|
السيدة سكينة بنت الإمام الحسين "ع" .. إحدى اللواتي حملن رسالة الطف .. وكانت أحد أفراد الأسرة الحزينة - الحلقة السابعة من ملاحم الطف
محمود الربيعي السيدة سكينة بنت الإمام الحسين عليه السلام ليست المرأة الوحيدة من النساء اللواتي شهدن الطف بل هي واحدة من ضمن مجموعة النساء اللواتي كن مع الحسين وأصحاب الحسين وكن شاهدات على المجزرة البشرية الرهيبة التي قل نظيرها في التاريخ لأنها كانت خصوصية بكل أبعادها من حيث الهدف والتاريخ والمكان والزمان. فالمكان أرض الطف من مدينة كربلاء موقع الحادثة التاريخية والتي أَرَّخَ لها التاريخ كأول جريمة جماعية أرتكبت بحق أهل بيت نبي من أنبياء الله وعلى يد مجرمي قومه، فما أعجب هؤلاء القوم في باطلهم عندما ذبحوا إبن بنت نبيهم وذبحوا مجموعة العترة الطاهرة من آل بيت النبي الخاتم حتى لم يسلم منهم الطفل الرضيع أو لشيخ الكبير، ولا حتى المريض أوالنسوة بعدما هجموا عليهم بجيش جرار كان هدفه إبادتهم عن آخرهم، وجر الباقين أسارى سيق بهم الى ارض الشام حيث يزيد الملعون عدو الله ورسوله. وفي غفلة من التأريخ رَكِبَتْ عصابة مجرمة طريق الباطل ولم ترعى لله حرمة ولاذمة، أرادت أن تحرق رسالة النبي الذي أٌرْسِلَ إليهم رحمة للعالمين، لينشر فيهم الفضيلة والأدب، ويسعى لأن يتم لهم مكارم الأخلاق. تلك هي محنة سكينة وكتاب حزنها العميق وهي ترى أبعاد الجريمة التي أهتز لها العرش وبكت لها السموات وحزنت لها الملائكة وأشترك في ذلك الحزن جموع بشرية هائلة لاتزال الى اليوم تبكي لما حدث لأهل البيت في الطف من إبادة جماعية وهم أقرب المقربين من الله.. ذلك هو الإمام الحسين عليه السلام البطل الشهيد الذي أحيى سنة الله في الأرض وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هو، وبقية ألأئمة عليهم السلام، وبقية الصالحين ممن كانوا معه. سكينة الطاهرة تلك المرأة التي فهمت الإسلام في بيت سيد شباب أهل الجنة وهي التي عاشت في بيت الإمام الحسين عليه السلام، بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، يحيط بها نسوة خالدات مثل عمتها زينب البطلة العالمة الفاهمة، وعمتها أم كلثوم بنت الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، نساء بيت الفضل والفضائل، وأختها الرقيقة رقية تلك الطفلة التي قهرها حزنها على أبيها فأنطفئت شمعتها من أول نظرة نَظَرَتْها وهي ترى رأس أبيها المقطوع، فما أعظمها من رزية ومصيبة أصابت أهل البيت، فلعن الله أمة قتلتكم، ولعن الله أمة ظلمتكم، ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به. سكينة العزيزة في أهلها التي رأت مارأت من الحزن وهي تشهد مصارِعَ أهلها وترى الأجساد مقطعة في الفلوات، ثم جُرَّتْ أسيرة حرب وهي إبنة الإمام والخليفة الشرعي. لقد كانت آهات حزنها واضحة بسبب فعل الجهلاء الذين تجردوا من كل القيم والأعراف الإنسانية، والذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد، ونسوا ماذُكِّروا به من عذاب الآخرة ووقوع المكاره فيها وهو بلاء تطول مدته ويدوم مقامه ولايُخَفَفُ عن أهلهِ لأنه لايكون إلاّ عن غضب الله وهذا مالاتقوم له السموات والارض. لقد سجلت نساء أهل البيت أروع ملاحم الثبات على المبدأ، ورسَّخَتْ كل منهن روح الجهاد في مواجهة الباطل فلم يَسْتَكِّنَّ لافي مجلس إبن زياد اللعين، ولا في مجلس يزيد الملعون. لقد أضحت ملحمة الطف رسالة عظيمة لكل البشر في الوقوف مع الحق ونصرة أهله، والدفاع عن القيم والمبادئ السامية، والسعي إلى بناء دولة الحق على أسس التوحيد والعدل ومن أجل القضاء على الظلم والفساد وتلك مهمة الأحرار من الرجال والنساء. ولقد ظُلِمَت السيدة سكينة بعد وفاتها وصوّرَها الظالمون أنها نَسِيَت الطف وماجرى فيه وكان ذلك من أعظم الكَذِبٍ الذي سَطَّرَهُ التأريخ ومؤرخوه المبطلون.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |