|
الاخوان المسلمون من بنائين الى قطبيين .. رؤية من الخارج
حميد الشاكر لاشك ان انتخاب الدكتور محمد بديع مرشدا عاما ثامنا للاخوان المسلمين في مصر بعد انتهاء ولاية محمد مهدي عاكف رجل الاعتدال الاخواني، وماصادف هذه الانتخابات من شدّ وجذب، وما اثير من لغط هنا وهناك بشأن بروز مصطلحات جديدة داخل وخارج حلقة الاخوان من مثل (قطبيين وغير قطبيين) مضافا الى ذالك ما رافق هذه الانتقالية الصعبة نوعا ما لولاية المرشد العام الثامن داخل الاخوان بالاطاحة (ان امكن القول هكذا) ببعض الاصلاحيين او رموز الاعتدال الاخواني امثال نائب المرشد الاول السابق محمد حبيب وعبد المنعم ابو الفتوح عضو مكتب الارشادوبروز عناصر ممن تحسب على تيارات التشدد كعصام العريان وغيره، وموقف الحكومة المصرية المراقب من بعيد والمفضل عدم الظهور بالصورة مطلقا ....الخ، كل هذا بالامكان قراءته على اساس ان هناك بعض التطورات البنيوية الحقيقية التي تحركت داخل الكيان الاخواني الاسلامي المصري الذي يعتبر من اهم التكتلات الاسلامية في المنطقة العربية والاسلامية وايضا العالمية اليوم بلا منازع !!. فالاخوان المسلمون جماعة لايخفى على احد انها من اكبر الجماعات الاسلامية في المنطقة والعالم ومن اقدمها تشكلا وتجذرا ايضا في الوعي الاسلامي الحديث،وإن اكثر الحركات والجماعات والاحزاب والتكتلات الاسلامية من هنا وهناك تعود او ترتدّ بجذورها التنظيمية او الفكرية الى جماعة الاخوان المصرية الذي اسسها الشيخ حسن البنا (1928م ) لتستمر الى يوم الناس هذا كقطب محرك، وفاعل في العالم الاسلامي والعربي المعاصر، وعلى هذا الاساس فاي تغيير او تطور او طروء جديد على بنيتها او سلوكها او منهجها الحركي في الداخل او الخارج الاخواني وعلى مستوى القيادات وتشكيل اطر مكتب الارشاد، او اقلّ من ذالك، سيرصد بعمق على اساس انه تغيير ستمتد ارتداداته الكلية على جميع امتداد حركة جماعة الاخوان المسلمين داخل مصر وخارجها !!. نعم إن الحديث عن تغييرات جوهرية قدضربت قمة الهرم القيادي الاخواني، في مفصلين مهمين جدا هما : اولا :مفصل الانتخابات الداخلية لجماعة الاخوان لانتخاب المرشد بدلا من بيعته في السابق لتطرح جماعة الاخوان المسلمين نموذجها الانتخابي الجديد ولاول مرة !. ثانيا: صعود تيار القطبيين (نسبة الى سيد قطب وافكاره) داخل الاخوان للقيادة ومكتب الارشاد والمعروف بتشدده الفكري والسلوكي والمنهجي ايضا !. لابد ان تكون لمثل هذه التطورات ماتستحقة من توقف ودراسة، وتأمل في انعكاساتها، السياسية الداخلية،في داخل جماعة الاخوان المسلمين وفي خارجها كذالك، وماسوف تنتجه هذه التطورات على رؤية الاخوان من الداخل وفي هرم القيادة المتقدم تجاه جميع القضايا العربية والاسلامية القائمة اليوم !!. والحقيقة إن ما يميز المرحلة الاخوانية الاسلامية الجديدة انها اتت والعالم العربي والاسلامي يعيش في مرحلة مخاض ازمات لها اول وليس لها اخر، وعلى كافة الاصعدة الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهناك الازمات الخارجية كالكيان الصهيوني الذي يعيث في الارض العربية والاسلامية الفسادوهناك اشكالية دول اعتدال ومحور مقاومة، وهناك ازمة المقاومة داخل فلسطين وخارجها، وايضا هناك قضية الاحتلال، والتدخلات الاجنبية، والامريكية في لشأن العربي الاسلامي،وهناك صواعق الطائفية والتناحر المذهبي الاسلامي الداخلي والاسلامي المسيحي التي تفجرت صواعقها بفعل التدخلات الاستعمارية وهناك اشكالية التطرف في العالم الاسلامي .. كما ان هناك الاشكاليات المصرية الداخلية الاكثر تعقيدا بالنسبة لجماعة الاخوان المسلمين وغيرهم !!. وكل هذا بالطبع منعكس على اي تطوّر، او تغيير يحدث في قمة الهرم القيادي لجماعة الاخوان المسلمين،لاسيما ان الحديث عن مرحلة سابقة كان مكتب الارشاد الاصلاحي (حبيب عبد الفتوح ابرز قادته) السابق بمرشده العام المعتدل (محمد مهدي عاكف) وماانتهجته هذه المجموعة من سياسات معتدلة ومتوازنة تقريبا في كل القضايا الداخلية المصرية،والخارجية العربية، والاسلامية، ثم بعد ذالك ياتي الحديث حول تغييرات جوهرية في هوية، وماهية قيادات الاخوان، ومكتب ارشادها العام، وانتقاله من كوادر اصلاحية منفتحة ومدركة ومتوازنة في طرحها السياسي العام، الى الحديث عن قطبيين بقيادة محمد بديع وعصام العريان ....وغيرهم ممن لهم افكار وتصورات متشنجة في بعض القضايا الاسلامية شئ فيه الكثير من دواعي القلق والتساؤلات على مستقبل سياسة الجماعة اولا، وماهية تصورات ادارتهم للملفات الداخلية، والخارجية العربية،والاسلامية بالنسبة لنا على الاقلّ ممن ينظر للجماعة من الخارج اكثر ممن يتعامل مع جماعة الاخوان المسلمين من الداخل !!. والواقع إن اكثر ما يشغل اصحاب الفكر العربي والاسلامي من خارج جماعة الاخوان المسلمين وهم يرصدون هذه التطورات والتغييرات الاخوانية داخليا وعلى الساحة المصرية هي بعض الاسألة التي فرضت نفسها قسرا بعد عملية الانتخاب وصعود تيار القطبيين المتشدد لقيادة هذه الجماعة والتي تتبلور بالاشكاليات التالية : اولا : هل ستبقى السياسات العامة لجماعة الاخوان المسلمين على خطها السابق في الحركة والتصورات لقضايا مصر الداخلية وقضايا الامة الخارجية ؟. ثانيا: عندما قيل ان هناك قطبيين قد صعدوا الى قمة الهرم القيادي الاخواني وفي مكتب الارشاد، لاريب ان هناك ايضا تصورات خارجية وداخلية مصرية مختلفة قد صعدت للسطح كذالك لتطرح السؤال عن سياسة التشدد والتطرف والتكفير، وهل ان القطبيين في صعودهم المفاجأ لقمة القيادة الاخوانية سينعكس بالضرورة صعود خطاب قطبي يميل للتشدد والتكفير والتطرف في الخطاب السياسي والدعوي الجديد للاخوان المسلمين ؟. أم ان الخطاب السياسي والدعوي الاخواني لايتأثر بشكل مباشر بتغيير انماط القيادات الصاعدة والنازلة، باعتبار انه خطاب مرابط بمؤسساتية ثابتة داخل الجماعة ولاتتحرك بتحرك الشخوص القيادية داخل هذه المؤسسات ؟. ثالثا: ان اخطر مايواجه الامة اليوم، هو الفتنة الطائفية الاسلامية الاسلامية داخل الامة، بين السنة والشيعة، والتي يلعب عليها الاستعمار الغربي والصهيوني لاضعاف هذه المنطقة العربية والاسلامية، وكذا الفتنة الاسلامية المسيحية التي تضرب بالخصوص مصر هذه الايام، وكان مكتب الارشاد السابق بزعيمه عاكف قد ابدى حنكة وتوازن كبير جدا في خطاب الاخوان بين هاتين الفتنتين بحيث ان الجماعة استطاعت وبطول فترة المرشد السابق مهدي عاكف ان تمسك العصى من الوسط وان تطرح خطابا توحيديا لاطائفيا ولايميل لجهة اسلامية على حساب اخر، وألآن السؤال: هل المرشد الجديد محمد بديع وبتصوراته القطبية الصدامية المعروفة، وكذا مكتب ارشاده الجديد بقيادة عصام العريان هو قادر على انتهاج سياسة الوسطية الاسلامية، بحيث اننا سنكتشف خطابا يغطي جميع تلاوين وتعددية واختلاف المذاهب الاسلامية داخل الاطار وبما فيها السنة والشيعة ؟. أم اننا سنفاجئ بخطاب طائفي متشنج سلفي ..الخ،يميل لجهة اسلامية على اخرى ليزيد الهوة واتساع الشرخ لكيان الاسلام ووحدة الامة، بحيث اننا سنلمس سياسة تمييز طائفية واضحة لحركة الاخوان القطبيين الجدد، وميل يزيد اضطرام الاحتراب الطائفي الاسلامي الاسلامي والاسلامي المسيحي، كما هو متوقع مع الاسف لسياسات الاخوان القادمة بقيادة القطبيين بديع وعصام العريان ؟. ربما تكون هذه بعض الاشكاليات والتساؤلات التي بحاجة مرشد الاخوان الجديد ومكتبه الارشادي ان يجيبوا عليها بوضوح وبلا لبس او مداهنة من هنا وهناك، وهناك ايضا الكثير من الاسألة داخلية من قبيل موضوعة التوريث ومشاركة الاخوان في الحياة السياسية او العزوف للدعوة فحسب، وامكانية الاخوان ومشاركتهم في الفعاليات السياسة والحزبية وغير ذالك ..... وهناك الشأن الخارجي للاخوان وباقي الاسألة الاخرى، لكننا اكتفينا بطرح بعض الاسألة لادراكنا ان اهم سؤال ربما ينبغي ان تجيب عليه جماعة الاخوان بتشكيلتها السياسية والقيادية الجديدة للخارج المصري اليوم وبالتحديد للاخر الاسلامي هو : هل ستبقى جماعة الاخوان المسلمين على عهد سابقها المعتدل والاصلاحي في موضوعة انتهاج الخطاب والسياسة الوسطية حيال التنوع الاسلامي الطائفي داخل الاطار الاسلامي واعني بذالك خطابها الاسلامي المتجاوز للتشنجات المذهبية الطارئة بين السنة والشيعة ؟. أم انه ولصعود قطبيين (تكفيريين على حد تعبير ابو العلا ماضي زعيم حزب الوسط)، فاننا سنجابه بخطاب وسياسة سلفية منغلقة ورافضة للاعتراف بالاخر، وبمشروعية ان يكون له حق الاجتهاد في الرؤية المختلفة للاسلام ؟. الحقيقة انه ومن خلال مايطرحه بعض قيادات القطبيين الجدد في قيادة الاخوان، ولاسيما مايطرحه الدكتور عصام العريان من كتابات فيها الكثير من التشنج والانغلاق الطائفي الموجه بالخصوص الى الخط الشيعي الاسلامي، وماينم عن ذالك من رؤية منغلقة عن الاخر، فأن مثل هذه المؤشرات القطبية الاخوانية، لاتبشر في الحقيقة بمستقبل سياسات اخوانية،معتدلة ومتوازنة ووسطية في الخطاب والمنهج الاتي، وهذا اذا ما اضفنا اليه فكرة ان هناك دعم سلفي تكفيري جاء من احدى دول البترول الخليجي التكفيرية (السعودية بالتحديد) ليساند الخط التكفيري المتشدد داخل منظومة الاخوان المسلمين وليدفع بهم لتسنم مكتب الارشاد والقيادة داخل الاخوان لتكون السيطرة السلفية المنغلقة هي المهيمنة على خطاب وسلوك...الخ الاخوان السياسي القادم، فان ذالك يدعوا للقلق بالفعل على سياسات ومناهج وخطاب الاخوان في مرحلة قيادة القطبيين للجماعة !!. بمعنى اخر: ان هناك بالفعل ولدى المراقبين من خارج الجماعة توجس وخيفة وتساؤلات .....من صعود القطبيين وفي هذه المرحلة الحساسة بالذات داخليا مصريا بحيث ان مصر على مفترق طرق حقيقي في هذه المرحلة، وخارجيا من منطلق ان معادلة الاخوان كانت ولم تزل هي المعادلة الصلبة في توحيد خطاب الامة والابتعاد عن النفخ بكير الفتنة الطائفية، ومجيئ وصعود تيار وخط وقيادة امثال عصام العريان وغيره وبخطابهم الطائفي المتشنج من جهة، وبفقده للتوازن والرؤية البعيدة السياسية من جانب اخر، فحتما ان الانعكاسات ستكون مدعاة للقلق على الاخوان ومن الجماعة بنفس الوقت، لاسيما ان المرحلة القادمة عربيا ومصريا واسلاميا هي بحاجة بالفعل الى خطاب الاعتدال والتوازن والوسطية في كل الامور السياسية، وليس بحاجة الى خطاب التكفير والانغلاق والتطرف والسلفية .. والذي يبدو انه السمة الصاعدة في قيادة الاخوان هذه الايام وفي مكتب ارشادهم ومع مرشدهم القطبي الجديد محمد بديع !!. ان الخطر الحقيقي في تشكيلة الاخوان القطبية الجديدة ليس هي في جماعة الاخوان كمؤسسةانتهجت على طول خط تاريخها الدعوي والاسلامي والسياسي خطاب الاعتدال والوسطية والتوازن ..بفضل كوادرها الاصلاحية التي لااعلم كيف اطيح بها في ليل مظلم،وبعيدا عن الاضواء، مع حاجة مصر والساحة العربية والاسلامية، لامثالهم في هذه المرحلة والمجيئ بكادر ابعد ماتكون الساحة المصرية بالخصوص والاسلامية بالعموم بحاجة اليه،فمصر من الداخل لاتتحمل اكثر من ذالك تشنجا وتوترا وخطابا قطبيا حادا ومتعصبا ومنغلقا وطائفيا،وكذا عالمنا العربي والاسلامي لايتحمل ضغطا سلفيا تكفيريا مزق الامة بفتنته الطائفية والدعوة للاقتتال الاسلامي الاسلامي وفتاوي التفرقة والضلال خدمة للصهاينة والاستعمار، وصعود تيار القطبيين في هذه المرحلة الحرجة والمصيرية للاسلام والعرب فيه الكثير من المغامرة والكثير من القلق والكثير من علامات الاستفهام الخطيرة جدا بمضامينها وفحواها العميقة سوف يكشف عنها المستقبل قريبا جدا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |