مذكرات الجندي المرقم 195635  

 

 

 

يحيى السماوي

yahia.alsamawy@gmail.com

 (1)

 قلت مع نفسي،كم  كنت ساذجا  حين سألني مدرس اللغة العربية الأستاذ " شمخي جبر "  ما الذي تتمنى أن تكون في المستقبل ؟ فأجبت : جنديا أدافع عن وطني .. ! حين عرف أبي بجوابي قال لي أنت ساذج وكاذب دون أن تدرك ذلك، فالجندية لاتتطلب مواصلة الدراسة .. باب التطوّع مفتوح، فلماذا تصرُّ على مواصلة الدراسة إذا كانت الجندية هي مطمحك وحلمك ؟ ثم أردف مواصلا حديثه : الحروب لعنة .. فهل تتمنى  أن تكون ملعونا ؟ يومها سألته : هل جرّبت الجندية يا أبي ؟ أجاب : نعم ... حاولت التملص منها فلم أستطع .. لم أكن وحيد العائلة فأعفى  ولا ثريا فأدفع البدل النقدي ..

صفعني جوابه .. جوابه يعني أن الدفاع عن الوطن محصور بالفقراء .. سألته ثانية : ولكن الفقراء لايملكون بيوتا فخمة وسيارات ونقودا كثيرة .. المفروض  أن يكون الأثرياء أكثر دفاعا عن الوطن لأنهم تنعّموا بخيراته .. أليس كذلك يا أبي ؟

 أجابني جوابا غامضا : سيأتيك القوس بلا ثمن فاهتمْ بدروسـك ..

 ولقد جاء القوس فعلا لكنه كان بأثمان باهضة وليس بدون ثمن ... أول هذه الأثمان كان التخلي عن اسمي  !

لم أكن أقصد إعلان العصيان على أبي، حين قررت اختيار اسم جديد لي، غير الاسم الذي اختاره لي يوم طردتني أمي من رحمها، لتستقبلني الأرض

المفروشة بحصيرة من سعف نخلة بيتنا الطيني، ومن ثم لأطلق أول صرخة بكاء .. كان اسمي القديم جميلا حسب رأي معلم اللغة العربية، لكونه ممنوعا من الصرف، يدل  على عناد  ـ وأنا صدقت رأيه متخذا منه ذريعة لعنادي الذي لم يكن يقل  عن عناد بغلٍ حَرون كتلك البغال التي كنا نستعين بها لنقل الماء من الوادي الى الربيئة في جبال كردستان .. بغال لها أرقام وهويات تماما مثلنا نحن جنود سرية الإنشاءات المستقلة السابعة، والتي أمضيت فيها شهورا عديدة كبغل  بشريّ  أكمل دراسته الجامعية ـ قبل انتدابي منها للعمل مدرسا في اعدادية السماوة براتب جندي مكلف، وهو عمل سأفقده نتيجة تقرير سريّ أعده أحد العاملين في" بورصة الحزب القائد " لينال ترقية حزبية .  

  كنت سعيدا باسمي القديم الممنوع من الصرف .. أمّا وقد صرفتني الحكومة من الوظيفة، وأصبح جسدي يُرفع ويُجرّ وينُصب حسب موقعه من معاونية أمن المدينة، ومديرية استخبارات الحدود، والإستخبارات العسكرية، فقد  ارتأيت تغيير اسمي القديم، بآخرَ يقبل الحركات الإعرابية من رفع وضمّ ونصب وجرّ، ليتحقق الإنسجام بين الوعاء والمادة .. أقصد بين جسدي واسمي ..  

  اطلقت على نفسي اسم " مظلوم " وجهّـزت لي هوية مزورة .. حدث ذلك، حين فرض عليّ استبدال بندقية كلاشينكوف صديئة وساحة تدريب، بالطباشير والسبورة والصف المدرسي ... وبدلا مما كنت أقوم به من تقديم دروس نموذجية لمدرسات ومدرسي اللغة العربية حول طرق تدريس الأدب والنحو، صرت تلميذا لنائب العريف " حلبوص " وهو يعلمنا كل صباح كيفية تنظيف البندقية وتأدية التحية لضباط يستحقون الصفع على اليافوخ.  

  أعطوني بدلة خاكية تتسع لشخصين سمينين ، وزوجين من جوارب سوداء كعباءة أمي، أقل  خشونة من جلد قنفذ صغير .. ومن حسن حظي ـ وهو سيئ في الغالب ـ أنهم أعطوا زميلي وابن مدينتي " لطيف أبو الكبة " وكان ضخما مثل دبابة قديمة، بدلة لا تسع فخذا واحدا من فخذيه الممتلئين مثل جذع نخلة برحيّ هرمة ..كان لطيف غاية  في الطيبة والنبل كأي قرويّ لم يحضر اجتماعا حزبيا ولم يكن يحلم بأكثر من دكان صغير يصنع منه مطعما للكبة ... ضحك كثيرا حتى دمعت عيناه حين رآني ضائعا داخل بدلتي العسكرية التي بدت وكأنها خيمة، قبل أن أضحك بشكل أرعن وأنا أراه يفشل في إدخال فخذه البدين في بنطلون الخاكي الخشن..  

  وكما يتبادل أطفال القرى خيولهم الخشبية في لعبة " اللص والناطور " تبادلنا بدلتينا العسكريتين، وأقسمنا على أن نبقى عنقودين يتدليان من  غصن واحد ـ على الأقل خلال فترة وجودنا معا في معسكر التدريب .الواقع عند أطراف مدينة الديوانية .  

 قد يعتقد أحد ما، انّ البدلة الخاكية، كانت حجر الأساس لعلاقتي الحميمة بلطيف أبو الكبة .. ومثل هذا الإعتقاد ليس صحيحا البتة .. فالذي ربطني بلطيف أبو الكبة، هو المصير المشترك .. لا أقصد المصير الذي يطنب في الحديث عنه رئيس الحكومة والحزب في خطاباته التي كانت تثير قرفنا .. ولا أقصد المصير الذي تشيد به أغاني " فرقة الغالي " وافتتاحيات جريدة الثورة البغدادية التي كان أخي الصغير يأتي بها من مقهى الحارة لتمسح بها أمي زجاج نافذة حجرتها ... المصير الذي أعنيه، هو، مصير " القصعة الواحدة " و " الصمونة الواحدة " و" التزوير المشترك لأوراق الإجازات الشهرية "، لأن لطيف أبو الكبة لم يكن رصيفي في الفصيل العسكري فحسب، إنما ولأن لنا هموما مشتركة باعتبارنا حطبا  لموقد واحد.. 

  وكما تتلازم الضفتان حول نهر واحد، لازمني لطيف، ولازمته طيلة خمسة وأربعين يوما، هي مدة الدورة التدريبية في مدرسة مشاة الفرقة الاولى، على مشارف مدينة الديوانية ...  

  وكما أنه أتخمني بالكبة والخبز الحار، فإنني أتخمته بالإجازات المزورة ـ بل وأبديت له كرما كبيرا عندما علمته كيفية صنع ختم  مشابه لختم وحدتنا العسكرية بواسطة رأس " بطاطا " مناسب بعد تقشيره وقطعه دائريا بآلة "آيس كريم " لم تكن تفارق حقيبتي .. أكثر من ذلك، أرشدته الى الفتحة المموهة التي أحدثتها أنا و" كاظم ناصر " في جدار الأسلاك الشائكة القريب من بساتين النخل .  

  قلت إن لطيف كان ضخما مثل دبابة أو عربة " الزيل الروسية " .. وكنت نحيفا مثل عربة باعة الشلغم والبيض المسلوق  ..  هو أسمر مثل رأس باذنجان منتـفخ لم ينضج بعـد، وأنا أبيض مثل رأس " كوسة " قد نضج توّا ...  

  وبقدر ما كان يضحكني بنكاته وحركات يديه و" عفاطه " ـ كإشارة منه الى موعد التعداد الصباحي ـ  فقد كان يزعجني ليلا  إزعاجا مبالغا به، ودون قصد منه ... فقد كنا نفترش بطانية واحدة، ونلتحف باثنتين، أما الرابعة، فقد اتخذناها وسادة مشتركة ...  وسبب انزعاجي منه، هو أنه سرعان ما يستسلم للنوم، بمجرد ملامسة رأسه تلك الوسادة الخشنة التي تنبعث منها رائحة تشبه رائحة التراب المخلوط بروث البقر ... أما أنا فقد كنت أشكو من أرق مزمن، لازمني منذ أول قافلة صفعات و" جلاليق " أناخها ملاكمو أمن البلدة في واحات جسدي عام 1971 وها نحن الان في عام 1980 .. وأكثر ما يزعجني بلطيف، أنّ أنفه يصدر ـ حين يغفو ـ أصواتا  غليظة تشبه أصوات " بلدوزر"يحفر أرضا حجرية ... وبسبب شخيره، كنت أضطر للنوم خلال الإستراحة اثناء التدريب الصباحي .. وهي فترات ـ على رغم قصرها ـ كانت كافية لاصطياد عصفور نعاس، أحتفظ به تحت أجفاني مدة قد تصل الساعة أو الساعتين، فأتخلف عن بقية الجنود المتدربين، لأفاجأ بعد الظهيرة،  بالعريف " حلبوص " و قد أضاف اسمي إلى قائمة الغائبين، فأنال عقوبتي، ساعتين من الحراسة الليلية ... ويبدو انني استعذبت مثل هذه العقوبة ، فواصلت التخلف عن حضور فترات التدريب المسائي، لأتمتع بأربع ساعات من الحراسة الليلية، بعيدا عن شخير لطيف، مستثمرا هدوء الليل لكتابة مقاطع شعرية، أو الجلوس الى نافذة التأمل متابعا نوارس أمنياتي وهي تحلق في آفاق بعيدة ...  

  في الحقيقة، انني كنت أغفو أحيانا خلال فترات الحراسة تلك ... كنت أغفو واقفا مثل نخلة، أو جالسا مثل دبٍّ جبليّ... لكنني كنت سريع الإستيقاظ .. حتى أنني في أحدى المرات، صحوت على صوت خفيض، ظننته صوت حركة أقدام ضابط الخفارة الليلية، فشهرت بندقيتي " وكانت فارغة طبعا " وصحت بقوة : قف  مكانك لا تتحرك و أعطني " سرّ الليل " ... ثم سرعان ما ضحكت عندما اكتشفت أن الصوت كان وليد حركة حمار سائب، وليس السيد ضابط الخفر ... " في الجبهة، فيما بعد، سأكتشف أن الكثير من الجنود كانوا يتمنون  أن يتحولوا الى حمير سائبة لأيام قليلة كي يتحملوا عذاب حروب يخوضونها مرغمين وهم ينتظرون موتهم المؤجل أو يترقبون الإجازة الشهرية التي لن يلتحقوا بعدها بوحداتهم وخنادقهم ومتاريسهم  ـ وأنا أحدهم  ... فقد تمنيت يوما أن تكون لي سيقان غزال بريّ كي استطيع اللحاق بالسيد آمر السرية الثالثة الذي هرب بعجلة " الواز "  ... حدث ذلك في شهر تموز من عام 1983 في معركة " الشلامجة " .. ففي ليل شديد الحرارة والرطوبة، انهالت علينا القنابل الايرانية .. وكالعادة، هرع كل منا الى جحره ـ عفوا أقصد ملجئه ـ والذي لم يكن غير حفرة صغيرة تشبه قبرا مفتوحا مهيّأ لاستقبال ضيفه الأبدي .. حفرة مسقوفة بالصفيح المغطى بأكياس الرمل او التراب، وليس كملاجئ السادة آمر اللواء ومساعديه وآمري الكتائب، المسقوفة بالخرسانة المسلحة والعوارض الخشبية الضخمة، المضاءة والمكيفة أحيانا .. " بعد طول مراس وتجربة، سنكتشف أن القصف لم يكن في أغلب الأحيان هجوما  أو تمهيدا  لهجوم، إنما كان مجرد فعالية عسكرية يؤديها الطرفان كل ليل، لإثبات أن الحرب ما تزال قائمة !!؟؟ لهذا كنت في بعض الأحيان لا أهرع الى الملجأ ـ لا شجاعة مني، إنما، ليقيني أن ملجئي كجندي،  لا يستطيع حمايتي لو سقطت عليه" بلوكة كونكريتية بحجم رأس رئيس العرفاء " سيد فاضل " الذي شتمني ببذاءة لا تخلو من طيبة وود ... ففي إحدى فعاليات القصف الروتينية تلك، هرع الجميع الى جحورهم، اما أنا، فبقيت واقفا كي أكمل سيجارتي التي أشعلتها توا ـ وكانت سيكارة نوع سومر ابو سن الطويل ـ عزّ عليّ رميها  ... فاذا برئيس العرفاء الطيب سيد فاضل يصيح بي وبغضب : " يا حمار .. يا مطي .. شنو إنته أطرش ؟ ما تسمع القصف ؟ ادخل الملجأ من ضاع وجهك  زمال " .. فأجبته : مولانا لا تخاف ... هذا مو قصف  قنابل سيدنه ... هذا ضراط  القائد المنصور ..  " طبعا قلت هذه الجمل بصوت خفيض جدا لدرجة انني نفسي لم أسمع صوتي!!  

ليلة القصف تلك كانت من أطول الليالي التي عشتها ... لكنها ليست أطول من الليلة التي أمضيتها في سجن انضباط معسكر " قوات محمد القاسم " ...                                   **

 كنا قد أنهينا فترة " التسمين " في مدرسة التدريب .. الفترة التي تقضيها الخِراف في الزرائب والمراعي قبل إرسالها إلى المسالخ .. عفوا، أقصد، بعد إكمالنا المنهج القرر، في كيفية تنظيف البندقية والزحف على البطن، والقفز كالقردة من فوق الموانع والحواجز الخشبية، وكيفية صبغ البصطال ليغدو لامعا لمعان " أنواط الشجاعة " وطريقة تأدية التحية العسكرية للضباط ـ الضباط الذين كان أغلبهم يستحق الصفع على اليافوخ ـ وبعد أن حفظنا عن ظهر قلب مصطلحات مثل : الى الأمام سِرْ .. الى الوراء دُر .. يمينا أنظر .. سلام خذ ، وغيرها من جمل ومصطلحات لن تخرج من شفاهنا في المسالخ، عفوا، في جبهات القتال العبثي ومطاحن " قادسية مطيحان " .. بعد اكمالنا تلك الفترة، اعطونا إجازة لمدة ثلاثة أيام، نزور خلالها عوائلنا وأهالينا، ونزف لهم البشرى بأننا سننال شرف المشاركة في قادسية مطيحان .. حتى إذا أنهينا الايام الثلاثة، وجدنا أنفسنا ـ وقد امتلأت بنا ساحة العرضات ـ  موزعين الى مجموعات، تحيط بنا أسيجة من جنود الإنضباط العسكري، ومن ثم، لنحشر في سيارات النقل المعدة مسبقا، دون أن يعرف أيٌّ منا الجهة المُقاد اليها ... فليس من حق الخراف اختيار المسلخ، ولا حتى معرفة مكانه ... كل الذي عرفته، أن رفيقي ورصيفي لطيف أبو الكبة، لن يُبعث به الى الجبهات، والفضل في ذلك لا يعود الى دعاء أمه، إنما لجبل اللحوم والشحوم التي يتكون منها جسده .. تعانقنا بود ، ودسست في جيبه دستة كاملة من إجازات مزورة جاهزة للإستعمال، وأخبرته عن المكان الذي أخفيت فيه قاطعة الأسلاك الشائكة، فقد  يحتاجها في حال اكتشاف الفتحة المموهة التي كنت ولطيف ونفر منتخب من الجنود " غير الأشاوس " نتسلل منها كلما دعتنا الحاجة ..وغالبا ما كانت تدعونا كل مساء، لنتسرب عبرها الى نادي الموظفين ومطاعم الكباب والباجة، أو السفر الى السماوة لنعود الى المعسكر فجرا ورائحة " الزحلاوي والمستكي " تفوح من أحشائنا على رغم ما نقضمه من الهيل والنعناع و البصل و الفجل .

مظلوم لم يكن يقضم الهيل والنعناع والبصل والفجل ـ لأنه لم يكن يحب الزحلاوي والمستكي، ولا حتى " ابو الكلبجة " الشهير ... فمذ منحته زوجه طفلة رائعة، صار يذهب الى مسجد السوق الكبير ـ بعدما كان عطشه يقوده الى نادي المعلمين كل مساء .

 يقول مظلوم إنه لن ينسى ـ ما بقي حيّا  ـ  ذلك اليوم الذي أمضاه في سجن انضباط معسكر القاسم في منطقة الشعيبة الصحراوية في البصرة ..  

ولأنه خلال فترة التدريب، ومن ثم في الجبهة، كان يقفز كالنسناس، مرة عبر الأسلاك الشائكة، وأخرى من فوق الحواجز والموانع الخشبية، ومرة من سيارات الزيل والإيفا وعربات الدرجة الثالثة من القطارات، ومرات عديدة من سطح داره الى البستان عبر سطح الجيران كلما دهم بيته " زوار نصف الليل " .. فإنه، حتى وهو  يسرد مذكراته، يمارس القفزوالإنتقال من موضع الى آخر دون ترتيب، الأمر الذي يجعل حكاياه غير مترابطة أحيانا، بل وغير منسقة، فتبدو مثل قطيع ماعز ينحدر في واد  عريض  دون راع  ... لا أدري لماذا يتذكر باستمرار تلك الليلة، مع أنه عاش الكثير من الأيام والليالي التي كان فيها على بعد خطوات قليلة  من حبل المشنقة أو التابوت  ...منها مثلا، ذلك الصباح الكئيب من يوم السابع والعشرين من شهر اذار عام الف وتسعمئة وواحد وتسعين، عندما  حال عامود الكهرباء دون وصول رصاصة القناص الى رأسه  خلال قمع الإنتفاضة الشعبية .. والظهيرة التي اقتحم فيها " الأشاوس " بيته، ليقفز كالقط من الطابق الثاني من بيته نحو البستان، فيسلم ساقيه للريح مثل أرنب مذعور، حتى إذا وصل قرية " سيد جبار " سيكتشف أن كسورا عدة في عظام  يده اليسرى .. فيواصل رحلته نحو المجهول بيد نصف مشلولة، لا يحمل غير مسدس وقنبلة يدوية ـ وهوية مزورة، وجبل هائل من الرعب ، وقلق وحشيّ على مصير زوجته وطفليه الوديعين ...

                                ***

 (*) كنت قد نشرت قسما من هذه المذكرات ثم توقفت بسبب عدم حصولي على موافقة الأشخاص التي ترد أسماؤهم بنشرها .

.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com