|
قراءة قانونية وسياسية لقرار هيئة التمييز
د. نزار احمد مشغان, الولايات المتحدة الامريكية
اولا وقبل كل شيء, مقالتي هذه لاتعتبر دفاعا عن المستبعدين لاني لا اعرف ايا منهم شخصيا ولم اطلع على الادلة التي قيل لنا بانها تدينهم ولكنها تعتبر دفاعا عن القانون والدستور واستقلالية القضاء العراقي حيث لايمكن للعملية الديمقراطية ان تنضج وتنجح الا عندما يكون القضاء مستقلا ومتحملا المسؤولية المناطة له دستوريا, فعندما نسمح للهيئات التنفيذية والتشريعية والمؤسسات المستقلة بالتحايل والالتفات والتلاعب والتحكم بالقضاء المستقل دستوريا وتفسير القوانين وفق مصالحها الخاصة فأننا قد صادرنا جميع مبادئ واسس وقيم الديمقراطية وحولناها الى دكتاتورية باسم جديد. ايضا, لا اشك بأن اغلب المستبعدين يستحقون الطرد من العملية السياسية حيث لا اشك بأن بعضهم قد تلطخت ايديهم بدماء العراقيين ولكن ايضا هناك العديد من المستبعدين تم اقصائهم لاسباب سياسية ونتيجة التفسير الفردي لبعض نصوص قانون هيئة المساءلة والعدالة. على الرغم من ان المادة (17) من قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة رقم 10 لسنة 2008 تنص على ان قرارات هيئة التمييز تعتبر قطعية وباتة ولكننا لاحظنا خلال اليومين الماضيين قيام احزاب السلطة المتنفذة بالالتفاف على القانون والدستور في محاولة اخيرة منها لتجريد القضاء العراقي من استقلاليته وسلطته التي تعتبر دستوريا ملزمة ونافذة على الجميع حيث اولا: كتب رئيس المفوضية العليا للانتخابات والتي تسيطر احزاب السلطة على قراراتها رسالة الى المحكمة الاتحادية العليا مستفسرا عن مدى الزامية المفوضية في تطبيق قرارات هيئة التمييز الشرعية متناسيا بأن قرارات القضاء العراقي ملزمة ونافذة على الجميع بضمنهم مجالس الرئاسة والوزراء والنواب ومنظمات المجتمع المدني. ايضا متناسيا بان القانون رقم (10) لسنة 2008 لايسمح لاية جهة مهما كانت في التشكيك او رفض او طعن او استئناف قرارات هيئة التمييز حيث ان قراراتها تعتبر نهائية ونافذة وملزمة على الجميع, وما دون ذلك يعتبر تحايلا وخرقا للدستور العراقي. اما بخصوص ادعاء المفوضية بان قرار هيئة التمييز يتناقض مع قانون المفوضية فأنه في حالة تضارب القوانين فأن قرارات هيئات التمييز او القرارات الصادرة لاحقا هي التي تحتل مكان الصدارة والاسبقية والافضلية في التطبيق. كذلك فان هيئة المساءلة والعدالة هي هيئة لجمع الادلة وتقديمها الى مؤسسات الدولة لغرض اتخاذ الاجراءات اللازمة بخصوصها وعليه فهي لاتتمتع باحقية صنع القرار ولكن هذا القرار مناط الى المؤسسة السياسية او الحكومية. في حالة المستبعدين فأن من صنع قرار الابعاد كانت المفوضية العليا للانتخابات بناءا على المعلومات والبيانات والادلة التي استلمتها من هيئة المساءلة والعدالة, وبناء عليه فأن القرارات التي طعنت لدى هيئة التمييز القانونية هي قرارات المفوضية العليا للانتخابات وليس قرارات هيئة المساءلة والعدالة لان الاخيرة قانونيا لاتمتلك حق اصدار القرار القانوني. وعليه فأن قرار محكمة التمييز كان موجها ضد قرار المفوضية العليا باقصاء المستبعدين ولذلك لاخيار امام المفوضية سوى التنفيذ الحرفي لقرار هيئة التمييز. ايضا دعا نوري المالكي مجلس النواب لعقد جلسة استثنائية وذلك لحجب الثقة عن هيئة التمييز وتعيين هيئة بديلة عنها وهذا الاجراء يعتبر مخالفا لنصوص قانون رقم (10) لسنة 2008 ويمثل خرقا صريحا له حيث هذا القانون لا يحتوي على اي نص قانوني يخول مجلس النواب او الرئاسة او الوزراء حجب الثقة عن هيئة التمييز. المادة رقم (2) سابعا تخول مجلس النواب سحب الثقة عن رئيس هيئة المساءلة والعدالة ولكن ليس هناك مادة اخرى في هذا القانون تخول الجهات التنفيذية والتشريعية سحب الثقة عن اعضاء هيئة المساءلة والعدالة او هيئة التمييز التابعة قانونيا الى مجلس القضاء الاعلى. كذلك فقد ضخمت ولاغراض انتخابية بحتة احزاب الاسلام السياسي وابواقها المؤجرة قيمة وتأثير قرار هيئة التمييز حيث لايمكن اعتبار هذا القرار على انه قرار براءة او الغاء لقرارات المفوضية باستبعاد المتهمين بالبعثية. حيث كل ما فعلته هيئة التمييز هو ارجاء البت في الطعون المقدمة لها حتى انتهاء الانتخابات كي يتاح لها وقتا وافرا لدراسة جميع الملفات المقدمة واتاحة الفرصة للمشمولين بتقديم الادلة والبراهين التي تثبت براءتهم ان كانوا ابرياء حقا. وبما ان المادة رقم (17) من قانون هيئة المساءلة والعدالة تمنح هيئة التمييز (60) يوما لاصدار القرار النهائي بخصوص الطعون المقدمة لها فان هذه المدة القانونية تنتهي في منتصف شهر آذار (اي بعد اسبوع واحد من موعد الاقتراع), وبالتحديد قبل اعلان المفوضية العليا للانتخابات قوائم الفائزين, فان نجح طعن بعض المستبعدين فأن هؤلاء لم يفقدوا فرصتهم الدستورية في الدعاية الانتخابية والتنافس, اما من رفض ملف طعنه فأن اسمه سوف يحذف من قائمة المرشح ويحل اوتوماتيكيا محلة الاسم الذي يليه بعدد الاصوات الحاصل عليها (يعني يبعد من المشاركة في العملية السياسية (تطبيق المادة السابعة من الدستور)). وعليه لا اجد مبررا يفسر ادعاء احزاب السلطة بأن قرارات هيئة التمييز تعتبر مخالفة دستورية. نفاذية قرارات الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة اولا: عندما يصدر حكم اعدام بحق شخص ما فأن هذا القرار لايجوز تطبيقه الا عندما يستنزف المتهم جميع قنوات التمييز المتاحة له وفق القانون, فهل يجوز تنفيذ حكم الاعدام قبل اكمال قضايا الطعن؟ وهذا ايضا ينطبق على قرارات هيئة المساءلة والعدالة حيث قراراتها لا يمكن اعتبارها ملزمة ونافذة الا عندما تكتمل جميع اجراءات التمييز, وهنا ارتكبت المفوضية العليا للانتخابات غير المستقلة خطئا فادحا عندما تبنت قرارات هيئة المساءلة والعدالة بدون اكمال اجراءات التمييز او حتى اتاحة الفرصة للمبعدين باثبات براءتهم. ثانيا: المفوضية العليا للانتخابات ارتكبت خطئا آخرا عندما حددت الفترة الزمنية مابين تقديم القوائم لاسماء مرشحيها وموعد انطلاق الحملات الانتخابية. حيث هذه الفترة الزمنية لا تسمح باكمال جميع اجراءات الطعن حيث المادة رقم (15) من قانون رقم (10) لسنة 2008 تمهل المشمولين باحكام الاجتثاث ثلاثين يوما منذ تأريخ التبليغ الرسمي لتقديم طعونهم الى هيئة التمييز, بينما المادة رقم (17) تنص على ان امام هيئة التمييز (60) يوما لاصدار قراراتها النهائية. حيث كان يتوجب على المفوضية العليا للانتخابات قراءة نصوص قانون هيئة المساءلة والعدالة والتاكد من ان الوقت مابين اصدار هيئة المساءلة والعدالة لقراراتها وانطلاق الحملات الانتخابية يزيد عن فترة التسعين يوما المحددة بالمادتين (15) و (17) من هذا القانون, وبما ان الفترة الزمنية مابين التبليغ الرسمي بعد ان اصدرت هيئة المساءلة والعدالة قراراتها في ابعاد اكثر من 450 مرشحا وموعد انطلاق الحملة الانتخابية يقل عن ثلاثين يوما فقانونيا كان يتوجب على المفوضية العليا للانتخابات رفض وعدم الالتزام بقرارات هيئة المساءلة والعدالة وذلك لتعذر واستحالة اتمام اجراءات التمييز وهو حق مشروع وفق المادة رقم (15) من قانون رقم 10 لسنة 2008 فالقانون لايعتبر نافذا الا عندما تطبق جميع بنوده المتعلقة بحقوق المتهمين. ايضا كان على هيئة التمييز رفض قرارات هيئة المساءلة والعدالة لنفس السبب. ايضا الاجراء الذي اتخذته المفوضية العليا للانتخابات بتقييد المستبعدين بفترة زمنية لا تتعدى السبعة ايام لتقديم الطعن الى الهيئة التمييزية يعتبر مخالفة وتجاوزا غير قانونيا حيث ان الجهة الوحيدة دستوريا المخولة بتغيير نصوص القوانين العراقية هي مجلس البرلمان وحتى هذه الجهة لايحق لها تغيير القوانين الا بعد اكتمال نصابها القانوني والتصويت وفق النسبة البسيطة وموافقة مجلس الرئاسة على هذه التعديلات. ايضا وحتى اذا اكتملت هذه الاجراءات قانونيا فأنها غير نافذة بخصوص القرارات التي صدرت قبل نشر التعديلات في جريدة الوقائع العراقية. واجبات وصلاحيات هيئة التمييز في جميع قوانين العالم الدولية والمحلية فأن صلاحيات وواجبات هيئات ومحاكم التمييز عند نظرها في الطعون المقدمة لها تتبع الخطوات التالية وحسب تسلسلها الرقمي: اولا: مدى قانونية الهيئة او المحكمة التي اصدرت القرار. ثانيا: هل يحق لهذه المحكمة او الهيئة اصدار القرار المقدم للطعن. ثالثا: هل طبقت الهيئة او المحكمة القوانين الصحيحة والنافذة وهل لها نظام داخلي قانونيا؟. رابعا: هل كانت المحكمة او الهيئة مستقلة وغير منحازة. خامسا: هل كانت الادلة صحيحة ومقنعة وكافية لاصدار قراراتها. سادسا: هل هناك وقت كاف لاكمال اجراءات التمييز بدون ان تسقط الفائدة من التمييز (اي يصبح قرار التمييز لاقيمة ولافائدة له كاعدام الشخص قبل اكمال اجراءات التمييز). بخصوص اولا: فأن الهيئة التي يرأسها علي اللامي لاتعتبر هيئة قانونية لها الحق والصلاحية في اصدار قوانين ملزمة ونافذة لان المادة (2) رابعا تنص على "تتكون الهيئة من سبعة اعضاء .......يقترحهم مجلس الوزراء ويوافق عليهم مجلس النواب بالاغلبية البسيطة ويصادق عليها مجلس الرئاسة". ايضا المادة (2) خامسا تنص على "تتخذ الهيئة قراراتها وفقا لهذا القانون باغلبية اربعة اصوات وتنفذ فورا". وبما ان مجلس النواب لم يوافق على الهيئة ولم يصادق عليها مجلس الرئاسة فأن الهيئة لايحق لها اصدار القرارات وفق المادة 2 خامسا والتي تعتبر نافذة وملزمة وذلك لعدم وجود الهيئة اصلا. اما الافتراض بأن الهيئة هي مكملة لهيئة اجتثاث البعث فهذا افتراض غير قانوني لأنه لايوجد في قانون هيئة المساءلة والعدالة اي نص قانوني ينص على استمرار عمل هيئة اجتثاث البعث وتمتعها بنفس صلاحيات هيئة المساءلة والعدالة. ايضا المادة 2 اولا نصت على "تحل بموجب هذا القانون تسمية الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة محل هيئة اجتثاث البعث", فكلمة (تحل) تعني الغاءا للهيئة السابقة وليس تكميلا وامتدادا لها. ايضا المادة 29 نصت على: "لاتعمل باي قانون يتعارض مع هذا القانون" وبما ان هيئة اجتثاث البعث لها قانونها الخاص الذي يتعارض مع قانون هيئة المساءلة والعدالة وعليه فهي تعتبر ساقطة بحكم المادة 29. ايضا المادة 20 تنص على ان "تعد الاجراءات التي اتخذتها الهيئة قبل نفاذ هذا القانون نافذة ..مالم تتعارض واحكام هذا القانون", فهذه المادة تتطرق فقط الى القرارات التي صدرت قبل صدور قانون رقم 10 لسنة 2008 وليس له تفسير الا تفسير واحد وهو عدم صلاحية هيئة اجتثاث البعث وكادرها في اصدار القرارات بعد صدور قانون هيئة المساءلة والعدالة. اما بخصوص ثانيا: تنص المادة 2 ثالثا بأن رئيس الهيئة هو الشخص الوحيد المخول باصدار القوانين وقرارات الهيئة وتحديد سياسة الهيئة وبما ان الرئيس لم يختاره البرلمان بعد, فلا يوجد شخص في الهيئة له صلاحيات اصدار القرارات وتوجيه وتنظيم عمل الهيئة, اما علي اللامي فهو مدير فني وصلاحياته مقيدة وفق المادة 18 على مساعدة مكتب رئيس الهيئة ولا توجد مادة قانونية تسمح للمدير العام باصدار القرارات. ايضا المادة رقم 27 تشترط من رئيس الهيئة اصدار النظام الداخلي لتنظيم العمل في الهيئة خلال (30) يوما من تاريخ تكليفه بمهامه, وبما ان رئيس الهيئة لم يعين قانونيا وشرعيا بعد, فالهيئة فاقدة لاي نظام داخلي ينظم عملها وبدون هذا النظام لايجوز الاعتراف بقراراتها وذلك لفقدانها لآلية تنظم عملها وتفسر القانون المخولة بتطبيقه. اما بخصوص ثالثا, وبما ان رئيس الهيئة لم يصدر القانون الاساسي للهيئة او نظامها الداخلي فأن الهيئة لاتملك قانونا قابلا للتطبيق ولاتملك آلية قانونية لتطبيق وتفسير نصوص قانون هيئة المساءلة والعدالة رقم (10) لسنة 2008. اما بخصوص رابعا: هيئة المساءلة والعدالة لايمكن اعتبارها هيئة مستقلة حسب المادة 2 اولا وذلك لان مديرها الفني والذي يمثل اعلى سلطة تنفيذية فيها في الوقت الحاضر هو احد المرشحين للانتخابات البرلمانية القادمة وتصب في مصلحته اقصاء خصومه (تضارب مصالح خاصة), فهل يجوز للقاضي محاكمة ابنه او اخيه او محاكمة قاتل ابنه او اخيه؟. اما بخوصوص خامسا: في جميع قوانين العالم ليس مطلوبا من المتهم اثبات براءته من التهم الموجه ضده ولكن كل ما مطلوب منه هو اثبات بأن الادلة المقدمة ضده كانت غير مقنعة او غير صحيحة او غير كافية لاثبات التهم الموجه ضده. اما بخصوص سادسا وهي الاهم, بما ان قانون رقم (10) لسنة 2008 يحدد الفترة الزمنية لاكمال اجراءات التمييز واصدار قرارا نهائيا وقاطعا بتسعين يوما وحسب المواد (15) و(17) مجتمعتين فأن الوقت ليس كافيا امام محكمة التمييز للبت في طعونات المستبعدين والمنصوص عليها في قانون هيئة المساءلة والعدالة وهنا امام هيئة التمييز خياران, الاول اسقاط جميع قرارات هيئة المساءلة والعدالة وذلك لضيق الوقت في اكمال اجراءات التمييز وهو حق شرعي منصوص عليه في القانون ولايجوز دستوريا تطبيق عقوبة بدون تمييز, او اتخاذ اجراءات استثنائية تصون حقوق هيئة المساءلة والعدالة وحقوق المستبعد المنصوص عليها في القانون. وهذا بالضبط ما فعلته هيئة التمييز وذلك بالسماح للمستبعدين بالمشاركة في الانتخابات ولكن في حالة فوزهم لايحق لهم ممارسة عملهم الا بعد اكمال اجراءات التمييز. وهذا القرار هو قرار قانوني ودستوري وقاطع وملزم على جميع الاطراف ويقع قانونيا ودستوريا ضمن صلاحيات هيئات التمييز ولايحق لاي طرف مهما كان التشكيك فيه او رفضه او تمييزه. اتخاذ اجراءات استثنانية هو حق دستوري وقانوني ممنوح لجميع المحاكم الاعتيادية والتمييزية, ولاصدار اي قرار استثنائي او مرحلي هناك ثلاثة شروط يتوجب تحقيقها مجتمعة وهي: اولا: للمتهم او المستأنف فرصة جيدة في نجاح دعوته او استئنافه. ثانيا: حجم الضرر الذي يسببه هذا القرار الاستثنائي لباقي الاطراف يكون اقل من ضرر المتهم او المستأنف في حالة صدور القرار الاستثنائي. ثالثا: عدم صدور القرار الاستثنائي يسبب ضررا للمتهم او المستأنف لايمكن تصليحه لحظة اصدار القرار النهائي. فبخصوص اولا, وبما ان هناك دلائل عدة تثبت بأن هيئة المساءلة والعادلة التي يرأسها المدير غير الشرعي علي اللامي هي هيئة غير شرعية وذلك لان البرلمان ومجلس الرئاسة لم يصوتا على اعضائها, وبما ان هناك دلائل تؤكد عدم حيادية الهيئة حيث ان علي اللامي هو احد المرشحين للانتخابات القادمة واقصاء الخصوم يصب في مصلحته الشخصية وبما ان هناك دلائل تشير الى أن العديد من قرارات الابعاد تمت وفق التفسير الفردي للقانون فأن فرصة نجاح الطعونات تكون جيدة نسبيا (اي فرصة نجاها اكثر من فرصة فشلها).
اما بخصوص ثانيا, فان السماح للمستبعدين في المشاركة في الانتخابات لا يسبب ضررا لباقي المرشحين او انه يصادر الزامية تطبيق قانون هيئة المساءلة والعدالة حيث ان المرشح يطرد من البرلمان حتى في حالة فوزه في الانتخابات مضافا اليها صدور قرارات التمييز النهائية قبل الانتهاء من فرز الاصوات وقبل ان يمتع الفائز بحصانة برلمانية. اما بخصوص ثالثا: وبما ان هناك اكثر من 300 طعنا مقدما امام هيئة التمييزحيث دراسة كل ملف على انفراد والتاكد من الادلة المقدمة ان كانت قانونية وصحيحة ومطابقة لنص القانون مع اتاحة الفرصة للمتهم بتقديم الادلة والوثائق الى تفند ادلة ووثائق هيئة المساءلة والعدالة فأن الاستعجال في خصم البت في الطعونات المقدمة سوف ينتج عنه قرارات مستعجلة وغير عادلة وخاطئة, وبما ان الوقت اللازم لاكمال اجراءات التمييز واعطاء المتهم كامل حقه في الدفاع عن التهم الموجه ضده يأخذ وقتا اكثر من الوقت المتبقي لانطلاق الحملة الدعائية او حتى اجراء الانتخابات, ففي حالة تبرءة احد المستبعدين من التهم الموجه ضده فأن هذا القرار سوف يسبب اضرارا له لايمكن تصليحها حيث اذا صدر قرار الطعن بعد الانتهاء من الانتخابات فأن هذا المستبعد قد فقد فرصته الدستورية في التنافس على احدى مقاعد البرلمان. وبناءا عليه فأن اجتماع وتطابق الشروط الثلاثة اعلاه يمنح هيئة التمييز قانونية ودستورية اصدار القرار الاستثنائي الذي اصدرته بالسماح للمستبعدين بخوض الانتخابات على ان يبت بطعنهم حال انتهاء موعد الانتخابات وقبل اكمال عملية فرز الاصوات. وهذا القرار لايمكن اعتباره مخالفا للمادة السابعة من الدستور حيث هذه المادة تنص على منع البعثيين الصداميين من المشاركة في العملية السياسية وليس التنافس في الانتخابات وبما ان اجراءات التمييز قانونيا يجب ان تخصم قبل فرز الاصوات فأن السماح للمستبعدين في المشاركة في الانتخابات لا يعني السماح لهم بدخول العملية السياسية والمشاركة بها. كذلك صرح فيلسوف حزب الدعوة علي الاديب القانوني والدستوري جدا جدا والعراقي عن اب وجد جدا جدا صباح هذا اليوم بأن ومثلما يحق للبرلمان حجب الثقة عن الوزير فأن البرلمان ايضا يحق له حجب الثقة عن الهيئة التمييزية (فسر الماء بالماء بعد جهد جهيد) متناسيا بأن الوزير يعتبر هيئة تنفيذية بينما تعتبر محكمة التمييز هيئة قضائية مستقلة كليا ودستوريا عن السلطتين التنفيذية والتشريعية حيث ان الدستور العراقي ينص على ان مجلس الوزراء يختار السلطات التنفيذية ويصادق عليها مجلسا النواب والرئاسة, كذلك يمنح الدستور مجلس النواب صلاحيات حجب الثقة عن الهيئات التنفيذية بضمنها رئيس الوزراء. أما بخصوص السلطات القضائية فأن الدستور العراقي ينص على ان مجلس القضاء الاعلى يختار الهيئات القضائية ويصادق عليها مجلس النواب لكن الدستور العراقي لايمنح السلطات التنفيذية والتشريعية صلاحية حجب الثقة عن الهيئات القضائية. وهنا اتحدى الفيلسوف علي الدباغ ان يذكر لي مادة دستورية واحدة تجيز لمجلس النواب حجب الثقة عن هيئة قضائية. عدم وجود نص دستوري او قانوني يجيز او يمنع اجراء معينا يعني قانونيا ودستوريا عدم دستوريته وقانونيته وليس العكس فالعدم يعني لاشيئ وفاقد الشيء لايعطيه ولايملكه. فأذا تمكنت احزاب السلطة من التحايل على الدستور وخرقه في سعيها لحجب الثقة عن الهيئة التمييزية فأن هذا الاجراء يمثل انقلابا صريحا على الدستور والديمقراطية ويمثل رسالة تحذيرية الى جميع الهيئات المستقلة بأن لاخيار لها سوى اما الانصياغ لاوامر وتوجيهات احزاب السلطة او حجب الثقة عنها (يعني مصادرة استقلالية القضاء والاعلام والمؤسسات السياسية المستقلة كالمفوضية العليا للانتخابات التي لايمكن اعتبارها بأي حال من الاحوال على انها هيئة مستقلة غير خاضعة لنفوذ احزاب السلطة غير الديمقراطية). او بتعبير آخر فأن هذا الاجراء غير الدستوري يمثل انقلابا على الديمقراطية. للاسف ليس هناك تفسيرا آخرا له.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |