ما تفسير هذا التصرفات ضد موانئنا ؟
 

كاظم فنجان الحمامي
kfinjan@yahoo.co.uk

نشرت لي الصحف العراقية المحلية والدولية منذ شهر موضوعين في غاية الأهمية والحساسية, كان الأول بعنوان (تحديد أم تحييد منافذ ؟), وكان الثاني (خِنجَرٌ في خاصرةِ الموانئ), تناولا بالتفصيل المختصر القرار الخطير العجيب الغريب المجحف الذي تبنته تشكيلات وزارة الزراعة بالتنسيق مع تشكيلات وزارة التجارة, وهو قرار مشترك على ما يبدو من المخاطبات الرسمية بين الوزارتين, والتي وردت الإشارة إليها في الموضوعين السابقين. وتمت بموجبها تحديد المنافذ المصرح لها باستقبال المنتجات الغذائية, والزراعية, والأعلاف, والأسمدة.

وهي : الشلامجة, وحاج عمران, وسفوان, والوليد, وإبراهيم الخليل, والمنذرية, وأم قصر, وطريبيل, وربيعة فقط ؟, ما يعني إن موانئنا في شط العرب (المعقل, أبو فلوس, الفاو) غير مشمولة بالتحديدات الجديدة, ولا يسمح لها باستقبال وإيواء السفن المحملة بالمواد والبضائع الزراعية والغذائية, سواء كانت معلبة أم مكيسة, أم معبئة في حاويات, أم مرزومة في حزم, أم موضوعة في صناديق, أم محفوظة في براميل, أم مغلفة بكارتون ورقي.

كانت موانئ شط العرب تستقبل السفن العابرة للمحيطات والناقلات العملاقة, لكنها صارت تتعامل اليوم مع السفن الساحلية الصغيرة, وغير مصرح لها باستقبال البضائع الغذائية والزراعية.  

وبالرغم من مضي أكثر من شهر على تشخيصنا للآثار السلبية لهذا التصرف, وبالرغم من انخفاض أعداد السفن المارة في شط العرب, لم يطرأ أي تغيير على القرار الذي حرم موانئ شط العرب من مزاولة نشاطاتها المعتادة وفق السياقات المينائية الصحيحة.
نحن نعلم, والعالم كله يعلم إن الموانئ التجارية تصمم وتبنى, وتجهز بالأرصفة والرافعات والسقائف والمخازن والساحات استعدادا لاستقبال السفن التجارية بصرف النظر عن نوعية حمولتها.

مشهد حقيقي لغربة الملاحة في النهر الذي فقد نضارته وافلت شمسه منذ ربع قرن
  ونعلم أيضا, والعالم كله يعلم إن الموانئ التجارية تدار وتعمل وتشتغل بتوجيه وإشراف تشكيلات وزارة النقل, وتحت سيطرتها وإدارتها, وهي الجهات الحصرية المسئولة عن تنفيذ الأهداف والواجبات المحددة بقانون الموانئ العراقية والتعليمات الصادرة بموجبه, ولا دخل لأي جهة في عمل الموانئ, أو في حرمانها من استيراد البضائع الزراعية والغذائية, لذا فان هذا التصرف يعد سابقة خطيرة, وخطوة ارتجالية غير مدروسة, للنتائج الكارثية التالية :-

1.    التأثير السلبي المباشر على حركة الملاحة في شط العرب وتهميشه ملاحيا.

2.    تخفيض أعداد السفن المتحركة باتجاه الموانئ العراقية, والتي تحمل العلم العراقي في شط العرب.

3.    تخفيض الموارد المالية التي تحققها موانئنا في شط العرب إلى ما دون النصف تقريبا.

4.    خلق مشكلة جديدة لشط العرب, وإضافتها إلى المشاكل الكثيرة المستعصية.

5.  حرمان الآلاف من عمال الشحن والتفريغ (القطاع الخاص) من فرص العمل التي كانت متوفرة لهم في موانئنا المطلة على شط العرب.

6.  إصابة التوازن الملاحي (السيادي) القائم في شط العرب بين العراق وإيران, بمؤثرات خطيرة, تضر بالمصالح العراقية السياسية.

7.  التدخل في شؤون تشكيلات وزارة النقل, وتعمد إحراجها من خلال منحها منفذا واحدا فقط, وهو ميناء (أم قصر), ما يعني إن ميناء (أم قصر) سيتحمل لوحده نتائج الضغط الكبير الذي ستولده سياسة (التحديد والتحييد) المفروضة عليه.

8.  مخالفة صريحة لبنود وأحكام قانون الموانئ العراقية رقم (21) لسنة 1995. وتعليمات الموانئ والمرافئ رقم (1) لسنة 1998.

9.  تحوّل خطوط الاستيراد (الغذائية والزراعية) من ميناء خور الزبير إلى منفذ (صفوان), وهذا يعني تنشيط الموانئ الكويتية على حساب موانئنا, وتحوّل الخطوط الغذائية والزراعية الأخرى من موانئ المعقل وأبي الفلوس إلى منفذ الشلامجة, وهذا يعني تنشيط قوة ميناء خرمشهر على حساب موانئنا في شط العرب.

  خبراء الموانئ أدرى بشعابها وأعلم من غيرهم بمسالكها الصحيحة

  نحن نرى إن هذه التصرفات غير المدروسة ستترك أثارا سلبية يصعب التكهن بنتائجها الخطيرة المتوقعة في المستقبل القريب. وان التصرف الصحيح ينبغي أن يكون قائما على كيفية تقديم الدعم والإسناد لموانئنا على وجه العموم, وموانئنا في شط العرب على وجه الخصوص. وينبغي أن نتحرك جميعا بالاتجاه الذي يعيد لشط العرب هيبته وسيادته ومجده الملاحي.

الفشل يعني الضياع, والضياع يعني التخبط, والتخبط يعني فقدان القدرة على تحديد الهدف, بسبب سوء التخطيط

  وبهذا نطالب الحكومة العراقية, والوزارات المعنية بضرورة التصدي لهذه التصرفات المتقاطعة مع الدور الكبير الذي تنهض به موانئنا, ونناشد جميع الجهات المعنية وفي مقدمتها محافظة البصرة وغرفة تجارة البصرة, ومجلس المحافظة بضرورة إنقاذ شط العرب من محاولات التهميش والتحييد والتعطيل المتعمد, خصوصا في هذه المرحلة التي تفاقمت فيها مشاكل شط العرب (المائية والملاحية) القديمة والمستجدة والمستحدثة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com