هل حقا "ضيع كوكب حمزة نفسه"؟!

 

عبدالكريم هداد

hadadkarim@hotmail.com

من على شاشة قناة الحرة – عراق، مساء الأحد المصادف 15 تشرين الثاني 2009 ، ظهر الفنان حسين نعمة في أحد برامجها، وهو يسرد مشواره الفني، وهو فنان له تجربة غنية من خلال اغانيه التي ساهم بها بصوته المتميز في تكوين ذائقة غنائية موسيقية في سبعينيات القرن الماضي. لم تنجح تلك التجربة لولا وجود حراك ثقافي عام كان يغطي على عموم مفاصل الحياة الثقافية بأدوات فنية ناضجة ساهمت الحركة اليسارية والديمقراطية العراقية بقوتها آنذاك في خلق جو من ممارسات النشاط الإبداعي، على أيدي أسماء يشار لها بالبنان ومنهم الفنان الملحن كوكب حمزة، الذي أضاف لفنه مواقفه الشريفة إتجاه وطنه، بما حمله من أفكار إنسانية نيرة متضامنة ومساندة لقضايا شعبه العراقي، وبالضد من التعسف والإضطهاد والحروب، بما جلبت لنا من خراب إقتصادي وإجتماعي وثقافي ومنها الأغاني تلك التي هاجمت الذاكرة والذائقة العراقية بالمدح والتصفيق وتأليه صاحب السلطة.

هكذا أختار الفنان كوكب حمزة، مع كواكب من العراقيين، المنافي كموقف واضح في مواجهة سلطة بوليسية متعسفة، منها إنطلقت الحركة الوطنية بكل ما لها وعليها في مناهضة ثقافة الخراب. وتشهد المنافي لما نقول بشواهد قبور مبدعيها العراقيين أمثال المفكر الكبير هادي العلوي والملحن كمال السيد والممثلة زينب والشاعر أبو سرحان والشاعر مصطفى عبدالله، وهنالك أسماء استشهدت على ربى الوطن وهي تحمل السلاح في مقاومة السلطة الديكتاتورية، وكان الفنان كوكب حمزة بمعيتهم لفترة ليست بالقصيرة.

خلاصة القول ان الفنان كوكب حمزة لم يكن " قد أضاع نفسه في الغربة...." كما قال الفنان حسين نعمة، بل كان مثالاً للمثقف العراقي القريب من الناس والمعبر عنهم بوعي ومسؤولية، وهو على دراية بقسوة الغربة وآلامها ، منذ أن لحن " يا طيور الطايرة، يابنادم، ومحطات" ليكون المنفى صيغة للتعبير عن هواجس الكثيرين كموقف وطني، لا يمكن التعبيرعنه تحت سلطة دكتاتورية تعسفية يشكل المثقف الواعي والغير مهادن عدوا أول لها.

لذا أهمس للفنان حسين نعمة بمودة قبل أن يغني لنا اغانيه التي نحبها ، إن المنفى ليس إختياراً للضياع، حينما تكون السلطة جائرة ، وكوكب حمزة يُشهد له، إنه لم يخنع للترهيب أو الترغيب، ليساهم في ثقافة خلقت إمبراطوراً !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة المدى (العدد1668) الأحد6\12\2009 – ملحق ورق.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com