|
نقد الخطاب العربي
مصطفى العمري الخطاب العربي هو ذلك الوليد الحقيقي للثقافة العربية وللخط العربي بجميع افاقه واصناف مسمياته فهو يعبر عن الذهنية العربية من حالة الرقي حيث التطلعات الواسعة والمشاريع المستقبلية والاجراءات المتخذة في بناء وتقويم الحالة العامة في منهج الخطاب اذا ما كان هناك مشروع واقعي وحقيقي في ضمائر المتسلطين في هذه الامة, او الانخفاض الى دون مستوى الطموح واقل من استيعاب الجماهير فتتشكل الازمة بين القول والمقول . دراسة ازمة الخطاب العربي ربما تحتاج الى فصول لكن التنوية على زلل واحد خير من اهماله وتجاهله, والخطاب العربي خطاب جامح يصعب على الفقراء مثلي لي عنقه او ترويضه او تهدئته وخاصة اذا كان هذا الجامح يحمل المتناقضات والثابتات والمتغيرات ثم يسير بها ليلقيها بين العوام من الناس الذين لايجيدون امام هذه الالة الا التصفيق والتهليل والمدح والثناء, اذا ً الشيء الاول الموجه له النقد في هذا الموضع هو الامة نعم الامة كمفهوم عام وشامل ثم ينحسر النقد الى مصاديق هذه الامة من الواعيين والمتعلمين نقدا ً كليا ً ربما يختلف نسبيا ً ويصعد افقيا ً ويمشي حلزونيا ً المهم اننا كلنا مشتركون به . اشكاليات كثيرة هي المطروحة في عوق الخطاب العام العربي احاول ان ابين اربعة منها ولربما الايام ستكشف عن مواضيع جديدة في المستقبل ان شاء الله . 1- ضعف الارتكازات في قوائم الخطاب العربي : الشيء الاساس في بناء اي حركة او وجود يحتاج الى منطلقات متينة ورصينة ولا يمكن باي حال من الاحوال ان نحلق بمشاريعنا اذا لم نوجد هذه المرتكزات الاساسية، والخطاب العربي اعتمد اعتمادا ً كليا ً على اللغة العربية من حيث الالفاظ حيث استطاع ان يوظف المعاني الساحرة لكي يتغلغل في عواطف الناس دون الدخول الى عقولهم لذلك نجد ان الناس ميالون الى الاسجع كلاما ً وادق حبكا ً واعلى صوتا ً، بينما كان الاصل ان يكون المرتكز الاصلي لحركة الخطاب العربي هي المعرفة والرأي و نقيضه, لذلك وجود شيء هش مهما طال وارتفع فهو آيل الى السقوط . 2- عظامية الخطاب العربي : واعني بالعظامية نقيض العصامية وكثيرا ً ما كتبت عن هذه الحالة وهي ان اغلب خطاباتنا و اكثر خطباؤنا ليس لهم هم الا الخوض في اعماق ذلك التاريخ الامر الذي حولنا كأحياء موجودين الى مصاف الاموات و الذي يريد ان يستجلي الحالة العامة في المجتمعات العربية يجدها تعيش في زمن البعثة او الخلافة الراشدة، او في زمن الامويين والعباسيين، ومع كل هذا الانحدار والتوجه نحو الماضي نجد ان الكثير من المجتمعات والافراد تتغنى وتطرب لذلك الماضي المنصرم دون الالتفات الى الحاضر او التطلع نحو المستقبل كما تفعل الدول او مؤسسات الدول المتطورة، ليس عندنا شيء نفتخر به على الامم الا ان الرسول محمد عربي او كانت بقعة مساحة الاسلام ممتدة من الصين الى اسبانيا ! وهذه لعمري لن تزيدنا نفعا ً ولن تقدم لنا مجهودا ً ولن تسير بنا خطوة او شبه خطوة نحو الامام . فهل يمكن للمتصدرين من هذه الامة تغيير الخطاب ايا ً كان نوعة وشكله الاسلامي القومي العلماني لكي يرفعوا عن كاهل هذه البشرية وزر الذي صنعه اجدادنا سلبا ً كان او ايجابا ً لاننا لا نريد ان نفتخر فقط بما عمله السابقون من حقنا ان نفتخر بما نصنعه نحن الان، ويا ترى هل هناك شيء يدعونا ان نفتخر به اليوم ؟ . 3- تكرار الخطاب العربي : لم يمر الخطاب العربي على ما اعتقد بمحطات تستدعي التوقف عندها لانه يكاد يكون على نسق واحد فالخطاب الاسلامي مثلا ً اتى من زمن بعيد وبعيد جدا ً متمسكا ً بنفس الاسس وعلى نفس السياقات حاملا ً في بعض دهاليزه خشبة الصلب للمعترضين او المجددين، لذلك لا نلحظ نهضة للنهوض في مسارات الخطاب العام ولايرجى ان يصحوا الجسد التوعوي اذا كنا نستخدم تلك الادوات التي كان يستخدمها اجدادنا قبل عشرات السنين، فتجديد الخطاب العربي حالة مطلوبة ولابد من المختصين والمتصدرين ان يلتفتوا الى هذه الاشكالية . 4- المثالية في طرح الخطاب العربي : اعتقد انه لم تبتلى امة من الامم او شعب من شعوب العالم كما ابتليت الامة العربية بكثرة اطروحات طوباوية مثالية ليس لها واقع في صميم الحركة العامة للفرد فشعارات ترفع ليس لها مصاديق، وعناوين ليس لها عنوان فمثلا ً شعار امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة سقط في اول خطوة حيث حاول اصحاب الشعار اغتصاب عفة دولة عربية مجاورة ملتفين حول شعارهم انه الحقيقة التي يجب ان لا ينساه الاشاوس من هذه الامة حيث انه الخطوة القادمة نحو اسرائيل !، شيء اخر يستدعي التوقف عنده مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر والتي افتضحت حالة المزاوجة الكاذبة وما هي الا اغتصاب بلطجي فليس هناك لا اخوة دين ولا عروبة و لا جوار انما غثاء من المثاليات تشدق بها اصحابها للبقاء في منصب ما او التطلع نحو منصب ما . هذه العناوين الاربعة اذا ما حاولنا جادين لتغييرها او تشذيبها او اعادة هيكلتها فاننا سوف نبقى ندور في نفس الدائرة التي دار عليها السالفون دون تجديد او تحديد لخارطة المستقبل المنشود . يقولون لو كان لديك تفاحة ولدي تفاحة مثلها وتبادلناهما فيما بيننا سيبقى لدى كل منا تفاحة واحدة. لكن لو كان لديك فكرة ولدي فكرة وتبادلنا هذه الأفكار، فعندها كل منا سيكون لديه فكرتين".
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |