|
بصرة - سليمانية محسن ظافرغريب كانت روايات الروائي العراقي "جنان جاسم حلاوي" تعنى بالمصير الفردي للشخصية المحورية، يتتبع سيرة حياتها في ليل البلاد و دروب وغبار و أماكن حارة ، الصادرة عن الآداب/ بيروت.. كما للصحافي والباحث الأردني "وليد حسني" وصايا الذبيح.. رسائل صدام حسين كتاب يقع في 596 ص قطع كبير في سيرة فكر وخطط أميركية أدت لاحتلال العراق، ومقارنتها بسيرة تفكير صدام، يتحدث ويشير ويدعو ويحذر في رسائله التي صدرت عنه تباعا منذ احتلال بغداد وحتى إعدامه، قصاص وفاقا على جرائمه وخيانته شرف المسؤولية حتى فراره منتحلا رتبة "مهيب ركن" في الجيش الذي حله بانحلاله المسلكي والسلوكي!!. نجد الرواية الأخيرة لجنان حلاوي أماكن حارة ، الصادرة عام 2006م، عن حيوات منتقاة من الفترة المظلمة (العثمنليبعثية) في العراق، كتقليدية متعددة الأصوات أرساها رائد الرواية الواقعية العراقية "غائب طعمة فرمان": اعتمد غالبا الضمير الثالث في قول ص17: وفي ص 206: "نضيف إلى ذلك كلّه عزيزي القارئ أسلوب الدكتور الجذّاب في الحديث". وذكر اسم الرواي رواية أحداث أوضاع العراق السياسية والاجتماعية مذ ما قبل الحرب العالمية الأولى، والتواريخ. "حمدان في، يحتسي بيرته الآن، منفردا في مكان مجهول.." ص224 - 225. لغة شعرية وتفصيل الكائنات في المكان: حيوان وحشر وشجر وألوان ومواسم، وصول القطار إلى المدينة، حرارة عملية (المباشرة): "تنطلق صفرة أخيرة صاخبة. تندفع المدينة وتحتضن القطار الوالج عمقها فائراً" ص107. كتفصيل مبيت "آزاد" و"مصطفى" في "بغداد" عند عودتهما من الأسر في الهند في بناية الجامعة المستنصرية المتحولة في زمن الإحتلال، إلى مجرد "خان" لمبيت المسافرين، "بغداد" تاريخ نشأتها بعد اجتياح المغول وشنق علمائها و"مكتبة الحكمة"، والحكمة الفلسفة المحببة والخبرة الخيرة في القرآن: عصر عبّاسي. تركه الحاضر متواريا بعيدا عنها. طمسه النسيان، "فاكتست غرفها وردهاتها وممراتها القديمة بالوحشة والعزلة والغبار" 108. والأزمان الوطنية، والزيف. تصحح لو طبعت الرواية ثانية: في ص 298 احتل الجماهير الشارع، لكن شعارات الشيوعيين(إعدم.. إعدم.. جيش وشعب وياك يا قائد الثورة) و(ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة) هتاف أطلق عام 1959م بعد القضاء على محاولة الشواف الإنقلابية في الموصل وليس صبيحة 14 تموز 1958م . ص 334 عودة البعث 1968م عبر بيان مجلس قيادة الثورة يبث من الإذاعة، يعلن فيه عن تولي أحمد حسن البكر معلنا سقوط سلطة العقيد عبد السلام عارف والصح سقوط أخيه عبدالرحمن عارف لأن كان قد قتل محترقا، بسقوط طائرته العمودية في القرنة عام 1966م لدى عودته من البصرة إلى بغداد. جاعلا (الرواي) من سيرة بطله (حمدان) بؤرة ضوء ميدان سرده المفصل الممتع سوى عجالته المقصودة المقتضبة في فترة صبر وحلم أربعين عام العراقيين بين ربيعي بغداد 1963-2003م؛ بدء بالفصل الأول "الإغتيال" في كوخي الطين والقصب، بيت والده خضير، المكلف من زعيم البصرة "كامل النقيب" المتمرد على الشق العثمنلي من الفترة المظلمة (المتمرد على الشق البعثي منها، صاحبنا حفيده العسكري "كريم النقيب"، عضو البرلمان العراقي عن منظمة بدر)، باغتيال والي الباب العالي التركي فيصور لحظات تناوب مع طلق زوجته بدرية بـحمدان الذي يرى النور في ليلة تنفيذ الإغتيال. النص وقع على أثر حمدان حتى شيخوخته. الفصل الثاني "جبل معتم تحت سماء شمالية" تواز مع أسرة حمدان، شخص الكردي مصطفى بدء بمقهى في مدينة السليمانية، هرعت إليها شخصيا مبكرا مع بدء انفراد "صدام الإجرام" بالتسلط؛ بحثا عن ملاذي الأخير: الكرديين الذين أحببتهما حبا جما، سيما الأول أبي سعدية لأنهما بصدق استشعرته بحميمية: ربياني صغيرا في خان جدي في سوق موسى العطية/ عشار - بصرة (علي ورضا)، مع تصوير الميدان وناسه العفويين الطيبين مثل بابا علي وعمو رضا، طيبة ميدان حمدان قبل شخص النداء/ القائد الكردي محمد برزنجي، للجهاد ضد الغزاة الإنجليز فيسافر إلى البصرة ليقاتل هناك فيؤسر وينفى إلى جزيرة هنجام وهناك يتعرف في الأسر على الرجل الجبل، رجل الجبل ابن مدينته الحر/ آزاد. الفصل الرابع "خفق أجنحة في مياه مفتوحة" أجمل فصول الرواية: هرب العاشق ياسين الساكن في عمق الهور مع حبيبته فاطمة بعد رفض عشيرتها تزويجها له، فينسلا تحت جنح الظلام بقارب، ليصلا مع الغبش إلى حيث اقتران دجلة والفرات عند شجرة آدم وحواء شمالي حاضرة البصرة الطيبة الخربة الحلوب في ريف مدينة القرنة ليستقلا عربة تصل بهم إلى المدينة مع سير ثمرة سدرة الملتقى المشتهى "شط العرب"، ثم بواسطة مركب إلى البصرة تحت (أخمس مسدس) للقبطان، قبل قرن من الزمن، لدى دخول "الجيش البريطاني" الأول (الثاني ختام القصيد النص) البصرة. وتطور الوضع الشاذ السياسي - الإجتماعي العثمنليبعثي مركزا على رأس خليج مدينة الكاتب البصرة وثغرها الباسم الممتد إلى معقل الإنجليز حيث ميناء المعقل الذي أشادوه بسواعد هنود مستعمرتهم شبه القارة الهندية ذات النكهة الحريفة كتوابلها، كسخرية المثل: "مات الهندي وظل ابنه عندي!". الشخوص الثانوية شديدة الحيوية، كدكتور (طبيب) "سركيسيان" الأرمني الشيوعي الذي يتعرف عليه حمدان حين يستنجد به لدى تفشي وباء الكوليرا بالبصرة كي ينقذ أمه بدرية المصابة بالملاريا فتنشأ علاقة إنسانية بينهما تحدد مصير ووجهة حياة حمدان لاحقا حين يكسبه للعمل في تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي السرية. و "حيدر" يتعرف عليه حمدان في سجن نقرة السلمان المنفى الصحراوي بعد نخل المثنى على الحدود العراقية السعودية عندما ينكشف التنظيم، وشخصية آزاد الكردي الذي يتحول إلى شيوعي صلب وبسبب ذلك يلقى حتفه، والعديد من الشخصيات الأخرى المتمحورة حول خطوط السرد المثلثة. تعرف حمدان عن طريق الطبيب سركيسيان على آزاد الكردي الذي يعمل معه في التنظيم، ويحصل على عمل بتدريس بنت مصطفى، مريم، اللغة الإنجليزية ليقترن بها، والقروي ياسين الهارب وزوجته فاطمة فيعملان لاحقا لدى مصطفى الذي طور تجارة التوابل مع الهند التي تعلمها في الأسر، ليقتل ياسين لاحقا ثأرا من قبل عشيرة زوجته، فيتزوج مصطفى فاطمة ويحل المشكل العشائري. خضير عمل نقاشا يموت مقتولا لمنافس عمل، فتثأر زوجته له وتقتل القاتل أمام أنظار حمدان الذي يكمل دراسته ويصبح معلما ويسجن ويحاربه حزبه كونه أيدَّ اعترافات عليه!. حمدان شريحة اليسار العراقي في صفوف الحزب الشيوعي دفع الثمن غاليا لاحقا في صراع دموي، فيستحيل حمدان إلى رجل يخاف في صراع حزبي البعث والشيوعي. سجل تاريخ البصرة السياسي، وتحولاتها في عهد النظام الملكي: إعدام سركيسيان الشيوعي وتعليق جثته، ومولد جمهورية العراق الخالدة ومجيء الزعيم عبد الكريم قاسم بدعم من الشيوعيين وتعليقهم للمعارضين في الشوارع، إنقلاب عبدالسلام عارف والبعث، ومجازر الحرس القومي، انقلاب عبدالسلام عارف على البعث، ثم إعدام عزرة ناجي زلخة وجماعته اليهود بحجة التجسس لصالح اسرائيل، وتعليق جثثهم في ساحة أم البروم لدى عودة البعث الأولى 1963-2003م التي تنذر الآن بالثانية لتمزيق بنية المجتمع العراقي في غضون وثنايا وخطايا وتجاعيد: (الإحتلال ـ الإختلال ـ الإحتلال) باسم ثالوث عبث البعث العدمي القدسي وحملته العفلقية الصدامية السياسية الإيمانية المنافقة: (الوحدة ـ الحرية الإشتراكية)!. وصف تطورات مدينة البصرة العمراني وأمكنتها المختلفة أنهارها، محلاتها، بساتينها، أريافها، فضلا عن مكانين هامشيين في النص هما السليمانية والحيدر خانة في بغداد عبر شخصيتي مصطفى وآزاد.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |