|
ليس دفاعا إلا عن الحق الصُُّراح ويقين لا تردد فيه!!
عبد الرحمن آلوجي في كل مقال موضوعي، أو دراسة منصفة، أو بحث جاد يبتغى به وجه الحق، ويراد منه دفع الباطل وتعريته، وبيان المنزلقات الخطيرة باتجاه التحريض، وإثارة الفتن والقلاقل ... وفي كل ما من شأنه التقريب بين الشعوب، ووضع الأمور مواضعها حكمة، وإرادة خير، وابتغاء نبل، في كل ذلك لا بد أن ترتفع هنا وهناك أصوات تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ونسف كبير وكثير من المنجزات، وضرب قيم التقارب والتوافق، ومقومات بناء أوثق العلاقات وأقربها إلى التسامح والتواصل والتعاطف، وبناء صرح مشهود وشامخ، تلتقي فيه متحاورة ومتعاطفة أمم الشرق وجماعاته وهيئاته وأطرافه وقواه السياسية، كما تلتقي القيم النيرة، والأفكار الفذة المبدعة في شخوص النخبة المفكرة والمؤثرة لقيم التلاقي والتواصل وبناء أكثر العلائق رسوخا وديمومة، ونبذ مرشحات الخصام ومقدمات العنف، ومسببات الإلغاء والقسر، ووسائل الشطب والنفي والإلغاء ونتائجها المؤسفة والمنذرة بشر مستطير، وعواقب غير مأمونة, خبرنا أشدها نكرا وفداحة وهمجية خلال القرن المنصرم، في صراعات شرقنا الدامي، رغم ما حمله إلى البشرية من باقات تزدهي إشراقا وفوحا وعبقا، عبر سلسلة طويلة من قيم الحضارات الروحية والمادية والأخلاقية خلال أحقاب متوالية . لقد أتت هذه البادرة بما تحمل من جدية الطرح، وضرورة الإصغاء لصوت العقل ونداء الضمير، من خلال ما يثار بين الفينة والأخرى في وسائل الإعلام – وقد كثرت حتى بلغت فيضا هائلا، لا يمكن مواكبته دون ملاحظة هذا الفيض المتدفق في المواقع الفضائية والالكترونية والمقروءة والمسموعة والمرئية – لتأتي هذه الإثارة في طابع تقليدي تعَود على التخوين ومنطق المؤامرة حينا، والتهديد والتخويف حينا، والاستعلاء وهدر الحقوق من خلاله حينا آخر، مما ينبغي التصدي له، وبيان الحق الصراح فيه، واليقين وعافيته، حيث لا يزال له من المنصفين أنصارا من أحرار الكتاب والناشطين في كل مكان، مما يعزز فرصة التلاقي ونبذ كل أشكال الشقاق، وفضح أبواقه، والرد عليهم بنقد يخلو من كل موقف متهافت مسبق، وهو ما يخدم الحقيقة الموضوعية . لقد وقع بين أيدينا – في رسالة بعث بها إلينا- دون تعليق- الأخ الدكتور منذر الفضل، الناشط الحقوقي والكاتب العربي الحر، والصديق الودود للشعب الكردي، مرسلة بدورها من الكاتب " خلف ضاهود " إليه شخصيا للاطلاع، نقلا عن الحوار المتمدن العدد " 2856- تاريخ 12/12/2009 " وردا على مقال منشور للدكتور منذر, بعنوان " جيش كردستان والدستور العراقي " بقلم الكاتب طلال شاكر، والذي يشن فيه حملة شعواء على المقال المذكور, هذه الحملة المقرونة باتهام التسويق والترويج للتوجه القوماني الكردي الذي يحاوله الدكتور منذر بكل ما يملك من حجج قانونية مشروعة وغير مشروعة، وفق تعبير الكاتب، وما يقوم به من خدمة مغرضة للتوجهات والتصريحات المتطرفة للقادة الكرد، وعلى رأسهم رئيس إقليم كردستان الأخ مسعود البارزاني، الذي يبدي – في زعم الكاتب - " أفكارا متطرفة، وبعيدة عن موجبات المسؤولية والعقلانية، والقومانية المتعصبة وأضرارها وامتداداتها الخطيرة، كأنه لم يتعظ بالفترة السابقة .. " ونظرا لما يحمله مقال السيد " طلال شاكر " من أفكار وآراء تصلح نموذجا ماثلا لثقافة عنصرية، شوفينية، يروج لها، في انسجام مع ما يكال من اتهامات وما يشاع من دعاية لاهثة، وهجوم إعلامي محموم على منجزات شعبنا، عبر تضحيات عقود من الآلام والدماء والدموع، وآلاف الأرامل واليتامى، بما يتجافى عن الحق واليقين، وتشم منه رائحة من التحامل والتهويل والمنطق الاستعلائي، والرؤية القاصرة والمكاييل المزدوجة, و مما رأينا أمثلة صارخة لها – رددنا على معظمها، ممثلة في " القلمجي ومطلق وهارون محمد وأسامة النجيفي، وصيحة سمير سعيد المنكرة والتي رد عليها بدقة وإحاطة الأخ الكاتب " إبراهيم اليوسف " ، ونحو هؤلاء ممن يساقون سوقا إلى حومة صراع تعيشها أنفسهم مع غياب سيف التسلط والقمع والإرهاب على رقاب شعبنا الآمن التواق إلى السلام والأمن والاستقرار .. "، ليكون ردنا الهادئ على طلال شاكر نموذجا حيا أيضا لفكر كردي متوازن, يؤمن بالتحاور وتواصل الفكر النير لشعوب هي أركان أربعة لشرق أوسط، لا يمكنه أن يحيا بغير هذه الأركان المتعاضدة والمتفاهمة والمتلاقية، " عربا وكردا وفرسا وتركا " دون إغفال لسائر مكونات شعوب المنطقة العريقة والمتآخية، مهما تفننت الاتجاهات والنزعات العنصرية في إخفاء وستر مقاييسها الخطيرة والعابثة بقدر الشعوب ومستقبل تفاهمها وتواؤمها . ولبيان الحق الذي أضاعه السيد طلال شاكر – في غمرة ملاحظته إقليم كردستان الوادع والهانئ والمزدهر والمستقر، وهو يتوقد شررا في دخيلة نفسه -، كان لا بد من عرض ما كتبه بحق مبدع عربي شقيق، يتألق قلمه حيا ناصعا، مشرقا بديباجة الحق الصراح، هو الدكتور منذر الفضل -، ليأتي الرد معللا، وواقعيا، يعكس التصور الكردي الأصيل دون أغلفة، ولا مناورة، ولا تقية، أو اصطناع غير مرغوب فيه .. فالسيد طلال شاكر – كما يقول في رده –يلاحظ أن منذرا الفضل " ينبري ملتهبا للدفاع عن كل ما يظهر ويصدر عن القيادة الكردية, كخطاب ومنهج وسلوك... وبخاصة عن السيد مسعود البارزاني, كتصريحات ومواقف,.." ولا يكاد يكتفي بذلك بل " يمنحها تكييفا قانونيا في وجه من يعترض عليها أو يستنكرها، ويأتي دفاعه عن تصريحات مسعود البارزاني وتبريراتها له بخصوص تكوين جيش كردستاني, وفقا لما نقلته " وكالة الأنباء الفرنسية ", انسجاما مع نهجه وموقفه المؤيد بلا تحفظ، لموضوعة كردستان وما يتصل بها ..." ولا يكتفي الفضل بذلك فهو يحرص على أن يبرر ويواكب "حججه معززة بمواد الدستور العراقي، ليعطي تصريحات رئيس الإقليم النارية طابعها الدستوري, من خلال مواد صوت عليها الشعب العراقي بالأغلبية كما يذهب إليه الدكتور الفضل، وكأن مسعودا البارزاني لاينطق عن الهوى, فهو حريص كل الحرص على أن يسبغ على كل تصريح منه الصفة القانونية, ووضعها في سياقها القانوني، وجعل زلات وسقطات اللسان بعدا عن النقل الصحافي الدقيق، وعدم توخي الأمانة في النقل .." ليكون الفضل وسواه من المسوقين القانونيين – كما يقول- مجرد مسوغين ومبررين ودعائيين لقادة الإقليم وادعاءاتهم العريضة حول مزاعم وتصريحات ملتهبة ومتوعدة، وما قيل وما يقال عن " ضم إقليم كردستان قسرا إلى العراق، وأن المستعمرين خانوا القضية الكردية .. " كل ذلك في سياق محموم يضعهم " خارج سياق العدالة، ويبيح لحكومة كردستان الاندفاع نحو تبني مواقف حادة وانتقائية ومتربصة من مجمل العملية السياسية " مما يقود بالضرورة الحتمية إلى المغالاة والتطرف وعدم الاقتناع بأنصاف الحلول، لتتجاوزها إل " الاستخفاف والتجاهل والغطرسة في إرادة التعامل مع الحكومة المركزية، مما يشير بلا لبس إلى نهج فكري وسياسي وتعبوي مدروس بعمق، مع الاستمرار بتقوية المرتكزات المؤثرة كالنفط والمياه، والاحتياطات المالية.. والقوات المسلحة لإقليم كردستان, دون رقابة وتأثير سلطة المركز وبناء قوة عسكرية حاسمة .. كل ذلك في حسابات القيادة الكردية المركزية, وتحويل البيشمركة إلى مقومات جيش نظامي, رغم تعارض هذه السياسة مع قيم الشراكة والمسؤولية الدستورية في قيادة البلد .." كل ذلك والقيادة الكردية تراهنعلى لعبة " الظروف والزمن لفرض كيان شبه مستقل معترف به كأمر واقع يدير شؤونهمع تجاوز أسس مستلزمات السيادة للدولة الاتحادية .." كل ذلك يدفع الكاتب طلال شاكر وأمثاله إلى " القلق المشروع – بزعمه – كما يدفع مختلف القوى والشخصيات العراقية إلى الخوف من تعرض وحدة العراق إلى الخطر ... " في تلويح بالقوة شانه في ذلك شأن صالح الم طلق الذي قال – فيما مضى بملء فيه " إن يدنا مكسورة "ليؤكد شاكر على التحذير من" تفجر تصادم رهيب بين العراقيين يعيد البلاد إلى مربع الدمار والموت ..!! "كل ذلك والدكتور منذر وبعض من شاكلته" يتغاضى عن تصريحات مسعود البارزاني القومانية المتعصبة وأضرارها " كما يدعي والتي يريد منها أن يكون " قماش الدولة الاتحادية مفصلا بمقص كردي .." تلك هي مقاسات وتصورات كاتب قومي، استعار القومانية مصطلحا غريبا، لا نعرف له أساسا للفكر والثقافة الكردية المتعصبة ذات التصريحات النارية والتي يخشى منها على وحدة العراق، مع أنه يوقع نفسه في مغالطات أبرزها : 1- دستورية الفيدرالية واعتراف الدولة الاتحادية بها من خلال استفتاء عام على كل مادة فيه، مما لا يحتاج إلى تأويل أو دفاع أو تبرير، وما كان من الدكتور منذر وأمثاله من الناشطين والكتاب والقانونيين الأحرار إلا دفاع معلل ومشروع عن أساس دستوري مقرر, ومستفتى عليه في كل مادة منه، بما فيه المواد المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها، واعتبار البيشمركة جزءا من الجيش النظامي الذي يتولى حماية الإقليم وحراسته من أي اعتداء عليه، وأن أي تطوير وتحديث له يقع في إطار تحديث الجيش العراقي وتطويره وهو أمر دستوري لا يحتاج إلى تأويل، وكل جعجعة في هذا الإطار استنفار عنصري لا قيمة له . 2- تمتع الإقليم بحالة من الإدارة المزدهرة والمستقرة قبل سقوط النظام وبعده، وأحسن القائمون عليه – رغم التلكؤات – من إنجاز تجربة ديمقراطية رائدة، اختارت بملء إرادة أبنائها, أن تنخرط في العملية السياسية في العراق، وبتآزر، وإنجاح لمسعى تطوير وإغناء المصالحة السياسية والعراق الفيدرالي، وصياغة مواد دستوره والمشاركة بقوة في مجمل العمل السياسي، في حين كان العنصريون والمتشددون يهددون وحدة العراق ويلطخون أيديهم بدماء العراقيين كل يوم، ولا يزالون، مما لا يبرر بأي حال أن يساند الدكتور الفضل وسواه مخاوف الانزلاق إلى خطر تهديد الكيان العراقي ممن لم يرق قطرة دم عراقية واحدة، فما معنى تباكي طلال شاكر على خطر العودة إلى مربع الموت الذي يبدو أنه يحن إليه بدافع عقلية القمع المتأصلة ؟؟! . 3- أليس من الإنصاف أن يذكر الكاتب ويذكِّر الآخرين حول دستورية كل ما دعا إليه المناضل مسعود البارزاني حول التحديث وتقوية الجيش العراقي وجيش الإقليم، وما كان من لقاءاته المتكررة بالعراقيين المعنيين في بغداد لبحث تنفيذ مواد الدستور العالقة، ولم يهدد مرة واحدة بتقسيم العراق بل طالب بوضع حد للمماطلة والمناورة، ولي الذراع والمراهنة على صبر الكرد، ومحاولة نسف مكاسبهم، وتهديدهم بالقوة والتلويح بها، وتجريدها علانية وفي وضح النهار ؟؟!! 4- متى كانت مواقف قادة الكرد انتقائية، ومتى بحث الدكتور منذر والمنصفون عن تبريرات لانتقائية هزيلة تهتم بموقف أناني خارج مصلحة العراق ؟! والقادة الكرد هم جزء من الحل وليسوا جزءا من مشكلة العراق كما يقول الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى !!، والقادة الكرد هم الذين كانوا الدرع الحصينة في مناطقهم المحررة لثوار وأحرار العراق على مدى عقود، وهم خير من أهدى العراقيين تجربة ديمقراطية فريدة كما يقول المفكر العربي إيهاب نافع في زيارته لكردستان في إعجاب عظيم بالكرد وتجربتهم ؟؟!! . 5- ومتى كانت تصريحات المناضل مسعود نارية وهو من أشد الناس هدوءا واتزانا وسماحة وعفوا ؟؟, ولكنه مع ذلك صارم في الدعوة إلى حق مضيع، ومطالب ملح لما يفرط فيه ويماطل به، وفي ما لا يراد به الصدق والوفاء بالعهود، وقادة الكرد من أكثر الموفين بعهدهم إذا عاهدوا، و لا يخشون في الله لومة لائم !! . 6- ثم ما معنى كل هذا التحامل على شخص مثل الدكتور منذر وهو أكاديمي تعترفون برفعة قدره وقيمة آرائه وموقعه، حتى يورد نفسه مواقع تبريرية تزين الباطل الموهوم بحجج قانونية هي في صلب دستور مستفتى عليه ؟؟! يكفي أن يراجع كل ضميره ليتبين الحق الصراح من البهرج الزائف، واليقين القاطع من لجلجة الباطل وتهافته!! .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |