|
قضية بلاك وترز تكشف عن جهل صانع القرار السياسي لما يدور حوله
سعد العميدي ما نواجهه في العراق بعد سقوط الدكتاتورية نتيجة الغزوالعسكري الأمريكي لبلادنا وإحتلالها بشكل مباشر, هوالتخبط والجهل لدى صانع القرار السياسي ومحاولات إعادة حكومة الحزب الواحد والتلاعب بعقول ومشاعر المواطنين في إستغلال واضح لجهل المواطن بما يحاك له وغياب الوعي السياسي لدى الغالبية العظمى مما يجعل تمرير الأكاذيب وترويجها وتصويرها على أنها حقائق عملية سهلة ومستساغة لدى السياسي العراقي الباحث عن المصالح الشخصية الأنانية وكذلك تمرير الأجندات الحزبية على حساب الوطن والمواطن. وقد كشف الاحتلال الايراني لأبار النفط العراقية وتجاوزاته واعتداءاته المتكررة على قواتنا المسلحة والصيادين في شط العرب وكذلك مطالبتها بميناء خور العمية بأن المواقف السياسية سواء الحكومية منها وغير الحكومية كانت متباينة ومتضاربة الى حد بعيد تبعا لقرب هذه القوى والأطراف من إيران والتبعية العرقية لبعض المسؤلين, مما سهل لإيران وسيسهل لها مستقبلا تمرير سياساته وأجندتها التوسعية بالتعاون مع القوى والتيارات الخاضعة لها وتأتمر لها. وقد كشفت أزمة الفكة عن غياب الموقف الوطني المسؤول وظهور تيارين سياسيين لا يمثلان مصالح العراق ولا يدافعان عنها وهما - تيار بعثي متالف مع قوى اسلامية متطرفة يسعى الى دفع البلاد نحو حافة الحرب مع ايران القوية المسلحة تسليحا جيدا فيما القوات المسلحة العراقية مفككة ومنهكة نتيجة الأعمال الإرهابية ونتيجة تشكيلها على أسس غير وطنية وتغلغل الآلاف من الميليشيات المرتبطة بإيران الى صفوفها وتسنم مناصب قيادية في تشكيلاته. - التيار الثاني وهوالذي يمثله ذوي الأصول الإيرانية المتغلغلين في كافة مفاصل الدولة العراقية يساعدهم في ذلك الأحزاب والقوى والشخصيات التي ارتبطت بايران أيام المعارضة ولازالت تعول عليها بدل التعويل على الشعب العراقي والدفاع عن مصالحه. هذا التيار وبسبب خوفه ورهبته من فقدان السلطة نتيجة التخبط السياسي والنهب والسلب العلني وتبذير موارد العراق الإقتصادية , تراه يدير ظهره لوطن والشعب مفضلا عدم المساس بمصالح طهران في بلادنا كي يحصل على الحضوة لدى جلادي طهران في حال حدوث أية تداعيات قد تؤدي الى تدهور الوضع السياسي وحصول تناحر بين مختلف القوى العراقية. بين هذين التيارين البعيدين كل البعد عن مصالح شعبنا لم يظهر موقف وطني واضح رغم بعض البيانات التي صدرت هنا وهناك فيما غاب التنسيق بين القوى والتيارات الديمقراطية واليسارية من أجل الخروج بموقف موحد ليس فقط من الإعتداءات الايرانية المتكررة على بلادنا بل أيضا من مجمل ما يحدث في بلدنا وكذلك الموقف من الاحتلال الأمريكي والتوصل الى برنامج سياسي متكامل للخروج بالبلاد من أزمتها. وعودا على بدء فإن الاحتلال الاجنبي للعراق هوالذي سمح لايران وأنصارها بالتغلغل الى جسد الدولة العراقية وهوالذي حول العراق الى مرتع للمرتزقة والشركات الأمنية المتعاونة مع جهاز المخابرات الامريكي السي آي أي كما هوالحال مع شركة بلاك وترز. واصبح العراق رهينة بيد عصابات القتل والاغتصاب الامريكية وعلى مرأى ومسمع من حكامنا والمسؤولين الكبار وثمن الصمت هوالاحتفاظ بالمناصب. وقبل أن تمارس بلاك وترز عمليات القتل العشوائي ضد المواطنين الأبرياء العزل, كانت المواخير الامريكية في المنطقة الخضراء واغتصاب القصر تجري على قدم وساق بدعم حكومي مباشر بعد نصبت الادارة أمريكية من أصول إيرانية لفتح بيوت في المنطقة لاستقبال النساء العراقيات سرعان ما تحولت هذه البيوت الى مقاصف ومواخير يقضي فيها جنود الإحتلال والمرتزقة أوقات المتعة. وتعود حادثة ساحة النسور الى عام 2007 حيث قام حراس أحد الدبلوماسيين الأمريكيين من شركة بلاك وترز باطلاق الرصاص على المارة الأبرياء وقتل ١٧ منهم. ولاتقتصر هذه الجرائم على قتل الأبرياء فحسن وإنما بدأت تظهر تفاصيل مروعة عن عمليات إغتصاب قام بها عناصر بلاك وترز فقد كشف تقرير أمريكي عن فضائح جديدة ارتكبتها عناصر شركة خدمات الأمن الخاصة الأمريكية "بلاك ووتر" ضد نساء عراقيات.ونقلت إذاعة "شبكة الإعلام القومي" الأمريكية عن اثنين من العاملين السابقين في "بلاك ووتر" القول فى اعترافاتهما أمام المحكمة الفيدرالية أن الشركة استغلت عراقيات لم يبلغن سن الرشد في ممارسة الجنس في مجمعها بالمنطقة الخضراء المحصنة ببغداد. وأضافا أن قاصرات عراقيات مارسن الجنس مع أعضاء من "بلاك ووتر" مقابل دولار واحد وأن أريك برنس صاحب الشركة كان يعلم بذلك. وتضمنت التهم الأخرى الموجهة ضد الشركة تهريب الأسلحة وتبييض الأموال والتهرب من دفع الضرائب. لكن الذي حصل في جريمة ساحة النسور هوقيام القضاء الأمريكي بتبرئة حراس بلاك وترز وهوالأمر الذي أثار حفيظة وحنق رئيس الوزراء العراقي المتجه نحوإنتخابا ت برلمانية والطامح الى الأستمرار في منصبة لدورة جديدة. لكن هل بنيت ردود الأفعال هذه على حقائق ووقائع من مجريات القضية أم هي محاولة لإستغلال كل شاردة واردة في مجرى الصراع على السلطة ومحاولة غير موفقة لاستغلال مشاعر الناس اعتمادا على حقيقة أن العراقي لم يعد يكترث بما يقوله الحاكم وهوالمنشغل في الصراع اليومي لتوفير لقمة العيش وتجنب المفخات والقنابل اللاصقة والمقرات الحزبية التي تحولت الى أوكار أمنية ومراكز لتصفية المعارضين, واذا استطاع العراقي أن يتخلص من كل هذه الكمائن فإن المسدس الكاتم يترصد المعارضين سواء لحكومة وللأطراف الحاكمة. ووجدنا السيد الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية يتحدث عن سعي الحكومة العراقية الى مقاضاة بلاك وترز وهوالذي لم تثر حفيظته عندما قامت جارة السوء إيران بإحتلال الفكة. وموقفه جاء متناسقا مع موقف السيد رئيس الوزراء والهدف هوالمزايدة الرخيصة ليس إلا. فالوقائع على الأرض تثبت أن تسوية قد حدثت بين عوائل ضحايا ساحة النسور وشركة بلاك دفعت على إثرها تعويضات مادية لعوائل الضحايا وهذا ما صرحت به سوزان بورك المحامية الأميركية للمدّعين العراقيين حيث قالت إنها طلبت في وقتٍ متأخرٍ الأربعاء من محكمة فدرالية في الولايات المتحدة إسقاط الدعاوى المرفوعة ضد الشركة الأمنية الأميركية الخاصة بعد التوصل إلى تسويةٍ مع أُسَر الضحايا في حادثة ساحة النسور في بغداد التي أسفرت في عام 2007 عن مقتل سبعة عشر مدنياً عراقياً وأدت إلى توتر العلاقات بين بغداد وواشنطن. لكن وكالة أسوشييتد برس للأنباء التي بثّت تقريرها من مدينة رالي بولاية نورث كارولاينا أشارت إلى أن المحامية بورك لم ترد على الفور الخميس على اتصالاتٍ هاتفية لتوضيح هذا التطور. أما الشركة الأمنية الأميركية الخاصة التي تُعرف الآن باسم (أكس إي سرفيسز) فقد أصدرت بياناً أعربت فيه عن ارتياحها للتسوية التي استغرق التوصل إليها عدة شهور. وأضاف البيان أن التسوية "ستُمكّن الإدارة الجديدة لـ (أكس إي سرفيسز) من مواصلة أعمال الشركة متحررةً من أعباء التكاليف والإرباك بسبب الإجراءات القضائية المستمرة إضافةً إلى دفع بعض التعويضات للعوائل العراقية"، بحسب تعبيره. من هنا يتبين لنا بأن الحكومة العراقية لا تعلم بما يدور وهي تتخبط في مواقفها محاولة اسثمار كل شيئ في مجرى التنافس الإنتخابي المحموم بينها وبين خصومها وتبين هذه القضية عدم ثقة الضحايا بقدرة الحكومة العراقية على استرجاع حقوقهم والدفاع عنها. والأهم من كل هذا وذاك هوأن الحكومة كانت تغط في نوم عميق مهملة هذه القضية المهمة وعدم قيامها برفع دعاوى قضائية ضد القتلة المأجورين في حينه ولم يظهر لنا متحدث رسمي وغير رسمي يهدد برفع دعوى قضائية ضد الجناة, لكن عندما تناهى الى مسامعها ما آلت اليه تلك القضية حاولت ذر الرماد في العيون والظهور بمظهر المدافع الأمين عن مصالح العراقيين, هذا من دون أن تتعب نفسها وتتحقق من الأمر لمعرفة خلفياته ودوافعه.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |