سيادة مزعومة لسفك الدماء

 

 

 

 

 

سامي الحمداني

samialhmdani@gmail.com

مسألة العنف في العراق ليست مسألة أمنية خالصة يمكن تحديدها من خلال البحث عن اقرب المستفيدين , اذ ان قائمة المستفيدين كثيرة والتوقعات اكثر لأرتباطها بالسياسة واوجهها الطائفية والصراع الحزبي والتدخلات الخارجية المتعددة مع دور لا يخفى لمؤسسات عسكرية وامنية حكومية ان لم تكن ضالعة بالفعل في تدبير التفجيرات فان أختراقها من المليشيات وتعاونهامع جهات منفذة للتفجيرات مما بات معروفا لا يمكن انكاره .

ان انهيار السلم الأجتماعي وبناء المؤسستين العسكرية والأمنية على اسس طائفية وحزبية وعمليات دمج المليشيات وفرق الموت فيهما وتحولات الصراع الحزبي بين قوى ممثلة تمثيلاً قوياً في السلطة , هي وصفات جاهزة للعنف والفوضى , يضاف الى كل ذلك الدور الأيراني بأذراعه المتعددة وواجهاته التي تصطدم احياناً فيما بينها , وتسعى لأفشال مشاريع معينة وأحباط مكسب سياسي لهذا الطرف او ذاك يزيد من تعقد الملف الأمني الذي توجه اصابع الاتهام بشكل اتوماتيكي عند انهياره الى متهمين اثنين لا ثالث لهما البعث المتحالف مع القاعدة !.

لقد كانت دعاوى جاهزية القوات الحكومية لأستلام الملف الأمني تصطدم دائماً بواقع محسوس من سوء الأداء وأنعدام التعاون بين الأجهزة الأمنية لأختلاف ولائاتها , و مع هذا فانه لا يمكن تفسير تلك الكذبة الا بأن مروجيها في السلطة يريدون العمل دون رقابة امريكية .

وبرغم تعاقب الفشل الذي كان معشاره يسقط حكومات ويقتضي تدخلات دولية , فأن الصلف العجيب الذي تميز به مسؤولون لا يستحقون هذه الصفة على الأطلاق يكشف عن صنف لا يمكن اعتبار اهله رجال دولة وعن كذب وتفاخر يثير السخرية .

وكلما أقبلت العملية السياسية في العراق على تغيير او وصلت الصراعات حداً لا يمكن فيه حلها بالصفقات عادت التفجيرات تحصد ارواح الأبرياء لتندلع مساجلات كلامية بين أتهامات متبادلة وتنصل من المسؤولية , وتوجيه الأتهامات المعتادة الى المتهمين الجاهزين , ثم تنتهي الأزمة او تؤجل الى يوم دامِ أخر .

وعندما تضافرت التصريحات بأن أنماطاً جديدة من العمليات الأرهابية بدأت تحدث و دخلت متفجرات متطورة يسهل أخفاءها أحرج نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المتفرجين على النزف الدائم , فأقترح الأستعانة بالخبرات الأجنبية لمواجهة تلك التطورات والتحديات  خصوصاً وان موعد الأنتخابات بات قريباً , وهنا تفاجأ العراقيون بغضبة فارسية يستنكف أهلها من كلمة اجنبي لانهم حساسون متى تعلق الأمر بالأستقلال والوطنية ! حتى زعم بعضهم ان مقترح الهاشمي يؤدي الى عودة الشركات الأمنية ومنها بالطبع شركة ( بلاك ووتر ) التي فضحت أولئك المسؤولون انفسهم  بكشفها عن تلقيهم رشاوى منها , ليساعدوها في تهدئة غضب العراقيين على جريمة مرتزقتها في ساحة النسور .

تلك الهبة (الوطنية) المزعومة لم تكن مفاجأة فقد تكررت مثلاً في رفض مقترح بايدن المتعلق بتأجيل أجراءات هيئة الأجتثاث فظهر واحد مثل علي فيصل اللامي يتباكى على الأستقلال المستباح ويرتجف من التدخلات الأجنبية أذ لا يعتبر هو وأصحابه ان فتح ابواب العراق امام نشاطات فيلق قدس والعمل تحت امرة قادة الحرس الثوري ، من التدخلات الخارجية ولا تمس السيادة ولقد بات من المؤكد ان هناك رغبة حكومية مليشياوية في أبقاء الفوضى الأمنية ليتم من خلالها انجاز عمليات ارهابية ذات اهداف محددة ولتعود الى الساحة مجاميع المليشيات وفرق الموت لتضغط على مناطق محددة , بتعاون مع القوات الحكومية لترهيب الناس وصدهم عن المشاركة في الأنتخابات التي يريدون نتائجها مثل تفاحة ناضجة تقع لوحدها في فم مفتوح .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com