|
رشيد الخيون يدخل عاشوراء من الباب الخطأ! محمد خضر ناجي لا شك إن العقل السياسي والثقافي والديني أيضا ، في العراق وغيره من البلدان العربية والإسلامية ، بحاجة إلى وقفة بحث ومراجعة جريئة وجادة وموضوعية لكل موروثنا الحضاري والثقافي ، لكي نستطيع أن نعرف أسباب الواقع المزري الذي نعاني منه منذ قرون عديدة ، وتخرج مجتمعاتنا من مستنقع التخلف الذي تتمرغ فيه منذ قرون ، إلى نور التطور والازدهار . هذه الوقفة والمراجعة ليست كتلك التي يدعو إليها الكاتب رشيد الخيون في مقاله (عاشوراء ومراجعة مطهري) والمنشورة في موقع (صوت العراق) نقلا عن الاتحاد الإماراتية ، لأنها لم تكن غير (مقال مناسبة) دخل فيها الخيون إلى المشهد والطقس الحسيني المحتدم من باب الطغاة والمستبدين من الأمويين والعباسيين وأمثالهم ، برغم حمله لافتات إصلاحية لمطهري وغيره ، وهذا ليس غريب ، فقد حمل غيره القرآن من قبل على رؤوس الرماح ! وحقيقة لا أعرف كيف ومن أين جاء الخيون بهذا الاستنتاج (كانت حسينية الإرشاد .... مكانا لمحاولات تخليص التشيع مما علق به من مختلقات أوجدت الشق الكبير بين الشيعة وبقية المذاهب ، وفي المقدمة يأتي المشهد الحسيني) ، فهل يمكن لكاتب ، أيا كان ، يدعي الموضوعية ، أن يحسم الأمر بمثل هذه العبارة ويقفز من بعض الطقوس الحسينية إلى المذهب الشيعي ككل ، وليحّمل الشيعة و(مختلقات تشيعهم) مسؤولية الخلاف مع بقية المذاهب ؟ وهل هو جهل أم سذاجة أم ماذا حين تغيب الصورة الأوضح في هذا الطقس والمشهد وهو الثورة ضد الاستبداد والطغيان ؟ ألم يسمع بانتفاضة صفر 1977 في خان النص ، ألم تكن ضمن الطقس الحسيني ؟ ألم يسمع : سجّل يلأمن وإخبر مشيرك ....... لو ثار الشعب شنهو مصيرك ؟ ألم يسمع الجماهير وهي تصرخ بعالي الصوت في العزاء الحسيني ، في عز قوة البعث وهجومه على الأكراد والقوى الديمقراطية : راية محبة وراية سلام خلهه ترف بكردستان طير السلام دينادي عاش الوئام ببلادي يقائد الأحرار نحجيلك اللي صار وآخرها ليلة العاشر من محرم هذا العام من بينها : ليش الوطن منهوبه كل ثرواته وابن الوطن ظل عايش بمأساته نريد الحلول التقنع .... وحده الحجي ما ينفع اسمك عنوان الحرية يابو اليمه نعم ينبغي تخليص الطقس والمشهد الحسيني من بعض الممارسات والمبالغات ، وفي المقدمة منها طقوس الدم والعنف ، وهذا ليس اكتشاف للخيون الذي يكتبه من خارج المشهد من بعيد ، من لندن ، وفي صحيفة تصدر في بلد كما في غيره من البلدان يضيق على مواطنيه الشيعة في ممارسة طقوسهم وزيارة المراقد المقدسة في كربلاء والنجف ، بل هو ما يقوله ويصرح به عدد من المثقفين ، ورجال الدين الشيعة ، والناس العاديين في أكثر من مكان ومناسبة ، ومنهم في كربلاء نفسها . هل قرأ الخيون ما يكتبه الشيخ حسن الصفار ، هل إستمع إلى المرحوم الشيخ (الروزخون) الوائلي ؟ هل قرأ عن محاولة هذا الروزخون وعدد من جماعته الروزخونية وتشكيلهم لجمعية تطوير المنبر الحسيني ؟ وهل يعرف كم روزخون ارتقى من (أعواد المنابر) كما يسميها الخيون ، إلى أعواد المشانق ؟ وإذا كان (التطبير) مشهد عنيف وغير مبرر ، فما هي المساحة التي يشغلها في المشهد الحسيني ؟ إن الانطلاق منه للنيل من كل المشهد بل والشيعة ككل يحمل أكثر من معنى ، كلها ليست في صالح الخيون ! لقد شاهدت في صحن الإمام العباس (ع) يوم العاشر من محرم موكبا يرتدي المشاركين فيه الأكفان البيضاء النظيفة ومكتوب عليها (أنا من المتبرعين بالدم) . أما ما كتبه (من عوامل التحريف، وتحويل قضية الحسين إلى معاش ...) يدفعنا لسؤال الخيون هل قضية الحسين انفردت بتحولها إلى معاش ، أليست هناك قضايا ومبادئ إنسانية كثيرة تحولت إلى ارتزاق كالماركسية والقومية والديمقراطية وحقوق الإنسان ؟ ألا يوجد بيننا اليوم تنظيمات وكتّاب من اليسار واليمين ، دعاة الحرية والديمقراطية ، من ارتزق ولا يزال يرتزق بمواقفه ونتاجه وقلمه ويوظفه لمن يدفع ، وإن كانوا طغاة ، وحكاما متخلفين ؟ ومع ذلك فالناس لا يميزون فقط بين المُبَكي وغير المُبَكي من خطباء المنبر الحسيني فقط ، بل يعرفون جيدا من يلطم مخلصا على الحسين وغيره الذي يلطم على الهريسة ، وإن بالغ في اللطم والبكاء ! إن الكتابة الموضوعية تفرض على الكاتب أن يرى الأمر من عدة زوايا ووجوه ، وكما يقال أن لا ينظر كما فعل صاحبنا الخيون إلى النصف الفارغ من الكأس بل من واجبه أن يشير للنصف الآخر .... المليان . إن المشهد والطقس الحسيني في عاشوراء ، مشهد ملحمي محتدم ، هناك الكثير مما يمكن الكتابة عنه ، وهو بعدة مستويات ومداخل منها : الواقعة التاريخية ، الموقف السياسي ، الأسطورة الشعبية ، الشعر والخطابة والفن ... وأخيرا مدخل الطاغية يزيد ، وهو ما ينبغي بمن يدعي الموضوعية من الكتاب الحذر من الدخول منه ، لأنه يقلل من مصداقيتهم ويضعهم في خانة وعاظ السلاطين . ولذا يبقى المشهد بحاجة ، من الخيون وغيره من الكتاب والمثقفين من مختلف المشارب والتوجهات ، إلى تمعن ووقفة جادة وعميقة ، بعيدا عن المصالح والمواقف المسبقة ، ومعايشة وتواصل مع مختلف تفاصيله ، ومنها تلك التي تدفع المواطن البسيط ، على مر العصور وتغير الأنظمة أن يمشي على قدميه مسافات طويلة في الطريق إلى كربلاء ، وهو يردد : لو قطعوا أرجلنا واليدين .... نأتيك زحفا سيدي ياحسين !
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |