|
التراجع والإجحاف وجهان لصورة واحدة
محمد علي محيي الدين لا أدري كيف لمقال الرفيق جاسم الحلوائي أن يمر دون أن يثير الكثير من التعليقات فقد تطرق لمسألة جوهرية تقع في الصميم من مطالبنا في تعديل القانون لأنه يمثل إجحافا واضحا بحق الكثير من الأحزاب والكيانات الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي الذي قبل التحدي رغم الخانق الضيق الذي حاولت القوى الكبيرة وضعه فيه معتمدا على الكثير مما يميزه عنها سواء في تاريخه المجيد الوضاء ،أو مواقفه الوطنية الصادقة، أو النزاهة التي يفتقر إليها الكثيرون ممن تسلقوا مقاعد الحكم في العراق، أو كونه يمثل أكثر الشرائح الشعبية بما يحمل من مبادئ وثوابت لا ينكرها إلا جاحد أو مصاب بعمى الألوان. ولأن النقاط التي أثارها المقال القيم تحتاج لوقفة رأيت أن أعبر عن رأيي المخالف لما تفضل به الرفيق العزيز في نظرته للقانون واعتباره أكثر ديمقراطية وتمثيلا لأنه"جعل القانون أكثر ديمقراطية في نواحي معينة من قانون 2005، وذلك بإقراره القوائم المفتوحة والمناطق المتعددة وإنصاف الأقليات.") و"لم تساعد على إقناع أقرب حلفائنا بعدالة مطالبنا" ناسيا أو متناسيا أن الخطورة الكامنة في القانون لها الخطورة الأكبر في نوايا الواقفين خلفه ممن يحاولون الانفراد بالسلطة وتثبيت النهج المحاصصاتي لأطراف طائفية وقومية وهو الأساس الذي يراد منه بناء الدولة العراقية الجديدة لضمان ديمومة وبقاء هذه الأحزاب وعدم ظهور منافس لها لحين البت ببناء دولتها الراسخة التي لا يمكن تغيير منهجها إلا بنضال عسير قد يطول لفترة تزيد على الفترة الملكية في العراق. والمقال فيه أكثر من وجهة نظر صائبة لأنه يصب في خدمة الوطن والشعب وتصح الآراء الواردة لو كنا في بلد ينهج نهجا ديمقراطيا صحيحا فالتوجهات الديمقراطية الحالية مفروضة على القوى الكبيرة وتمكنت بفعل هيمنتها من تسخيرها لمصالحها وما يكفل لها بسط هيمنتها على مفاصل السلطة في العراق وأن محاولاتها لسحق القوى الصغيرة وعدم تمثيلها في البرلمان ينزع للانفراد بالسلطة وبناء ديمقراطية شكلية،لأن المطلع على الوضع الداخلي في العراق يلمس بما لا يقبل الشك محاولات هذه القوى لبسط سيطرتها من خلال انفرادها بالسلطة وصراعاتها المعلنة والمكشوفة التي وصلت حتى بين الأطراف المتقاربة فكريا مما يدل على هذه النزعة المخيفة التي تهدد بنسف الديمقراطية فكيف لأحد الاطمئنان الى سلامة توجهاتها المستقبلية،وان الإشارة الى التجربة الدنمركية لا تعني بحال من الأحوال أن العراق سينزع لمثل هذه التجربة أو يحاول ترسيخها فالمراقب يلاحظ الصراع المحتدم على السلطة الذي أتخذ أشكالا بعيدة عن الديمقراطية وصلت للتصفيات الجسدية ،والتسقيط السياسي وهو ما يعتبر تجاوزا على الديمقراطية وإخلالا بقواعدها التي عليها الديمقراطيات المتطورة في العالم،فالعراق وأن أتخذ من الديمقراطية نهجا ثابتا لتداول السلطة وأقر أشاعتها في مفاصل الحياة إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، لذلك علينا عدم أخذ القانون بمعزل عن واقع هذه القوى وطريقة أدارتها للعملية السياسية والتوجهات المخبوءة للواقفين وراء أقراره. لقد لاحظنا أن التنازلات والاتفاقات لم تكن بعيدة عن الدفع الأجنبي وأن فرضيات الحل لم تستند لواقع ديمقراطي بقدر ما هي توافقات للقوى الكبرى لترسيخ مصالحها وتحقيق طموحاتها بمعزل عن الصالح الوطني لأن هذه الكتل لا تستند للجماهير حسب بل تستند لقوى مسلحة قادرة على أجبار الآخر على الرضوخ لها وهو ما لمسناه في الكيفية التي جاء بها القانون باللجوء الى طرق غير قانونية في تعديل التعديل خشية من النقض الذي لا يستطيعون توفير النصاب القانوني لإقرار قانون جديد ،وان التهديد بالانقلاب على الواقع الديمقراطي وراء هذه التسويات التي لم تخرج عن الواقع الفعلي للقانون السابق،وأن لي الأيدي بالتلويح باستخدام القوة ألجأهم للتوافقية المعروفة التي أبعدت من خلالها القوى الوطنية والديمقراطية التي لا تمتلك مليشيات مؤثرة أو عصابات تمتهن القتل والخطف: تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي صولة المستأسد الضاري ولعل تصريح الرفيق رائد فهمي لجريدة المدى أكثر توضيحا لموقف الحزب وينم عن واقعية جديدة علينا التركيز عليها لأنها تعبر بشكل سليم عن الواقع العراقي وتجلياته المستقبلية،فقد قال " القانون يمثل تراجعاً في الديمقراطية، ولأول مرة اعتبر القانون يمثل خطوة الى الوراء في مسألة الديمقراطية، لعدة أسباب ، أولها إضافة أصوات القوائم الخاسرة الى القوائم الفائزة، وهذا أمر فاضح ويمثل انتهاكاً واضحاً لأبسط مبادئ العدالة والديمقراطية، ونتائج انتخابات مجالس المحافظات بينت ذلك حيث أن بعض القوائم الفائزة حصلت على ضعف المقاعد من خلال أصوات القوائم الخاسرة، فمليونان وربع المليون من الأصوات وزعت على القوائم الفائزة، أنا اليوم أصوت للقائمة (س) فلماذا يذهب صوتي الى (ص) التي أرفض انتخابها أصلا، وكذلك تحويل الفائض من استحقاق المقعد النيابي الفائز الى القوائم الفائزة أيضا، هذا يؤدي الى إنكار التمثيل ويستثني جميع القوائم الصغيرة ويقوم بإبعادها، ومبرراتهم في ذلك كثرة الأحزاب، ونحن نقول لهم فلنكن كالبلدان المستقرة ثم نفكر في أن نصبح حزبين أو ثلاثة أحزاب، أنا اسأل : هل جاء تطور تلك البلدان سياسياً وفق عملية قيصرية؟ أم انه جاء بعد إن اخذ مدياته الزمنية؟ والظروف الضامنة لتطوره، لكن جاءوا بقانون يحارب التنوع قسراً، ويهدد الحريات بشكل كامل، ومع ذلك نحن ندعو المواطن الى اخذ دوره الحقيقي بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة وإعطاء صوته لمن يستحق وتفويت الفرصة على المناوئين للعملية السياسية، والكثير من الدول لها أجندات في العراق بل اجزم إن جميع دول العالم لها دور في الساحة العراقية. لذلك على الحزب أن يكون له موقفه من هذه الكتل،موقف يذكر له بالحمد والثناء من شعبه، برصد أخطائها وكشف مثالبها وفضح فسادها وتقويم معوجها وعدم السكوت عن سياستها الرامية للإقصاء والتهميش وإنكار الآخر،وأن لا يأخذه في قولة الحق لوم لائم مجاراة لهذا أو ذاك،فالجميع لهم مواقفهم الثابتة في إقصاء الآخر والتنكر للعهد الوطني،وهو بذلك لا يخرج عن ثوابته الوطنية أو مبادئه التي كان عليها في مسيرته الطويلة،لأن ما فقده الحزب جراء مواقفه المعتدلة يجب استعادته من خلال النزول للشارع ،والعودة لجماهيره للدفاع عنها والنضال من أجل حقوقها،وإعادة الصلة بقطاعات الشعب الواسعة النزاعة الى التغيير بعد أن فقدت الأمل في الكثير من القوى التي أملت منها أن تعمل لصالحها والتي انتخبتها على أساس الطائفة والقومية ،والحزب قادر على التغلغل بين الجماهير وكسبها لمشروعه الوطنية لما يمتلك من تجارب وتاريخ في هذا الجانب النضالي ،وعليه التحرك بمختلف الاتجاهات لإعادة اللحمة بين القوى اليسارية التي يلتقي معها في الكثير من الثوابت وأن يعيد الاتصال بالمناضلين القدماء ومؤازري الحزب وأنصاره من خارج إطاره التنظيمي ولا زالوا يحملون في داخلهم فكره لأنها عماده في نضاله السابق واللاحق،وهم القادرون على أعادة البناء وقيادة الجماهير للمطالبة بحقوقها من خلال تجربتها الثرة في هذا المجال.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |