ما لا يَعرفهُ العُريفي

 

كاظم فنجان الحمامي

kfinjan@yahoo.co.uk

ما لا يعرفه العريفي إن بغداد سقطت بيد الغزاة والطغاة والبغاة احدى وعشرون مرة, ويبدو إن العريفي لا يعرف إننا نعرف تماما من هو ابن العلقمي, وإننا لسنا بحاجة إلى من يعرفنا بهذا الخائن الجبان, فنحن في العراق على اطلاع تام بكل ما كتبه ابن كثير عنه في (البداية والنهاية), وما كتبه الذهبي في (سير أعلام النبلاء), والزركلي في (الأعلام), والسيوطي في (تاريخ الخلفاء), والسبكي في (طبقات الشافعي الكبرى), وكانت خيانة ابن العلقمي لبغداد مرتبطة بسقوطها الثاني بعد تأسيسها, وأغلب الظن إن العريفي لا يعرف إننا نعرف بقية أسماء الذين تآمروا على بغداد في مسلسل الغزوات الواحدة والعشرين المشؤومة, التي اجتاحتها منذ عام 813 ولغاية عام 2003,

فالعريفي لا يعرف (مثلا) إننا نعرف إن السافل (محمد بن بكر صوباشي) فتح بوابة بغداد المسماة (باب السر) أمام الجيوش الفارسية الغازية, وكان ذلك عام 1623, وهو السقوط الرابع عشر لها منذ تأسيسها, فتدفقت العساكر في أزقة بغداد وضواحيها, وذبحت كل من صادفته في طريقها, ولا يعرف العريفي إننا نعرف أيضا إن السفاح التركي مراد الأول كان هو الغازي الذي تسبب بسقوطها الخامس عشر, وانه ارتكب عام 1638 مذبحة مروعة لا تقل في بشاعتها عن أفظع مذابح التاريخ.

ويقول المؤرخ (ستيفن لونكريك): إن مجموع ما قتله مراد الأول في بغداد في ليلة واحدة يقدر بثلاثين ألف قتيل, وشهدت بغداد في كل سقوط لها ما لم تشهده أي مدينة من مدن العالم من أعمال العنف والمجازر الدموية والدمار والخراب وأعمال النهب والسلب, والقتل الجماعي والتنكيل.

لكننا بحاجة إلى أن يعرفنا العريفي ويعرف أبناء الأمة العربية والإسلامية بأسماء أولئك الذين فتحوا بوابات بلدانهم بوجه الجيوش الأمريكية القادمة من أقصى الأرض لتدمير بغداد, وأن يُعرّف أبناء الأمة العربية والإسلامية بأسماء الأمراء والملوك والرؤساء العرب, الذين وضعوا مطاراتهم وقواعدهم العسكرية في خدمة الجيوش الأمريكية الغازية التي اجتاحت بغداد في سقوطها الأخير, والتي لا تبعد عن مقر عمل العريفي سوى بضعة كيلومترات, ويعرفهم بأسماء الموانئ العربية التي سخرت أرصفتها لإيواء واستقبال الفرقاطات والمدمرات والغواصات وحاملات الطائرات الأمريكية التي اشتركت في غزو بغداد, ويعرفهم بأسماء الأقطار الخليجية التي أسرجت وألجمت وتحشدت وتكالبت وتآزرت وتعاونت مع الجيوش الأمريكية في هجومها الكارثي على بغداد, ويعرفهم بأسماء الأقطار الخليجية التي قدمت الدعم اللوجستي الكامل للقوات الأمريكية الجرارة التي غزت بغداد وقلبت عاليها سافلها. ويعرفهم بالأقطار الخليجية التي فتحت منافذها الحدودية البرية والبحرية والجوية لقطعان الثيران الأمريكية الهائجة التي انتهكت حرمة بغداد وضواحيها.

إن (ابن العلقمي), و(محمد بن بكر صوباشي), و(سلطان علي ذو الفقار كش), و (أسبان بن قره يوسف) مجرد نماذج بالية لمجرمين تعفنوا منذ زمن بعيد في مزابل التاريخ, وما على العريفي إلا أن يعرف الناس بما اقترفه قادة الدول العربية والإسلامية من آثام وجرائم منكرة نتيجة لتحالفهم واصطفافهم مع الأمريكان في غاراتهم العدوانية السافرة التي شنوها على بغداد.

ونقول للعريفي انك ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه إذا كنت تمتلك الجرأة والشجاعة الكافية لتعلن للعالم عن أسماء القواعد والثكنات العسكرية الجبارة التي يتمترس فيها الأمريكان الآن في البلدان العربية والإسلامية, والتي اشتركت جميعها قبل سبعة أعوام في بناء ومد اكبر الجسور الجوية التي سُخرت لضرب بغداد وسحقت بنيتها التحتية والفوقية, عندئذ سنصدقك لأنك ستكون ناطقا بالحق والعدل.

لكنك إن تغافلت عن كشف الحقيقة, وتماديت في طمسها, وتأخرت عن إعلانها للناس, وتعمدت النكوص والرجوع إلى الوراء في قراءة التاريخ إلى ما قبل ألف عام, وتجاهلت ما فعله بنا أبناء عمومتنا قبل بضعة أعوام, فعندئذ يكون تباكيك على أطلال بغداد مجرد (كلمة حق يراد بها باطل). وستكون في نظر التاريخ من المتسترين على جرائم العرب العاربة والعرب المستعربة الذين تعاونوا مع الأمريكان وأعداء الأمة العربية والإسلامية في غزوهم الأخير لبغداد, لأنك كنت شاهدا على عصر الخنوع والارتماء العربي في أحضان البنتاغون, وتعرف تفاصيل هذه الحكاية من طق طق إلى السلام عليكم. والحديث ذو شجون.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com