صراخ الماذن وصمت الاجراس

 

عمانوئيل تومي

elias.tomi@hotmail.com

اتذكر مقولة كانت المرحومة جدتي ترددها على مسامعنا دائما ونحن اطفال وهي (يا غريب كون اديب) اتذكر  هذه الحكمة البسيطة ولكن البليغة كلما تتصاعد الاتربة من تحت حوافر الجمال والخيول عل الارض الاوربية في هذا الغزو الاسلاموي المعاصر  مصاحبة لعويل وصراخ هؤلاء الاسلاميين المتطرفين(اصحاب الدشاديش القصيرة واللحى الطويلة) بشكل خاص، الذين اسقبلتهم هذه البلدان واوتهم بكل رحابة صدر في الوقت الذي لفظتهم اوطانهم او بالاحرى حكوماتهم (المؤمنة)و الثرية بالنفط.

هناك عبر ودلالات اخلاقية، اجتماعية، وفلسفية في هذه الحكمة، انه على الانسان ان يقبل ويحترم معتقدات الاخر فما بالك الانظمة والقوانين لبلد ومجتمع انت ضيف عليه، بالاضافة الى ذلك هناك كلمة سحرية  لو كان يدركها هؤلاء المتطرفون لكان بالامكان  تغير واقع الحال الا وهو قبول رائ الاخر، ان تتعايش وتحترم معتقدات وتقاليد المجتمعات الاخرى .

شتان بين هذه الحكمة البسيطة ولكن العميقة في معانيها ودلالاتها وبين ما نشهده في اوربا والغرب بشكل عام من نشاطات واعمال مستهجنة متطرفة وتخريبية على يد الاسلاميين والمتطرفين والمغالين في فرض (ايمانهم ) وطريقة حياتهم على الاخرين . دعوني اسوق هنا نموذج لاحدى هذه الحالات .

هناك حقيقة واقعية معروفة ان  إمام جامع  لندن، هذا المعتوه الاخرق كان كل يوم جمعة يعمد بالتعاون مع رفاقه الى غلق الشارع الرئيسي أمام بوابة الجامع في وسط لندن  ويفرشه بالحصير كي يؤدي هو واتباعه صلاة الجمعة مسببا بذلك ازدحاما كبيرا في الشوارع المحاذية، كان ذلك يحدث كل يوم جمعة في وسط لندن وتحت انظار رجال الشرطة الانكليزية الذين لم يكونو ليجرؤا ان  يمنعوه من ذلك والا لكانت قامت القيامة واتهموا باسوأ الاتهامات ، لنقارن ذلك بحالة اخرى في اي بلد عربي او اسلامي لناخذ على سبيل المثال مرور موكب لاحد  هؤلاء( الحكام الازليين ) في بلداننا، عند ذاك ليس فقط على الجميع من كان في ذلك الطريق و لسوء حضه ان يتوقف عن الحركة ويختفي اذا استطاع لذلك سبيلا  واذا لم يسعفه الحظ ويغادر ذلك الشارع بالسرعة الممكنة  فعليه ان يقطع انفاسه ويتجمد والا فستقطع له انفاسه من قبل حمايات الحاكم ومرتزقته . 

تذكرت هذه الحكمة بعد ان قرأت مقالة السيدة  الفاضلة دلع المفتي الكاتبة والناشطة الاعلامية البارزة   وتحت عنوان ((هل نسيتم أجراس الكنائس))،في تعقيبها حول قضية الاستفتاء الذي جرى في سويسرا مؤخرا بشان السماح ببناء المزيد من الماذن ام لا،  في الحقيقة استطيع ان اقول ان اصوات اجراس الكنائس بدا يخبو ويختفي منذ زمن  طويل  في معظم البلدان العربية بل في الشرق الاوسط ككل، وهذا الواقع ليس وليد اليوم اوالبارحة بل مستمر منذ ازمان طويلة حسب برنامج منهجي مستهدف ولكنه يزداد حدة وشراسة الان ، فقط اريد ان اذكر هؤلاء المتطرفون الاسلاميون ان العديد من الدول الاسلامية والعربية والتي يمنع فيها بل ويحرم بناء كنيسة او حتى بعض الاحيان اعادة تعميرها، اريد ان اذكرهم بان غالبية هذه الدول كانت مجتمعات ذات غالبية مسيحية والكنائس والاديرة منتشرة بالمئات بل بالالاف.

هذا من ناحية ومن ناحية اخرى اريد ان اضيف واذكر هؤلاء المتخلفين ان مصر في العام 1000 ميلادية على سبيل المثال كانت الغالبية العظمى مسيحية اي بنسبة %95 وهذه معلومات مؤكدة حسب الوثائق الموجودة في معهد العالم العربي في باريس، في الوقت الذي نرى فيه التكوين الاجتماعي والديني لمصر اليوم  عكس ذلك تماما اي %95 اسلام و%5 مسيحية بالاضافة الى ذلك فلو القينا نظرة تاريخية على شمال افريقيا العربي سنكتشف ان غالبيته كان مسيحيا قبل الغزو الاسلامي، وهناك شواهد عديدة مثل بقايا الكنائس والاديرة في العديد من هذه الدول مثل تونس والجزائر والمغرب  وليبيا، ولو ذهب اي زائر الى المناطق الجبلية في جنوب تونس مثلا سيجد شواهد واثار الديانه المسيحية في كل مكان يزوره وحتى في الكثير من العادات والتقاليد لدى السكان من البربر بشكل خاص والذين لا زالو لحد الان يوشمون الصلبان على اياديهم وجباههم وحتى في منازلهم والمحزن المبكي ان غالبيتهم لا علم له ما هي دلالة او اصل هذه التقاليد !!  . اما العراق فغني عن التعريف فهو مهد المسيحية بعد الاراضي المقدسة، هناك حقيقة تاريخية ثابتة  انه لا زالت ولحد الان العديد من بقايا الاديرة والكنائس في دول الخليج والكويت وكل جنوب العراق باعداد كبيرة حيث يعود تاريخها الى ازمان سحيقة في القدم .

ما اريد ان اقوله هنا ان العنف والقسوة التي مورست ضد مسيحي الشرق ادت الى انحسار وتقلص بل في بعض البلدان الى اختفاءا كليا  للمسيحيين والمسيحية بشكل عام ! الى ان وصلنا الى الحالة التي هي عليه الان حيث الاقلية القليلة الباقية تعيش في حالة اغتراب وخوف  في اوطانها وهذا اقسى ما يمكن ان يعانيه الانسان ان يعيش مغترب في بلده، والعراق اليوم خير دليل على ذلك حيث يشعر بل يعاني المسيحيين من حصار مطبق عليهم ويزيد شدة واختناقا يوما بعد يوم .

المفارقة المحزنة ان مسيحي الشرق والمنطقة العربية والذين هم سكان البلاد الاصليين لا يستطيعون بناء ولا حتى (طابوقة) واحدة  لكنيسة في بلدانهم بل ولا حتى امكانية تعمير ما قد خرب سواءا كان بسبب تقادم الزمن او بسبب هجمات الارهابيين  كل ذلك بسبب القوانين الجائرة والظالمة لهذه الانظمة والقوانين الطائفية المتزمتة، كأن ذلك ليس كافيا بل يتعرض المسيحيون الى التهديد بارزاقهم والى القتل والخطف والتهجير  في حملة همجية لاجبار المسيحيين اما الى  تغيير دينهم او الى الهجرة والا فان  الموت في انتظارهم .  هذا يجري امام انظار الراي العام العربي والاقليمي والعالمي والكل صامتين كصمت الموتى  كان الامر لا يعنيهم  . في الوقت الذي يستمر هؤلاء الهمج المتطرفين الاسلاميين الى الصراخ والزعيق والاعتداء على الغير مستغلين القوانين الديمقراطية المتسامحة في الدول المضيفة لهم، اما اذا تجرأ ت وحاولت دولة من الدول الاوربية ان تحدد بناء منارة او صوت مؤذن فردود الافعال من قبل الاسلاميين حدث ولا حرج  متناسين ان هذه البلدان لها تراثها وتقاليدها وحضارتها ودينها، والاهم انها مجتمعات مسيحية منذ ظهور المسيحية قبل الفي عام، والنموذج السويسري الاخير خير دليل على ذلك.

هنا السؤال يطرح نفسه، هل نستطيع ان نتخيل ان السعودية توافق على بناء  كنيسة على ارضها في يوم ما  ؟ ام مصر هل تقبل ان تبنى كنيسة او على الاقل الموافقة على اعمار وتصليح ما موجود منها ؟ نفس الحالة تنطبق على  ايران، ليبيا او اية دولة اسلامية اخرى ؟

نسمع كثيرا عن حوار الحضارات، والمقصود  بذلك حوار الاديان، فتعقد بين الحين والاخر مؤتمرات ضخمة يقوم الاعلام الشرقي والغربي بالتطبيل والتهويل لها، ويحضر العديد من الرؤسلء والملوك من مختلف بلدان العالم  بالاضافة الى القادة الدينيين من مختلف الاديان، تعقد الاجتماعات وتلقى الكلمات والخطب الرنانة التي لا تغني ولا تسمن  ووووو الخ . في الحقيقة انا اسميها حوار الضحك على الذقون وليس حوار الحضارات،  لانه في محصلة الحاصل التطرف الاسلامي سائر في غيه والى هدفه في فرض افكارهم وارهابهم مستغلين سذاجة الاوربيين  والقوانين الديمقراطية المتسامحة في اوربا والغرب عموما  هدفهم الاول  والاخير هو نشر وفرض دينهم على المجتمعات الاخرى بالقوة والتهديد  مثلما تم لهم ذلك في منطقة الشرق الاوسط وقسم من الدول الاسيوية، والذي عانينا ولا زلنا نعاني منه لحد الان .

مما يدعو الى السخرية انه حالما يضيق الامر بهؤلاء الاسلاميين المتطرفين في بلدانهم سواءا كان ارهاب الدولة او الاقتتال فيما بينهم على المغانم والنفوذ  فان اول شئ يفكرون به هو الهروب واللجوء الى دول (( الكفار)) الاوربية المسيحية، لم نسمع او نرى لحد الان ان التجأ احدهم الى السعودية مثلا او دول الخليج او اي من البلدان النفطية (والمؤمنة بالله لحد النخاع)، على الاقل كان باستطاعة هؤلاء  ممارسة شعائرهم  وصلواتهم كما يشاؤون، وفي نفس الوقت ينعمون بالثروات النفطية التي لا ينفك قادة هذه الدول الاسلامية بتوزيعها على مواطنيهم بسخاء مفرط  !!!!؟ عوضا عن اللجوء الى دول (الكفار ) ويصبحو ضيوفا ثقلاء وعالة على هذه المجتمعات يستجدون منها لقمة العيش والسكن وكل المتطلبات الحياتية الاخرى، كأن ذلك ليس كافيا بل يفرضوا  تخلفهم وعاداتهم جالبين معهم كل جراثيمهم معهم من محيطهم المتخلف الموبوء الى هذه البلدان التي سبقتهم في الحضارة والعلم والتقدم والتسامح  بمئات السنين . وكأن لسان حالي يقول............

يا غريب كون اديب

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com