إيران وسياسة الأمر الواقع ..!

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

ما إنفكت القيادة السياسية للجمهورية الإيرانية الإسلامية تعبث بالأمن الإقليمي لجارتها العراق، ومنذ أن أطيح بالنظام السياسي العراقي السابق في آذار/2003، مستغلة طبيعة الظروف التي أعقبت حالة الإحتلال والتداعيات التي لحقتها، وما ترتب عليه من حل الجيش العراقي والقوات الحدودية وكافة افراد القوات العسكرية والأمنية الأخرى، وما صاحبه من فراغ أمني عانى منه العراق كثيراً بعد ذلك..! 

كل ما قامت وتقوم به السلطات الإيرانية من إنتهاكات وخروقات للأمن العراقي طيلة السنوات السبع الماضية، لا يمكن إدخاله إلا تحت طائلة الإنتهاك الصارخ للمواثيق والمعاهدات والقرارات الدولية، بما فيها الإتفاقيات الثنائية بين البلدين الجارين، والأعراف الدولية وكافة قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن العراق بعد عام/2003، المتعلقة بإحترام أراضيه، وضمان  حدوده الإقليمية من قبل دول الجوار..!؟ 

ورغم كل المناشدات حول اللجوء للطرق السلمية في حل الإشكاليات والملفات العالقة بين البلدين، والإتصالات المباشرة وغير المباشرة مع الجهات الإيرانية،  فأنه وكما يظهر؛ لا تحسن سلطات الجمهورية الإيرانية الإسلامية، غبر سياسة "الأمر الواقع" في التعامل مع الآخرين، فإذا بها مستغلة واقع ظروف العراق الحالية بالذات، وحالة التوتر السياسي والأمني الداخلي، وتوجه الشعب لأنجاز العملية الإنتخابية على صعيد الوطن، لتجد ما تعبر به عن نهجها هذا في تطبيق تلك السياسة على الصعيد العملي، واضعة الجميع، بمن فيهم حتى أصدقائها، أمام إمتحان التفتيش عن ما يبرروا  به  نهجها المذكور..!؟

 فما أقدمت عليه القوات المسلحة الإيرانية بتاريخ 18/12/2009 من إنتهاكها للحدود العراقية بإختراقها والدخول الى داخل الأراضي العراقية ووضع يدها على البئر النفطي الحدودي رقم/4 في منطقة (فكة) العراقية داخل محافظة ميسان العراقية الحدودية ، وإنزال العلم العراقي ورفع العلم الإيراني بدله، إنما يدل دلالة قاطعة، بأن القيادة السياسية في الجمهورية الإيرانية الإسلامية، لا يهمها بتاتاً كيف ستكون عليه تداعيات ما يترتب عليه تصرفها الإنتهاكي هذا للقانون الدولي ولحقوق الدول الأخرى في السيادة والإستقلال والمدان من قبل الجميع، من النتائج السلبية على علاقات حسن الجوار، وعلى ما سيجلبه من تصاعد حمى الكراهية والبغض بين الشعبين الجارين، وهي الدولة التي لها أكثر من 1200 كم من الحدود المشتركة مع العراق، وما لشعبها من أواصر التواصل ومن سنن الروابط التأريخية والدينية، والحدود المتاخمة وما لها من روابط العلاقات الحميمية بين سكان التخوم، فهل تريد القيادة السياسية الإيرانية التفريط بكل ذلك من أجل مصالح الفئة الحاكمة ، فتلجأ الى التمدد على أراضي الأخرين..؟؟!

إن سياسة "الأمر الواقع" التي تنتهجها الجمهورية الإيرانية الإسلامية في تعاملها وفي علاقاتها مع جيرانها الأقربين ومنهم الجمهورية العراقية،  والتي سبق وأن إنتهجتها في أماكن أخرى، لا تعبر في الحقيقة وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي، إلا عن قصر نظر وغرور، لا تحصد بسببه غير علاقات مملؤة بالشك وعم الثقة من قبل شعوب تلك البلدان ضمن أجواء من البغضاء والإرتباك والقلق..!؟ 

نفسها سياسة "الأمر الواقع" المرفوضة قطعياً في حل المشاكل المختلف عليها بين الدول، هي من تضع تلك الدول المتجاوزة أمام مسؤوليتها في تحمل ما قد يترتب على تصرفاتها الإنتهاكية تلك، لحقوق الدول الأخرى، من ردود فعل المجتمع الدولي ما قد يضعها في دائرة الحساب والعقاب التي لا مفر منها، ولا أظن أن القادة السياسيين والعسكريين في إيران لا يدركون هذه الحقيقة..!!؟ 

وليس أمام الحكومة العراقية بعد هذا التصرف الإيراني والذي أخذ شكل العدوان السافر على السيادة العراقية، إلا أن تعلن عن موقفها الواضح والصلب في إستنكار العدوان الإيراني، والمطالبة الفورية بترك الأراضي العراقية والإنسحاب الفوري للقوات الإيرانية التي دخلت اراضي العراق بما فيها المنشئات العراقية وبضمنها البئر النفطي المحتل من قبلها، ومقاضاتها أمام مجلس الأمن الدولي في طلب التعويض عن كل ما لحق العراق من أضرار مادية ومعنوية، وإلزام إيران بإحترام إتفاقية حسن الجوار والمواثيق والمعاهدات الدولية الأخرى..! 

كما وهناك من الإجراءات السياسية والدبلوماسية على الصعيد الأقليمي والدولي، ما يتيح للعراق اللجوء اليها للمحافظة على حقوقه، وضمان سلامة أراضيه من العدوان من أي جهة إقليمية كانت، وهذه من مهام الحكومة العراقية المباشرة، التي تضمنها لها الشرعية الدولية، ويدعمها المجتمع الدولي بكل هيئاته المختلفة..!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com