الصحفيون العراقيون .. ونواب " لنَزَعْ الأخير"!؟

 

محمود حمد

mehmood.hamd@gmail.com

بين النفي والتأكيد..يتداول الصحفيون والحريصون على حرية التعبير المعلومات المتسربة من تحت سقيفة مجلس النواب عن:

"ترحيل مجلس النواب لقانون الصحفيين الى المجلس النيابي المقبل"!..

وبغض النظر عن إقرارا القانون في هذه الدورة التشريعية او ترحيله الى المجلس النيابي المقبل ، فإن مايقع في الماضي يصبح شاهدا ماديا يحتكم اليه الجميع لتقييم نشاط ومواقف وانجازات واخفاقات هذه المؤسسة او تلك..ويؤشر آفاق مستقبلها..

ولاننا في نهاية الفصل التشريعي الاخير للمجلس النيابي ، فان الضرورة تستلزم المراجعة والتقييم..من وجهة نظر مراقب..

اما بشأن القانون..

فإن تم إقراره..

فالخشية أن يتلوث ـ عند التطبيق ـ بأوبئة المحاصصة وذرائع المحتلين!

وإن تم ترحيله..

فإن القانون سيمسي راحلاً في ذمة الغيب!

(وسيدعو له المخلصون من مندوبي الطوائف والاقوام..بأن يتغمده الله بواسع رحمته ويلهم الصحفيين العراقيين وعوائلهم الصبر والسلوان..إنّا لله وإنّا اليه راجعون..)..

وفي الحالتين..

ورغم وجود نواب نكن لهم الاحترام لنزاهتهم ودورهم النيابي الرافض لبيئة التعقير الطائفية التي تطغى على نمط اعمال المجلس ..فإن مجلس النواب العراقي ـ وهو في النَزَع الاخيرْ ـ سيدخل في كتاب جينس للارقام القياسية لأنه:

1.   أول مجلس نيابي يُطْرَدْ رئيسه بجرائر (عدم الكفاءة) و( الانفلات) و( وخرق النظام الداخلي) و(احتقار المرأة) وووو..!!

2.   أول مجلس نيابي يدان أعضاء منه بالارهاب الدموي بحق العراقيين !

3.   أول مجلس نيابي يسجل أعضاءه رقماً قياسياً بإستخدام الهواتف النقالة تحت سقيفة المجلس مع امرائهم لتلقي الأوامر ..(لانهم ـ مدمنون على التشاور !!!!!ـ أثناء الجلسات.. وليس لأنهم بلا ارادة شخصية نيابية!!!!)..

4.   أول مجلس نيابي يسجل رقماً قياسياً في تعطيل القوانين الى "اللحظة الاخيرة "..وإقرار تلك القوانين فور هبوط المطرقة الامريكية على رؤوس أمرائهم!

5.   أول مجلس نيابي يقرر بنفسه إمتيازاته دون حسيب او رقيب!

6.   أول مجلس نيابي يَسفك اعضاء منه دم العراقيين في شوارع المدن للابتزاز السياسي في قمة السلطة!

7.   أول مجلس نيابي يتخادم أعضاء منه علناً..للاجنبي.. (الامريكي.الايراني.العربي.التركي) بالضد من مصالح الشعب العليا!

8.   أول مجلس نيابي يطالب أعضاء فيه ببقاء جيوش المحتل تمزق كرامة المواطن وسيادة الوطن.. لحماية مناصب امرائهم القلقة..وغنائمهم التي إبتزوها من ثروات الشعب برعاية المحتل!

9.   أول مجلس نيابي يفشل في ـ إقتراح وإعداد وتشريع ـ قانون واحد لصالح الشعب ، طيلة أربع سنوات (بإستثناء القوانين التي تحيلها الحكومة اليه!).

10. أول مجلس نيابي يسجل رقما قياسيا بنسبة تعطيل تشريع القوانين بالنسبة لعدد القوانين المحالة اليه خلال دورته التشريعية..لاسباب فئوية ضيقة!

11. أول مجلس نيابي يسجل رقما قياسيا بالفشل في أداء دوره الرقابي والتشريعي لاسباب طائفية وعرقية (بإستثناء _النَزَعْ الاخير ـ من حياته ولدوافع ـ تناحرية إنتخابية ـ لاتخلو من شبهة السعي لاضعاف رئيس الحكومة!).

12. أول مجلس نيابي يُفَجِرهُ أعضاء فيه لقتل ـ زملائهم ـ!!

13. أول مجلس نيابي يُسجل رقما قياسيا في غياب أعضائه عن الجلسات دون مبرر شرعي!

14. أول مجلس نيابي يترفع أعضاء فيه ـ من العشرة المبشرين بـ......_ على أعضاء المجلس الآخرين بإمتناعهم عن الحضور المنتظم لجلساتهّ!

15. أول مجلس نيابي يقيم العديد من أعضائه خارج العراق بضيافة خصوم العراق!

16. أول مجلس نيابي يدفع البلاد الى التمزق العرقي والطائفي لإقامة ـ امارات طائفية وعرقية ـ خلافا للدستور الذي يضع وحدة الشعب والارض محور مبادئه!

17. أول مجلس نيابي يحتمي أعضاء فيه بالمحتل بمواجهة زملائهم تحت سقيفة المجلس!

ورغم ان المرحلة التي اعقبت الغزو وسقوط الدكتاتورية شهدت تحولا نوعيا في مساحة حرية الرأي والتعبير ..حيث تدفقت ـ بدلا عن الصوت الواحد ـ مئات الصحف والمجلات والمطبوعات الدورية الى جانب العشرات من الفضائيات والاذاعات الى القراء والمشاهدين والمستمعين..التي تعبر عن تعددية واسعة وتنوع فكري وثقافي شاسع وتباين متدافع في زحمة الاصوات ، يدعو للتفاؤل..لانه يعكس خصائص المرحلة والمنعطف التاريخي الذي يمر به العراق بكل تناقضاته وإتساقاته ومخاضاته..وسينتج تيارات فكرية اكثر نضجا في اصطخاب الآراء والتوجهات ، وسوف لن يبقى سوى تلك الرؤى التي تنسجم مع حركة التطور التاريخي ومصالح الشعب وحرية الفرد!

لكن الصحفيين العراقيين اصبحوا ضحايا للارهاب المسلح كغيرهم من مكونات الشعب المُنتجة المُبدعة..

لانهم دعاة الكلمة الحرة الذين عانوا ويعانون من وحشية أعداء حرية التعبير وخصوم الرأي الحر، وتعرضوا لشتى صنوف الإستبداد والإقصاء والقمع والترويع والتجويع..على إمتداد عقود طويلة وعسيرة من الزمن..

فكانوا ومازالوا:

1.   من بين أكثر الصحفيين في العالم الذين قدموا شهداء في تاريخ الصحافة (275 شهيداً) منذ الغزو وسقوط الدكتاتورية!

2.   من بين أكثر الصحفيين في العالم تعرضا للارهاب المتعدد الاطراف

..(استبداد الدكتاتورية.استباحة الاحتلال للوطن.اشاعة الارهابين للموت في الشوارع..بينها 87 عملية اختطاف للصحفيين ، واكثر من 15 صحفيا مازالوا محتجزين!..)..

3.   من بين أكثر الصحفيين في العالم صبراً وجَلَداً وقدرة على النهوض من ركام الاستلابات المتعاقبة..رغم عصف الإحباط الممنهج لإرادتهم على إمتداد عقود طويلة!

4.   من بين أكثر الصحفيين في العالم بؤسا..وهم يعيشون في اكثر بلدان العالم ثراءً !

5.   من بين أكثر الصحفيين في العالم تَشَرُداً ـ داخل وخارج الوطن ـ..في بيئة استوطنها النفعيون من كل الاجناس ( ومنهم مئات الصحفيين المحترفين الذين أجبروا على هجرة الوطن خوفا على حياتهم او بحثا عن الرزق!)..

6.   من بين أكثر الصحفيين في العالم تماهياً في روح وجسد الثقافة..في أنظمة متتالية تخاصم الثقافة!

7.   من بين أكثر الصحفيين في العالم تَشَبُثا بالقلم المهني..في أنظمة متتابعة تخشى القلم وتوئِده بالرصاص!

8.   من بين أكثر الصحفيين في العالم عطاءاً..في دولة عقيمة تمحقهم باليباب!

9.   من بين أكثر الصحفيين في العالم تمسكا بالوطن..وسط ذئاب السياسة الذين يتناهشون الوطن!(بعد ان تفجرت اوبئة الطائفية والعرقية التي طفحت بين وسائل الإعلام..تدعو للهوية الجزئية بدعوى ـ المظلومية ـ على حساب الوعي الوطني الديمقراطي!)..

10. من بين أكثر الصحفيين في العالم نزوعا للحرية..في أشد ظلمات القهر حَلَكاً!

11. من بين أكثر الصحفيين في العالم قطعا لطريق العمر حُفاةً..( بين الحرف الاول على القرطاس وحرف القبر..) في وطن يتفسخ فيه لصوص السياسة من فرط التخمة!

12. من بين أكثر الصحفيين في العالم تنوعا إبداعيا..في بيئة ومحيط قسري يكرس ويقدس الصوت الواحد!

13. من بين أكثر الصحفيين في العالم إحتماءً بالوطن..في زمن يحتمي فيه باعة السياسة المتجولين بالاجنبي!

14. من بين أكثر الصحفيين في العالم إنتماءً وتعبيرا عن مصالح وإحتياجات ومطالب شعبهم..فيما تعبث الملفات والمشاريع المشبوهة بعقول وإرادات ونوايا وممارسات العديد من السياسيين المتحاصصين!

15. من بين أكثر الصحفيين في العالم تعرضا للاغتيال اينما حلوا بحثا عن الحقيقة..في وقت يحتمي سياسيو المحاصصة بجيوش من الحماية (التي تزيد بمجموعها عن فرق عسكرية مدربة ومجهزة بأحدث الاسلحة وأعقد التشابكات مع المخابرات الاجنبية )..لإخفاء الحقيقة!

16. من بين أكثر الصحفيين في العالم سَعياً لتنوع الرأي ووحدة الموقف..بمواجهة إنحدار المتحاصصين لوحدانية الرأي وتشتت الموقف!

17. من بين أكثر الصحفيين في العالم إطلاقا لصوت الحقيقة وتحمل أعباء تَوَهُجِها..وسط ظلمة الإذعان الذي تصنعه المواقف المتخاذلة لأصحاب المطامع والمنافع والمناصب والمدافع المتحاصصة!

ونحن نقول بمسؤولية ووعي مهني..

دونما يأس ولا إنخداع ..

بأن الصحفيين العراقيين سوف لن يمنحهم مجلس النواب المقبل حقوقهم..إن خذلهم مجلس مندوبي الطوائف والاقوام اليوم..

لان المجلس المقبل سيولد من ذات الرحم التحاصصي الذي أنتجه الإحتلال وبَصَمَتْ عليه الملايين..تلك الملايين:

المسحوقة بمجنزرات الاحتلال..

والمذعورة من مذابح الارهاب..

والمهشمة بعقود الدكتاتورية..

والمُضَلَّلَة بدجل الطائفية والعرقية!

بل ان إرادة الصحفيين العراقيين ، ووحدة صفهم ، ووضوح موقفهم بمواجهة خصوم حرية التعبير والتفكير على اختلاف ألوانهم..وتفعيل المادة 26 من الدستور التي تكفل:

اولا: حرية التعبير عن الراي بكل الوسائل.

ثانيا: حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر.

هي الكفيلة بإنتهاج طريق مهني وطني يرغم المتحاصصين ـ داخل وخارج مجلس النواب ـ على الإقرار بحق الصحفي:

في التعبير عن رأيه بالكلمة الحرة..

والعيش الكريم مع أسرته..

والعودة المُثمرة للمغتربين منهم الى وطنهم..

والتحرك الآمن في مغاليق بحثه عن الحقيقة!

مما يدعوا الصحفيين الى:

مزيد من التمسك بالكلمة الحرة..

ونشر الرأي الشجاع..

وصناعة الموقف الرافض للاحتلال بكل اشكاله..

وتفكيك ـ ثقافة المحاصصة ـ التي افشاها المحتل في بيئة التخلف المعرفي..

وفضح الفاسدين والمفسدين في الدولة والمجتمع..

وترسيخ الرؤية الوطنية المستقلة..

وتعميق الوحدة المهنية المُنتِجة..

وإعلاء الصوت المُعَبِّر عن إرادة الشعب..

والكفاح من اجل وضع حد لجرائم إغتيال وملاحقة الصحفيين ، ومنع توجيه الاتهامات القضائية الكيدية لهم..

وتطهير قانون الصحفيين وتطبيقاته من كل ما يُقحمه في أُطُرِ الإحتلال ومنهجيات المحاصصة..

للخروج من مستنقع دولة المحاصصة المُجدِبة..الى حقول دولة الوطن والمواطن الخصبة!  

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com