سقطت كل الرهانات

 

زعفران علي المهناء

arabicbloggersunion@googlegroups.com

حملت حقائب الشوق ولملتُ بين كفي النهار باقة الأوراق، وأبيات الأشعار .. والتحقت بركب السفينة يقودنا شراع دائم الإبحار ليغوص بنا في خليج المفارقات العجيبة، الذي تبدى لنا بصورة إنسان أتى من عمق التاريخ حيث كان في ذلك الوقت لايملك غير مجداف، وشراع... يوجه به الركب إلى حدود وعوالم أخرى ليعود ناقلاَ مع البهارات، والتوابل، وأثمن الأشياء، تتطور يساعده على مواكبة العصر فراح الجميع بين عبق التاريخ ،ومعاصرة ناطحات السحاب.... وحولوا الكويت إلى درة خليجيه تشعر بأنك تحتاج إلى وقت طويل لتثرثر معها فتبوح لك بكل مابداخلها ....!!!وهي متيقنة بأن كل مايدور بينك وبينها من بوح وثرثرة لن يتعدى حدود شواطئها.

 وبين حديثي وأنفعلاتي كان هناك قادم نحوي من الوهلة الأولى ترى فيه كل نقيض غموض ووضوح ،براءة ودهاء ،جنون وعقل، حب وكره، جاذبيه وهروب، جنه ونار، أنثى وملاك.... إنها حورية البحر تأملتني بعينيها بذكاء مصنوع بحد  سيف الابتسامة  لتسألني ماذا لديك هنا على شاطئنا .....؟!!!

وإذا بي أبادلها نفس الابتسامة وأنا أصارع كل الراويات  والأساطير التي تحكي عن حورية البحر لأجيبها: بأن كل هذا العالم يحاصرني وأنا أفتش عنها في الطرقات، خلف النوافذ والأبواب، وفي كل الوجوه، فلم أجدها فهل من شفيع كي أراها...؟!!!

أجابتني بعفوية طفله: أنها هناك توصي أبنائها بالوطن خيراَ

فهي لم تكن قط امرأة أميه لذا فهي تسعى لترى أبنائها أسعد من تحت السماء وأهناء من على الأرض.

ولم تكن قط امرأة أنانيه ولكنها تجنب نفسها لدغة العقارب وحدة الخناجر لذا هي مستقلة مالياَ وإدارياَ

وهي ليست بالمرأة اللعوب حين تمارس كافة حقوقها كإنسانه تكسر الحواجز وتزيل الاقنعه.

 ولم تكن تلك المرأة الباحثة عن شهرة وتصفيق ولا جوائز أدبيه أو سياسيه ولكنها كانت تدرك تماما أن عليها أن تهيئ الطريق وتنقيه من كل الشوائب والعوائق قدر الاستطاعة لمن سيتعاقب مكانها من مثيلاتها.  

وأنت ياعابرة السبيل أي ريح حطت بك في شواطئنا.....؟؟

حاولت الاجابه بصوت عميق كزرقة شاطئها  للأوضح لهل بأنني لست عابر سبيل..... ولوكنت عابرة سبيل لقفزة من السفينة ولكني لم أقفز ...

وإنما أتيت باحثة عن عطر تاريخي بين شوارعكم....

أتيت أجس نبض جذوري في أعماقكم ....

أتيت باحثة عن تلك الطفلة التي كبرت  على المغامرون الخمسة وكلبهم الوفي عنتر في زمن ماعادت كلابنا فيه "وفيه"......

أتيت وأنا أردد أفتح "ياسمسم أبوابك" لأتسلل إلى عالم سندباد القادم من بغداد، وعصفورته ياسمينه، ورفقائه على بابا وعلاء الدين.....

أتيت أحمل معي تاريخ" بلقيس، وأروى" لأنافس سالي ولعبتها القديمة ومدرستها القاسية القلب التي أدمت قلوب الكثير وهي تجسد صورة المرأة الصارمة الجامدة الفكر للأثبت لكم أن الشورى أول من حققها امرأة من تاريخي حين قالت لقومها أفتوني في أمري....

أتيت أبحث عنها فملامحها كملامحي، ونبرات صوتها كنبرات صوتي، وقلبها كقلبي ، ولكنها اليوم ماعادت روحي فأين كل من ردد معنا أفتح "ياسمسم أبوابك نحن الأطفال" هل خذلتهم الأغنية.

تفتح عينيها في وجهي.. وتدقق في ملامحي.. وتمسح جبينها بأناملها.. وترد بفرح: أنتِ من مهد الحضارات تبحثين عنها واسمك كاسمها... بالتأكيد إنها هناك تمسك قلمها بيدها ،وتقلب أورقها لتقرأ قديمها بكِ ،وتصنع حاضرها من خلال تاريخك، فتنحني الكلمات رهبة..... فبلقيس صنعت قرارها بالشورى ومن تبحثين عنها تصنع قرار من خلال مجلس الأمة بالشورى

 ولكن مآكل هذا الضجيج الذي يملاء وطن الأجداد ياحفيدة بلقيس...؟؟!!

تضاربت حروفي من الأسى فالنزف تجاوز الحدود ياحوريتي...!! فماذا سأقول وماذا سأحكي...؟ وكل ماسيقال بلا نبض ،بلا روح أصبحنا نخاف من الإجابات كثيراَ.

 فكلما مر يوم سقط رهان ،ورهان تلو الرهان إلى أن سقطت كل الرهانات ...!!!

تقاطعني قائله: ولكن ياموطن الأجداد لم يكن أبانا إمرء سوء وما كانت أمنا بغيا...؟!!!

فأرد مسرعه: ولم يكونوا بتقوى يوسف وورعه.... فكل ذلك الصمود وكل تلك المواجهات التي نناكف بها رؤوس الأفاعي ونقارع بها أذناب  الذئاب توغل في قلوبنا جراح باتساع الفراغ خلفهم

ترد بصوت خافت: هي صعده أذاَ

أخافتها بصوت آتي من الأعماق: نعم صعده

طعنة غدر لاتمحى

وبصمات عار واضحة

وأثار اعتداء واغتصاب

وانيين لايتوقف

وتستمر بالترديد: هي صعده، هي صعده

وصوتي يخفت بقدر الألم الذي يختلج صدري

سقطت كل الرهانات

فترفع رأسها وتسألني بترفع وشموخ: ومن يكون ذلك الحوثي الذي يملك كل أدوات الشر التي تضر بوطنيين غاليين على قلوبنا...؟!!

فأرد بصوت أقوى وشموخ يعانق جبال رازح: هو ليس سوى شبح، نعم شبح انتهازي أستغل الفقر، والجهل، وغياب القوة الاقتصادية، والاستثمارية لينخر في جزء من قلب الوطن.

وقبل أن أكمل سماع سؤالها حين بادرت بقولها ولكن كيف....؟؟!!! استرسلت بالحكاية: تصدقي ياحوريتي بأن رصاصة هذا الشبح قد ساوت بيننا، ووحدة موتنا....!!! فالجندي السعودي، والجندي اليمني مع فارق الإمكانيات... فذاك أتى فوق باص مكيف وإمكانيات بالحاسوب الآلي....والجندي اليمني  أتى فوق  سيارة مكشوفة لم يرى في يوم جهاز حاسوب آلي في وحدة صف فريدة من نوعها ليدافعون عن وطن مشترك ويموتون في خندق واحد. وذلك النازح السعودي والنازح اليمني تلاشت تحت  سقف مخيمهم كل الفوارق المهنية، والمادية التي تحول دون إنظمام مهد الحضارات إلى دول مجلس التعاون الخليجي ...المنعقد في بلدكم في دورته الثلاثين "كاسرين كل التوقعات باستحالة توحدنا"

وقبل أن تهم بالحديث واصلت بإصرار الكلام: ياحوريتي أن أولئك ألمرده قد ساووا بيننا "برصاصة".... ونحن لم نستطع أن نتحد بيننا البين "بالورقة والقلم".... لذا أنا هنا في أروقة مجلسكم أبحث عنها لتنقل رسالة بالورقة والقلم إلى اجتماعكم.

 وقبل أن أكمل جملتي  وجدتها غاصت في الشاطئ لتخرج لي العديد من اللؤلؤ وتحث الخطى نحوي وأنا أبتعد عنها  وبكل صوتي أقول لها :  ياحوريتي أنا هنا أبحث عنها، عن صوتها.... وليس عن لؤلؤكم، أو دنانيركم.....

 فاللؤلؤ.... لايعيد ماذهب.

 والدنانير.... لاتبعث الروح في عديل الروح.

ومضيت وهي تنظر لي من شاطئها.... وأنا أردد لابد من المضي في الطريق المعاكس لهم.... من أجل أبناء أوطاننا... فهم يستحقون منا أكثر من ذلك.

 لابد إن يردد الجميع معي بأن رصاصات ذلك الحوثي الطائش جعلتنا نعيد اكتشاف أنفسنا ،واكتشاف الأشياء من حولنا، ونؤمن بأنهم ليس أخر المشوار... ولا أخر الصعوبات والمنحنيات.. وأن هناك أشياء أخرى جميلة ،ومثيرة ،ورائعة... تستحق أن تعيد بناء أنفسنا من بعد تطهيرهم، وأزالت بصماتهم من جدران أعماقنا، واقتلاع كل خناجرهم من ظهورنا .وأعادت ولادتنا بوحدتنا من جديد.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com