والان تاكد لي اني وطني؟
 

هادي جلو مرعي

Hadeejalu2yahoo.com

قد يكون ما يراه الانسان في منامه انعكاساً لاحداث وقعت له في الواقع لكنه قد يرى ما يبشره في المستقبل او ما يحذره من فعل، وفي احيان يتعرف الناس من رؤاهم واحلامهم ما يخبئه القدر لهم، وما يرى في المنام قد يكون مغايراً لتفسيره، فلو رأيت رجلا يموت، قالوا لك: لقد كتب له عمر جديد، ولو رأيت عريساً في المنام. قالوا لك.. انه يموت..

ويرقى ما تراه احياناً الى درجة اخرى اعلى تبلغ مستوى الكابوس وهو ما حدث لي في مرات كان اخرها، اني رايت اني اقع في فخ واحدة من مخابرات دول الجوار حاولت تجنيدي ولم تفلح.

وطوال الليل كان كابوس يحكم تقلبي على السرير يمنة ويسرة، وانا اقف قبالة رجل من ذوي الدماء الباردة والاعصاب المثلجة وهو ينظر الي، ثم يطلب مني الجلوس على كرسي صلب بينما كان يجلس خلف طاولة صلبة، وفي غرفة خافتة الاضاءة.. قال لي.. سيد هادي انت شاب طموح ونحن لانريد منك خيانة وطنك لكنك تمتلك مؤهلات جيدة يمكن ان تساعد في تكوين علاقات طيبة بين بلدينا على اسس معلوماتية تتيح لنا مساعدة بلدكم على تخطي ازماته، وانت يمكن ان تكون مؤهلا بشكل ممتازلاننا لن نطلب منك سوى استيضاحات حول اشخاص وسلوكيات ومشاريع وخطط لا اكثر لتدعم الاستراتيجية المتبعة من قبلنا..

قلت.. سيدي الفاضل، انا اعتقد ان لاحاجة لتدخلات دول اقليمية او بعيدة في الشأن العراقي، وافهم تماما ان صراع المصالح والتحديات قد يرغم تلك الدول للتدخل في سبيل المحافظة على مصالحها الحيوية، لكني لا استطيع فهم ان اوافق على نقل معلومات داخلية الى الخارج لتستخدم في دعم مصالح دول اخرى على حساب المصالح الوطنية، وثقافتي واخلاقي تجعلني اكبر بكثير من الحجم الذي تريد حضرتك ان تضعني فيه، ولا اظن ان احداً يقبل بفعل او قول يسيء لوطنه الام.

الرجل من ذوي الدماء الباردة، رد على كلماتي الملتهبة بالحماس بابتسامة باردة اخافتني ودفعتني لاشعر باحتقار الذات اني اجلس قبالة رجل من بلد اخر وفي بلدي ثم يكون هو المتحكم في مجريات الامور..

قال ايضاً.. وهل تتصور اننا نقف عندك، انت في نظرنا وحساباتنا لست اكثر من حشرة، لاننا نمتلك مصادرمعلومات على اعلى المستويات ولكننا وجدنا انك تنفع في مستوى معين من اهتماماتنا.. هل فهمت؟ قلت.. نعم، لكني لا استطيع ذلك، فخير لي ان اتلقى ذرات التراب المنبعثة من الشوارع المخربة، وان يضرب وجهي سموم الصيف الملتهب وان يتعرق جسدي ويسيح العرق تحت ابطي على ان اكون وضيعاً الى حد الخيانة ويسجل لي التاريخ اني كنت دليلاً للشر على وطني..

سكت الرجل، وسكتُ انا، وانتهى الحلم بكابوس.. وغنيت في الصباح.. الله ياهل الوطن شمسوي بي الله.. نيرانه مثل الثلج، تكوي واكول.. أشاه.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com