|
يا أديب كن أديب
محمد علي محيي الدين
كان الحزب الشيوعي العراقي ولا يزال مرآة عاكسة لطبيعة القوى السياسية والبارومتر الكاشف لمدى قربها أو بعدها عن المسار الوطني والمصداقية السياسية،ورغم الصراع السياسي المرير الذي تخوضه القوى الحالية إلا أنه نأى بنفسه عن هذا الصراع لمعرفته التامة بأنه يخدم القوى الخارجية وظل كما عهده العراقيون (يلحق العيار لباب الدار) حتى خاله البعض ضعيفا وما هو بضعيف ،ولا زالت الكثير من القوى السياسية تنظر إليه بمنظار جعله في مقدمة القوى السياسية صدقا وأمانة وإخلاصا ونزاهة،وأكثرها وطنية ووفاء بالمبادئ والمثل العليا التي آمن بها وسار على هديها أعوام طوال،وحاول أعدائه أو مخالفيه كيل التهم جزافا لكن السحر ينقلب على الساحر فيظهر معدن هؤلاء،وتنكشف حقيقتهم في البعد عن الأمانة والنزاهة والإخلاص،وظل الخزي والعار مصير أعدائه التاريخيين من رجعيين وقوميين وظلاميين وبعثيين ومتسترين بعناوين أخرى لم تخف طبيعتهم الفجة في أعين الناظرين،ولتورعه في الدخول بمتاهات الرد بالمثل دأب البعض ممن لا يحسب لهم حساب في الموقف الوطني أو النضج السياسي على مناصبته العداء والتصريح بما يسيء إليه،رغم علم هؤلاء ببطلان ما يدعون وفجاجة ما يقولون، وقد نتجاوز عن البعض ممن لا يعد في العير والنفير ولكن أن يصدر تصريح من قيادي بارز في حزب حليف لنا معه مواقف نضالية موحدة فهذا ما يدعوا الى العجب فقد سبق للأستاذ علي الأديب القيادي في حزب الدعوة أن أدلى بتصريحات مناهضة للشيوعيين فكان أن:حلمنا فعد الحلم منا مخافة،وعاود الأمر ثانية في تصريح لقناة السومرية الفضائية في معرض السوآل عن شهداء الحزب الشيوعي،والسيد الأديب لم نسمع له صوتا أو نرى له أسما في العهد الملكي أو العهد الجمهوري أو في العهر ألصدامي،ولم يكن من رموز المعارضة التي ناضلت ضد البعث أو ممن حملوا السلاح لإسقاطه،وعندما كان يعيش في الأبراج العاجية كان الشيوعيون الى جانب أخوانهم البيشمركة وقوات بدر يقاتلون في ذرى كردستان ولم نسمع أن أحدا غيرهم حمل السلاح أو واجه قوات النظام،ولكنه برز قائدا بعد سقوط صدام فكان نجم الفضائيات في التصريحات والتحليلات ،عندما ابتلا العراق بالمناضلين عبر القارات ممن استغلوا سقوط الصنم ليستعرضوا بطولاتهم ونضالاتهم التي لم نسمع بها قبل ذاك،وملئوا سماء العراق بالعنتريات،ورأيناه لأول مرة من خلال التلفزيون بقسماته الصارمة ونظراته الثاقبة ،وكلماته التي تخفي ورائها الكثير مما أدى الى ما نحن عليه فرقة وضياع ومن خلالها أستطاع أن يجد له مكانا في العملية السياسية وأن يكون واجهة من واجهات السلطة لأسباب ليس في مقدمتها المكانة أو التاريخ النضالي المشهود. وكنا نتمنى عليه أن لا يتجاوز حده،وأن لا يترك لأفكاره العنان ليخبط خبط عشواء فيما يعرف أو لا يعرف،فقد صرح يوما أنه لا يؤمن بالديمقراطية إلا من خلال آلياتها التي توصلهم للسلطة،وان ألأثافي الثلاث هي الممثل الوحيد للعراقيين،وليس هناك من خط رابع،ثم يحاول النيل من الشيوعيين الذين يعلم هو وحزبه أنهم لم يكونوا يوما ما في موقف العداء لحزبه،أو صرحوا يوما بالضد منه،وعندما يتطرقون للأحزاب المناضلة يشيرون له من بينها ،رغم معرفتهم الكاملة عنه وعن حقيقة نشأته وظروف تكوينه وقوته الجماهيرية!!! ولا أعتقد أن السيد الأديب يصدق إن الآلاف المؤلفة التي أعدمها النظام البائد هي من منتسبي حزب الدعوة،لأن القسم الأكبر منهم وطنيين ديمقراطيين وغير حزبيين أراد النظام التخلص منهم فالصق بهم تهمة الانتماء لحزب الدعوة،وحزب الدعوة في أوج عظمته لم يتجاوز المئات وهم معروفون للعاملين في الحقل السياسي،وهذا القول ليس من بنات أفكارنا وإنما صرح به مفكر أسلامي ومن مؤسسي حزب الدعوة الدكتور ضياء الشكرجي،ولا يغرنك بريق السلطة أو تصفيق المصفقين وردح الرادحين ورقص الراقصين فهؤلاء صفقوا لنوري السعيد وعهده وردحوا لقاسم وحكمه ورقصوا لعارف وأهله،وغنوا للبكر وصدام وظلمه،ولكنهم لم يحموا ظهرا أو يردوا ضيرا،ولو دامت لغيرك لما وصلت إليك،فأحفظ من ضبعك وقلل من سعيك فوا لله ما هي إلا جولة فترى هؤلاء ينفضون من حولك ليصفقوا لمن تولى قياد البلاد،وكم قتل الغرور صاحبه وأسلمه للعنة التاريخ. وأخيرا أسألك أيها الأديب هل قرأت أو سمعت أن قياديا شيوعيا نال من جهة سياسية أخرى أو تصدى لها بالنقد والتهوين أو قلل من شأنها ،وهو العارف بطبيعة هذا الحزب أو ذاك وحجمه قبل سقوط النظام،وما قدم أيام النضال ،فإذا كان الحزب الشيوعي بهذا الأدب فما بالك وأنت الأديب يا أديب.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |