فوائد سقوط النظام

 

محمد علي محيي الدين

bsa.2005@hotmail.com

 يعتقد الكثيرون أن إسقاط النظام ألصدامي لم يأت بفائدة للعراق والعراقيين ولم يكن غير تبديل وجوه وإقصاء دكتاتورية بغيضة وإعادة تشكيل دكتاتوريات متعددة تستند لتوجهات مذهبية وقومية تشكلت منها لحد الآن ثلاثة دكتاتوريات تقاسمت جهات العراق الأربع دون أن تترك مجالا لقوى أخرى لها وجودها في العراق ،واعني به التيار الديمقراطي الذي تشظى واقعيا ولم يعد يشكل أي معلم في التوجهات العراقية رغم أن  الشعب العراقي بطبيعته علمانيا لا مكان فيه للتعصب الديني وكان  في مقدمة الدول المتحضرة التي لم يكن للدين تأثيرا سياسيا فيها إلا في أخريات النظام البائد عندما هيأ الأجواء لنشوء قوى دينية وخلق نوعا من التعصب الطائفي بسبب ممارساته الخاطئة  في منع  الممارسات الدينية التي كانت لها توجهاتها الوطنية وسخرت لأهداف طائفية تنزع لتطبيق الشريعة الإسلامية بكل تفصيلاتها والتي لم تكن مطبقة في العراق حتى في العهود القريبة من الرسالة لطبيعة الشعب المنفتحة المتعطشة لكل ملذات الحياة،ولكن التعسف ألصدامي خلق بعض البؤر الدينية التي تنامت لتجرف الجميع لمساراتها رغم عدم وجود المبدئية الدينية الحقة  لدى  الكثير ممن تصدوا للدين زعماء وقادة وموجهين فهم في طبيعتهم بعيدين عن  مبدئية الدين الحقيقي وساعين لما يساعدهم على تحقيق مآربهم الخاصة فوجدوا في التوجه الديني طريقا للجاه والمكانة الاجتماعية والربح المادي الذي حاكى الأساطير.وبعد سقوط النظام شرع من هب ودب ليجد له مكانا في الفوضى الخلاقة التي غذاها الاحتلال الأمريكي

 فاتخذوا من الدين طريقا للتكسب والربح والهيمنة والارتقاء للسلطة وخصوصا أن الأحزاب الدينية الوافدة من الخارج لم يكن لها القاعدة التي تذكر في العراق فاستغلت الاندفاع ألمصلحي لهؤلاء في بناء قاعدتها الحزبية واتخذت من الشعائر الدينية طريقا لكسب الأكثرية  الجاهلة التي تعتبر الشعائر لباب الدين وجوهره،أومن خلال دعمها بالمال ،ووجد هؤلاء  في حاجة الأحزاب مفرا من البطالة فدخلوا في غمارها وعملوا فيها لأغراض مادية بحتة تسندهم سلطة هؤلاء وقدرتهم المالية وجماعاتهم المسلحة،أو هروبا من ماضيهم الموالي للنظام السابق لتوفير الخلاص لهم من الحساب بارتداء لبوس الحكم الجديد ليظهروا أنهم أكثر ملوكية من الملك.

أن الدخول الأمريكي أزاح الكثير من البراقع عن وجوه تسترت بالنضال والوطنية وبنت لها أمجاد نضالية مزعومة ظهر زيفها وبطلانها بعد السقوط وبانت على حقيقتها شوهاء عارية لا تمتلك أدنى معايير القبول،وظهر أن الكثير من الرموز الدينية والسياسية ما هي إلا بالونات فارغة مليئة بكل ما يناقض المبادئ الوطنية والحصانة المبدئية فكان انغمارهم المفضوح في عمليات السرقة والنهب ومحاولاتهم تركيز مواقعهم دافعا للانغمار أكثر في وهدت الفساد السياسي والأخلاقي،وارتباطاتهم المشبوهة بهذه الدولة أو تلك كعملاء مأجورين يجاهرون بعمالتهم من خلال سياستهم السائرة بطرق بعيدة عن الوطنية وشرف المبادئ ،وأزيحت الكثير  من البراقع التي تخفي وجوههم الحقيقية التي لا تمتلك أي شيء من جماليات الحياة،وبالتالي فقد سقط هؤلاء اجتماعيا وسياسيا وعقائديا رغم أنهم تمكنوا من أثبات وجودهم الاجتماعي وتأثيرهم السياسي بطرق بعيدة عن الإقناع والإيمان وتستند على القوة وفرض الأمر الواقع وبذلك حقق الاحتلال الأمريكي هدفه الكبير في إسقاط الهالة الكبرى للدينين  بإظهارهم على حقيقتهم الفجة وتهالكهم المريب على السرقة والقتل وانغمارهم في الفساد ،وهذا هو السقوط المدوي الذي تسعى إليه الدول الاستعمارية في تضييع الهوية الوطنية وإسقاط المؤثرات الدينية وتشويه الصور الحقيقية لمنطلقات الشعوب في نضالها الوطني بعد إظهار قياداتها بهذه الصورة المخجلة من الضياع والتشتت الخلقي والسياسي،مما يدفع الأكثرية لنفض أيديها من الثوابت الوطنية والدينية التي بان زيفها بسبب القادة إلا مبدئيين وأن رجل السياسة وزعيم الدين هم سواسية في  الميكافيلية وان الجميع يفتقرون لأي مؤهل وطني أو دافع مبدئي ولا يختلفون عن غيرهم بنوازعهم الشخصية واندفاعهم لمنافعهم الشخصية ،وبذلك يمسخ الدين ومبادئه والوطن ومعالمه وتضييع المقاييس بين هذا الركام الهائل من الفاسدين،وهذا هو سر الاحتلال في ألإجهاز على الروح الوطنية،وتنمية الانعزالية واللامبالاة عن أي توجه له تأثيره المستقبلي على  مصالح المستعمرين.

 أن نهاية الإسلام السياسي لا تختلف عن النهايات الأخرى للحركات الوطنية والقومية التي كان لها تأثيرها على العمل السياسي عبر العقود الماضية وأن انهيار تلك المؤثرات سيمهد لظهور مؤثرات جديدة  هادفة لتغيرات أخرى لا تخرج عن الأهداف الاستعمارية التي وجدت من أجلها تلك المؤثرات وبالتالي فأن أي بارقة جديدة لابد أن ينظر لها بالريبة والشك لأنها لا تخرج عن طبيعة من سبقها وهذه الغاية الكبرى لمن يهمهم بالدرجة الأساس إسباغ هيمنتهم وتحقيق طموحاتهم بالسيطرة والتحكم،والهيمنة على مقدرات الشعوب.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com