|
مبادئ الثورة الفرنسية
الفرنسيون يسوقون الحجج لاثبات انهم على حق في منعهم استخدام الرموز الدينية في المدارس والجامعات وأماكن ودوائر عدة. وكان منها ان هذه الرموز تثير الفتنة بين اتباع الديانات ولكي يحافظوا على مبادئ الجمهورية الفرنسية الممتدة الى ايام الثورة الاولى التي هزت العالم ولهم مع غطاء الراس حكاية لا تشبه حكايات الاتراك ...في اسطنبول يبرع انصار العلمانية في تسفيه قضية الحجاب باعتبارها بالضد من تعاليم السيد اتاتورك الذي اصابته عقدة العداء للاسلام . لكن الفرنسيون يقولون انهم ليسوا كذلك ولهم حججهم واذا كان نواب اتراك وقادة سياسيون يحتجون او يمنعون النساء من الدخول الى مبنى البرلمان وهن واضعات غطاء الراس فان العكس في فرنسا هو السائد لان القيم مختلفة والمبادئ كذلك وفهمها ايضا مختلف مع ان دعاة محاربة الحجاب ينشطون في البلدين .. لكن ان يدافع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية برنار اكوييه عن قراره بالسماح لشابة محجبة دخول مبنى البرلمان وان تجلس في الصفوف الاولى ضمن برنامج متبع يتمثل في حضور الجمهور للاستماع الى نقاشات النواب .. فهذا الدفاع امر مثير للانتباه لانه ياتي من رأس السلطة التشريعية .. وامام احتجاجات عددمن النواب على دخول المبنى وحضور جلسات الجمعية الوطنية لم يجد الرئيس برنار سوى الدفاع عن نفسه .. النواب احتجوا وفق المادة الثامنة من تعليمات الجمعية الوطنية القائلة .. يجوز للجمهور الحاضر الجلوس في المقاعد المخصصة له ومن دون اغطية الراس ..الرئيس برنار اكوييه بعث برسالة الى السادة اعضاء الجمعية الوطنية وكان يريد توضيح اللبس الذي اعترى موافقته على دخول الشابة المسلمة الى مبنى الجمعية بالقول .. (ان المادة المتعلقة بوجوب كشف الرؤس تحت قبة البرلمان لا تتعلق بهذا العصر بل بالعصر الذي كان فيه الرجال يرتدون العقبات ورغبة ممثلي الشعب في ان يخلع الداخلون الى القاعة قبعاتهم احتراما للمكان عند حضورهم الجلسات ).. ويضيف ..(ان اشهار هذه المادة ضد من يرتدون لباسا ذا مغزى يشير الى انتماء ديني يمنحها تفسيرايخالف سببها الاصلي خصوصا عندما يكون علينا التحرك بكثير من الحذر في مثل هذا المكان الذي يقع في قلب الديمقراطية .. موقف رئيس البرلمان الفرنسي رسالة الى الذين عبروا عن خشيتهم من انهيار القيم الاخلاقية التي اكدتها الثورة الفرنسية بان الفرنسيين ما زالوا يحافظون على هذه القيم ويدافعون عنها وان الذين يدعون الى خلاف ذلك هم قلة غير مؤثرة وليس لديهم النفوذ الكاف ليغيروا من الثوابت المرتبطة بدعم الحريات العامة وتوفير الفرص لجميع المواطنين على التراب الفرنسي ليعيشوا متساوين وخارج دائرة الضغط . في هذا السياق يأتي تكريم الفرنسيين للصحفي العراقي عدي حاتم رئيس جمعية الدفاع عن الحريات الصحفية لدوره في مجال الدفاع عن حقوق الانسان وحرية التعبير تعبيرا عن استمرار العلاقة الايجابية والفهم العالي للدور الانساني المتوازن في الدفاع عن الحقوق والحريات العامة وهذا ما كنا على الدوام نتمناه حيث يكون دعم الحريات والعلاقات المتوازنة اكبر تأثيرا من استخدام الضغوط لتحجيم التطرف القومي والديني .. واذا تحقق هذا الفهم فان النتائج ستكون مؤثرة في نهضة البلدان التي تعاني من مشاكل التطرف والتردي السياسي والاقتصادي والاستبداد بالرأي ..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |