العراق تنتخب أم ينتحب .. نقطة تغير مصير العراق
 


 الإعلامي و الكاتب العراقي فراس الكرباسي
firas.alkurbassi@gmail.com


 

في بداية كتابتي لهذا المقال تبادر الى ذهني عدة امور منها اليسير ومنها الخطير، ولا اعتقد ان هناك منصف عراقي اوعربي لا يقدر ما سأقول وقبل ان أخوض الغمارفي ثنايا المقال اود القول ان لي عدة رسائل وخطابي موجه الى شرائح المجتمعالعراقي بالخصوص لحراجة المرحلة القادمة.

بينما اشاهد ملصقات وإعلانات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات شاهدت هذهالعبارة " العراق ينتخب " وبالفعل فبعد اكثر من شهر وفي يوم 7 اذار سيخوض العراقيون تجربه جديدة في الديمقراطية ألآ وهي انتخاب من يمثلهم للبرلمانالقادم ، بينما كنت احلق في ذكريات الانتخابات الماضية للبرلمان في 2005واستحضر تلك المشاهد ، شاهدت احد الشباب قام وحذف النقطة فوق الخاء وحوّل مسارالعراق من ان ينتخب الى ان ينتحب .

فجاه دهشت من عمق هذا الحدث واستوقفني كثيرا وجعلني أفكر ملياً في الأمانة والمسؤولية الملقاة علينا نحن العراقيين مما جعلني اكتب هذا المقال التي سيحوي ان شاء الله عدة رسائل سأرسلها الى اخوتي العراقيين ليستفيد منها الجميع :
الرسالة الاولى : النقطة

دوما في كتب اللغة العربية كانت النقطة هي الاساس والمرتكز لتوضيح المعنى والمفهوم وما لأهميتها البالغة في استنطاق المفردة و يقال ان بها قد جمع العلم كله ، فعن الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام ) قال : كل ما في القرآن في الفاتحة و كل ما في الفاتحة في بسم الله الرحمن الرحيم و كل ما في بسم الله الرحمن الرحيم في باء بسم و أنا النقطة ، فيتبين حسب فهمي القاصر ان النقطة هي

محور العلم والحياة ولولاها لضاع العلم وقال بعض المفسرين لكلام الامام علي (ع)"اما معنى انا النقطة في الباء فهي انه هو الميزان في معرفة الامور فلولاه لما تبين الباء من التاء او الثاء ولاشتبهت الامور اكثر واكثر على اناس" ، ومن هنا

اقول لابد ان يكون في حياتنا هذا الميزان لمعرفة حقيقة الامور ومعرفة صالحنا من طالحنا ولا تشتبه علينا ، فلابد ان يكون للحكومة ميزان و"نقطة" بحيث لا تسمح لأي احد ان يسقطها بحجة التوافق والمصالحة والمصالح الفئوية الحزبية الضيقة، فالنقطة أساس ومن يسقط ويهدّم أساسه فلا أساس له ويكون عاري ومكشوف لرياح الغدر والخيانة .

الرسالة الثانية : التجرؤء على تغيير النقطة .

انا هنا لا اقصد ذاك الشاب البسيط بل اقصد كل سياسي او مسؤول يحاول ان يغيير ما هو معروف ومتعارف عليه في أوساط المجتمع العراقي ، فان الكلمة واضحة ونتائج العملية الديمقراطية متاحة للجميع ان يطلع عليها لا بل ان يراقبها من مرحلة الصفر وحتى النهاية فلا داعي لان يغير سين او شين من المسؤولين ما تسالم عليه ابناء الشعب العراقي ، وانا اعجب ممن يتجرأ فيؤذي شعبه وأرضه بحجة كونه قائد اوزعيم لهم فلم يرينا التاريخ ان زعيماً شريفا حاول الإساءة الى شعبه فذا الحسين عليه السلام قد ضحى بنفسه واهله من اجل الدين ولم يضحي بالدين من اجل نفسه .

نعم هناك من يدعي بانه قائد وزعيم كما ادعى بها يزيد وغيره ولكنه فشل وذهبت ريحه وابقى لنا التاريخ سوء فعله فلن تغرنا مثل هكذا قيادة فاشلة أنياومستقبلاً .

ومن هنا احذر كل من يتجرء على تغيير الواضحات بان الله لن يتركه والشعب سيكشفه وادعوه الى خدمة شعبه وترك الماضي الاسود فقد اعدم كل رموزه و من بقى منهم ستناله لعنه السماء عاجلا ام اجلاً .

الرسالة الثالثة : تبعات سقوط النقطة.

لا سامح الله ان أسُقطت النقطة من كلمة ينتخب هل يعلم الجميع ماذا سيحصل ؟ نعم، بالفعل سينتحب العراق وتتقهقر العملية السياسية الى الوراء فما أجمل ان يمارس الشعب دورة الحقيقي باختيار قادته وان لا يفرضوا عليه فرضاً ، فاذا كان الشعب مؤمناً وصالحاً فسيختار القائد المؤمن والصالح وان كان الشعب مجرماً وشريراً فسيختار القائد المجرم والشرير لان الله العلي القدير لا يظلم أحدا ، وكما في

الحديث الشريف " كما تكونوا يولى عليكم" وعليه لابد من معرفه تبعات قراراتنا ماذا ستكون عندها سنعرف خطورة الموقف والاختيار فبإسقاط النقطة وإسقاط خيارنا في رسم مصيرنا علينا ان لا نلوم إلا أنفسنا فلا تنفعنا شفاعة ولا ينقذنا دعاء فهذه رسالتي الى شعبي الحر الابي ان يحدد مصيره في الدنيا و الآخرة مادام النفس في البدن والروح أمانه في العنق فعلينا ان نوفيها حقها ولا نظلمها وإلا فإنناسنكون أول الخاسرين واعداء الشعب سيكونون أول الرابحين .الرسالة الرابعة : لماذا سقطت النقطة او أسقطت .

راودني هذا السؤال كثيرا ولم اجد له جواب الا بعد ان سألت الناس تجمعت عندي عدة
اجوبة منها :

قال لي احدهم " نحن سئمنا كذب المسؤولين فافقدونا الثقة بهم " .واشار الاخر " اصابنا اليأس والاحباط من سلوك البرلمانيين " .
واكد سائق تكسي " تدمرت حياتنا بمجيء هولاء الناس ويقصد (البرلمانيين) " .

واجاب شاب " الاخوة فائزين شئت ام أبيت ولا معنى لصوتي " .

واضافت سيدة عراقية " لا اجد فرق حينما اذهب للانتخاب او لا اذهب " .

وقال شيخ كبير " لماذا يصعد هؤلاء برأسي و الملايين في جيبهم و أنا أعاني الفقر
والعوز ".

وأدهشني جواب طفل في العاشرة من عمره فقال لي باللهجة العراقية " والله عمو
كلهم حرامية وما بيهم خير" .

ويتبين بعد هذا الاستعراض البسيط لمجمل الإجابات بان :

1 - اغلب الشعب يعاني من إحباط من جراء تصرف البرلمانيين السابقين ويشاهد صورهم
اليوم مرشحين مرة أخرى .

2 - لا يرى النفع الملموس من جراء انتخابه في المرة السابقة مما ولد له عدم
رغبه في الذهاب الان .

3 – الشعور بان هناك من هو فائز من الان وقبل الانتخابات وهذا فهم خطير لو ترسخ
في اذهان الشعب لانه يقتل عندهم روح التغيير فلابد من الجهات الدينية

والمرجعيات ان توضح للشعب بانه ليس هناك من هو فوق إرادتكم وان الشعب هو بيده
القرار .

4 – الفساد المستشري بين بعض البرلمانيين والمسؤولين يهدد العملية السياسية
برمتها فلابد للشعب ان يأخذ زمام المبادرة من خلال منظمات المجتمع المدني
لمراقبة النشاط الحكومي والبرلماني ويعمل على الضغط بشتى الوسائل لعدم إهدار
المال العام .

5 – كان اخطر جواب هو لهذا الطفل والذي ان دل على شيء إنما يدل على فشل التجربة
السياسية في نظر الجيل الناشئ بالعراق .

ولذا وبعد هذا الاستعراض للاجابة تولدت عندي جواب لسؤالي انف الذكر وهو شعور

الشعب بانه غير مؤثر في الحياة العامة وهذا الاحباط النفسي الذي يحيط بالعراقيين من قبل جهات خارجية او داخلية للاسف .
عليه لابد ان تتظافر الجهود لإعادة الثقة في النفوس العراقيين من خلال :

1- حسن الاختيار للمرشحين من قبل الكيانات السياسية .

2- لعب دور اكبر للمرجعية الدينية في الانتخابات المقبلة .

3- الاتصال الجماهيري المباشر بين الناخب والمرشح واخذ التعهدات عليه .

4- اختيار المرشح الذي تتوفر فيه صفات الصلاح والخير وعدم التكبر .

5- اختيار المرشح الذي سيكون بمثابة رسولكم للبرلمان فلابد ان يكون من انفسكم عزيز عليه ما عنتم وحريص عليكم و بالمؤمنين رؤوف رحيم " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " التوبة. 128

6- الاستفادة من تجارت الدول المتقدمة من خلال تبادل الخبرات واقامة الندوات
وتهيئة الاستشارات .

7- عدم تضييع الفرصة لان الانتخابات نعمة كبيرة تمنع الاستئثار بالسلطة والتفرد

بالرأي فلابد من شكر هذه النعمة والآ سيحرم الشعب منها لا سامح الله.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com