محمود غازي سعدالدين
nelson_usa67@yahoo.com

نبدأ مقالنا بنكتة طريفة طرقت مسمعي قبل فترة وأصبحت هذه النكتة الطريفة واقع حال في مجتمعاتنا الإسلامية مفادها (أن احد الحجاج الموسرين من أصحاب العقارات والشركات ومحلات بيع الأجهزة كان قد حج بيت الله عدة مرات، واقفا في احد محلاته لبيع ألأجهزة الكهربائية يساعده في عمله أربعة من أبناءه في عملية البيع ثلاثة منهم يشتركون مع والدهم الحاج في جميع الأشياء من هيئة وأصول التعامل مع الزبائن وزيارات للحج باستثناء الرابع الذي لم يكن يشاركهم في ذلك، وفي إحدى المرات زار أحد الزبائن المحل ليبتاع احد ألأجهزة الكهربائية وانتهت العملية بشراء أحداها وعندما طلب الزبون من الحاج صاحب المحل أن يعاين الجهاز وتشغيله كونه بعيد عن موقع المحل قال له الحاج أن القوة الكهربائية غير متوفرة ألان ولكن بضاعتنا كلها في السليم 100%، وأنا أضمن لك سلامة الجهاز وأنا حاج لبيت الله ولي كلمتي وهؤلاء أولادي يشاركونني رأيي وفي حال وجود أي خلل يمكنك إرجاعه واستبداله بأخر ويمكنك ألاعتماد على كلامنا، فذهب الزبون بجهازه ليكتشف انه لا يعمل وعاد سريعا للحاج لتبديل الجهاز فما كان إلا أن قال الحاج انه نفى ولم يصرح بذلك ونفى أولاده أيضا وبهت الزبون !!

وبعد جهد جهيد تدخل الابن الرابع قائلا أنكم قلتم ذلك وأنا شاهد بذلك فبهت الحاج من قول ولده الرابع بعد أن أصبح أمرا واقعا، وقال له ما دام كذلك فليكن !!

استبدل أنت بنفسك جهازه وعاينه، وغادر الزبون مرتاحا من معاملة الابن الرابع، وعاد الولد إلى أبيه الحاج فقال والده له هل استبدلت الجهاز قال نعم، قال ف والله الذي لا أله إلا هو (إلا أرسلك للحج هاية السنة لتصبح مثلي ومثل أخوتك !!!!).

هذه النكتة ألقيتها في إحدى جلسات العمل في دائرتي التي مارست فيها عملي تدخل احد المراجعين حينها قائلا يا أستاذي لماذا تلقي علينا نكاتا كهذه هذا ما عايشته أنا شخصيا حيث قال أنا اعمل في محل للحلاقة منذ عدة أعوام كمستأجر وطوال هذه الأعوام لم تحدث لي مع صاحب المحل أية إشكالية إلا أن حج بيت الله وعاد ليقوم برفع ألإيجار إلى الضعف وأقام الدنيا ولم يقعدها وهدد برمي جميع حاجياتي إلى الشارع وما كان مني ألا أن أذعن لطلبه في حين انه كان على قدر عال من الثراء، وهذه الظاهرة مستفحلة وبأشكال عدة في مجتمعنا .

لسنا هنا بصدد طرح عدد من النكات والمواقف الطريفة بقدر ما نحن جادون في طرح هذا الموضوع، لنقول لقد أضحت فريضة الحج طقسا وتجارة تدر على القائمين على إدارة مناسكها من آل سعود ومن يروج لهذا الطقس المليارات من الدولارات سنويا، (ونؤمن إيمانا كاملا بأنها فرض من فروضنا نحن المسلمين لكي لا يزايد علينا احد في ذلك ولكني لا أؤمن البتة بحركات ودوران وجلوس وقعود مهما كان نوع هذه الفرائض وطريقة وموسم أدائها ولكن ليس بمعزل ودون ألابتعاد عن شكل وأصول التعامل الإنساني بين بني البشر الذي يأتي أولا) .

المؤسسات المنتشرة في كافة أنحاء العالم التي يدعمها آل سعود وتدر على العائلة (الكريمة على ألإرهابيين) المليارات من الدولارات ومن ثم دعم ظاهرة التطرف والترويج للإرهاب عبر خطباء ومشايخ السلفية والوهابية .

المفارقة في ألأمر أن هناك العديد من النواب العراقيين (سنة وشيعة) قد ارتأوا أن يؤدوا طقوسهم هذه السنة في وقت يعلمون هم جيدا الظروف التي تحيط بالعراق وشعبه والمآسي التي تحل عليه من جراء التفجيرات التي تديرها الآلة السعودية والبعثية وأذنابهم، لعل النواب أنفسهم قد ظهروا في عديد من الأوقات وما برحوا ليتحدثوا عن معاناة الشعب العراقي ومآسيه والفقر والعوز الذي يعانيه قطاع كبير من هذا الشعب المسكين، ولعل السادة النواب وكل منهم يمثل محافظة من محافظات العراق التي لو كانوا يعلمون وهم يعلمون بدون أدنى شك، أن جميع المحافظات العراقية تأوي داخل رقعها الجغرافية حالات مأساوية تدمى لها الدموع وتكسر القلوب ولعل مشاهد عوائل الضحايا والمعوقين وحالات البؤس والمرض والفقر و عوائل ضحايا الإرهاب والجرحى والمعاقين التي رصدتها بعض القنوات العراقية على قلتها وعددها الضئيل بالنسبة للواقع على ألأرض كفيلة بدعم ما ذكرته واذكرهم بالحكمة القائلة (إذا أردت أن تعرف امرءا فأعطه جاها وأعطه سلطة) والحمد لله لقد أوتي نوابنا ألاثنتين .

كان من الأجدر بهؤلاء النواب بل وغير النواب أن يتكفل كل منهم عائلة من تلك العوائل وتأجيل ما يسمونها حقوق الله عز وجل عليهم ومتناسين عباده، بحجة أداء فريضة الحج وإنفاق ما ينفقونه لتذهب إلى جيوب عوائل ومشايخ آل سعود ومن ثم تصبح سيارات وانتحاريين يفجر بها جسد الإنسان عموما في العراق (الشيعة منهم خاصة ) لاسيما أن الدولة السعودية ومشايخ ووعاظ السلطة لم يبخلوا بفتاوى وتصريحات في هذا الصدد في مناسبات عدة ( كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) ولمن أراد أن يطلع على أرصدة هؤلاء فله ذلك وبكل سهولة عبر مواقع شبكة الانترنت العديدة (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ) .

هل تناسى المسلمون عموما الذين يحجون بيت الله خاصة أن حق الإنسان على أخيه الإنسان اجل وأسمى من حقوق الله على عباده وخلقه الذي لم يخلقهم عبثا ليتآلفوا وينفقوا في سبيل المسكين واليتيم والفقير وان الله وسعت رحمته كل شيء ليدخل في رحمته من يشاء من عباده حتى من ترك فريضة من فرائضه كالحج بسبب إنفاقه وإعانة أخ له في الإنسانية يعاني ما يعانيه من فقر وعوز وأزمات تكاد لا تخلو منها أية بقعة ولو بصغيرة من بقاع أراضي المسلمين المتواجدين عليها.

المضحك المبكي أن هناك عددا كبيرا من الزوار الشيعة الذين يؤدون هذه الفريضة من العراق وغير العراق وما يهمنا هنا هو ما يمس شان العراقيين خاصة, لأننا نعتقد جازمين أن فريضة الحج التي أصبحت لعبة سياسية وسياسة شد وجذب بين السلطة الحاكمة في السعودية في كسب التأييد وحشد ألإعلام ضد الدور ألإيراني وولاية فقيهه الذي بات هو أيضا يتاجر على حساب العقيدة الأصلية لشيعة أهل البيت وعلى حساب معاناة الإنسان عموما وهذا ما نلاحظه في أن السلطات السعودية هددت بقمع الحجاج الشيعة (الغافلين) في حال تسييس هؤلاء الحجاج ما يسميه أمراء آل سعود بفريضة الحج تجلت هذه التصريحات خصوصا بعد أن طفت إلى السطح أزمة المتمردين الحوثيين (الشيعة) في اليمن .

لقد أصبح الحجاج الشيعة أداة بيد ولي الفقيه وغيرهم وهم لا يعلمون أنهم يرمون بالآلاف من الدولارات إلى جيوب أمراء الإرهاب عبر إرسال الآلاف من الحجاج والمعتمرين الشيعة لكي يقمعوا وتصبح في ألآخر صفقة ولعبة سياسية بين ولي الفقيه وأمراء آل سعود، الخاسر الأول والأخير وضحية نفاقهم السياسي هو ألإنسان عموما العراقي والمغربي والجزائري والاندونيسي والباكستاني والأفغاني ...

علينا أولا أن ندرك انه لن تنفعنا أية فرائض بدون الرجوع إلى القيم العليا للتعامل الإنساني ولا يغفل المسلمون إنهم قد يصبحون بشكل أو بآخر في النهاية شركاء وأدوات تمول بها آلة الإرهاب العالمي ويصبح كل حاج منكم شظية أو رصاصة أو سيارة مفخخة تقتل إنسانا بريئا في إحدى أرجاء العالم .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com