|
لمن نصوت هذه المرة
سعد العميدي أجد نفسي مضطرا لإبداء رأي في الانتخابات المقبلة لأنها ربما ستغير بعض الشيء من طبيعة التركيبة السياسية الحاكمة وتقلل من عدد المفسدين، أقول ربما. لكنني وبصورة جازمة أعتقد بأن قوى الإسلام السياسي التي حكمت العراق منذ سقوط الدكتاتور صدام حسين لم تقدم لنا صورة حكم مختلفة وإنما كانت عبارة عن عصابات ومافيات سياسية سيطرت على الدولة ومؤسساتها وجيرت كل شيء في العراق بما فيها أموال العراقيين لصالحها، وهذه الأحزاب لم تظهر أية قدرة وحنكة سياسية في التعامل مع الملفات الشائكة والمعقدة التي واجهتها البلاد بعيد إنهيار الدولة العراقية وإختفاء الدكتاتور وحزبه من الواجهة. لقد قادت هذه الأحزاب البلاد من كارثة إلى أخرى ستمتد تأثيراتها إلى قرون وأحدى هذه الكوارث هي تقسيم العراقيين على أسس طائفية مستهدفة في هذا عرب العراق، حيث اصبحنا فجأة ومن دون سابق إنذار، الشيعة، بدون ذكر كلمة الشيعة العرب في محاولة غبية لربط العرب الشيعة بإيران وتشيعها الصفوي القومي، بينما أصبح السنة يطلق عليهم العرب السنة، الهدف من هذا التمايز في إطلاق التسميات هودق إسفين بين ابناء الشعب الواحد مما يتيح للأجنبي وأدواته السيطرة على مقاليد السلطة وقد حدث هذا بالفعل. وهوأمر إشتركت فيه قوى الإسلام السياسي التي كشفت عن طبيعتها وماهيتها البعيدة كل البعد عن هموم ومصالح الشعب العراقي واستخدمت أدوات الجهل والتجهيل والرموز الدينية التي لم يرها ويسمع بها أحد والبعيدة كل البعد عن الصطموحات الكبيرة للعراقيين في إقامة نظام ديمقراطي تعددي تداولي، وخضعت هذه القوى للإبتزاز الإيراني وسمحت لحكام طهران الجهلة بالتمدد داخل العراق وخلق شبكات ومنظمات إرهابية كي تملأ الفراغ في حال انسحاب القوات الأمريكية. كما إشتركت بعض القوى التي تدعي العلمانية في مؤامرة بث الفرقة وتصديع أسس التعايش والتآلف بين ابناء الشعب الواحد. ما جنته بعض القوى والشخصيات العلمانية من خضوعها لأجندة الإسلام السياسي والتحالف مع حكومة طهران هوأنها لم يحصل على أصوات كثيرة في كل عموم العراق في الانتخابات الماضية ورفض حلفاء الأمس من قوى الإسلام السياسي الإيرانية المنشأ والهوى التحاق منفذي أجنداتهم من العلمانيين بتشكيلاتهم البرلمانية، وحفظ ماء وجه هؤلاء من خلال منحهم بعض المناصب الإدارية الحكومية. هل سيمنح العراقي بعد كل هذه السنين العجاف، وبعد كل هذا القتل والتدمير والسرقات المليارية أصوتهم لمن كان السبب وراء ذلك؟ وهل سيمنحها للقوى الإسلامية الحاكمة التي تبني دولة طالبان رويدا رويدا وعلى طريقة ستيب باي ستيب. أما الحجج التي يسوقها علمانيوأمريكا من أن الاحتلال الأمريكي قد أسقط نظام صدام فأصبح من الواضح الآن وبعد مرور 7 سنوات على كارثة القوى الإسلامية العراقية، أن مصالح الدول الكبرى هي دائما فوق مصالح الشعوب ومن أن نظام صدام الإجرامي تم مده ودعمه وتقويته من قبل أمريكا وحلفاءها ووقفت أمريكا إلى جانب الإنقلاب الدموي في 8 شباط عام 1963 الذي أدى إلى قيام مجازر قتل على أثرها زعيم الفقراء الراحل عبد الكريم قاسم الذي صادر أملاك الإقطاعيين ومنحها للفلاحين الفقراء, كما إن الأمبريالية وحلفاءها كانوا السبب وراء إندلاع الحرب العراقية الإيرانية وإطالتها لمدة 8 سنوات من خلال تقديم الدعم والسلاح وبطرق مختلفة للنظامين القمعيين في طهران وبغداد. ومن ضمنها أملاك عوائل شاركت في التحضير لتدمير العراق غير آبهة بمستقبل العراقيين ومستقبل ابناءهم، وعادت تلك الأقطاعيات بفضل الإحتلال وسيطرت على أراضي الفلاحين مجددا وفرضت كانتونات في بعض مناطق العراق وشكلت ميليشيات خاصة بها, وكأن ثمن تدمير العراق هوعودة أملاك الإقطاعيين إلى اصحابها. إن الإدعاء يالليبرالية والعلمانية لا يزكي اصحابها، فكم من العلمانيين والليبراليين حلفاء للقتلة والمجرمين في تل أبيب وكم منهم رفعوا راية الدفاع عن أمريكا وسياساتها الهوجاء، وكم منهم دعموا الشركات الإحتكارية الناهبة لثروات الشعوب وكم منهم شارك في جرائم بحق شعوبهم؟ وكم من هؤلاء العلمانيين شارك مؤسسة النقد والبنك الدوليين في عمليات الخصخصة التي أدت إلى اتساع الفوارق بين الأغنياء والفقراء وأدت إلى استنزاف الموارد الأولية لتلك البلدان.كما إن بعض العلمانيين يعتبرون من الناحية العملية حلفاء للظلاميين. إن العمل التاريخي الذي يمكن أن يقوم به الشعب العراقي في الإنتخابات القادمة هوكنس القوى التي شاركت في النهب والسلب وتدمير الأقتصاد العراقي بحجة الخصخصة ورميها في مزبلة التاريخ, وهنا لا أستثني أحدا من هذه القوى، تلك التي تتحدث بإسم القانون على سبيل المثال وتترك المتهم فلاح السوداني وزير التجارة العراقي السابق المتهم بإختلاس المليارات حرا طليقا لمجرد أنه قيادي في حزب الدعوة، وتلك التي تدعي الوطنية والوطنية منها براء وتقاد من قبل ذوي الأصول الإيرانية المعادين للعراق أرضا وشعبا ولكن بفضل الإحتلال الأمريكي تحولوا إلى سرطان مستوطن في جسد الدولة العراقية. علينا أن ننتخب هذه المرة المستقلين الذين لم تتلطخ ايديهم ليس فقط بدماء العراقيين كعتاة البعثيين بل ايضا أولئك الذين لم تتطلخ أيديهم بالفساد وسرقة أموال العراقيين كما إن علينا رفض أولئك الذين رفعوا الرايات الطائفية سنة وشيعة وتخندقوا خلف هذه الهويات الفرعية مانحين الفرصة لأعداء العراق من محيطه العربي وغير العربي الفرصة للتغلغل واللعب بهذه الأوراق السياسية الغبية. إنتخبوا من ترونه عراقيا وطنيا مخلصا لشعبه ووطنه ومدافعا عن مصالح العراقيين عموما من دون تمييز، إنتخبوا من يدافع عن مصالحكم وينتصر للفقراء والمحرومين، للثكالى والأرامل واليتامى وضحايا النظام الدكتاتوري الفاشي الصدامي وضحايا القاعدة وميليشيات الظلام. لا تمنحوا أصواتكم للقوى المتخفة, أحزاب الجهل والمرض والأمية التي تريد إعادة عجلة التطور إلى وراء, أصواتكم ستكون مؤثرة هذه المرة في حالة لم تلجأ قوى الإسلام السياسي وحلفاءها كما في الإنتخابات الماضية إلى التزوير والتلاعب بنتائج الإنتخابات.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |