلة صلبة إلى طاقة وشحنة كهربائية كجوهرٍ للمادّة، لذلك يصح أن نسمي حقيقة كل آلموجودات بالطاقة وآلشحنة وبتعبيرٍ أكثر دقة وعلمية وواقعية بالرّوح . إن نظرية آينشتاين آلنسبية هي آلأخرى تدعم ما ذهبنا إليه عندما أعطت فهماً جديداً للمادة مُعتبرة أي جسم يتحرك بسرعة الضوء (299793,5كلم \ ثانية )(12) فاقدةً للكثافة بعكس آلكتلة التي تزيد طردياً مع آلسرعة ليكون مجرد شعاعاً (Photo)، أما آلأحداث آلبطيئة (ألمرئية) آلتي نلمسها ونشخصها بالعين المجردة فهي بسبب قلة آلسرعة في ذراتها فنسميها بالمادة، ولعلّ هنا يكمن فهمنا لفرق آلروح المتألقة بسرعات تفوق سرعة آلضوء والوجودات والكيانات الأخرى آلموجودة أمامنا وآلتي نعبر عنها بالمادة بكثير . لكني أجهل تماماً إلى آلآن كيف أن هذا الكم آلهائل من الطاقة إستجمعت في وجود الانسان؟ إنه سؤآل كبير حريّ بنا أن نتأمل فيه كثيراً وعميقاً ! وقد أشار لهذه الحقيقة عالم آخر لكنها لم تكن بالشفافية التي ذهبنا إليه، وهوأحمد فهمي أبوالخير في كتابه ظواهر آلطرح آلروحي بالقول : " لقد هزلت آلمادة وأصبحت آلذرة غير مادية، لقد أصبحنا في آلكون نفقد صفة آلمادية شيئاً فشيئاً على كل صعيد رغم غفلة الأنسان عن ذلك، بل أننا نرى آلفيزياء قد هجر ذلك آلمنحى وآلمدرك آلكلاسيكي آلخاص بالمادة، ولم يعد ثمة فرق أساسي بين آلموجات آلكهرومغناطيسية وآلضوء وآللون وآلحرارة وآلأشعاعية . فهي كلها قابلة للتبادل وآلتحول" . لقد إتفق جميع آلعلماء أن آلطاقة ليست سوى صفة بيولوجية لظواهر كهربائية، وحتى آراء آلأنسان نفسه يستطيع إظهارها عبر تيارات كهربائية وموجات مرسومة على شاشة مادّية . كما عبر (بينت) عن آلروح بعبارة لطيفة قائلاً : ( لقد أصبح من الواضح عند الطبيعيين أن المادية أمرٌ نسبي، ومن المحتمل أن تكون آلخصائص التي كان ينظر إليها في الماضي بوصفها خصائص روحية مثل آلأحساس والتفكير والوعي ليست سوى حالات وصيغ جديدة للمادة). كما إعتبر (وول ديورانت) ألحرارة وآلضوء وآلكهرباء وآلطاقة آخر مراحل آلمادة قبل أن تنتفي في الأثير . ويعتبر إكتشاف نظرية آلأهتزاز وما نُعبّر عنه في علم آلكهرباء(Electricty) بالذبذبة (frequency)، أي سرعة حركة الموجات آلكهربائية (Electrical Waves) وآلتي تزامن كشفها مع إكتشاف آلتيار الكهربائي ؛ (Current) وآلفولتية ؛ (Voltage)- يعتبر ثورة كبرى في أبعاد عالم آلوجود لما له من أهمية في تقويم وإرشاد الفكر آلأنساني . ومنذ ذلك آلحين بدأ يُنظر إليها كتعبير خارجي لعالم جوهري أصيل ومبدع ... في إشارة علمية منطقية إلى آلمنشأ وآلمبرر للوجود وآلكون .. وهذا ما يوضّح لنا آلعلاقة بين آلفكر وآلمادة، وحقيقة "كن فيكون" آلتي إختصّها الله تعالى بالعرفاء كرامةً لهم، بعد ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه . وهوأمرٌ ليس بالصعب وآلمستحيل كما قد يتصوره آلعلماء آلتقليديين ! فلوإستطاع الأنسان معرفة آلحد الفاصل بين "ضبابية" آلمادة ومحدوديّتها وحقيقة "آلمكون" ألمُوجد وآلمُحرك لها .. فأنّه سيكتشف بسهولة ويُسر علاقة آلفكر بالمادة . وسنبحث آلموضوع بعد آلأشارة إلى حقيقة آلتذبذب وآلطاقة آلأثيرية وآلقوى آلخافية ورائها في آلوجود أنشاء الله، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله آلعلي آلعظيم . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عبدي أطعني تكن مثلي تقول للشئ كن فيكون - حديث قدسي. (2)كارل كاسبرز (1883- 1969(Karl Jaspers هوأحد فلاسفة ألمانيا آلمعدودين في القرن العشرين، وإذا كان إسم زميله هيدغر قد غطى عليه إلى حد ما، إلاّ أن المتخصصين بتأريخ الفلسفة يعرفون قدره وأهميته . ينتمي إلى التيار المؤمن في الفلسفة آلوجودية، في حين أ هيدغر كسارتر ينتمي إلى التيار الملحد بعد أن كان مؤمناً، بل ولاهوتياً في بداية حياته، ومهما يكن من أمر فأن المناقشة آلتي إخترقت الفكر الأوربي منذ بداية آلعصور الحديثة كانت هي مناقشة آلعلاقة بين العلم والأيمان، والفلسفة والدين، والبعض يحاول حصر المناقشة الكبرى في خيارين لا ثالث لهما : إما مؤمناً تقليدياً رافضاً للعلم والفلسفة، وإما أن تكون ملحداً رافضاً لكل إيمان بالغيب . أما كاسبرز فقد فضل أتباع آلخط آلثالث : أي خط الوسط آلذي يجمع بين العقل والأيمان، والعلم والدين . (ويكبيديا - الموسوعة الحرة) (3) لقد أشار بشكل مبسط لما توصلنا إليه آلفيلسوف مرتضى المطهري والفيلسوف محمد حسين الطباطبائي في ثنايا بعض مباحثهم، كما أشار لذلك الفيلسوف محمد باقر الصدر إشارة بسيطة أيضاً في بداية كتابه الصغير الكبير في مغزاه "بحث حول المهدي" لهذه آلظاهرة أيضاً. (4) إعتبرنا آلحروب الأخيرة في منظقة آسيا ومنها الحروب الخليجية خصوصاً بعد أنتصار الثورة الاسلامية والصحوة آلتي رافقت مستضعفي العالم ضد تيار العولمة التي تريد أغناء آلغني وإفقار الفقير - حرباً مصرية قد تتعدى في أبعادها ونتائجها ومدياتها آلحربين العالميتين السابقتين, وستبقى مستمرة يحركها العامل آلاقتصادي. (5) عبر "هوبز"عن هذا آلوضع بقول حكيم : " بدلاً من المجتمع لا يوجد سوى صفقات ومعاملات، وبدلاً من البشر المبدعين آلعاطفيين آلأجتماعيين لا يوجد سوى حيوانات ذات غرائز أساسية، وبمعنى أدق : آلات حاسبة عاقلة". (6)حيدر, محمد عبد الهادي . (عالم الأرواح)، ص24. (7) نفس المصدر آلسابق . (8) وليز هارمن (Willis Harman)، راجع كتاب لا للرأسمالية (نذر آلعولمة) لعبد آلحي زلوم ص 388،ألمؤسسة العربية للدراسات وآلنشر .ط2، 2000 . (9) روجر تيري - كتاب جنون آلأقتصاد (Roger Terry: Berrett-Koehler Publishers-1996). (10) يعتبر ماسلو(Abraham Harold Maslow, April 1,1908-June 8, 1970) من أشهر علماء آلغرب حيث أطلقوا عليه بـ (أب الأنسانية في الغرب)؛ (father of humanistic psychology)، وعلى آلرغم من أن كتبه ونظرياته آلعلمية حازت على شهرة واسعة بحيث صنفت لجميع المناهج آلدراسية منذ المراحل الاولى من المدرسة وحتى آلدراسات العليا في الغرب إلا أن النظام الأمريكي والكندي وآلأوربي لا يطبقان أكثر نظرياته بشكل عملي خصوصاً في الجانب الروحي وآلأجتماعي رغم أنهم يدرسونها كمنهج أكاديمي علمي . وتتلخص نظريته في مثلث ماسلوآلمعروف حيث يتضمن تحقيق بعدين في الأنسان : روحاً طيبة وإعتقاد أنساني ؛ (1- Eupsychian, 2- Assumption) للمزيد من آلتفاصيل راجع الموقع التالي : www.shkaminski.com/Classes/Handouts/Maslow.htm (11) لكي نتصور آلبناء الداخلي للذرة علينا أن نتخيل (نعم نتخيل) أننا لوجمعنا مائتي ألف إليكترون مع بعضهما كان ذلك بحجم الذرة، وأن قطر الأليكترون آلواحد يتسع ثمانية عشر ألفاً من البروتونات، بالأضافة إلى الفضاآت آلشاسعة آلتي تسبح فيها تلك آلمكونات . ونفس العملية بل بشكل أكثر تعقيداً فأنني عندما كنت ابحث احياناً في المختبر عن سر الكهرباء ومكوناته فأ أدق جهاز يمكنك أن تشاهد من خلاله حقيقة الكهرباء هوالأوسيلسكوب ؛ لكن أتدري ماذا يبدي لك الأوسيلسكوب؟ يبدي لك موجات كهربائية كخطوط مرسومة على شاشة تعبر عن مصطلحات وضعها البشر كالتيار آلكهربائي والفولتية والذبذبة ومُعاملاتها، لكنها في نفس الوقت حقائق لها آثارها في الواقع استطاع الأنسان أن يحولها إلى طاقة حركية وحرارية وضوئية، والعكس من ذلك تحويل الطاقة إلى كهرباء . لكن السؤال آلذي يلاحقنا حتى إلى هنا هو: ما هوالضوء؟ وما هي حقيقة الحرارة؟ وحقيقة الحركة؟ والطاقة آلمسببة نفسها؟ إن كل هذه الظواهر رغم أننا نلمسها ونعيشها بالتفصيل في حياتنا.. لكن أسرارها تبدومجهولة في نفس الوقت، فلا زلنا نجهل أبسط الاشياء كحقيقة آلزمن، وهل إنهُ يتجه إلى الأمام أم يرجع للخلف وأم أنه يدور في فلك ثابت كالساعة يتداخل معه عنصر الزمان وكنهه؟ ولعل الكثير من آلناس وحتى العلماء لا يهتمون لذلك، لكنها بنظري تُمثل حقيقة من أعمق وألطف حقائق آلوجود وسرّ الأزل . وأنا شخصياً أرى أن مُكوّنة تمثل حقيقتان متداخلتان في حقيقة ثالثة ومتوالية تجعل حقيقة الزمن قائمة بانتظام وحيوية، وتتحرك نحوغائية مرسومة من قبل صانع حكيم، رغم وجود إرادات وقوى أخرى بجانب ذلك لكنها صغيرة في أكثر مدياتها، لذلك لا تأثير لها في تلك الغاية المرسومة ما دامت لا تختار طريق العشق الذي وحده يغير مسار الكون والبشرية ليهدي الزمن إلى فضاآت تختلف عن هذه الفضاآت المليئة بالظلم والشهوات, بعد أن قهره الشيطان وزينه للمستكبرين والطاغين . (12) لقد أثبت القرآن الكريم هذه آلحقيقة قبل آينشتاين بأربعة عشر قرناً، كما ورد في سورة يونس \ آية 5، للمزيد من المعلومات راجع :
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |