|
ثوريون يساريون تحت عباءة البترول الخليجي!!
حميد الشاكر من اسخف مهازل التاريخ البشرية، وكذا اغرب قصصه وحكاياته ومن ابشعها، هي تلك القصص التي تتحدث عن ثوريون نزعوا بزة الثورة والنضال والتقدم والثقافة، وعشق الفقراء والكفاح من اجلهم .......الخ، ليتقمصوا مكانها قميص الذيلية والخدمة، ولعق الفتات الذي يرمى على طرقات السادة وفي مزابلهم، وعبادة المنفعة واحتقار التاريخ، والتبرأ من الاخلاق ولعن المستضعفين والتطبيل للجبابرة والفراعنة والمتكبرين !!!. هل هو انقلاب يصيب فجأة ثوّار الامس كمرض عرضي، لينقلبوا على اعقابهم خاسئين حقراء تافهين ؟. أم انه مركبُ نقص طبيعي كان كامنا قبل الثورية في شخصية الانسان الا انه كان ينظر للثورة سابقا انها المطية التي توصل للرذيلة والسلطة والاستغلال فكان هو الثوري جيفارا المبوال على نفسه، وعندما تحولت الثورة الى عبئ وتضحية كفر بها مع الكافرين، وآمن بالعبودية من المستعبدين ؟. أسماء كثيرة شغلت الدنيا بالثورة وحرية الكلمة، والصحافة ولينين،وماركس وماو وكاسترو والشعب والديمقراطية وحقوق طبقة الفقراء والنضال من اجل الحياة بلا مقابل .....الخ،وفي لحظة ولمجرد تغّير المزاج العالمي وسقوط غطاء المنفعة من هذه الشعارات وجدنا نفس الاسماء الثورية التقدمية والمناضلة ضد طبقة المستغلين الرجعيين ... تجلس راكعة على ركبتيها تقبل ايدي المتعفنين الوسخين التافهين ...من المستغلين الذي يجلسون على ابار من الذهب الاسود لتسمن كروشهم الخليجية كل يوم، وهم يهبون خيراتهم للثوريين، ليمتدح في المفابل الثوريون باقلامهم وصحفهم ومنابرهم الثقافية من فخامة الشيخ والشيخة اذا زنيا يصبح العالم اكثر قداسة وتقدمية في ايات الثوريين اليساريين، واذا بنت شركات الراسمال العملاقة ناطحة سحاب اماراتية تصبح الثورة وحقوق الفقراء قد تحققت عمرانيا من خلال حكمة الامير وحاشيته الباكستانية السعيدة من خدم القصور، ومن ثم يصبح زعماء البترول الرجعيين بقدرة قادر على لسان الثوريين الكونيين، هم هم اصحاب الحكمة الراقية واهل القلوب الخلوقة ودعاة الرحمة المهداة واساطين الثقافة والعلم والتقدم واسس النمذجة كي يكون النموذج الذي ينبغي ان يحتذى من قبل جميع العالمين ولاسيما الثوريين منهم على التحديد ؟!!!!!. هل كان الثوريون التقدميون اليساريون الكونويون ..، ومنذ القدم مجرد حثالة من النفعيين لاغير وعندما تغيرت الحال بان معدهم الاصيل الرديئ وهذه هي كل الحكاية فلمَ التعجب ؟. أم ان القضية خيسة السمكة من رأسها ولم يكن هؤلاء في حقيقتهم سوى طابور خامس يخدم من يدفع لاغير ؟. أو ان الاشكالية لاهذه ولاتلك وانما هي ردّة فعل انتقامية من قبل الثوريين القدماء عندما دفع الثوريون كل مايملكون من اجل مبادئهم وصادفوا نكران الجميل من قبل مريديهم الفقراء والبسطاء، وعندئذ تشكلت بوادر ردة فعل انتقامية وانتكاسة اخلاقية وارتدادة ايدلوجية لدى هؤلاء .....الثورية فكان ماكان وباعوا ماباعوا ورفع الولاء للتخمة وكفروا بالفقر والشهداء والاتقياء والشعارات والافكار والتقدم وبكل النبلاء ؟!!!!. كنتُ في جولة صحافية بالامس اطالع الصحف أقرأ المواضيع واقلب الاقلام والثقافات وفجأة هالني مارايت من كمية الثوريين الذين يتسابقون سباق الشحاتين على باب الله، وصياغة اعذب العبارات وارقاها في رحاب حكمة اميرنا الخليجي الذي انفق مئة مليون دولار على الالعاب النارية التي احترقت بلحظة، لافتتاح ناطحة سحابه الجديدة، والتي اجرة الغرفة الواحدة لليلة الواحدة فيها تعادل راتب عشرين عاملا من عمال مسطر جبل علي من الهنود والباكستانيين في الامارات !!!. ثوري يساري قديم اخذ جانب العبقرية في عقل اميرنا الخليجي ليسلط الاضواء فقط على عبقريته الغير موجودة بين العالمين وهو يخرج البترول من الارض ويبيعه ثم يدفع لشركة اعمار امريكية لبناء ناطحة سحاب هي الاعلى في العالم،وهي التي سوف يسكنها فقط اصحاب الدخل اللامحدود من فنانين وراقصات وقوادين وفاعلات ودبلماسيين ومليونيرات .... وهكذا !!!. اخر ايضا يساري ثوري اخذ جانب رافة اميرنا الخليجي ورحمته بالفقراء والمساكين وحبه الغير محدود للكادحين عندما تكرّم هذا الامير ببناء صرح معماري لامثيل له في الدنيا ابدا، فهو صرح معماري عبقري يلد كل يوم انتاج جديد من تلقاء نفسه ليزيد الحياة رقيا وتطورا .....الخ،لامتاع انظار هؤلاء الفقراء والمساكين في كل يوم عندما يخرجون في الصباح الباكر وهم يذهبون لاعمالهم في حمل الاسمنت على رؤوسهم او خدمة الامراء في بيوتهم .....، فهؤلاء على اي حال سيتمتعون كل يوم بالنظر فقط لهذا الصرح المعماري الجميل من الخارج، وهذه من اعظم المآثر لشيوخ البترول المعمرين، واصحاب العقول المنفتحة والقلوب الخلوقة والهادئة والسمحاء، التي تمنى الثوري اليساري ان يكون منهم ولو واحدا في عراقه الجديد اليوم صاحب الديمقراطية والانتخابات والنضال من اجل الحياة الكريمة والحرّة !!!. ثوري ثالث راديكالي ناعل ابو العراق وحكّامه الجدد المنتخبين، والشعب العراقي الذي لايريد الثقة باقوال الثوريين العراقيين ولايميل لانتخاب احزابهم الثورية،ترك امير ناطحات السحاب المبطان في حاله، وكرمه في الانفاق على الالعاب النارية التي اسعدت الفقراء اصحاب الجيوب الخالية والبطون المليارية الفارغة حول العالم كله وتحول الى مدح ومتح جيب الامير الذي تحول برياله وديناره وبتروله من صاحب الكزكوزة الامي الاثول الى جيفارا الخليج بل وغاندي السعودية، واكثر من ذالك بل هو مسيح الدرعية الذي ضحى بكل شئ فداءا للبشرية وتقدمها وجمالها وحب اهلها المشعوذين !!!. طبعا هذا الثوري لو كان الحسين الشهيد صالحا لتشبيه الامير السعودي الاثول لوصفه بالحسين الشهيد، لكن من سوء حظ هذا الامير انه لايرتاح للحسين سيد شباب اهل الجنة، لانه رافضي فاكتفى صاحبنا الثوري بتشبيهه بتضحية المسيح، لانه الاقرب الى اعجاب الامير بعمامه الغربيين وشقراواتهم الجميلات المسيحيات !!. هل هذه مآسات ان يتحول الثوري اليساري المثقف والواعي، الى اثول وناعق طرشان بزفة وخادم صالونات اميرات وامراء بترول، وبويهجي ملمع للوجوه وللاحذية في الان الواحد، وقلم للايجار ؟. كنت اسمع في صغري : (( ويل لامة اذا فسد مثقفوها ))،وعند الكبر تبين لي انه (( ويل لامة كان الثوريون اليساريون مثقفوها )) !!.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |