الشهيد السيد مهدي الحكيم قائد لمرحلة مهمة من مرحلة التأسيس للديمقراطية في العراق

 

 

 

 

محمود الربيعي
moudahmead802@hotmail.com

 

الذكرى الثانية والعشرون لإستشهاد السيد مهدي الحكيم

  عاش السيد مهدي الحكيم مرحلة مهمة من مراحل حياة العراقيين إذ صاحب هذا الرجل مرجعية أبيه السيد محسن الحكيم قدس سره الشريف الذي كان يمثل قمة هرم المرجعية في العالم الإسلامي وقتذاك، والذي كان يتميز بهيبة العالم وبالدور المهم في قيادة الأمة، إذ كان رمزاً روحياً حياً في قلوب المؤمنين. 

 وقد تميز السيد محسن الحكيم الأب الذي أحاط برعاية إبنه بتقييم موضوعي وميداني لواقع الشيعة في العراق في مرحلة مهمة من تأسيس الدولة العراقية الوطنية التي قامت على تشجيع العراقيين على التآلف بين الطوائف والقوميات مما غرس في ذهنية وعقلية المهدي الحكيم المبادئ الأولية للحياة الديمقراطية. 

لقد عاصر المهدي الحكيم عصر التأسيس للحركات الإسلامية داخل العراق والتي كانت ذات طبيعة إسلامية وديمقراطية موجهة، وبصبغة وطنية طاهرة من كل مايربطها بالسياسات الإستعمارية والحركات المشبوهة. 

لقد كان المهدي الحكيم قائد من بين القادة الذين أخذوا على عاتقهم التفكير بأمر الأمة في وقت تكالبت فيه الحركات الإلحادية وتيارات الفساد على التزاحم لنشر أفكارها الهدامة وتوجهاتها القومية والطائفية، وكان لابد من وجود مشروع ديمقراطي موجه يقوم على أساس العدل ويحمل روح الإسلام ويهدف الى حماية الشعب والدين من الحملات الأجنبية المعادية، والعمل على إيقاف محاولات التدخل الإستعمار الفكري والثقافي والإقتصادي، وكان هدف الحكيم الإبن قيام ديمقراطية في وسط إسلامي نظيف تقف ضد عملية الإفساد الأخلاقي والإجتماعي الذي برز في الشارع الإسلامي بعد دخول تيارات سياسية إلحادية هدامة تعمل على تقويض المجتمع المسلم وتسمح للتيارات الإستعمارية بشتى مصادرها للدخول في الساحة العراقية والسيطرة على الثروات الوطنية المهمة كالنفط وغيره، وتخطط لوضع أقدامها في الخطة الإستراتيجية العسكرية والإقتصادية والأمنية الدولية التي تعمل على نهب الثروات وتسلب المواطنين خيراتهم. 

ولما كانت المرجعية قائمة في مدينة النجف الأشرف فإن حركتها أبتدأت منها لوضع أسس القيادة السياسية والإجتماعية من أجل تأسيس الدولة الديمقراطية العادلة التي تستمد مبادئها من روح الإسلام وبقية الشرائع السماوية وتقوم على أساس إحترام حقوق الإنسان التي يكفلها التشريع وتستلزمها العدالة الإلهية. 

وبرز في تلك المرحلة رجالات الإسلام وقادته الوطنيين أمثال السيد محمد باقر الصدر والشيخ عز الدين الجزائري اللذان تحركا في صفوف الشعب بوجهيه العلني والسري بعد أن إتخذ السيد مهدي الحكيم طريق المواجهة هو والسيد محمد باقر الصدر وأختار الشيخ عز الدين الجزائري الطريق السري لقيادة الحركة الإسلامية والوطنية ودأب جميع هؤلاء القادة على تنشيط العمل في صفوف الطلبة الجامعيين وأساتذة الجامعة والتجار وأصحاب المهن من الأطباء والمهندسين والمدرسين ولم يهملوا في حساباتهم الطبقة العاملة من العمال والفلاحين وأصحاب الحرف والمهن الشعبية الذين أولتهم اتلك القيادات جل إهتمامها مما ساعد على ولادة طبقة قيادة رفيعة المستوى عملت على جذب أبناء الشعب إلى صفوفها، ولم تكن تلك القيادات متفردة في نشاطها فقد أضاف آخرون إليها جهدهم البناء والوقوف سوية للتحرك داخل الصفوف الشعبية في مقاومة التيارات الفاسدة والوقوف بوجه التدخلات الأجنية التي كانت تخطط لتحقيق مشاريعها للسيطرة على مصادر الطاقة والتنافس على النفوذ في المنطقة بسبب صراع المصالح بين الدول الكبرى وأحلام الحركات العالمية المشبوهة في تأسيس مشروعها التوسعي. 

وأستطاع المهدي الحكيم التفاعل مع القيادات الشعبية إذ عمل على تشجيعها في إحداث التطور النوعي داخل العمل السياسي المنظم، وساهم في التخطيط للعمل المؤسساتي داخل العراق وخارجه، وعمل على تكوين صلة حركية عامة بين التثقيف المرجعي العقائدي والتثقيف التنظيمي السياسي كوحدة متفاعلة يمكن أن تحقق ذاتها وتقود العملية السياسية في العراق بشكل رائد. 

إن النشاط العلني الذي أظهره المهدي الحكيم والذي عبر عنه بلقاءاته الدولية ومشاركاته في المؤتمرات العامة التي تؤسس للديمقراطية وأحترام حقوق الإنسان جعلته تحت منظار الأجهزة الأمنية والمخابراتية لنظام حزب البعث في العراق الذي كانت مهمته رصد حركات التنظيمات الإسلامية والوطنية لغرض محاربتها والقضاء عليها، وكان من جملة خطط وأهداف حزب البعث معاداة الطوائف والمكونات المهمة للشعب العراقي والحيلولة دون تحقيق تطلعاتها والعمل على منع إكتساب حقوقها الشرعية في المشاركة في الحكم والسلطة مما جعل السلطات البعثية تعمل من أجل إقصاء كل القيادات الميدانية لهذه المكونات والقضاء على القواعد الشعبية، وكان من ضمن الشخصيات المهمة التي أستهدفتها أيادي الغدر والعدوان هي شخصية القائد والمفكر رمز الأمة السيد محمد باقر الصدر، وشخصية المفكر والقيادي السيد مهدي الحكيم وبالفعل طالت أيدي الغدر والخسة هاتين الشخصيتين الكبيرتين في مرحلة مبكرة من حياة شعبنا الذي كان بأمس الحاجة لهما لأنهما كانا يمثلان الحس القيادي والجماهيري في حياة الأمة.

 وبهذه المناسبة والذكرى الأليمة نرفع آيات التعازي الى أسرة الفقيد ونسأل الله أن يرحم شهداءنا الأبرار وأن يسكنهم روضة جنات النعيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد الصادق الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com