|
ألحُسين (ع) خط أحمر بين آلحق وآلباطل في آلمعادلة آلأنسانية عزيز الخزرجي (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء آلله ولوكنت أعلم آلغيب لإستكثرت من آلخير وما مسني آلسوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون)(ألأعراف188) الأمام الحسين(ع) وخط أهل آلبيت(ع) في فهم أكثر آلمسلمين والشيعة خصوصاً وأكثر آلمتلبسين بآلدين في آلعراق إنحسرت بالشعائر الكلاسيكية وآلعادات المتوارثة وآلتقاليد آلصفوية آلمتبعة منذ قرون في شهر محرم وآلمناسبات آلموسمية فتلك كانت نشأتهم وتعاطيهم مع هذه آلمدرسة آلعظيمة، مما أدّى إلى حصر آلفكر آلأسلامي في آلعراق وتحجيمه داخل آلحوزة(آلعلمية) ومجالس آلعزاء وآلطقوس وآلكلمات (ألمتكررة) آلتي لا ولم ينسى أصحابها أبدا من تكرار مقولة : ( يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما ...) فيها، ليبرؤا ساحتهم من مسؤولية آلعمل وآلجهاد في خط آلحسين(ع) على أرض آلواقع. وكثيرا ما لاحظت على بعض آلحضور وهم داخل تلك آلمجالس يستغيبون ويتهمون أصحاب آلفكر وإخوة رسول آلله (ص) ويأكلون لحومهم على مائدة ذكرى أكبر فاجعة دامية في آلتأريخ آلإنساني بإسناد حاميها، وآلأمرّ من ذلك يحسبون أنّهم يُحسنون صنعا. وفي تلك (المحاضرات ألمتكررة منذ قرون) إلى حد آلجزع وآلملل كما يصفها أصحابها أنفسهم - يُردد فيها آلمُحاضر عن ظهر قلب بالّلسان كالببغاء مقولة الحسين (ع) الشهيرة، والتي جاء فيها "........ واني لم أخرج أشرا ولابطرا ولامفسدا ولا ظالما، وانما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي. أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر وأسير بسيرة جدي رسول الله وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهوخير الحاكمين". بالطبع مع حديث وشعر يحفظهُ ويكتبه على ورقة صغيرة يحملها في جيوبه آلطويلة آلعريضة لأنه لا يمكنه حفظ وفهم أي جديد. ولم تكن في الواقع تلك آلوصية الرائعة لمسلمي عصره وآلمتردّدين في نصرته فقط - بل كانت أيضاً لمن يأتي بعده لكي يعيها ويُحقق مصاديقها ... فالحسين(ع) خرج "لطلب الأصلاح" في سعيه لأقامة حدود عبر الحكومة الاسلامية، على حدّ تعبيره وهوغايته آلكبرى ومُراده آلحقيقي وجوهر قضيته التي قدّم نفسهُ وعياله قرباناً على محرابها. وهوبهذا قد صنع موقفاً لا بُدّ لغيره أن ينظر فيه ويتمثله ويُحاول آلسير على هديه وإنْ بطرق مُختلفة طبق متطلبات العصر وتطوراته، موقف يمكن أنْ يكون _ لكلّ حُرّ مثلاً _ موقفٌ بمثابة آلضوء آلذي يظهر في سماءنا آلقاتم وآلذي يًرشدنا إلى طرق آلخروج نحونهار آلازدهار وآلوحدة وآلأنسجام وألأصلاح وآلتغيير. فالحسين أراد ألأصلاح في أمّته، وآلتغيير في سُلوكها وتعاطيها مع آلمبادئ ... ويُفترض كوننا ندّعي آلإنتماء لهذا آلخط أن نتعامل مع مبادئ هذا آلأمام آلمظلوم(ع) بالإتجاه آلذي رسمهُ لنا، وليس بالإتجاه آلذي يُوحيه أنفسنا ومصالحنا، فنكون كما قال آلإمام(ع) نفسه..{ ...ألدّين لعقٌ على ألسنتهم يدُورن حيث ما دَرتْ معايشهم وإذا مُحّصوا بالبلاء قلّ آلدّيانون} أي نميل إلى آلجهة آلتي تؤمّن لنا ألعطيات وآلتبجيل وآلتهليل، إنه من آلسهل أن ننسب أنفسنا إلى مدرسة آلحسين (ع) من على آلمنابر لأنّ (أوضع آلكلام ما ظهر على آللسان)، وهذا ليس معياراً في قاموس آلدّعاة آلحقيقين ألذين يُريدون بناء وإحياء هدف آلحسين (ع) للخلاص من واقعهم آلمتخلف .. وإنما آلمعيار آلحقيقي هوما يظهر على مواقفنا وتعاملنا في آلحياة وسلوكنا مع من يحيط بنا .. خصوصاً مع أهلنا .. وإخوتنا .. وشركائنا وكذلك مع آلذين كانوا نبراسا للجهاد وآلفكر وآلعلم .. أؤلئك آلذين ضحوا في سبيل آلمبادئ .. وأعطوا للبشرية آلكثير .. لأنّهم تعاملوا بصدق مع آلأمانة آلألهية بأبعادها آلثلاثة(1) ولم يكونوا مُستهلكين فقط .. وأبوا أن يكونوا عالة على غيرهم كالذين جعلوا منبر آلحسين منطلقا لمآربهم آلنفسية آلمريضة عبر تكرار آلمكررات كل يوم وإسبوع لإبقاء آلناس على جهلهم، وتسطيح أفكارهم عن طريق حجب آلحقيقة جهلاً وتجاهلاً, فإستحمروا آلناس وأرادوا لهم أن يعيشوا على هامش آلإسلام مُحاولين حَجْبَ كلّ فكرٍ أصيلٍ مُعَبّر عنهم، لأنهم يعلمون بأن سريان آلوعي وآلحقيقة في آلأمة ستؤدي إلى كشف حقيقتهم ومآربهم وأهدافهم آلدّنية، لكنهم نسوا وتناسوا بأن حبل آلدجل وآلكذب رخيص وقصير. مطلوب منا كمسلمين .. وكشيعة .. وعلى آلأقل كموالين أنْ ندرك نوايا هؤلاء آلجُهلاء .. ألذين يُؤرقهم هدفَ آلحسين آلحقيقي عليه آلسلام .. إنّ آلإمام آلحسين برئ مِمّن يستخدم لغة آلتسقيط وآلتشهير وآلكذب وآلبهتان ضد آلعلماء وآلمفكرين وأصحاب آلقلم وآلتاريخ، إن مَثَل هؤلاء كمثل بني آلعباس وبني صفوان عندما كانوا يبكون آلحسين على آلمنابر لكنهم كانوا في نفس آلوقت يتّهمون ويُسقطون ويستغيبون أهل آلحقّ وآلتأريخ بإسم آلحسين (ع) وأهل بيته لأجل إستغفال آلناس وآلتسلط عليهم. علينا أن ننظر للأسلام كلّهِ بأنّه دين آلحق وآلوفاء وآلعدل وآلأخلاق وآلمثل وآلمواقف وآلعطاء، وأن ننظر للحسين (ع) كمشروع نهضوي ومنظومة إصلاحية حاول ان يُعَدّل ويُغير ويُصلح آلنظام آلفاسد في عصره بل وكل آلعصور . لم يستشهد ليأتي حفنة من طلاب آلدّنيا ألمتلبسين بالدّين للتسلط على حرّية وأفكار آلناس بحجب آلحقّ عنهم، وتكفير من يُريد إنقاذهم وإنتشالهم من وحل آلهزيمة وآلخنوع ! إنّنا بكلّ أسفٍ لم نفهم معنى آلدين والأصلاح الذي يجب أن تكون عليه نهضة عاشوراء ومجالس آلعزاء كمناسبة لقراءة حقيقة آلثورة الحسينية وهذا آلفكر، وآلتعاطي معه لتطبيقه كنظام إجتماعي. إخوتاه : كيف يمكن لمن يدعي إنتماءه لشيعة آلحسين وهوفي كل مجلس يكرر تزريق دم آلحسين (ع) في آلناس لتخديرهم ليعودوا إلى بيوتهم وآلنشئة تعلووجوههم بعد إنتهاء مجلسهم وهم يحسبون أنهم أدوا رسالتهم أمام آلحسين (ع) ؟ ومثلما طالب آلأمام آلراحل (رض) وخليفته وكذلك السيد محمد حسين فضل الله - ألشيعة وآلمسلمين في آلعالم آلإسلامي، بالأستفادة من ذكرى عاشوراء لـ" تكون مُناسبة إسلاميّة منفتحة على قضايا آلوحدة، برفض كل أساليب آلإثارة وآلتفرقة آلتي تسيء إلى قوّة الإسلام في وحدته ومستقبله... فأنا أطالب أيضا من أصحاب آلفكر وآلمرجعية آلعتيدة في آلنجف آلأشرف أن تكون مجالس آلإمام آلحسين(ع) مُنطلقا للفكر وآلبناء وآلإصلاح وآلنهضة لإنقاذ العراق بل آلإنسانية جمعاء، فألأصلاح هوجوهر قضية آلحسين، وعلينا فهمه ووعيه، ولا يمكن آلاصلاح إلا عبر حكومة إسلامية عصرية عادلة . وقبل كل شئ لا يمكننا فهمه إلاّ من خلال: أولا : ترك جميع آلإعتقادات آلبالية آلتي توارثناها كأساليب بني آلعباس وبني صفوان وكل من سار بنهجهم إلى يومنا هذا. ثانيا : عدم آلسماح لأي كان من إعتلاء منبر آلحسين ما لم يتمّ آلتأكد من مصدر رزقه، لأنّ آلذي لا ياكل رزقه من كدّ يده لا يمكنه أن يكون مُؤمنا ولا حتى مُسلما، ناهيك عن ألقاب أخرى، لأنّه يأكل آلمال آلحرام، وهذا متواتر في أحاديثنا (ومن لا يملك قوته لا يملك رأيه). ثالثا :يجب آلتأكد من معاملته وأخلاقه مع ذويه وأهله وأهل آلفكر وآلتأريخ . فإن كان يُعاديهم فإعلموا أنّه دجال ومغرض ولا يريد نصرة أهداف آلحسين (ع). رابعا : يجب ملاحظة تاريخ تعامله مع آلمرجعية آلصالحة آلناطقة خصوصاً قائد آلأمة الأسلامية، وحذاراً من أؤلئك آلذين كانوا إلى آلأمس آلقريب يستشكلون على خط آلأمام آلراحل (رض) وآلفيلسوف محمد باقر آلصدر(قدس) وأخته آلعلوية آلطاهرة(قدس)، ولكن بعد إستلام تلامذة آلأمام آلصدر للحكم في آلعراق بعد زوال صدام عام 2003م، تبدّل رأيهم وأظهروا موقفاً مغايراً لموقفهم آلسابق ! وبدؤا يتحدّثون على آلمنابر عن فكره وجهاده وأخلاقه وعن أخته آلمظلومة بنت آلهدى، طمعا في آلدّنيا (يدورون حيث ما درت معايشهم)؟ خامسا : ألتّأكد من برائتهم من (آلتعرب بعد آلهجرة)(2) خصوصا للمتعممين وأتحداهم إن أثبتوا شرعية وجودهم هنا، وهذا إخوتاه أهم أصل من أصول آلثبات على آلولاية في عقيدة آلشيعة، ولا أظن أن أحدهم خرج من ديار آلأسلام بإجازة شرعية من ولي آلأمر إبتداءا، وهذا آلأصل وحده يكفي للتنكيل بإدعاهم لولاية أهل آلبيت (ع). سادسا : علينا أن نُدقّق ونعي معنى وغاية مُحاربة آلمفكريين وآلفلاسفة آلأسلاميين ! وهل أجاز آلأسلام آلغيبة ؟ وآلنميمة ؟ وآلبهتان ؟ وتفريق صفوف آلمؤمنين ؟ ومُحاربة آلمفكرين ؟ وآلبحث عن سرّ حُرمة تلك آلصفات آلتي ينبذها كل إنسان شريف له قلب لأنّ(آلغيبة اشد من آلزنا)، ناهيك عن شيعة أهل آلبيت(ع) ألذين يُفترض أن يتّصفوا بمواصفات عالية وخاصة .. غابت للأسف عن سلوك دعاتها. سابعا : من صفات آلشيعة : روي عن الباقر (عليه السلام) :{ يا جابر !.. أ يكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبنا أهل البيت ؟!.. فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبرّ بالوالدين، والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة، والغارمين، والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس، إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء قال جابر : فقلت : يا بن رسول الله!.. ما نعرف آليوم أحداً بهذه آلصفة، فقال (ع) : يا جابر!.. لا تذهبنّ بك آلمذاهب، حَسْب آلرجل أنْ يقول : أحب علياً وأتولاه، ثمّ لا يكون مع ذلك فعّالاً ؟ .. فلوقال : إني أحبّ رسول الله (ص) - فرسول الله (ص) خيرٌ من علي (ع) - ثم لا يتبع سيرتهُ، ولا يعمل بسنته ما َنفَعَهُ حّبه إياهُ شيئاً، فإتقوا آلله وإعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عزّ وجلّ وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته. وتأسيسا على ما بيّنا فأنّ آلعراق (أرضا وشعباً ونظاماً) كلّه يحتاج إلى ثورة إصلاحية جذرية في كلّ شئ . بدايتها يجب أن تبدأ بتغيير جميع آلأفكار آلتي إستقرت في آلعقول وجميعها هشة إلتقاطية متقاطعة في نسيج لم أقرأ عنها حتى إشارة واحدة في كل علم آلإنتربولوجيا، لأنها لم تبنى على عقيدة سليمة .. وخاطئة .. واحدة كي يتمّ آلتعامل معها على وجه . نحتاج لندقق في عقائدنا وإدراكنا علّنا نقترب على آلاقل - إن كُنا عاجزين أن نكون شيعة لنلتحق بركب آلثورة آلأسلامية آلمعاصرة - من نسق الثورة الأصلاحية في اوربا في القرن التاسع عشر أوالثورة اليابانية (عام 1868م) في آسيا - على آلأقل، مع ملاحظة ضرورة مواءمة هذه آلثورة آلأصلاحية مع خصوصيات واقعنا وأن كنت أعتقد بأننا نصطدم حتماً بإشكالية آلإصالة وآلمعاصرة من أوسع أبوابها لأنّ أفكار ومخلقات آلنظام آلبائد وآلتعصبات آلجاهلية يبدوأنها قد اخذت مأخذها في طريقة تفكير أهلنا للأسف، وإلا بماذا يُفسّر ما نعيشه من آلمآسي وآلأرهاب في ساحتنا، بل حتى في اوساط جالياتنا في آلخارج وكأنهم لم يتواجدوا ولم يتأثروا فيها ساعة. أن آلوضع آلعراقي آلجديد وآلعملية آلسياسية تحتاج الى غسل كلّي لكلّ آلمناهج والأوساخ آلتي ترسبت فيها خصوصا آلعقل آلعراقي من أجل آلبدء بالأصلاح آلسياسي وآلبرلماني وآلأجتماعي وآلأقتصادي وآلحوزوي قبل كلّ ذلك. فالحسين قد اغتسل بالدم من أجل الأصلاح، وعلينا أن نغتسل بالأصلاح من أجل الأمة وإلأ ستتكرر مأساة كربلاء ويستمر مقتل الأمام الحسين في أوساطنا كل إسبوع وفصل على أيدي المفسدين . لكن رغم كلّ هذا فأنّ آلحسين (ع) سيبقى آلخط الأحمر بين آلحق وآلباطل في المعادلة الأسلامية على مرّ آلدهور . ولا حول ولا قوة إلا بالله آلعلي آلعظيم !!! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)ألمدرسة آلإسلامية \ألفيلسوف محمد باقر آلصدر (قدس), في بحثه حول دور الأنسان في الوجود. (2)من أكبر الكبائر في آلعقيدة آلاسلامية. (3)جواهر البحار.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |