|
أزمة قانون الانتخابات وتداعياته ناجي الغزي نقض القانون أصبح قانون الانتخابات من أعقد وأصعب المشاكل السياسية التي واجهت الكتل والاحزاب السياسية في الوقت الراهن, حيث جعل المتابعين للشأن العراقي في حيرة لما يجري في الساحة السياسية العراقية المضطربة أحياناًً، والهادئة أحياناً أخرى منذ سقوط نظام صدام البائد. وقد خضعت أغلب الامور السياسية الى التجاذبات والتصادمات والمزايدات والخطابات الطوباوية أكثر من أن تخضع الى حوارات عقلانية وطنية هادئة تخرج البلد من محنته الحقيقة وترسم مستقبل للدولة العراقية الحديثة. وللاسف هناك الكثيرمن يثبت عدم قدرته للاداء السياسي الفاعل والناجح, ويفضل تعكير الاجواء لأحل كسب الاضواء من خلال خلق الإثارة والمشاكل التي تعيق تقدم البلد سياسياً وأقتصادياً وتنموياً. صحيح أن اللعبة السياسية في ميادين العمل السياسي تتطلب اللعب والضغط بالاوراق الرابحة لغرض تحقيق مكاسب وهذا من الدهاء السياسي. ولكن المرحلة السياسية العراقية التي يمر بها البلد وخاصة في هذه الايام الحرجة لاتتطلب ذلك لانها تشهد تطورات متسارعة على الصعيد الامني والسياسي. أضافة الى أن هناك أطراف أقليمية ودولية تتابع بكثب سير الأمور السياسية في العراق, وما تؤول لها الانتخابات وتداعياتها فهم يراقبون بلا تردد مشاهدة مسلسل قانون الانتخابات المثير للجدل تحت قبة البرلمان والذي طال الحدام والصدام عليه حتى خرج بولادة عسيرة ( مشوه الشكل والتكوين ) أمدها أربعة أشهر. وإن نقض القانون الذي تفجر على يد السيد الهاشمي لم يأت مفاجئة أومصادفة وبدون مقدمات، بل كان هناك سيناريو خفي أوشبه معلن أحيكت خيوطه وأحكمت مفاصله من قِبَل أعداء العملية السياسية المعروفين للقاصي والداني, والدليل إن النقض جاء في الساعة الاخيرة من السقف الزمني النافذ للقانون. والهدف هو تسويف الوقت وتخريج القانون من حلبة الزمن القانوني الذي يفصل بين اقراره وموعد الانتخابات, وبذلك فأن هذا التأخيرسيربك عمل المفوضية بسبب ضيق الوقت. وهناك سيناريو يطرح هنا وهناك, ينظر الى مرحلة مابعد فشل أقرار قانون الانتخابات وعودته للبرلمان هو إفشال وإسقاط حكومة المالكي.. لتتحول من حكومة دستورية الى حكومة تصريف أعمال. وتحويل الساحة العراقية بعد ذلك إلى فوضى سياسية من خلال الفراغ سياسي والدستوري والأمني الذي يحدث. والرجوع الى المربع الاول ودخول البلد في فوضى حزبية ومليشياتية وأغراق البلد في بحر من الظلام والدماء، لم يوقفها الإ مؤتمر الطائف، والشهود في مؤتمر الطائف اللبناني. لترسم السعودية دورا محورياً لها فى الساحة السياسية العراقية وتكون لاعباً مهماً ومؤثراً يوازي أو يزيد على المحور الايراني. وعندما نتحدث عن سيناريوهات خفية لايعني أن لاتغادر أذهاننا نظرية المؤامرة ورمي أخطاءنا على أطراف خارجية. ولكن حقاً هناك مؤامرة خبيثة تستهدف الى أضعاف العراق وتأخره أقتصاديا وسياسياً وعلمياً وتمزيق وحدة صفه الوطني. وتريد تلك الاطراف العودة بالعراق الى تناحر طائفي وقومي. وعلى الرغم من قرار المحكمة الاتحادية الذي أنقسمت عليه بعض الكتل السياسية بين مؤيد ومشكك والذي سيناقش من قبل البرلمانيين يوم السبت 21/11/2009 في جلسة برمانية حاسمة كما يقال, الا أن الكتل السياسية الاخرى عازمة على نقض النقض في تلك الجلسة والتصويت عليه كما جاء, وإعادته الى المجلس الرئاسي من جديد. وإذا تم نقضه فلا قيمة للنقض, والكتل السياسية الكبيرة عازمة على السير في الانتخابات لان النقض الاخر غير مؤثر حسب ماجاء في المادتين 31/ 6 و 137 من النظام الداخلي للبرلمان. أسباب الازمة أن أسباب الازمة التي يمر بها العراق اليوم هو صراع القوى السياسية الكبيرة المشاركة في السلطتين التشريعية والتنفيذية والتي تتحمل الجانب الكبير من الاخفاقات والازمات السياسية. لانها تعمدت على مبدأ التسويف المتعمد للوقت. وقد جاءت هذه النتائج كقراءة حتمية للفهم القاصر في الوعي السياسي وقصر النظر لدى الكثير من القادة السياسيين . وذلك لعدة أسباب: 1- عدم مناقشة قانون الانتخابات بشكل واضح ودقيق, ومعالجة فقراته ونصوصه بشكل وافي ومقنع للاطراف السياسية. 2- عدم منح القانون مداولة ومناقشة بوقت مبكرفي مجلس النواب. 3- حشر قضايا ومشاكل كبيرة ومزمنة في قانون الانتخابات " كقضية كركوك" مما جعل القانون يتعثربالمصالح الفئوية الضيقة ويختنق بعامل الزمن. 4- عدم الانفتاح على جميع القوى السياسية في الحوارات حول صيغة قانون الانتخابات الجديد. 5- عدم أدراك للكثير من القوى السياسية للقوانين والصلاحيات وأهمية القرارات. 6- عدم أدراك أهمية صلاحيات مجلس رئاسة الجمهورية ودوره في نقض القانون,علما الكثير ممن صرح أن المصادقة من قبل رئيس الجمهورية ونائبه عادل عبد المهدي يكفي لتمرير القانون والمصادقة عليه. وهذا دليل على الفهم القاصرو القراءة الخاطئة. 7- عدم أشراك طارق الهاشمي في الحوارات والنقاشات, التي شكلها المجلس السياسي الوطني لانه لايمثل إلا نفسه بعد أستقالته من الحزب. أعتقد أن العوامل المتشابكة في الخطابات والرؤى السياسية الخاطئة, وضعف وتردي الاداء السياسي والوظيفي للاطراف السياسية المتنازعة والمتصارعة أدت الى الدور الحاسم في نقض القانون؛ حيث اختلطت الأوراق بين المزايدات السياسية وكسر الارادات. وهناك عامل آخر أشد خطورة من العوامل الأخرى والتي يتحاشى الحديث عنه الكثير ممن تناول الأزمة السياسية العراقية بموضوعية وهو عدم التزام الاحزاب السياسية الدينية بشكل واضح بقواعد الدين الإسلامي وسلوكياته المنصوص عليها. وأن أغلب تلك الاحزاب هي أحزاب ترفع الاسلام شعار لها وتدعي بأنها تسير على قواعد الدين الاسلامي. وهي من تلك القواعد براء. لان التعطيل والنقض من قبل الاحزاب والكتل السياسيية للعشرات من القوانين والقرارات لايصب في مصلحة المواطن وتنمية أقتصادياته. بل ساعد على تردي الوضع الخدمي والامني وأنتشار الامراض والفقر والبطالة وبروز العديد من الظواهر والسلوكيات الغير جديدة. الخروج من الازمة بعد قرار المحكمة الاتحادية حول عدم دستورية النقض وتجنيد المحللين السياسيين وخبراء القانون في أغلب الفضائيات العراقية والعربية والاجنبية الناطقة بالعربية الموجه للعراق حصرياً. دخلوا في سجالات وتباين في الآراء حول قرار النقض وقرار المحكمة وتوقعات جلسة السبت الحاسمة على الرغم من تعدد جلسات الحسم في البرلمان, الا أن الكل يعول على هذه الجلسة. وهنا لانريد أن نتكهن بما لانعلمه لان التكهن في الساحة السياسية العراقية أصبح غاية في الصعوبة, بسبب الامزجة السياسية والطمع في النهب والكسب السريع. ولكن هناك قراءات وتوقعات كثيرة تشيرعلى أن أحدهما سيخرج القانون من أزمته ومنها: نقض النقض من قبل البرلمان دون أي تعديل أو تبديل عليه وترحيله بشكله ومضمونه الى مجلس الرئاسة للمصادقة عليه. وهناك توقعات تقول أن تحدث زيادة في حصة المهاجرين والمقيمين خارج العراق من 5% الى 10%. وهناك توقعات تقول أن تخضع مصادقة القانون من قبل الهاشمي الى تسوية سياسية أو صفقة سياسية مفادها "هو أبعاد شبح الاعدام بحق رموز النظام البعثي" . كألتزام قطعه السيد الهاشمي خلال لقاءه عشائر تكريت. وهناك مواجهة أخرى تنتظرالبرلمانيون يوم السبت, وهي الدعوات التي نادت بها بعض المكونات والطوائف الدينية والقومية عبر وسائل الاعلام المتعددة من الاقليات الدينية والقومية تطالب بزيادة حصصها في البرلمان القادم. ولكن هناك طرفان لهما القول الفصل الاول هو المرجعيات ومطالبتها الدائمة بالمحافظة على سير العملية السياسية والالتزام بمبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال قانون الانتخابات في موعده المحدد. والثاني غير واضح بشكل جلي ولكنه مؤثر بشكل كبير على خروج الأزمة من محنتها الحقيقة, وهو الطرف الامريكي الذي يضغط بالعصى بشدة. وعلى الرغم الصراعات والتجاذبات التي تواجه البرلمان, إلا أن القانون سينقض الغبار ويخرج من أزمته, ولكن آثاره ستكون جلية في المشهد السياسي للمرحلة الانتخابية المقبلة التي تقودها أجندات حزبية ومذهبية وقومية وتدخلات أقليمية مختلفة. وسيشهد الشارع السياسي مفارقات كثيرة بالشعارات والحملات والنتائج, ولاأريد أن أتجاوز المفوضية في التعريج عنها لانها غير مستقلة في صناعة القرار بل هي ضعيفة ومستغلة تبعاً للتصريحات التي تصدر من أعضاءها دون الالتزام بها. وعلى الرغم من الامل المعقود على المرحلة الأنتخابية القادمة, إلا أنني لاأتوقع أن يتنج لنا البرلمان القادم برلمانيين منقذين للوضع المأساوي ولا مصلحين للمسارات الخاطئة التي جاءت بها المحاصصات الطائفية والحزبية والديمقراطية التوافقية في الانتخابات الماضية, بل سيكون أغلبهم تابعين لزعمائهم وكتلهم السياسية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |