الثروة النفطية وتجاذبات الأقتصاد والسياسة العالمية والداخلية

 

يوسف الفضل

yousif432000@yahoo.ca

للنفط دورأ مهمأ في اقتصاد دول عديدة من دول العالم سواء كانت متقدمة كانجلترا والولايات النتحدة وكندا وروسيا او المصنفة بالعالم الثالث كالسعودية واندنوسيا وايران والعراق والعديد من دول الخليج.

ويمكن ملاحظة اختلاف الأبعاد التي تحكم اقتصاد النفط في كل من الدول المتقدمة والدول النامية والمصنفة بالعالم الثالث. فالدول ألأولى تستثمر النفط كجزء من ماكنتها الأقتصادية الكبيرة سواء كانت بتصدير الفائض عن حاجتها للأستهلاك والتصنيع والأستهلاك المحلي والأسواق الخارجية المتاحة لها. وان النفط الخام والغاز الطبيعي يشكلان جزءأ يسيرأ من اقتصادها الكلي. وهكذا تتحقق عائدات أضخم وارباحأ اوفر لأستثماراتها النفطية من خلال الأنتاج الأعلى لأن ذلك الأنتاج سيوظف بشكل سليم لمضاعفة الأرباح الناتجة سواء من عمليات الأنتاج والتصدير والتصنيع الداخلي والخارجي. فهناك ارضية جاهزة لأستيعاب تلك المادة الأولية وتصنيعها وتحقيق القيمة الأضافية جراء عمليات التصنيع وبالتالي فان زيادة الأنتاج لتلك الدول مجدية اقتصاديأ للأسباب التالية:

· تشغيل اليد العاملة في الصناعة النفطية المباشرة في انتاج النفط الخام والغاز والصناعات التالية مثل التصفية وصناعات الدهون والمنظفات والمواد البلاستيكية والمطاطية والنسيجية والتحويلية المكملة.

· تصدير النفط والغاز من اجل توفير السيولة اللازمة للأستثمار في زيادة انتاج النفط والغاز او الصناعات المكملة لها او تطوير البنى التحتية كتطوير الخدمات الأساسية للمجتمع كمأ ونوعأ كتوفير المياه للأغراض الزراعية او المدنية او الصناعية والأرتقاء بمستوى الخدمات الصحية وتوفير الطاقة بكل انواعها كالكهرباء والبنزين والغاز وتطوير وسائل النقل العام والتجاري وتوفير الأمن للمواطنين وضمان حياة كريمة من خلال توفير المتطلبات الأساسية وفي مقدمتها توفير فرص عمل لأغلبية القوى العاملة.

وعليه فان الدول المتقدمة تحقق من خلال زيادة انتاج النفط الخام والغاز الطبيعي قيمة اضافية من خلال توظيف عائدات الأنتاج في صناعة عمودية وأفقية او/ وتوظيف العائدات في مشاريع اقتصادية وخدمية تحتاجها تلك البلدان. وعليه فلا احد يعترض او يتسائل عن حقوق الأجيال القادمة بالثروة النفطية لأنها سترث تلك الثروة مق قيمتها المضافة من خلال العمل وتوظيف الثروة بالمكان المناسب.

فيمكن ملاحظة سلامة خطط الدول النفطية المتقدمة اقتصاديأ في السعي لزيادة انتاج النفط الخام والغاز الطبيعي فان لديهم ما يبرر قرارتهم.

الدول النفطية النامية او الدول النفطية في العالم الثالث:

الدول النامية النفطية تعاني من تخلف شامل في الصناعة النفطية او الصناعات التكميلية والخدمية المرتبطة بها. وهي كذلك تفقد البنية التحتية لقيام صناعة او زراعة متقدمة او طرق مواصلات او خدمات مناسبة لمجتمعاتها. وقد يبدو للوهلة الأولى ان هناك حاجة ماسة لزيادة أنتاج النفط الخام وتصديره من اجل توفير السيولة اللازمة لتطوير الخدمات والصناعة والزراعة والتجارة.

نعم ان انتاج النفط الخام والغاز الطبيعي قام ويقوم بتمكين السلطات في الدول النفطية النامية بتقديم بعض الخدمات كتوفير الكهرباء والماء وتطوير الزراعة والى حد ما تطوير الصناعة النفطية وتطوير مجتمعاتها ثقافيأ ورفع مستوى الحياة المادي بالعديد من تلك الدول. ولكن ذلك لا يبرر مستوى الأنتاج المفرط بالعديد من الدول النفطية مقارنأ بنفوسها وقابليتها على استيعاب الواردات النفطية واستثمارها بشكل مناسب. وهذا دعى بعض الدول كالكويت الى اعتماد اسلوب وضع نسبة من عائدات النفط للأجيال القادمة في حساب خاص يعتمد على استثمار تلك العائدات في مشاريع تجارية في بعض الدول الغربية بشكل اساسي ! فالنفط ثروة ناضبة وستنتهي ان عاجلأ او آجلأ حسب مستوى الأنتاج والأحتياطي المخزون. فان بعض الدول كالولايات المتحدة تعاني فعلأ من نضوب العديد من الحقول النفطية. وان دول العالم الثالث قد بدأ فيها العد التنازلي لنضوب العديد من حقولها النفطية.

وقد ادى عدم توازن العائدات النفطية وقابليتها على استيعابها ببعض الدول الناشئة الى هدر تلك الأموال بطرق مختلفة مثل شراء أسلحة وشن الحروب الهوجاء على دول الجوار او على شعوبها او القيام بمشاريع غير مجدية اقتصاديأ او استثمارها بالدول الصناعية بمشاريع عالية المخاطر مما تسبب الى ضياع تلك الثروة او سرقتها من قبل الشركات النفطية قانونيأ او بشكل غير قانوني او سرقتها من قبل المسؤلين في تلك الدول كما يحدث فعلأ في العراق !

زيادة انتاج النفط الخام في العراق:

ان معدل انتاج وتصدير النفط الخام الحالي هو حوالي مليوني برميل باليوم. وهذا يأتي بعائدات تتعدى 51 مليار دولار سنويأ كعملة صعبة على اساس سعر البرميل الحالي والبالغ 70 دولارأ. ولم تحتسب الواردات الناتجة من بيع مشتقات المنتجات النفطية في الداخل. علمأ ان واردات الدولة من النفط الخام تبلغ نسبتها 90% من الواردات الكلية للدولة من العملة الصعبة.

وان زيادة الأنتاج الى ستة ملايين برميل باليوم سيضاعف الواردات نظريأ الى ثلاثة أضعاف مستواها الحالي. ويعني ذلك بالأرقام ان الواردات النفطية ستبلغ حوالي 150 مليار دولار سنويأ على اساس الأسعار الحالية.

واذا فرضنا زيادة انتاج النفط الخام الى 12 مليون برميل باليوم كما تهدف له السلطة حاليأ فان الواردات ستقفز الى 300 مليار دولار سنويأ!

هناك تساؤلات عديدة تطرح نفسها في خضم مسيرة العراق الأقتصادية والسياسية بعد سقوط سلطة صدام حسين:

· هل قرار رفع الأنتاج للنفط الخام قرار عراقي ام خارجي املته حاجة السوق العالمية لسد النقص الذي تعاني منه السوق النفطية العالمية حاليأ ومستقبلأ والذي سيحد من احتمال ارتفاع اسعار النفط لمستويات قياسية تهدد توازنات الأسواق الأقتصادية ومصالح الدول الصناعية وفي مقدمتها الدول الغربية ؟ وليس مستبعدأ ان يكون احتلال العراق بدوافع نفطية والحاجة اليه.

· هل العراق في الوقت الراهن وبأوضاعه السائدة من فساد اداري ومالي مستعد لأستيعاب مثل تلك الزيادة الهائلة في الثروة ؟ وهل يمكنه عمليأ استثمار العائدات النفطية في تطوير خطط تنموية ضخمة على مستوى الصناعة النفطية وغيرها من الصناعات المرتبطة بها او تطوير الزراعة او تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين العراقيين خلال فترة قياسية كما هو مخطط لزيادة انتاج النفط الخام ؟

· وهل العراق مستقر سياسيأ وقياداته ناضجة لمسؤلياتها كي تتمكن من اتخاذ قرارات كبيرة ومصيرية مثل زيادة انتاج النفط الخام الى مستويات قياسية ؟ لا يبدو ذلك من خلال المسائلات التي اجراها مجلس النواب مع وزير النفط الحالي والتي كشفت عن جهل المجلس بالصناعة النفطية وسطحية مرعبة بالتفكير ووجود دوافع ومصالح شخصية وفئوية وراء مسائلاتهم.

ان الشكوك تلقي بضلالها على قرارات زيادة انتاج النفط الخام لمثل الأرقام التي اعلنت مؤخرأ من قبل وزارة النفط. وكذلك تصريحات رئيس الوزراء الحالي بان الأستثمارات الخارجية داخل العراق قد بدأت وان العراق مقبل على نهضة كبيرة! ولعل هذا التفاؤل قد يكون شبيهأ بتحرير العراق حينما هدمت كل مؤسسات الدولة في العراق عدا المؤسسات النفطية لأنها ملك الشعب! وكأن باقي المؤسسات والمصارف والمتاحف والدوائر الحكومية والمستشفيات والمدارس والجامعات التي نهبت تحت أعين قوات الأحتلال هي ملك لأعداء الشعب العراق!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com