العراق في مؤتمر للمناخ

 

محسن ظافرغريب
algharib@kabelfoon.nl

مشاركة العراق 7 - 18 كانون الأول 2009م في "مؤتمر كوبنهاغن للمناخ" لتحسين البيئة

تقدم ممثل وفد العراق إلى الدانمارك الإسكدنافية، وزيرة البيئة العراقية "نرمين عثمان"، 4 مقترحات تتعلق بنقل وتزويد العراق بالتكنولوجيا الحديثة لتحسين البيئة والتنسيق في مجالي التخفيف والتكييف البيئيين، مع زيادة الدعم والاسناد المالي والمعنوي في هذا المجال. وكانت وزيرة البيئة قد كشفت، عن مساع يبذلها العراق مع 192 دولة مشاركة، للتخلص من الغازات المضرة بالاوزون وتحسين البيئة عن طريق التنسيق مع منظمات عربية ودولية. وفي الدنمارك اعتبر مسؤولون دوليون ان مؤتمر كوبنهاغن سيفضي الى تقديم مساعدة فورية للبلدان النامية ويدعو البلدان الغنية الى الاتفاق على مساعدة هذه الدول على المدى البعيد، موضحين ان الهدف من المؤتمر، التوصل الى اتفاق عالمي على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة يحل محل "بروتوكول كيوتو"، الذي تنتهي مدته عام 2012م. انضم العراق مؤخرا الى اتفاق (كيوتو)، وتمثل خطوة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي (UNFCCC or FCCC)، وهي معاهدة بيئية دولية خرجت للضوء في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (UNCED)، ويعرف باسم قمة الارض الذي عقد في "ريو دي جانيرو" في البرازيل، في الفترة من 3-14 حزيران 1992م، وهدف المعاهدة تحقيق "تثبيت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل خطير من الجانب البشري في النظام المناخي. وان الوزيرة "عثمان"، ستلتقي بنظرائها من دول العالم للتباحث في سبل التعاون مع العراق، وامكانية توقيع بروتوكولات واتفاقيات مشتركة، سيما ما يتعلق بتقليل الاحتباس الحراري وتحسين الوضع البيئي في العراق.

دعا خبراء في صندوق النقد الى توخي الحذر في المؤتمر لعدم تعطيل النهوض، وان الاقتصاد العالمي قد يستفيد من الاجراءات المضادة للتغير المناخي، لكنهم حذروا في الوقت ذاته من ان خفضا كبيرا في الانبعاثات قد يطاول النهوض، سيما اذا كان غير مخطط له. وعشية افتتاح مؤتمر الامم المتحدة حول المناخ في كوبنهاغن، اعتبر خبراء في صندوق النقد ان احتمال التوصل الى اتفاق قد يساعد البلدان الاكثر فقرا التي تعاني اسوأ انعكاسات التغير المناخي. واكد اثنان من الخبراء هما مايكل كين وبنجامن جونز في مذكرة ان "مقاومة مناخية افضل قد تساعد في استقرار الاقتصاد وتقليص الفقر و". نبها الى ان ارتفاعا مفاجئا وكبيرا في كلفة الحد من انبعاثات الكربون المتسببة بارتفاع حرارة الارض قد يؤدي الى "ضغوط غير مرغوب فيها على تكاليف الانتاج وموارد العائلات وبالتالي خفض آفاق النمو". ووكد جونز ضرورة الاسراع في اتخاذ اجراءات لمكافحة ارتفاع الحرارة. في الوقت نفسه، فان عددا كبيرا من الدراسات التي تبرز تدني الكلفة المحتملة لتلك الاجراءات، تميل الى القول ان الاقتصاد بخير وذلك ليس صحيحا في الوقت الراهن".

ووقع 20 خبيرا من مجلس حقوق الانسان للامم المتحدة اعلانا مشتركا يحذر من ان "ضعف" نتائج المفاوضات قد يمس بحقوق الانسان. وان "نتيجة ضعيفة في المفاوضات المقبلة حول المناخ تهدد بانتهاك حقوق الانسان". وان "اجراءات التكيف او التخفيف من وطاة ارتفاع حرارة الارض اذا كانت غير ملائمة فقد تؤدي الى انتهاك حقوق الانسان، كما يحصل مثلا عندما تفشل جهود زرع الاشجار في توفير مساهمة مناسبة للسكان الاصليين". وان "اجواء التردي الاقتصادي الحالي تمثل بلا شك عنصرا يدفع الى تكتل اكبر وارتفاع اقل حدة في كلفة" مكافحة الانبعاثات، في حين تستند خطط مكافحة ارتفاع الحرارة اساسا الى انظمة سوق (تفرض) رسوما على انبعاثات الكربون يطلق عليها اسم "كاب اند ترايد".

وقال المتحدث باسم الرئاسة الاميركية روبرت غيبس في بيان ان "الرئيس يعتبر ان الزعامة الاميركية ستكون بدون شك اكثر فعالية في حال شاركت في اختتام قمة كوبنهاغن في 18 كانون الاول بدل التاسع من كانون الاول 2009م".

الممثلة الأميركية "غوينيث بالترو" مع الممثل "تيم ماكغراو" في فيلم حبيبي لا تخيب ظني تقول وقالت المتحدثة باسم رئيس الحكومة البريطانية غوردون براون انه "يرحب باعلان الرئيس اوباما الذي ستعطي مشاركته دفعا قويا لمفاوضات كوبنهاغن". واضافت المتحدثة "امامنا عمل كبير نقوم به. ولكن قادة العالم سيشاركون معا في كوبنهاغن للتركيز على التزامهم بجعل التغير المناخي شيئا من الماضي".
وقد رحبت الدول الكبرى بإعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما مشاركته بالقمة.
ان الناس الاكثر فقرا هم الاكثر عرضة لانعكاسات التغيرات المناخية مثل السكان الاصليين، "لانهم غالبا ما يعيشون في انظمة بيئية متداعية في انماط حياة تقليدية مرتبطة ارتباطا شديدا بالارض ومواردها الطبيعية".

المهندس البريطاني "وليم ويلكوكس" الذي عاش وعمل في مصر والعراق مطلع القرن الماضي، اشار الى الطبيعة الجغرافية للعراق وطبيعة نهري دجلة والفرات اللذين يرتفعان بدون سابق انذار وبصورة مفاجئة دوما ويحملان اطنان من الغرين ويحدث فيضانهما في اذار ونيسان وايار، وهو موسم متأخر جدا بالنسبة للمزروعات الشتوية ومبكر جدا بالنسبة للنباتات الصيفية، ويحتويان على كمية كبيرة من الاملاح المحلولة ويجريان بين صحارى جبسية واراضي مالحة. اضافة الى ان ارض العراق شديدة الانحدار وتؤدي الى قوة جريان الماء في الانهر بشدة وبشكل مفاجيء دائما، مما يؤدي الى كسر السدود واجتياح الاراضي الزراعية المجاورة واغراقها. وهو ما يدفع الى انشاء طرق ري وسدود وحوجز ترابية على ضفاف الانهار لدرء خطر الفيضان مثلما يؤدي بدوره الى المنازعات بين الفلاحين والرعاة وغيرهم.
إن الجغرافيا بيئة ورحم وأم الوطنية، والتاريخ أب الوطنية، يعلمنا أن العراق المعاصر صديق للبيئة وأب الأمم، روم وعجم، وبعد سقوط بابل على أيدي العجم الاخمينين عام 539 ق.م قد مهد الطريق لبسط نفوذ الساسانيين على بلاد الرافدين الذي استمر حتى القرن 7م. وقد مثلت تلك الفترة التي استمرت نحو 11 قرنا فترة مظلمة وقطيعة حضارية كبرى تم خلالها احتلال روماني دام حوالي قرنين بدأ بدخول الاسكندر المقدوني بابل منتصرا على العجم عام 331 قبل الميلاد.

ولايمكن للعراق، الدولة والحضارة والمدنية؛ إلا أن يكون عنصر أمن وعمران وسلام وتلاقح حضري، وبؤرة شعاع ومشعل ريادة ينير أطراف البداة، بروح العصر، لكل مصر.

إن العراقيين كانوا قبل التاريخ بناة بداة، ولم تبتلع إنسنيتهم العرقية،ولا الفئوية، ولم تبتلع دولتهم الحكومة ولاحزبها الغابر، ولا ستالينها الأغبر. العراقيون بحق وامتياز أبناء اليوم.

برج بابل بلبل حضارات وألسن أمم والحدائق المعلقة، الجنائن الرافدية، واليوم برج دبي الذي يرتفع إلى طول 800 م ويعد اطول ناطحة سحاب بالعالم حاليا، تم إهدار مئات المليارات من الدولارات على بنائه. وكذلك حدائق جميرة التي تكلف عشرات المليارات، ومشاريع نخلة ومطار آل مكتوم التي لا تقل تكلفة عن مثيلاتها من المشاريع الكبرى.

دبي عوالم متناقضة من رأسمال وبنية تحتية وفقراء وافدين من جنسيات مختلفة وعدد السكان الأصليين بدبي وكافة الإمارات أصبح أقلية لا يتجاوز 15 من عدد السكان. بنهاية المطاف سوف يضطر غير أهلها إلى الخروج منها، فكل له بلده الأصلي، ليحمل قدر استطاعته من ثروة ذلك البلد ويتركه غير آسف. وماليزيا وعاصمتها كوالالمبور، تتعالى بطفرة معمارية فلها الحق كونها تملك بنية صناعية وتكنولوجية، وتعتبر دولة من نمور آسيا وبها كثافة سكانية عالية وأيد محلية ومستهلكين ودورة مال بنفس ماليزيا.

أزمة مالية حادة بأحد أهم مراكز المال والأعمال بالعالم دبي الطفرة العمرانية، منافس كبريات مراكز الاقتصاد بالعالم أمثال هونغ كونغ وكوالالمبور ووول ستريت. التكلفة الحقيقية لكافة المشاريع تبلغ أرقاما فلكية لا تخطر على بال، بإمارة تملك ثروة تهدرها على مشاريع مقامرة في ظل تردي الاقتصاد العالمي. في دبي، الشركات الكبرى في ظل حمى المنافسة لبناء أعلى برج لمنافسة برجي بتروناس التوأم بكوالالمبور وأكبر حديقة بالعالم تنافس والت ديزني الشهيرة، فلماذا كل هذا التبذير لثروة بداة في مشاريع لا تمثل مقياسا للتطور الحضاري ولا الثقافي ولا التقدم الصناعي!!.

أن الرأس مال ظهر بموجات وطفرات في المثلث الذهبي الأوربي؛ بريطانيا، هولندا، وفرنسا خلال قرون ولظهور اقتصاديات ناشئة كالبرازيل والهند والصين.

أقليات غربية تنظر لهذه الدول كأسواق مفتوحة لمزيد من التوسع في هذه الأمم الواعدة والعرب في مدن الجنوب، منظومة سادت خلال صحوة مؤتمر عدم الإنحياز باندونغ بين عام 1955م حتى صحوة الثورة الإسلامية والحرب العراقية الإيرانية وذرعة التمدد في دفء مياه ورمال خليج البصرة المتحركة والمتحررة كما يصفون!. ثروة نفطية غذت وهم الثورة 1979-2009م انهار في دبي كقطاع استهلاكي لمستهلكين أغنياء لا يقارن بمشروع سنغافورة الإنتاجي في التكنولوجيا.

على العراق تفادي تجربة دبي القائمة على رمال آيلة للسقوط اعتمدت استهلاك ريع النفط في اقتصادها، بدل الإقتصاد الإنتاجي، وعلى حكومة التكنوقراط العراقية المنشودة البديلة للحكومات الفاسدة والفاشلة سياسيا واقتصاديا على رأس العقد الثاني للألفية الثالثة للميلاد التخلي عن رومانسية الحلم بمدينة دبي، لتحقيقها في مدن العراق النفطية، كحاضرة البصرة الطيبة الخربة الحلوب، وكالعراق المصغر، قدس أقداس العراق، مدينة التآخي العراقي كركوك، إلا إذا كان على سبيل تغني الشعراء برومانسية القمر التي بددها التعرف على حقيقته.

حواضر العراق التي أحاق بها الخراب والبباب، جعلت العراقي كالشاعر الفحل القديم الذي يتغنى برومانسية القمر ويقف حافي القدم على بحيرة من نفط وماء ودماء وجزر من تبر يحسبها الجائع ترب!، لأن مدن الشمال تتقدم بمدل حسابي هندسي فلكي، ومدن المن والسلوى في وادي رافدين الأنين؛ صدى لحزن عميق تجذر في قرارة الروح.

نظام العولمة الدولي الرأسمالي له قدرة على البقاء لمواجهة الأزمة الاقتصادية واستطاع تجاوز أزمات كثيرة في تاريخه، والثمن في كل مرة وأزمة، تراكم قوة تدمير رأس المال، ولا بد من التفكير في نظام عالمي بديل أكثر إنسانية يضع الإنسان والبيئة، في انسجام لا تسلط.. نظام أنجز، خلال القرنين 19-20م، تفاوتا اقتصاديا عالميا لاسابقة له في تاريخ البشرية. في مطلع القرن 19م كانت نسبة الفرق بين الشعوب من مثل لضعف، أضحى الفارق اليوم ستون مثل! في نمو سرطاني أودى بالنسيج الإنساني وبطبقة الأوزون على حد سواء، حيث ثراء فاحش يعايش بالقهر والقوة مليار إنسان جائع على صعيد واحد، وتحت شعار: مليار دولار لمليار جائع!.

في 25ت2 2009م أعلنت الحكومة العراقية استراتيجية وطنية للتخفيف من الفقر في البلاد، مشيرة إلى أن نسبته قد بلغت 23% من عدد السكان، البالغ 30 مليون نسمة، بما يساوي حوالي 7 ملايين عراقي، يعيشون حالياً تحت خط الفقر. وأظهرت نتائج تقرير نسبة الفقر في العراق 23%، في الريف بدرجة أعلى من الحضر، وبلغت نسبة الفقر فيهما 39% و16% على التوالي. وأظهر التقرير أن الفقر ليس عميقاً، إذ بلغت فجوة الفقر (4.5%)، لكنها تزيد في الريف على ثلاثة أمثال ما هي عليه في الحضر. أن عملية إعداد استراتيجية التخفيف من الفقر في العراق قد استغرقت عاماً كاملاً، حاولت اللجنة العليا لإستراتيجية التخفيف من الفقر خلالها أن لا تستغرق في الطرح النظري، إنما في إشتقاق مكوناتها في ضوء نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق 2007. وتتركز الأنشطة الاقتصادية لفقراء الريف في الزراعة والصيد والغابات بنسبة 56%، والبناء والتشييد بنسبة 14%، ويمتهنون مهناً لا تتطلب مهارة وتعليماً عاليين، كالحرف اليدوية (17%) والمهن الأولية (15%). كما ويعمل 56% من العاملين بعمر 10 سنوات فأكثر من دون أجر، غالبيتهم من النساء، وما يقارب من ثلثيهم في الفئتين الأفقر، وتتفاوت المحافظات من حيث نسبة الفقر وفجوته، ففي حين يعد أكثر من 40% من سكان بعض المحافظات فقراء، فإن نسبة الفقراء في محافظات أخرى تقل عن 10%، كما في محافظات إقليم الشمال. وأوضح أن 13% من الفقراء يوجدون في محافظة بغداد وحدها، وحوالي 11% في محافظة البصرة. وعلى مستوى الريف، ترتفع نسبة الفقر، ففي محافظات المثنى (75%)، وبابل (61%)، وواسط (60%). وتشير البيانات إلى أن الخمس الأغنى من الأسر يحصل على 43% من الدخل، بينما يحصل القسم الأفقر على 7% من الدخل على مستوى العراق، إلا أن التفاوت يبدو أقل حدة بالنسبة إلى الإنفاق، إذ إن حصة الأسر الأغنى تبلغ 39% من مجموع الإنفاق الأسري، فيما تبلغ حصة الأسر الأفقر 9 %. وما يشير إليه معدل المشاركة في النشاط الإقتصادي إن 57% من السكان في سن العمل هم خارج النشاط الإقتصادي (لا يعملون ولا يبحثون عن عمل) .أما النساء، فإن النسبة تبلغ 87%. من جهة أخرى، لا يمكن نفي العلاقة بين الفقر والعمالة الناقصة، حيث أيدت نتائج مسح التشغيل والبطالة لعام 2008 إرتفاع معدل العمالة الناقصة بسبب قلة ساعات العمل للسكان بعمر 15 سنة فأكثر، إذ بلغ (23%) للذكور و(53%) للإناث.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com