|
هل مضى بي العمر؟
امام ذكرى عابرة، وفي مواجهة صورة لحبيبة في الخيال ابتعدت بها الاقدار عني، او اغنية قديمة، اجد اني قد انهارت قواي، وصرت كريشة في مهب الريح، واشتد في روحي الحنين.. واسأل.. هل مضى بي العمر؟ او هل كبرت؟ ام هي العاطفة التي تسحبني الى شواطيء الشوق لايام مرت ولأحبة واصدقاء مضوا؟ لا ادري. تشدني الكلمات الجميلة، واراني عجوزا تحطمت روحه، وتكسرت اضلاعه وعاد الى سنين خلت وهو يسمع لكلمات امرأة غير مصدقة انها اكملت دراستها الجامعية منذ ثمانية عشر عاما كاملة، لكنها تتذكرايامها وكانها امس القريب وليس البعيد. الذاكرة تجمع ما تفرق، وليس دفعة واحدة، وربما بحسب المزاج والظروف والمصاعب التي تجتاح حياتنا وتمنعنا من استخدام ما فيها او الافادة منها، وفي اوقات تأتي بالاحداث والصور فرادى وتحلل كل واحدة منها وقد تثير النفس بالحزن، وربما اسعدتها، ولانها اشكال وانواع فهي تحمل السعادة والحزن، ومنها ما يبعث الارتياح، ويهدئ الخاطر، وهناك من يبكي لمجرد تذكره حادثة بعيدة، او انه يعود الى صورة انطبعت في ذهنه عن مرحلة من حياته عاشها. الايام الاولى في المدرسة الابتدائية، والاولى في الثانوية، ومثيلتها في الكلية، والاولى في العمل، وحتى في معرفة الاشخاص ومواجهة الحوادث تبقى في الذاكرة، وما يكون فيها يؤسس لما بعده من مواقف وافكار ومشاعر وردود افعال، وسواء كان ذلك في البدء او عند استذكار ما مضى فان التأثير يتصاعد في النفس والوجدان، وربما مات الانسان من وقع ما احدثته الذكرى في دواخله. وغالباً ما يرى الناس ان الماضي اجمل من الحاضر واكثر دفئاً، وهو ليس كذلك ولكن هم يرونه كذلك لان الحاضر مرهق ومضنٍ ويصيب بالغثيان، بينما الماضي مجرد صورة في الذهن وحتى سيئاته تذهب ويبقى طيفها في البال. وان يضربك احدهم على خدك الان، ليس في التأثير كما لو تذكرت ضربة قبل عشر سنين. العمر يمضي، شئنا ام ابينا، ونحن ماضون الى نهاية غير معلومة، لان الله هو الذي يعلم ما يكون مثلما اوجدنا في الحياة، ولم نكن مختارين، بل هو اختار لنا هذه الحياة وقرر لنا مصيرنا، ولذلك اوصانا صالح المؤمنين ان لا نتمنى الا الحال التي جعلنا الله عليها. المستقبل بيد الله، والحاضر متاح لنا فيه الحركة وقد نعرف ما سيأتي اذا سلكنا مسالك حسنة وعملنا بطريق صالح ليكون الغد اقل خسارة، فالارباح ليست مضمونة دائماً., واذا مضى العمر، قلت الرغبة في الحياة للذين يملكون شيئاًَ من الحكمة، والذين يبحثون عن اللذة والحياة الفانية فهم ملتصقون بها مواظبون على السعي ليجمعوا ما استطاعوا من اموال وليبنوا الضياع والبيوت والمصانع، ثم يتركونها لمن بعدهم ويمضون الى عالم اخر كما مضى العمر بي.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |