دور الاْديان في تعزيز الاْمن والسلام


هادي جلومرعي

hadeejalu@yahoo.com

هذا العنوان العريض يمثل الهدف من اقامة مؤتمر بهذا الاسم تحتضنه بغداد مطلع الاسبوع المقبل ويقيمه مجلس النواب العراقي ويتضمن العديد من المحاور التي سيناقشها المؤتمرون القادمون من بلدان عدة لعلهم ان ينتفعوا من التجربة العراقية العاصفة بشكل مغاير لما عليه تجارب البلدان الاخرى في مجال الصدام الطائفي ومحاولات جهات وفئات واشخاص لردم الهوة المتسعة بسبب التزاحم على مكاسب آنية أدت الى تغييب دور الدين الايجابي لجهة الدور السلبي المبني على افتراضات واوهام او لتكريس نفوذ ما سيزول عاجلا لاعتبارات الرفض الشعبي ولاجدوى الاستمرار التي يدركها غالب المشتغلين في سوق الترويج للمذاهب على حساب الانسان..

الجيد في مسعى مجلس النواب ولجنة الاوقاف فيه ان الحضور لم يقتصر على شريحة محلية وتجاوزها الى دول الاقليم والدول الابعد مسافة عنا وسيكون هناك من العلماء والمهتمين من مذاهب اسلامية عدة اضافة الى علماء من ديانات غير الاسلام يحملون معهم الى بغداد افكارا ورؤى مستمدة من تجارب عاشوها في بلدانهم نتجت عن صراعات دينية كما حصل في نيجيريا والمواجهة بين المسلمين والمسيحيين او في مصر حيث التنازع على كل شئ بين الاقباط والمسلمين وماجرى في البلقان واسيا الوسطى وباكستان وليس ببعيد ماحصل ويحصل في السودان واليمن ولبنان وباكستان والهند..

ولكن .هل سينجح المؤتمر في تحقيق نتائج تنعكس على الراهن العراقي او على المؤجل من الاستحقاقات في اطار الترتيب الذي يراد له ان ينهي الازمة العراقية لتحديد الاولويات وضمان حقوق اتباع المذاهب والديانات الذين يعيشون في هذه البلاد متآلفين منذ مئات من السنين برغم البطش والقمع السياسي والعقائدي الذي مارسته سلطات عدة تناوبت على حكم هذا البلد واشبعته قهرا؟

ليس من شأن المواقف الأنسانية او الكلمة الطيبة الموصوفة (بالصدقة) اْن تنعكس ايجابيا في مساحة زمنية محددة والمهم ان يكون هناك المزيد من التاسيس لمستقبل قادم واستحقاقات مهمة . فالعراق مايزال في طور البناء ومحاولات تعزيز اْثر التغيير الذي لم تتضح معالمه الى الاْن لاْعتبارات التنافس السياسي والخوف من تداعيات القلق الذي انتاب اْتباع واْرباب المذاهب والاْديان فيه لجهة الخشية من التصفية اْو التهجير خاصة وان من ذلك ماحصل بالفعل حين هجر المواطنون على اْساس المذهب او حين قتل البعض على اْساس الهوية اْو حين اضطهد اخرون لانهم لايلبون اعتقاد جماعات التطرف الاْعمى اللاهث خلف الاْوهام..

هذه الخطوة تاتي لتعزيز اجراءات اتخذت خلال المدة الماضية من عمر الدولة الناشئة وكان المشتغلون عليها من الساسة وعلماء الدين والباحثين واصناف من المثقفين الذين وجدوا انفسهم في مكان غير الذي ارادوا الوجود فيه كان يكون مسرحا او قاعة لتلاوة الشعر او منتدى ادبيا" او حواريا" بل انساقوا الى دائرة سحب الناس من عدوى الطائفية والانعزال والتحزب لهذه الفئة او تلك..

نعم كان لبعض رجال الدين دور غير محمود في توجيه الناس الى حيث الصدام ونبذ الاخر ونفيه ..وفي المقابل كان للعلماء الكبار وللمتنورين من اهل العقائد ماافصحوا عنه من ايجاب في وأد الفتنة وأيقاظ الضمائر المصابة بداء (السبت).

والمهم ان يكون الحضور القادم مؤثرا لجهة البناء على اساس التفاهم لا على اساس التراض المؤقت بانتظار لحظة قادمة من عمر الزمن للانقلاب على ماتحقق ونفيه..

والتجارب الماضية والطروحات التي قدمها كبار العلماء والساسة للتقريب بين المذاهب وفتح باب الحوار بين اتباع الديانات وحتى (حوار الحضارات) انما هي تجارب مغنية وذات مردود عال في ايجابيته مادام الادراك قد توفر بخطورة مايحاك للانسانية من دسائس تريد لها ان تركن الى افكار وعقائد صدامية تنفع اولئك المتصيدين والباحثين عن مكاسب تعود بالنفع على فئات بعينها وتستلب اخرى مالها من حقوق..

هنالك مفاهيم يجب ان لايتغافلها الناشطون في هذا المضمار ترتبط معظمها بالتعددية الدينية والمذهبية وقبول الاخر والحوار معه على اساس التكافؤ وتحديث المناهج التربوية لتتلائم وروح التسامح والتلاق وبناء جسور الثقة والدور الذي يمكن ان يؤديه علماء الدين في تخفيف الاحتقان الديني والمذهبي..

نحن مع كل مسعى ايجابي يمكن لمجلس النواب ان يعمل عليه لجهة بناء الانسان وارشاده الى سبل الهداية وعلى الاقل لكي لايوصم النواب عندنا انهم منشغلون بالتنافس السياسي ومناقشة القوانين التي لاتخدم الفكر والثقافة وهموم الانسانية عامة...

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com