وغاب النواب في السرداب

 

محمد علي محيي الدين

abu.zahid1@yahoo.com

لليوم السابع على التوالي عجز مجلس النواب الموقر عن الاجتماع وإقرار الموازنة المالية بسبب غياب النواب وامتناعهم عن الحضور لأن أغلبهم لم ترشحه كتلته للدورة القادمة ،كما علل الدكتور بهجت العطية" ، نائب رئيس المجلس، في تصريح لوكالة «رويترز»، عدم اكتمال النصاب بأن عددا غير قليل من أعضاء المجلس انقطعوا عن حضور الجلسات بسبب «عدم ترشحيهم من قبل قوائمهم للانتخابات البرلمانية المقبلة.. إضافة إلى انشغال البعض الآخر بحملاتهم الانتخابية». وأضاف العطية أن هذا التطور «أصاب المجلس بحالة من الفتور" (والتطور) الذي وصفه العطية لم تجدي معه النداآت العاجلة لرئيس المجلس وتهديده لهم وطلب عقد اجتماع للمجلس السياسي للأمن الوطني إلا أن السادة ممثلي الشعب يرفضون الحضور مما عطل إقرار الموازنة وقانون السلوك الانتخابي والقوانين الأخرى التي تنتظر التصويت،ولم أسمع في حياتي وفي أي بلد من بلدان العالم المتقدمة منها أو المتخلفة أن نواب الشعب يرفضون الحضور للبرلمان ويعلنون العصيان في الوقت الذي أصدرت الحكومة العراقية أوامر مشددة بمنع العمال والموظفين من الإضراب أو الانقطاع عن العمل وأن الفصل سيكون مصير المضربين فلماذا لا تطبق الحكومة العراقية القانون على نوابها الأشاوس، وهل أن المجلس المسئول عن تشريع القوانين وتعديل الدستور هو فوق القانون والدستور وله الحق بتجاوزه وعدم العمل بمقتضاه ،ولماذا لم يطبق رئيس المجلس قوانين الإدارة الانتخابية ويقتطع رواتب الغائبين أو تتخذ قرارات ملزمة بفصل النائب وحرمانه من الحقوق المترتبة له في حالة غيابه وخصوصا في هذا الظرف المحرج،ولو قام عمال بسطاء بالإضراب عن العمل ،فهل تسكت عنهم الحكومة أم ستحيلهم وفق المادة 4 إرهاب "وتنعل موته موتاهم" أو ستقول أن الأيادي البعثية القذرة وراء الإضراب لأنهم يحاولون أعاقة العملية السياسية، وإذا كان السادة النواب لا يهمهم أمر الشعب والمجلس فلماذا يتكالبون على الترشيح للمرة الثانية،وكيف لهذا الشعب البطل انتخاب مثل هؤلاء ومنهم من لم تطأ أقدامه مجلس النواب وهناك العشرات منهم لم يحضروا تحت قبة المجلس طيلة السنوات الأربعة المنصرمة أكثر من عشر مرات،أن الشعب العراقي هو الوحيد القادر على معاقبتهم بعدم انتخابهم والخروج بتظاهرات للمطالبة بحرمانهم من التمتع بالامتيازات التي أقروها لأنفسهم ،وسحب جوازات السفر الممنوحة لهم وقطع الأراضي والسيارات المدرعة وأعادتهم لصفوف الشعب مواطنين عاديين.

وكنت أتوقع من الجهات الدينية التي كانت وراء انتخابهم أن يكون لها موقفها الرافض لتصرفاتهم التي لا يقرها عرف أو قانون وأن تدعوا الناس لعدم تجديد انتخاب النواب المتغيبين أو غير المواظبين على الحضور ،ولكنها لا تتدخل إلا في الأوقات العصيبة عندما يأتي يوم الانتخاب وتقول كلمتها الحاسمة التي تحول مجرى الانتخابات بالاتجاه الذي تريد،وكان عليها أن تقول كلمتها الحاسمة لا أن تحاول لملمة التكتلات بشكل طائفي كما يبدو من خلال الاتصالات المكثفة مع الجهات المعنية،ولعل ما يحدث من تطورات وبهيجان في الشارع العراقي حول فتوى رجل الدين السعودي تصب بذات الاتجاه لإثارة فورة طائفية جديدة تدفع بالناخب للتمترس خلف طائفته كما حدث في الانتخابات السابقة عندما جرى التنسيق مع فضائية الجزيرة لإثارة الشارع العراقي قبل الانتخابات بتصريحات مماثلة لأحداث حالة من التعاطف مع الكتل الدينية،بعد نزوع الشارع العراقي للتخلي عنها لعدم قدرتها على أدارة البلاد وانتشار الفساد داخلها.

أن الكرة في ملعب الشعب العراقي فهل سيقول كلمته الحاسمة أم سيسير في الطريق الخاطئ مرة أخرى،ليصنع برلمانا لا يختلف عن السابق وبذلك تكون النهاية المأساوية لآمال وتطلعات جميع العراقيين في بناء الدولة المدنية الديمقراطية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com