|
السياسة الحسينيه .. (18) الحاج هلال فخرالدين من عمر الخليفة الى عمرقائد جيش الخليفة الشرارة الاولى لسياسة النهضة الحسينية ولم تقف تداعيات الانقلاب والاحداث فى الدين عند هذا الحد حيث تم إقصاء الرجالات الشرعيين وتجريدهم من كل مناصبهم وتجميدهم في الذهنية العامة بالاستفادة من الشرعية التي كانت تصبغ شخصية الحاكم فأخذ يمارس دورا مزدوجا دور السلطة التنفيذية والتشريعية معا..وفى ضوء هذه الارهصات والمسارات التى عصفت بالامة وان الامام الحسين لم يكن خارج الصورة التى عليها امة جده وما ستصل اليه من مخاطر حقيقية وفق مخطط هذا السيناريوا الانقلابى وهنا تظهر بواكيرالمقدرة الذاتية للحسين كسياسى من نمط فريد وافاق العبقرية والحصافة والحكمة والنبوغ والجرأة الفائقة فى بداية صياغة مشروعه النهضوى الاصلاحى الرسالى الانسانى ببينة جلية فى برنامج واضح في سلوكه حيث يمكن اعتبارها اللبنة الاولى فى منهجه السياسى فى التصدى للانحراف والتحذير من مغبة ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والتنبيه الى ضرورة الاصلاح وهو في مقتبل عمره الشريف المعبرعنها بسنين (الطفولة) والتي يقول فيها علماء النفس ان مخايل الفطنة وحدة الذكاء تظهر فيها وفي اي سياق تكون ابعاد الشخصية وتقويم رؤاها فى طرح مايختلج بنفسه لمشروعه المستقبلى فالسياسى المبدع من يرى ماخلف الحدث والحسين فى هذا الصدد احذق من جهة ومن جهة ثانية يقول علماء السياسة ان تكون لغة خطاب السياسي العبقرى المتمرس قصيرة تؤدي الهدف وتطعن بشدة في صميم مايريد مع احتمال كثير من المعاني والتأويلات وتعطى مداليل تصب في الغاية وتفاجيء الخصم ولكن كلمة الامام الحسين كانت الابرع للخليفة ابن الخطاب وهى تمثل بداية لانطلق مشروعه الاصلاحى التغيير كما انبأ بها النبى (ص) ويعد احد معاجزه فقد جاء فى احدمصادر السنة المعتبرة (أسد الغابة فى معرفة الصحابة)عن أنس بن حارث بن أبيه عن أبيه: ...فهو لم يخاطب عمرالخليفة مثلا:بانك تخلفت عن جيش اسامة او طعنة فى سيد المرسلين جدى محمد (ص)بانه يهجراوشهرت سيفك فى المسجد ترعب الناس بان النبى لم يمت الاجل تمرير مخطط لنصب فلان للخلافة اوتكالبتم على الامرة والنبى لما يقبر بعد او هجومك مع رهطك على بيت الوحى او ان الله يامر بالاخذ بكتابه وسنة نبيه معاوانت طمست السنة بقولك يكفينا كتاب الله ..الخ لكن الامام الحسين تفوه بكلمةواحدة صريحة وعلنا مقابل ابن الخطاب بانك غاصب للحق بتقمصك للائمامة ولخلافتنا بكلمة محددة جمعت من المعانى والدلالات مالم تفصله المجلدات... يذكر المؤرخون ان الخليفة عمربن الخطاب كان مرتقيا لمنبر المصطفى (ص)فاهاج ذلك سبطه الحسين ولم يبلغ سن العاشرة من العمر فتقدم الى عمر هو على المنبر يخطب بالمسلمين متخطيا الامام الحسين لكبارالصحابة والزعماء والشيوخ ووقف قبالة الخليفة وبجرأة نادرة وكلمات شفافة لينة هينة ولكنها اشد من انطباق السماء على الارض على راس عمر حيث يخاطبه قائلا :له انزل من على منبر جدي واذهب الى منبر جدك .!! فالامام الحسين (ع) لم يسلم عليه ولا على الحاضرين من الصحابة اولا وهذا له معناه ودلالة رغم وجوب السلام وثانيا لم يقل ابدا للخليفة عمر ماهو متعارف عليه من مفردات النداء او التفخيم والتبجيل مثلا ياعم او ياخليفة او يا شيخ او ياصحابى وحتى لم يسمه باسمه مثلا ياعمر..! ولعله من باب الاستخفاف او عدم الاعتراف له بشيء من ذلك او عدم استحقاقه له ..فقد بادره بكلمة مقتضبة لكنها مزلزلة :(انزل من على منبر جدي واذهب الى منبر جدك ) فوجم الخليفة اى وجوم وهو المهاب او المعروف (بالغلظة والشدة ) وصاحب (الدرة) التى طالما وطأ بها صدوروظهور الصحابة وشيوخهم امثال سعد بن ابى وقاص احد العشرة المبشرة بالجنة وفاتح العراق وشيخ المحدثين ابو هريرة الدوسى ..كما يذكر المؤرخون قضية تعطى صورة اوضح لجبروت ابن الخطاب حتى فى التعامل مع اقرب المقربين اليه واحد اعمدة السقيفة او قل احد اضلاع مثلث السقيفة ابو عبيد ابن الجراح وفاتح بلاد الشام فانه وفى حديث لم يرق لابن الخطاب او لاحظ فيه ولو نوع من التحدى له فقال له بالحرف الواحد:لوقالها غيرك يا ابا عبيدة ..!! اى لو تجاسرعليها احدا غيرك وقالها لعرف مصيره اوما ستكون نهايته اولاذقته سوء العذاب لتكشف عن مدى غطرسته حتى اصبحت هذه المقولة مثلا سائر.. ومواقفه مع النبى وجرئته عليه مزبورة فى المصادر التاريخية كصلح الحديبية مثلا.. وكان عثمان يصرخ من على المنبر بما كان يرتكبه عمرفي خلافته من اساليب الشدة والعنف لاذلال وامتهان الصحابه :( كان ابن الخطاب يغلظ عليكم ويؤذيكم بلسانه ويده ويطاكم بقدمه فخفتموه وعظمتموه)..صحيح ان عمركان معروفا بالتقشف فى الماكل والملبس وتوسد التراب لكنه كان حاكما جبارا لايعيرلاحدا مقام فقد استهزاء بالستة الذين نصبهم للشورى وهو يلفظ انفاسه الاخيرة بل وطعن حتى بخلافة من نصبه للحكم بمقولته المشهورة :(بيعة ابى بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها ..). لان تحت الظلوع داء دوى هو الامرة والتسلط والبقاء على سدة الحكم وفي هذا الصدد يقول الشاعر: وقد صبرت عن لذة العيش أنفس وما صبرت عن لذة الامر والنهيى لكن عمر سكت ولم ينبس ببنت شفة لانه لم يتوقع فى يوم ما من ان احد سيتجرأ عليه او يدور فى خلده ان يتفوه بوجهه احد اوان يقول له احد مثل تلك الكلمة المزلزلة البليغة الصريحة ويتحداه وهو مزهوا على منبر النبوة ..لكن عمر فوجيء بها ولم تكن فى حساباته وهو المخطط والمنفذ لبيعة السقيفة والواضع لخطوط سياسة مدرسة السقيفة لتلاقف الطلقاء والطغاة سدة الحكم او لخارطة طريق نظام الاستبداد ..و لم يدري ما يقول ولا كيف سيرد (الصفعة) القوية التي وجهها له الامام الحسين وبكل وضوح وثقة وعلنا وعلى رؤس الاشهاد من اهل الحل والعقد وشيوح الصحابة ..!! فما كان من الخليفة المعروف بالخشونة والشدة الا النزول من على منبر رسول الله (ص) وان سبقها تنازله وتصدع هيبته وانكسارشوكته واستسلامه المطلق التام لمقولة الامام الحسين وامام حشود الصحابة فما كان من ابن الخطاب الا التنازل والاعترف امام الملأ وبكل جلاء وتصاغر امام الحسين بانهم اصحاب الفضل والمنة عليه وانه بفضل جده واهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فما كان من الخليفة عمر بن الخطاب الا ان يخاطب الحسين قائلا له:(وهل أنبت الشعر على رؤوسنا إلا الله ثم أنتم)...!! وهذه الكلمة العظيمة للامام الحسين على صغرها تحمل فى طياتها الكثيرمن المعانى ولها مداليلها السياسية الواسعة التى لاتحدها حدود اقلها هو عدم الاعتراب بشرعية هؤلاء وان تقمصوا لبوس الشرعية وتسلطوا على الامة من غير وجه حق وبكلمة اخرى تعرية النظام كله واسقاط الشرعية عنه وتسقيطا لمن نصبه والغاء شرعية نظام السقيفة ..!! وانهم وحدهم الائمة الذين اكد عليهم جده المختار فى مناسبات عديدة وانهم وحدهم ورثة جدهم المصطفى فى قيادة الامة وخلافة المسلمين وما عداهم زيف وزر وباطل مهما تبرقع بلبوس الشرعية بقوله (ع) اذهب الى منبر ابيك واترك منبر ابي ..اي اتركه لاهله ومن هم احق به منك .. وما انت ياخليفة ياعمر الا مصادر لمنصب الخلافة ومقام الامامة او انك ياخليفة المسلمين قد نزوت على حق هو ليس لك او ان هذا ليس مقامك او مكان جلوسك فتنحى عنه لاهله ومن له اهل او انك ارتقيت عاليا ليست له باهل وهو اعلى منك شأنا فما انت ومن كان قبلك الا متقمصين للخلافة التى هى تراثنا لانها خلافتنا نحن الائمة الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ..فاذا كنتم قد اصبحتم اليوم ونصبتم من انفسكم قادة للامة وخلفاء للمسلمين بفضل جدي(ص) ونحن اهل البيت وهذا المنصب لايزال ساريا مسروقيته منا حتى لحظة جلوسك على منبره(ص).. فاذا كان لك وجودا حقا في الامة او فضل فالتمسه منه اواذا انت تقمصته فهذا لايعنى وراثتك للنبى او خلافتك له فانت ياعمرلا ولم ولن ترث جدنا (ص)ونحن حظوراذن اذهب وطالب بأرثك من ابيك فان كان له منبر اي سلطة او زعامة فخذها لنرى هل يكون لك هذا المقام او ان ما حصلت عليه هو بسبب جدي وليس بسبب ابيك او ان ابوك لم يكن شيئا مذكورا او معروفا في العرب او انما اصبح لكم جاه وعز ياعرب فبفضل جدي وليس بفضل ابائكم اي اهذا الذي جازيتمونا به حيث ابعدتمونا عن مقامنا وما خصنا الله به من الامامة والشرعية فى قيادة المسيرة الرسالية لجدنا المصطفى (ص) قد صادرتموها اى صادرتم الحق ونكثتم بعهد الله بالبيعة لنا وهى فى رقابكم وانتم ملزمون بها ..وان انقلبتم على اعقابكم وجلستم على سدة السلطة وانتم غاصبون وابعدتمونا وظلمتونا فاذا كان لك وجود غير هذا فاذهب اليه .. او يريد ان يبين له انك لم تك شيئا وصرت خليفة باسم جدي (ص)...ولكلمة ابن المصطفى (ص) هذه معانى كثيرة .والذي تفوه بها كان عن معرفة تامة وفهم كامل بمداليلها ومضامينها وهوغض غرير او طفل صغير فكيف اختار عبارة صغير كبيرة في معناها ودلالاتها واسقاطاتها او حسب تعبير المناطقة جامعة مانعه اذهل بوقعها مسامع الخليفة واصكت اذانه بل وكل كيانه وعرت حقيقتة وفندت فتنة السقيفة الصلعاء وما ستجنيه الامة من ويلات ونكبات من جرائها وليس فقط ان الامام الحسين افحم الخليفة واسقط شرعيته بل وحتى جميع الصحابة وكل حضار مجلسه من علياء القوم (اهل الحل والعقد) اعلمهم بتحمل مسؤلياتهم فى المشاركة او الدخول فى هذه الفتنة وما اجترحواه فيها بسكوتهم او رضاهم به وهم جميعا اصحاب بيعة الامس القريب (الغدير) لذلك نلاحظ لم يرد على الامام الحسين اي فرد منهم رغم ان البعض رد على ابيه امير المؤمنين عندما امتنع عن البيعة للاول بقولهم له :انك بعد فى مقتبل العمر وسوف تاتيك مستقبلا من كلام لابن عوف وابو عبيدة انظر الطبرى والكامل .. وهنا يجب ان نقف بكل اجلال وتقديس للامام الحسين على تفوهه بتلك الكلمة كلمة الحق والصدق واماطت الثام عن الباطل فى عقر داره ..اذن أليست انها كلمة حكيمة سياسية ذكية جدا وعبقرية من الوزن الثقيل بل هي حكمة بالغة لم يتفوه بها غير ابن المصطفى (ص)الحسين السبط(ع)ويتحدى الخليفة ونظامه وهومتسربل بالخلافة مستوى على المنبر يعظ او يحذر او يشرح او يأول او يأمر او يجتهد فيطاع ..الخ يقول علامة اهل السنة ابن عابدين فى فتاواه ان عمر افتى فى مسألة واحدة 17 حكما كل حكم يختلف عن الاخر فما كان من الخليفة عمر -الذي لم يجرأ احد من الصحابة الكلام معه دع عنك المساس به او بشرعية نظامه – ان يقول للحسين (صدقت) انه منبر جدك وليس لجدي منبر وقطع خطبته ونزل من على المنبر ويحمل الحسين ويقبله ويسترضيه بكل خنوع واستصغاروتلطف معه على ان يخبره من الذي علمه تلك (الكلمة الخطيرة) فى تغافل اوغفلة منه بانه امام قام او قعد وانهم زقوا العلم زقا فقال الامام الحسين له وبكل شجاعة : انا رأيت الحق فقلته وكانت الصفعة الثانية الاقوى والاشد والامض .انه (الحق) الذى خالط كيان الحسين ومضى عليه وثارمن اجله وضحى بكل شيء فى سبيله . .لذلك نلاحظ من سياسة ابن الخطاب فى العطاء ان جعله طبقى على عكس ما كان عليه فى السابق لاجل استرضاء وشراء الذمم حيث كان يعطى الحسن والحسين من العطاء اكثر من كبار الصحابة المهاجرين وعندما سئل قال :متعللا هؤلاء ابناء رسول الله واحب تكريمهما ويذكر المؤرخون ان الخليفة عمرلم يكن ليحفل بكبارالصحابة وطالما اوجع صدورهم و ظهورهم بدرته...لكن عمر الخليفة كان اذا قدم عليه الحسين قام له اجلالا واجلسه الى جنبه ويترك الاخرين ويتحدث مع الحسين لانه لايستطيع تجاهل مقامه ولايمكنه نكران عظيم خطره وجليل شأنه ... والخلاصة ان الامام الحسين بكلمته المجلجلة تلك نقض بنيان مدرسة السقيفة من اساسه..!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |