العراق حيّ لا يموت

 

حسين الفنهراوي

alfanhrawee@yahoo.com

في يوم ما من أيام الدكتاتورية وحينما أستشرى الفساد وأصبح الجميع على علم بأن كل شيء مباح الا المساس بأمن الدولة متمثلة بشخص صدام حسين وحزب البعث.جاء الى أحد مراكز الشرطة وفي ساعة متأخرة من الليل مجموعة يجرون بشخص ادّعوا أنه قام بسرقة بقرتهم وأمسكوه متلبسا خارج القرية التي يسكنوها وما كان للشرطة الا أن أودعوه السجن الى الصباح ليأتي قاضي التحقيق ليبحث في الأمر وأحتجز اللص والبقرة التي معه في مركز الشرطة الى الصباح .وحينما غادر أصحاب البقرة المركز نادوا على المتهم وقالو له كم تدفع حتى ندفع عنك التهمة ؟ فقال ماتطلبون. فقالوا له (500)الف دينار وكان مبلغا كبيرا في حينها فوافق المتهم وأتوا بأخيه وقالوا له تذهب لتحضر لنا بقرة سوداء ومبلغ (500) الف دينار وسيخرج أخاك غدا صباحا وبعد ساعة أحضر أخ المتهم المبلغ ومعه بقرة سوداء وأبدلوها بالبقرة الحمراء التي سرقها المتهم من أحدى القرى وأمسك متلبسا وقاموا بتدوين أفادته بأن البقرة السوداء بقرته ولديه شهود وفعلا كانت البقرة السوداء بقرته

 وفي الصباح عاد أصحاب البقرة المسروقة ففتحوا المحضر بالسؤال عن لون البقرة وكانت الأجابة أنها بقرة حمراء فقال لهم ضابط الشرطة هل أنتم متأكدون فأجابوه بنعم فرد عليهم أن المتهم كانت بحوزته بقرة سوداء يدعي أنها ملكه ومستعد أن يحضر شهوده والبقرة موجودة وتستطيعون أن تروها بأعينكم وفعلا خرجوا لرؤيتها فوجدوها بقرة سوداء ولم يكن لديهم ما يستطيعون قوله بعد أن سقطوا في الفخ وما كان منهم سوى الأعتذار من المتهم على ضربهم اليه بأعتباره سارقا . هذه قصة تشابهها الاف القصص في الوقت الحاضر بعد أن دب الفساد في كل مفاصل الدولة بعد أن أستبشرالملايين من العراقيين خيرا وهم يرون  بأم أعينهم سقوط التمثال في ساحة الفردوس في التاسع من نيسان 2003 وكان الحلم الذي يراود الملايين هو انتهاءمرحلة الدكتاتورية التي عانى منها الشعب العراقي كثيرا ..وتغلغل الفساد الاداري في كل مفاصل الدولة العراقية حتى وصل الى القضاء بسبب السياسة الخاطئة والدكتاتورية المقيتة للنظام السابق وممارسة التجويع والخوف ضد أبناء الشعب فأنتهى الأمر .وال ما ال اليه العراق بعد السقوط وتحرر الشعب ومرحلة (الحواسم) التي أوصلت الالاف من العراقيين الى قمة الغنى المادي وحضيض الرذيلة بسرقة أموال الشعب من دوائر ومؤسسات الدولة بحجة انها ملك لصدام وأعوانه . وكان الحلم هو أن نعيش في بلد امن دون خوف ودون أضطهاد ودون دكتاتورية .. ولكن لم تدم طويلا حتى جاء الواقع المرير وهو مرحلة الدكتاتوريات المتعددة والفساد الاداري الذي زاد أضعاف ما كان عليه في زمن النظام السابق . أناس يحللون ماحرمه الله ويحرمون ماحلله بأسم الدين والجهاد وبأسم الديمقراطية وبداعي التضرر من النظام السابق . ولنجد البعض ممن لايستحقون أن يكونوا في أدنى وظائف الدولة مسؤولا أو مديرا عاما في أحدى الوزارات بسبب التحزب والمحاصصة وعدم أختيار الشخص المناسب في المكان المناسب . ولم يتحقق الحلم العراقي بسبب السياسة الخاطئة في العراق التي مازال الكثير من مسؤولين ووزراء ومدراءعامين ومدراء دوائر يبحثون عن مصالحهم ومنافعهم الشخصية ضاربين المصلحة العامة ومصلحة الشعب المظلوم عرض الحائط  وجعلوا مصالحهم فوق مصلحة الجميع وفوق القيم والمباديء والأخلاق ولربما الشرف .

أقول قولي هذا ونحن نرى الاف الخروقات القانونية والفساد الاداري والمالي الذي بدأ يتزايد ويكبر حتى وصل الحال الى التناحر مابين الكثير من الموظفين والتسابق الى الحصول على أكبر قدر ممكن من الأموال في أقل وقت ممكن والدولة عاجزة عن عمل أي شيء فكل تقارير النزاهة واحالة فلان وفلتان لا تساوي شيء أمام المد الفاسد الذي لا يمكن لهيئة النزاهة أو أي هيئة أخرى بالوقوف بوجهها مادام هناك من يدافع عن الفساد والمفسدين وخاصة من قبل المسؤولين كون هذا الفاسد أو ذاك ينتمي الى حزبه أو طائفته . اذا كيف سنقضي على الفساد والملايين تصرف على مشاريع ونشاطات وهمية في حين يعيش عشرات الألاف من المهجرين دون مأوى أو فراش ودون معيل بسبب الأرهاب الذي خطف معيلهم من الأب أو الأخ أو الأبن وأساس الأرهاب هو الفساد الأداري بسبب وجود الكثير من العناصر غيرالكفوءة وغير النزيهة في الأجهزة الأمنية والتي تعمل لطائفتها وحزبها ولا تعمل من أجل العراق وقد تم أختيارهم على أساس طائفي ومذهبي وحزبي والكثير منهم يحمل رتبا وهمية أو رتبا ذات انتقالات  سريعة ( رتبة كل شهر أو كل ستة أشهر ) بسبب الفساد الأداري وأختفاء القانون أو غيابه خوفا أو خجلا من السادة الفاسدين . فهل تصدقون أن الكثير من الدوائر يديرها أشخاص غير المدراء او المدراء العامين فيها بسبب أنتماء سياسي أو غير ذلك ؟ هل تعلمون أن هناك دوائر يرأس لجنة المشتريات فيها أشخاص منذ ثلاث سنوات أو أو أكثر؟ في حين ان القانون يجيز ذلك ثلاثة أشهر أو ستة أشهر . ولكن ماهو دور الوزارات في هذا الشأن وأين دور القانون ولجان النزاهة والمفتش (الخاص ) عفوا العام في محاسبة من أخل بنظام أو قانون الأدارة ؟

ومثل هذه الحكايات كثيرة بالتأكيد في دوائرنا ومديرياتنا ووزاراتنا ومؤسساتنا ممن وجدوا في الفساد تحقيق لمصالحهم الشخصية . غير ابهين بما يتعرض اليه الأخرين . ولربما ظل العراق يعاني أكثر من 35 عاما من الجراح والألم والدكتاتورية والحروب والجوع والقهر . ليأتي البعض بعد السقوط ليحاول أطلاق رصاصة الرحمة عليه .

ولابد من القول مهما حاول الظالمون في محاربة الحق وسرقة أموال العراق ونشر الفساد فيه وأطفاء شمس الحقيقة بغرابيلهم فأنهم خاسرون ومنهزمون لا محالة وأن العراق حي لا يموت  .. ان العراق حي لا يموت ..

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com